دراسات

ملامح القوة الناعمة للسعودية في المجال الرياضي عبر منصات التواصل الاجتماعي

تعد الرياضة إحدى الركائز الأساسية لرؤية المملكة 2030، التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، إذ إنها تركز بشكل أساسي على التنويع الاقتصادي من خلال تقليل الاعتماد على عائدات الوقود الأحفوري وبناء صناعات جديدة لتوليد فرص عمل متنوعة. كما أن أحد أهداف الرؤية أيضًا تقديم الترفيه للشعب السعودي وفي الوقت ذاته تطوير المواهب المحلية التي من شأنها تعزيز مستوى الرياضة على المدى الطويل.

ولذلك ضخت المملكة استثمارات ضخمة في قطاع الرياضة كجزء من القوة الناعمة، وهو ما انعكس في صفقات كبرى لأسماء لامعة في عالم الساحرة المستديرة في مقدمتهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيما، وكذلك استقطاب البطولات الرياضية العالمية مثل رالي داكار، وكأس السوبر الإسباني، وبطولة “فورمولا1” للزوارق السريعة وعروض عالمية للمصارعة وغيرها من المسابقات.

وفي هذا الإطار، نشرت المجلة العربية لبحوث الإعلام والاتصال في عددها الصادر في يوليو /سبتمبر 2024، دراسة بعنوان “ملامح القوة الناعمة للمملكة العربية السعودية في المجال الرياضي عبر منصات التواصل الاجتماعي: دراسة تحليلية للمحتوى الإعلامي لوزارة الرياضة والأندية السعودية”، من إعداد الدكتورة آسية يوسف خوجة الأستاذ المساعد بكلية الاتصال والإعلام جامعة الملك عبد العزيز، والدكتورة مروة عطية الأستاذ المشارك بالكلية ذاتها، إذ تحاول الدراسة رصد ملامح القوة الناعمة للرياضة عبر تحليل المحتوى الإعلامي لوزارة الرياضة السعودية وبعض الأندية الرياضية المشهورة في المملكة.

  • مجتمع وعينة الدراسة

تمثل مجتمع الدراسة في المحتوى الإعلامي المنشور على حساب وزارة الرياضة السعودية وحسابات الأندية الرياضية محل الدراسة (النصر- الأهلي- الهلال- الاتحاد) على منصة إكس وفي ضوء صعوبة الحصر الشامل لجميع المحتوى الإعلامي المنشور في حساب وزارة الرياضة على منصة إكس تم الاعتماد على عينة (205 منشورات)، بالإضافة إلى ثمانية منشورات من المحتوى المنشور على حسابات الأندية الرياضية محل الدراسة.

وقد اعتمدت الدراسة على أداة تحليل المضمون لتحقيق أهداف الدراسة من حيث رصد ملامح القوة الناعمة للمملكة العربية السعودية وذلك  بالتطبيق على حساب وزارة الرياضة السعودية حيث تم تطبيق التحليل الكمي، كما تم استخدام التحليل الكيفي في ضوء نظرية بناء المعنى في وسائل الإعلام بالتطبيق على حسابات الأندية الرياضية.

  • نتائج الدراسة:

وخرجت الدراسة بمجموعة من النتائج؛ فعلى صعيد التحليل الكمي للمنشورات على حساب وزارة الرياضة السعودية، جاء توزيع الرياضات المستهدفة كالتالي “الرياضة بشكل عام” بنسبة 56.1%، يليها “كرة القدم” بنسبة 17.1% ثم “الألعاب الفردية” بنسبة 11.2%، و”السباقات” بأنواعها بنسبة 9.8%، وأخيرًا تأتي ” كرة السلة” و”الرياضات الأخرى” بنسب متساوية بقيمة 2.9% فقط.

أما عن أنواع المحتوى في المنشورات محل الدراسة، فجاءت أخبار المحتوى الأكثر ظهورًا بنسبة 41%، يليها المنشورات المعلوماتية والتوعوية بنسبة 16.6%، ثم القرارات الحكومية بنسبة 16.1%، والبطولات بنسبة 14.6، وفي المرتبة الأخيرة “المناسبات والفعاليات” بنسبة 11.7%.

أما من حيث أهداف المنشورات، فكان الهدف الأكثر استخدامًا هو “التعريف بمبادرات الوزارة لتعزيز الرياضة” بنسبة 41%، يليه “الترويج للأحداث الرياضية” بنسبة 27.8% ثم “الدعوة لممارسة الرياضة” بنسبة 17.6%، وأخيرًا “إبراز إنجازات الرياضيين السعوديين” بنسبة 13.7%.

وبالنسبة للأطر العامة للقوة الناعمة في المنشورات محل الدراسة، كان “إبراز الإمكانات الرياضية للمملكة” الأكثر ظهورًا بنسبة 34.1%، يليه “تعزيز ثقافة الرياضة للجميع” بنسبة 21.5%، ثم “إبراز الثقافة السعودية” و”التركيز على الرياضيين السعوديين” بنسبة متساوية بقيمة 15.6%، وأخيرًا يأتي “تعزيز مفهوم الاختلاف وتقبل الآخر” بنسبة 13.2%.

وفيما يتعلق بمعالم القوة الناعمة المرتبطة بالمحتوى في المنشورات محل الدراسة، فكان “بناء الصورة والعلامة الذهنية للمملكة” الدور الأكثر ظهورًا بنسبة 56.6%، يليه “زيادة الوعي الثقافي بالمملكة” بنسبة 21%، ثم “الترويج للقيم الإيجابية للمملكة” بنسبة 18%، وأخيرًا يأتي “دور المملكة في نشر السلام” بنسبة 4.4% فقط.

كما أظهر تحليل المحتوى الكيفي لحسابات الأندية الرياضية وفق نظرية بناء المعنى في وسائل الإعلام الفاعلية في توصيل رسائل تعزز من مكانة الرياضة كعنصر من عناصر القوة الناعمة السعودية.

وتنوعت هذه الرسائل بين تشجيع وتحفيز الجماهير، والتعبير عن الهوية الوطنية والتميز الرياضي، وكذلك تقدير الإنجازات الدولية للاعبين الدوليين، مثل تكريم ياسين بونو كثالث أفضل حارس في العالم. كما عرضت الجهود في إبراز انتماء لاعبين عالميين للأندية السعودية، وذلك بغية تعزيز الصورة الذهنية للمملكة وتقوية روابطها الرياضية عالميًا.

وخلصت نتائج اختبارات الفروض إلى وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين الأطر العامة للقوة الناعمة ونوع الرياضة المستهدفة مما يعطي دلالة على مدى الوعي في توظيف المحتوى الإعلامي بطريقة تبرز الإنجازات الرياضية وتسهم في ذات الوقت في تعزيز القوة الناعمة الرياضية للمملكة العربية السعودية، كذلك أظهرت النتائج وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين معالم القوة الناعمة المرتبطة بالمحتوى الإعلامي ونوع الرياضة وهذا يعني أن هناك ارتباطا بين الرياضة كنشاط وتعزيز القوة الناعمة.

وختامًا، أكدت الدراسة على أن الرياضة ليست فقط منصة للتنافس والتحدي البدني، بل أيضًا أرضية خصبة لبناء وتعزيز العلاقة الدولية وتقوية النفوذ الثقافي والاجتماعي للدول. وأظهرت كذلك أن السعودية استطاعت بنجاح توظيف هذا البعد الأساسي من القوة الناعمة لتعزيز مكانتها وصورتها الذهنية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

زر الذهاب إلى الأعلى