إنفوجرافيك

صناعة المحتوى الإعلامي في ضوء تطبيقات الذكاء الاصطناعي

أثرت ثورة التكنولوجيا خلال العقدين الماضيين على مجال الإعلام بشكل غير مسبوق، وتحديدًا على صناعة المحتوى، حيث استحدثت وسائل وأساليب اتصالية متعددة ومتنوعة لم تكن موجودة من قبل، وذلك بفضل ظهور تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ساهمت بشكل كبير في تطوير المحتوى المرئي والمسموع وأساليب إنتاجه، فانتشر استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي عبر المنصات الرقمية. ولم يقتصر هذا الأثر في بيئة العمل الداخلية لإنتاج محتوى اتصالي فعال، بل أيضًا في عملية التلقي أو ما يعرف برجع الصدى، فاختلف المحتوى وتغير المتلقي وتبدلت الأدوات وتأرجحت ردود الفعل.

وأضحى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي عنصرًا مهمًّا وأساسًا في جذب الانتباه عند إعداد محتوى إعلامي وإدراكه بسهولة، لما تقدمه من إثراء وتعميق للمعلومات وتقديمها في إطار متكامل فعّال، لذا أصبح من نقاط الضعف في الصحف الإلكترونية اليوم نشر الخبر أو الحدث دون وجود وسائل إيضاح متمثلة في الوسائط المتعددة.

وفي هذا الإطار، نشرت المجلة المصرية لبحوث الإعلام دراسة بعنوان “رؤية مستقبلية: دور الاستراتيجيات الاتصالية في صناعة المحتوى الإعلامي في ضوء تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي”، للدكتور محمد مساوي الأستاذ المشارك بكلية الاتصال والإعلام في جامعة الملك عبد العزيز، والتي هدفت إلى استكشاف مستقبل توظيف ودمج تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إنتاج وصناعة وتطوير المحتوى الإعلامي، نستعرضها على النحو التالي:

  • عينة الدراسة

استندت الدراسة إلى عينة مكونة من 400 فرد، حيث بلغت نسبة الذكور(80.7%) مقابل (19.3%) للإناث، وحول طبيعة عمل المبحوثين فكان أغلبهم أكاديميين بنسبة (76.8%)، ثم من الممارسين للعمل الإعلامي بنسبة (23.2%). أما عن سنوات الخبرة فكانت من خمس سنوات فأكثر بنسبة (66.5%)، ثم من سنة إلى ثلاث سنوات (29.8%)، وأخيرًا من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات (3.8%).

  • نتائج الدراسة

اختلف تقييم المبحوثين لوضع استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير المنتج الإعلامي، فذكروا في المقدمة “ما زال تطبيق الذكاء الاصطناعي في المحتوى الإعلامي في مرحلة النمو بنسبة (85.7%)، ثم “تستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمليات الإعلانية والتسويقية الخاصة بالمؤسسة بنسبة (83%)، يليه “تعمل المؤسسة على تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي بنسبة (75%)، وفي المرتبة الرابعة جاء “يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فعال ومستمر بنسبة (72.7%)، وأخيرًا “يقتصر استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة القصص الخبرية فقط” بنسبة (65.3%).

أما عن معوقات استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المؤسسة، تصدرتها ” عدم توافر الإمكانيات المادية والبشرية للتنفيذ” بنسبة (42%)، ثم “ارتفاع التكاليف المادية لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المرتبة الثانية بنسبة (36%)، وأخيرًا “عدم تحمس القيادات الإعلامية الحالية للتطوير بنسبة (34%).

وأظهرت نتائج الدراسة أن الأسباب التي تدفع المؤسسات الإعلامية لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي، تتمثل في أنها “تساعد المؤسسات على المنافسة في سوق العمل في المرتبة الأولى بنسبة (89%)، ثم “تحليل البيانات الضخمة” في المرتبة الثانية بنسبة (88%)، يليها “تعزيز عملية الابتكار والتطوير داخل المؤسسة (86.3%)، وفي المرتبة الرابعة “زيادة كفاءة المؤسسات الإعلامية لإنتاج الأخبار (85%)، وأخيرًا “تحقق الأمن المعلوماتي للمواقع وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة (85%).

وتتحدد تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتوقع استخدامها في المؤسسات الإعلامية في “تحليل البيانات” في المرتبة الأولى بنسبة (90.7%)، ثم “خوارزميات مواقع التواصل الاجتماعي” في المرتبة الثانية بنسبة (89%) يليها تحليل المحتوى المنافس بنسبة (88.3%)، ثم تقنية كتابة الأخبار وتصحيح الأخطاء الإملائية (86%)، يليها “تقنية الواقع المعزز” بنسبة (84.7%) و”بحث الصور العكسي (84%)، وتقنية Hotbot  بنسبة (80.7%)  وتقنية Helgram بنسبة ( 77.7%) و”التقارير الصحفية ” بنسبة  (75%)، وأخيرًا “روبوتات الأخبار” بنسبة (72.3%).

وبالنسبة للفوائد المتوقع تحقيقها من تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي، فذكر المبحوثون جملة من الفوائد من أبرزها “ظهور مجالات جديدة في الإعلام الرقمي” في المرتبة الأولى بنسبة (90.7%) ثم “أتوقع أن يساعد في إنشاء قواعد بيانات ضخمة لسهولة العمل واتخاذ القرارات” بنسبة (90.3%)، و”أتوقع أن يساهم في رفع إنتاج إعلانات المؤسسة (89.3%)، وأخيرًا “أتوقع أن يقوم بتنظيم المحتوى الشبكي” بنسبة (84.3%).

وفيما يتعلق بمستقبل ممارسي العمل الإعلامي في ظل تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ذكر المبحوثون “يساعد الممارسين على إنجاز أعمالهم بسرعة أكبر من الاعتماد على الوسائل التقليدية” في المرتبة الأولى بنسبة (86%)، ثم “يساعدهم على التفكير الإبداعي في عرض القصص الخبرية” في المرتبة الثانية بنسبة (66%)، وأخيرًا “سيحل الذكاء الاصطناعي محل الممارسين الفعليين” بنسبة (38%).

وبالنسبة للسيناريوهات المتوقعة من تبني استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي فتتمثل في “تراجع عمليات تبني استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي” بنسبة (74.5%)، ثم “استمرار التبني بشكل محدود” بنسبة (15.5%)، وأخيرا “تطوير عمليات تبني استخدام الذكاء الاصطناعي بنسبة (10%). 

  • توصيات الدراسة

قدمت الدراسة عددًا من التوصيات تمثلت في دعم تبني استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي، وتدريب الصحفيين والعاملين على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتنمية التفكير الإبداعي في عرض القصص الخبرية، بجانب استحداث أقسام وبرامج تعليمية في الجامعات لتدريس تقنيات الذكاء الاصطناعي وكيفية تطبيقها في المجال الإعلامي.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن التوسع في استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العمل الإعلامي يعتمد على توافر موارد مالية للاستعانة بتلك التقنيات باهظة الثمن، وتأهيل الكوادر الإعلامية للتعامل مع تلك التقنيات، وتمكن إدارة المؤسسات الصحفية والإعلامية من تحقيق تكامل بين دور العنصر البشري والتقنية مما يثري المحتوى ويزيده جاذبية، لأن أي إخلال في معادلة التكامل بين الطرفين سيؤثر حتمًا بالسلب على مخرجات العمل الصحفي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى