مع بداية عام 2025، يطوي العالم صفحة ربع قرن من التكنولوجيا المبهرة والاضطرابات الجيوسياسية والصدمات المالية والتنافس المتزايد بين الولايات المتحدة وللصين صاحبتي أكبر اقتصادين في العالم.
وخلال الفترة الزمنية ذاتها تحققت نجاحات لا يمكن إنكارها، فمنذ عام 2000 تم خفض معدلات الفقر إلى النصف، ونمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بأكثر من ثلاثة أضعاف.
وفيما يلي يستعرض تقرير نشره المجلس الأطلنطي (مركز بحثي مقره واشنطن) أعده جوش ليبسكي مدير مركز جيو إيكونوميكس التابع للمجلس، والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي، وصوفيا بوش مساعدة مدير مركز جيو إيكونوميكس، خمسة أسئلة ملحة حول الاقتصاد العالمي هذا العام، حيث تساعد الإجابات عن كل من هذه الأسئلة في تحديد ما إذا كانت السنوات الخمس والعشرون المقبلة ستكون مشحونة بالأحداث، أو تدفع الولايات المتحدة بعيدًا عن مسارها الاقتصادي.
- هل يحاول ترامب إقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي؟
على الرغم من كل المخاوف بشأن مستقبل الدولار الأمريكي، فإن أحد التهديدات الحقيقية الوحيدة في الأمد القريب قد تأتي من الافتقار إلى الثقة في استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي.
وفي الوقت الذي صرح فيه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بأنه لن يحاول إقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قبل انتهاء ولايته في عام 2026، إلا أنه قادر على القيام بذلك إذا غيّر رأيه. ربما كان أقرب ما وصلت إليه الولايات المتحدة لاختبار تلك الخطوة في عام 1965 حينما سأل الرئيس الراحل ليندون جونسون وزارة العدل عما إذا كان بإمكانه إقالة رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي آنذاك ويليام ماكشيسني مارتن.
وإذا طرح ترامب فكرة إقالة باول، فمن المتوقع أن ترسل الأسواق إشارة شرسة بعدم تجاوز هذا الخط، وعلى الأرجح فإن ترامب سيعين رئيسًا جديدًا لبنك الاحتياطي الفيدرالي في وقت مبكر جدًا من ولايته، وهو ما من شأنه أن يسبب بعض الارتباك ولكن ليس أزمة صريحة.
- ما تأثيرات الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة المرتقبة على الصين؟
التعريفات الجمركية الأمريكية الجديدة على الصين قادمة لا محالة وهذا واضح بالفعل. وإذا كان هدف زيادة الرسوم الجمركية هو تنويع مصادر الاستيراد إلى شركاء موثوق بهم، فإن البيانات تظهر أن هذه الاستراتيجية بأكملها ربما تكون صحيحة حتى لو استغرق الأمر بعض الوقت. ولا يقتصر الأمر على المكسيك وكندا في التقدم لاستبدال الصادرات الصينية، فقد زاد شركاء واشنطن التجاريون العشرون التاليون جميعهم تقريبًا من صادراتهم إلى الولايات المتحدة بغض النظر عن الموقع الجغرافي، من كوريا الجنوبية إلى ألمانيا، ومن فيتنام إلى البرازيل.
وفي حين اضطرت الموجة الأولى من الرسوم الجمركية إلى الانتظار حتى انتهاء الوباء، فقد تضرب الموجة التالية الصين بشكل أسرع وأقوى، وبقية العالم مستعد للاستفادة.
- هل تعود مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى الواجهة؟
يبدو أن مبادرة الحزام والطريق عائدة بكل تأكيد، حيث تُظهر أحدث بيانات متاحة من عام 2023 أنه كان العام الأول منذ عام 2016 الذي زادت فيه قروض الصين لإفريقيا مقارنة بالعام السابق. ولكن يبدو الآن أن الرئيس الصيني شي جين بينغ يعمل على تكثيف مبادرة الحزام والطريق مرة أخرى.
وهذه المرة، يتم إنفاق الأموال باليوان الصيني، وليس بالدولار الأمريكي، كما تحول التركيز إلى مشاريع أصغر ومستويات تمويل أقل لتجنب بعض حالات التخلف عن السداد التي شهدتها المشاريع السابقة. والسؤال الآن هو ما إذا كان ترامب يحاول مواجهة مبادرة الحزام والطريق بإنفاق أمريكي ثنائي أو من خلال تنظيم مجموعة الدول السبع كبديل لبكين.
- هل يحصل الجنوب العالمي على قوة تصويتية أكبر في صندوق النقد الدولي؟
عندما استضاف المجلس الأطلنطي وزيرة المالية الهندية، نيرمالا سيتارامان في مراكش عام 2023، قالت إن الهند ودول الجنوب العالمي لن يقبلا ترتيبًا غير عادل آخر في مؤسسات بريتون وودز بشأن قوة التصويت. هذا العام، سيتم اختبار إنذارها النهائي. والسؤال المهم كيف سيتغير توزيع القوة إذا أعيد تخصيص الأصوات أخيرًا في صندوق النقد الدولي؟ فالأمر ليس واضحًا كما قد يعتقد البعض، فالولايات المتحدة سوف تكسب الأصوات وكذلك الصين، إذا تم توزيع الأصوات ببساطة على أساس حصة الدولة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وسوف تكسب الهند قليلًا، وتخسر معظم دول مجموعة السبع. وبطبيعة الحال، فإن خسارة أوروبا تكلف الولايات المتحدة أيضًا، حيث سيكون لديها عدد أقل من الأصدقاء في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي.
ومع ذلك، لا يوجد مسار واضح للمضي قدمًا، ومن الصعب أن نرى ترامب يوافق على أي شيء يعود بالنفع على الصين. ولكن لا تتوقع أن يستسلم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أو الرئيس الصيني شي جين بينغ أيضًا، لذا ربما تكون معركة بريتون وودز جديدة تختمر.
- ما مستقبل العملات المستقرة المدعومة بالدولار الأمريكي؟
كان العام الماضي عامًا مميزًا للعملات المشفرة؛ حيث وصل سعر البيتكوين إلى مائة ألف دولار في ديسمبر، ولعبت تلك الصناعة دورًا مهمًا في الانتخابات الأمريكية، لكن التركيز في عام 2025 سيتحول إلى العملات المستقرة.
وهناك 170 مليار دولار من العملات المستقرة متداولة في جميع أنحاء العالم، مع ربط 98% منها بالدولار. ولكن حوالي80 % من تدفق العملات المستقرة المدعومة بالدولار الأمريكي يحدث خارج الولايات المتحدة، ويرجع هذا بشكل أساسي إلى تبني أوروبا والهند ودول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام وسنغافورة وإندونيسيا، لمدفوعات التحويلات كوسيلة للوصول إلى الدولارات.
ولذلك في حين أنشأت الولايات المتحدة أخيرًا إطارًا تنظيميًا لهذه الأصول، فإن البنوك المركزية الأخرى ووزراء المالية سيسألون وزارة الخزانة القادمة في إدارة ترامب عن خطة لكل هذه الدولارات الجديدة العائمة في اقتصاداتهم.