استعراض دراسات

ممارسة العلاقات العامة في الفضاء الرقمي

تخلق البيئة الرقمية وعيًا بالعلامة التجارية وتشارك في إظهار نشاط المؤسسة لجمهورها، ويستعين قسم العلاقات العامة بمحركات البحث التي توجه قدرًا كبيرًا من حركة المرور إلى مواقع المؤسسات؛ وبالتالي فإن الترتيب الجيد في محركات البحث أمر بالغ الأهمية، حيث توفرت العناصر والتقنيات التي تتلاءم وطبيعتها.

وتعمل هذه العوامل بشكل جماعي على تحسين ترتيب موقع المؤسسة ليظل في صدارة اهتمامات العميل، ويتوقع أن تستعين العلاقات العامة بالذكاء الاصطناعي والواقع المعزز وهي التجارب اللافتة للانتباه والتي تركز عليها الأجيال الحالية.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة البحوث الإعلامية في عددها الصادر في يناير 2025، دراسة بعنوان “ممارسة العلاقات العامة في الفضاء الرقمي.. الآليات والتحديات”، من إعداد الدكتورة بوسنان رقية، أستاذة الإعلام والاتصال بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بالجزائر، والتي نستعرض أبرز ما جاء فيها على النحو التالي:

  • العلاقات العامة وتطبيقاتها في الفضاء الرقمي

تجمع الأدبيات المتخصصة أن العلاقات العامة كمفهوم عام أو متخصص لم تكن بمنأى عن استخدام المجتمع الرقمي أو الفضاء الرقمي، فهي كعلم متداخل مع علوم أخرى أو كعلم متخصص بحاجة إلى الأشكال الرقمية أو الافتراضية لفرض بسطتها التطبيقية وأهمها التعريف بالمؤسسة على اختلاف توجهاتها وإرضاء الجمهور الداخلي والخارجي، فهي بحاجة إلى الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والبيانات الضخمة والشبكات الاجتماعية.

وللتقدم في تحليل المشاعر والتحليلات التنبؤية وروبوتات المحادثة وتوليد اللغة الطبيعية تأثير مباشر على المؤسسة، فوفقًا لمدونة نشرتها مؤخرا “Public Relation Today” هناك بعض الطرق التي يساعد بها الذكاء الاصطناعي إما في دعم نشاط العلاقات العامة الآن أو في المستقبل القريب، مثل:

  • تقنية تحويل الكلام إلى نص
  • توصيات الاتصال المدعومة بالذكاء الاصطناعي
  • التحليلات التنبؤية
  • مراقبة مصداقية الفيديو
  • توليد اللغة الطبيعية
  • تحليل المشاعر
  • الإسناد إلى الوسائط المكتسبة

وعلى الرغم من أن عدد أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة لمحترفي العلاقات العامة يزداد بشكل كبير يبدو أن هناك القليل من الفهم لتأثير هذه التكنولوجيا على هذا المجال.

أما عن البيانات الضخمة وممارسة العلاقات العامة، فترتبط تلك البيانات بجيل جديد من التقنيات والبنى التي يمكنها الاستفادة من كميات كبيرة جدًا من البيانات المتنوعة للغاية، من خلال المعالجة والتحليل في الوقت الفعلي، ولذلك يجب أن يدمج ممارسو العلاقات العامة البيانات الضخمة في وظائف العلاقات العامة التقليدية، ولا تكمن أهمية البيانات الضخمة في الكمية الهائلة من المعلومات المتاحة بل في القيمة التي يمكن إنشاؤها لتحسين الأداء وفهم المنافسين والمستهلكين والموظفين ووسائل الإعلام وغيرهم من الجمهور بشكل أفضل، ويجب أن تدرك المؤسسات أن البيانات وحدها لا تجيب عن السبب أو تشرح الرؤى المستنبطة بل يتطلب الكشف عن رؤى البيانات الضخمة عنصرًا بشريًا وتفكيرًا نقديًا لخلق المعنى.

من جهة أخرى، تؤثر خصائص وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات العامة من خلال ما يلي:

  • يمكن للمحتوى المنشور عبر النشرات الإخبارية ورسائل البريد الإلكتروني والوسائل الأخرى ذات الصلة بالعلاقات العامة أن يعيش لفترة أطول وينتشر بشكل أسرع ويصل إلى أبعد من ذلك بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي.
  • سمحت وسائل التواصل الاجتماعي للعلاقات العامة بالوصول إلى جمهور أكبر بكثير بعدما كانت في السابق تستهدف أفرادًا محددين مثل المستثمرين والشركاء التجاريين لكن وسائل التواصل الاجتماعي تسببت في توسيع هذه المجموعة المستهدفة لتشمل جميع الأشخاص المهمين لنجاح الأعمال التجارية.
  • جعلت وسائل التواصل الاجتماعي العلاقات العامة أكثر ودية لجميع أصحاب المصلحة في الأعمال التجارية، مما أدى إلى مجال جديد للتسويق يسمى “تسويق العلاقات”.
  • التحديات التي يفرضها الفضاء الرقمي على ممارسة العلاقات العامة:

تتلخص التحديات التي تواجه العلاقات العامة في استخدام التكنولوجيا الجديدة، فيما قدمه موقع وكالة العلاقة العامة بأمستردام والتي تم تلخيصها فيما يلي:

  • صعوبة القياس: العلاقات العامة في حد ذاتها ليس لديها نظام قياس محدد لمعرفة مدى نجاح جهود القائمين على المؤسسة.
  • القليل من السيطرة: تعتمد العلاقات العامة بشكل كبير على استعداد الجهات الخارجية المؤيدة لنشر المحتوى الخاص بالمؤسسة، وهذا يعني أن تأثير القائمين عليها المباشر يكون الأقل على نجاح حملات العلاقات العامة.
  • تكنولوجيا متحولة: تتميز التكنولوجيا الحديثة الديناميكية والتغير باستمرار مما يجعل من الصعب مواكبة الاتجاهات وأحدث تحولات السوق.
  • النتائج غير مضمونة: مع أي حملة تسويقية، النجاح غير مضمون، وأكبر عيوب العلاقات العامة تتعلق بقياس نجاح الجهود، فإذا لم يتم تنفيذ الاستراتيجية بشكل جيد فلن تتلقى أي استجابة من جمهورك المستهدف على الإطلاق.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت الدراسة إلى تحديات أخرى تقف أمام العناصر المهمة التي تعتمدها العلاقات العامة في التسويق لصورة المؤسسة والإعلان عن خدماتها للجمهور الخارجي، ويمكن توضيحها فيما يلي:

  • لا يملك المسوقون سيطرة مباشرة على تسليم الرسالة إلى الوسائل الجديدة، فقد يهمل القائمون عليها ما تم تقديمه فيضيع الجهد من غير فائدة.
  • الخروج عن المحتوى الأصلي للرسالة، فبينما يتم صياغة الرسائل الترويجية الأخرى وتوزيعها بعناية من طرف أصحاب المؤسسات، وتحديدًا قسم العلاقات العامة إلا أنه قد تتعرض الرسالة أثناء انتقالها لوسائل الإعلام للتجزئة أو القص.
  • مخاطر العائد على الاستثمار في إطار التداول بين العلاقات العامة ووسائل التكنولوجيا الحديثة، فقد يطالب القائمون عليها بمردود معتبر من أجل خدمة الترويج لها، فيضيق بذلك عائد الاستثمار على المؤسسة.
  • عدم القدرة على حصر الجمهور الخارجي في البيئات الافتراضية من أجل التأكد من سمعة المؤسسة لديه، مما يضعف استراتيجيات التسويق.

وختامًا، أوضحت الدراسة أهمية البيانات الضخمة في دراسة جمهور الاتصال الاستراتيجي أي العلاقات العامة، وخلصت إلى أن تجاوز التحديات التي تعترض العلاقات العامة ممكن بكل سهولة إذا تم تدريب فريق متخصص في التسويق وممارسة العلاقات العامة ضمن الفضاء الافتراضي المدجج بالتكنولوجيا الحديثة ومحاولة تلافي كل السلبيات التي تقف عائقا أمام هذه الممارسة.

زر الذهاب إلى الأعلى