ترجمات

اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي لعام 2026

تُعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة أساسية للمؤسسات الخيرية، إذ تُساعدها على نشر الأخبار، والوصول إلى جماهير جديدة، وتعزيز جهود جمع التبرعات. وقد ازداد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكلٍ ملحوظ في السنوات الأخيرة، مع ظهور منصات جديدة وتوسّع نطاق الجماهير، مما يُتيح للمؤسسات الخيرية تخصيص محتواها لتحفيز التفاعل مع من قد لا تتمكن من الوصول إليهم بطرق أخرى.

وفرضت سرعة تطور وسائل التواصل الاجتماعي بعض التحديات؛ فمع ظهور منصات جديدة تتراجع المنصات القديمة، وقد تجد المؤسسات أن نجاح القنوات التي كانت رابحة في السابق يتضاءل، لذلك من المهم أن تُواكب المؤسسات الخيرية التطورات المُتسارعة في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، لكي تتمكن من الاستمرار في جمع التبرعات والتواصل مع جمهورها بفاعلية.

وفي هذا الإطار، نشرت مؤسسة “Charity Digital”، تقريرًا يستكشف أبرز اتجاهات وسائل التواصل الاجتماعي التي ستُشكل ملامح عام 2026، وكيف يُمكن للمؤسسات الخيرية مواصلة استخدام حساباتها عبر تلك المنصات، وهو ما نستعرضه على النحو التالي:

  • وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال مزدهرة

مع تغير المشهد الإعلامي لوسائل التواصل الاجتماعي، ظهر العديد من التقارير التي تتحدث عن تراجعها على مر السنين، لكن معظم الأبحاث لا تشير إلى ذلك في عام 2026، فما يتغير هو كيفية استخدامنا لوسائل التواصل الاجتماعي، مدفوعًا بالتنوع المتزايد للمنصات نفسها.

وتشير تقديرات شركة الاستشارات الإعلامية “We are Social” إلى أن أكثر من ثلثي سكان العالم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي شهريًا. وكشف تقرير صادر عن منصة أبحاث المستهلكين “GWI” أن وسائل التواصل الاجتماعي هي “الوسيلة الإعلامية المهيمنة”، حيث يقدر المستهلكون أنهم يقضون حوالي 7 ساعات أسبوعيًا عليها، دون احتساب الساعات الست والنصف التي يقضونها في مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة مثل “إنستغرام ريلز” و”تيك توك”.

وتتفوق هاتان الوسيلتان على خدمات البث المباشر مثل “نتفليكس”، وخدمات بث الموسيقى، والبث التلفزيوني، مما يدل على أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تزال قادرة على الوصول إلى جماهير جديدة.

لا يقتصر الأمر على قضاء الناس أوقاتًا طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي، بل إنهم يشاركون محتواهم عبر حسابات متعددة، فواحد من كل خمسة مستهلكين حول العالم نشط على أكثر من 10 منصات مختلفة، وفقًا لمؤسسة “GWI”، وترتفع هذه النسبة إلى الربع بين جيل زد. ويرجع هذا التنوع إلى اختلاف الغرض من كل حساب؛ فمثلًا يُعد “تيك توك” الوجهة المفضلة للترفيه والمحتوى، بينما يُفضل “فيسبوك” للتواصل مع الأصدقاء والعائلة.

إن تخصيص الوقت لفهم هذه الأغراض سيساعد المؤسسات الخيرية على إنشاء محتوى مُصمم خصيصًا يجذب جمهورها على كل منصة.

  • أهمية بناء المجتمع في عصر الذكاء الاصطناعي

يُغير الذكاء الاصطناعي الكثير مما نراه على الإنترنت وكيفية إدراكنا للمعلومات. ويؤدي انتشار المحتوى الرديء المُولد بواسطة الذكاء الاصطناعي – وهو محتوى منخفض الجودة لا يحمل هدفًا واضحًا – إلى غمر منصات التواصل بمحتوى ممل وغير دقيق في كثير من الأحيان مثل مقاطع الفيديو المُفبركة للمشاهير.

كما أنه يُطمس الحدود بين الحقيقة والخيال. ويقول تقرير اتجاهات التسويق لعام 2026 الصادر عن شركة “Meltwater”: “تتزايد عمليات التزييف العميق، والخدع المُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والروايات المُتلاعب بها، وهذه المشكلة لن تختفي ببساطة. ومن المفهوم أن يثق المستهلكون بوسائل الإعلام أقل من أي وقت مضى، في ظل تعرضهم لوابل من المعلومات المُضللة من كل حدب وصوب”.

ومن المرجح أن نشهد في عام 2026 تركيزًا أكبر على بناء المجتمع وسط موجة المحتوى الرديء الذي تُنشر عبر الذكاء الاصطناعي على الإنترنت. كما أنه من المهم مراعاة الأصالة والتواصل المجتمعي عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فاستخدام المحتوى المُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال، قد يوفر الوقت، ولكنه قد يؤثر سلبًا على سمعتك ويُضعف مصداقيتك.

  • الطلب على المزيد من الفيديوهات

لا يزال الفيديو محركًا قويًا للتفاعل، ويتضح ذلك جليًا مع إضافة معظم منصات التواصل الاجتماعي لخاصية الفيديو في السنوات الأخيرة. فقد طُورت منصات مثل “تيك توك” و”إنستغرام ريلز” و”يوتيوب شورتس” استجابة للطلب المتزايد على محتوى الفيديو، حيث يمكن للمستخدمين مشاركة أفكارهم والتواصل مع جمهورهم.

وتشير شركة “”Sprout Social إلى أن 68% من قادة التسويق يرون أن يوتيوب يحقق التأثير الأكبر على الأعمال، بينما يقول 64% الشيء نفسه عن تيك توك. أما فيسبوك، فيتفوق عليه بنسبة 7 من كل 10 مسوقين.

ويؤكد تطبيق “Gain” لإدارة وسائل التواصل الاجتماعي هذا التوجه، مشيرًا إلى أن يوتيوب من المرجح أن يصبح أكثر تأثيرًا في عام 2026، حيث يبحث المستخدمون بشكل أكثر دقة عن فيديوهات حول المواضيع التي تهمهم، مما يُسفر عن المزيد من العملاء المحتملين وتحويلات ذات جودة أعلى مقارنة بمنصات التواصل الاجتماعي التقليدية.

مع ذلك، من المهم ملاحظة أنواع محتوى الفيديو المختلفة وأفضل استخداماتها، حيث تحقق مقاطع الفيديو القصيرة نجاحًا كبيرًا على منصتي تيك توك وإنستغرام، لكن شركة “”Sprout Social تُقر بأن للمحتوى الطويل مكانته أيضًا، إذ يمكن أن تصل مدة مقاطع الفيديو على تيك توك إلى 10 دقائق، بينما تصل مدة مقاطع الفيديو القصيرة على يوتيوب إلى 3 دقائق.

ولذلك، يُمثل الحفاظ على اتساق الرسائل مع تكييف أسلوب مقاطع الفيديو مع سلوكيات المستخدمين على كل منصة تحديًا للمؤسسات.

ويبقى الفيديو على أي منصة، وسيلةً جذابةً لإيصال الرسالة والوصول إلى جماهير جديدة. ويجب إنشاء محتوى فريد يتوافق مع سلوكيات المستخدمين وتفضيلاتهم على كل منصة – مثل مقاطع “ريلز” القصيرة على “إنستغرام” و”تيك توك”، ومقاطع سرد القصص الطويلة على يوتيوب.

ولا ينبغي للمؤسسات أن تمتنع عن إعادة استخدام المحتوى لقنوات مختلفة، ولكن عليها أن تستخدمه بوعي وهدف بأن تحدد أنماط الفيديو المختلفة لكل منصة، وتفكر في شكل كل منها قبل التصوير.

إن التخطيط لصيغ متعددة في بداية عملية ابتكار فكرة الفيديو سيجعل رسالتك متسقة عبر جميع المنصات، ويضمن حصول داعميك على محتوى يعكس ما يرغبون برؤيته أينما كانوا، سواءً على إنستغرام أو يوتيوب. وقد يكون فيديو كامل مناسبًا ليوتيوب، بينما يفضل تيك توك فيديو قصيرًا يُظهر كواليس العمل.

  • التركيز على الأصالة

لقد جعل عصر الذكاء الاصطناعي الأصالة محور تواصلنا، ففي عالم الحواسيب، يُفضل الناس التواصل الإنساني. وينعكس ذلك في كيفية استهلاكنا لمحتوى وسائل التواصل الاجتماعي. وتُلخص منصة التصميم الجرافيكي “adobe” الأهمية المتزايدة للأصالة في المحتوى على مدونتها قائلة إن “القصص التي ترويها الصور هي التي تُحرك مشاعرنا دون أن ننطق بكلمة، لحظات الفرح بين الأصدقاء، والرهبة الجماعية عند رؤية شيء جميل، والضحكة التي تربط الأجيال، إنها الصور التي تُثير المشاعر”.

وعندما تُجسد أي مؤسسة أو علامة تجارية هذا النوع من الأصالة، يتوقف الجمهور عن رؤية التسويق ويبدأ في الشعور بالرسالة من النظرة الأولى. ويشير تطبيق “Canva” إلى أن عام 2026 يمثل بداية معيار إبداعي جديد: “التصميم غير الكامل”، حيث سيتخلى العديد من المبدعين عن السعي وراء الكمال أو الصقل أو التصميم وفقًا لخوارزميات الإنترنت، وسيتبنون بدلًا من ذلك العيوب البشرية التي تجعل العمل شخصيًا وعفويًا وصادقًا.

بالنسبة للمؤسسات الخيرية، تُعد هذه فرصة سانحة للقيام بما تُجيده، فهي لا تحتاج إلى ميزانيات ضخمة لإنشاء محتوى مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، بل يكفيها قصة جيدة ورسالة واضحة. إن المصداقية على وسائل التواصل الاجتماعي تُقرب الداعمين من رسالتك، بطريقة لا يُمكن لإعلان مُنمق في أي مكان آخر أن يُحققها.

  • وسائل التواصل الاجتماعي أم محركات البحث؟

تغيرت أهداف وسائل التواصل الاجتماعي قليلًا على مر السنين. فإلى جانب كونها وسيلة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة، أصبحت مصدرًا للترفيه، والآن أصبحت أيضًا أداة بحث. يكشف تقرير اتجاهات التسويق الصادر عن Meltwater أن المستهلكين يتجهون إلى تيك توك ويوتيوب وريديت للبحث عن فيديوهات تعليمية ومراجعات وشروحات. ويشير التقرير إلى بحث أجرته مجلة فوربس يُظهر أن ما يقرب من ربع الأشخاص يُفضلون استخدام منصات التواصل الاجتماعي للبحث عن استخدام محرك جوجل، وهذه الطريقة شائعة بشكل خاص بين المستخدمين الشباب.

لذا، ينبغي على المؤسسات الخيرية إعطاء الأولوية لتعزيز حضورها على هذه المنصات. ويُعد إنتاج فيديوهات تعريفية قصيرة، وإضافة تعليقات غنية بالكلمات المفتاحية، وتثبيت المحتوى التمهيدي على صفحة المؤسسة الخيرية، طرقًا ممتازة لمساعدة الناس على معرفة المزيد عن عملها عندما يبحثون عن قضيتها.

زر الذهاب إلى الأعلى