استعراض دراسات

إلى أي مدى يرتبط تصديق الأخبار الكاذبة بالإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؟

يستخدم ما يقرب من 5 مليارات شخص حول العالم، بمن فيهم 82% من الأمريكيين، وسائل التواصل الاجتماعي حاليًا، حيث تتيح هذه المنصات مثل إنستغرام وإكس وفيسبوك للأفراد إنشاء ملفات شخصية ونشر محتوى مثل النصوص والصور ومقاطع الفيديو، بالإضافة إلى متابعة الآخرين والتفاعل معهم.

ويمكن لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الإعجاب بمنشورات بعضهم البعض والتعليق عليها. ونتيجة لذلك، يحصل المستخدمون على مكافآت اجتماعية تعمل كمحفزات تعيدهم إلى هذه المواقع بشكل متكرر ولفترات زمنية طويلة.

وفي الوقت الذي أفاد فيه المستخدمون في جميع أنحاء العالم بقضاء ما يزيد على ساعتين يوميًا في المتوسط ​​على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن بعض الأفراد يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط وهو ما يطلق عليه “الاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل الاجتماعي-

Problematic social media use”، والذي يحاكي تعاطي المخدرات وغيره من الاضطرابات السلوكية الإدمانية في بعض النواحي.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة PLOS One”” في عددها الصادر في مايو 2025، دراسة بعنوان “ارتباط الاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل الاجتماعي بتصديق الأخبار الزائفة والتفاعل معها”، من إعداد  كل من دار ميشي، الأستاذ المشارك في جامعة ولاية ميشيغان، وماريا مولينا أستاذة مساعدة في قسم الإعلان والعلاقات العامة، التي نستعرضها على النحو التالي:

  • عينة الدراسة

أجريت الدراسة على 189 مشاركًا، تتراوح أعمارهم بين 18 و26 عامًا، عرض عليهم بشكل عشوائي 20 قصة إخباريةً مُنسقة على شكل منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، كانت 10 من هذه القصص حقيقيةً و10 أخرى كاذبة.

ومن خلال تقييم حكم المشاركين على مصداقية هذه المنشورات الإخبارية؛ ونياتهم في النقر على المنشورات والتعليق عليها والإعجاب بها ومشاركتها؛ ودرجة استخدامهم الإشكالي لوسائل التواصل الاجتماعي، وجدت الدراسة أنه كلما زادت أعراض الاستخدام الإشكالي لدى الأشخاص، زاد احتمال قيامهم بما يلي:

  • الاعتقاد بأن الأخبار الكاذبة على وجه التحديد ذات مصداقية.
  • التفاعل مع المنشورات الإخبارية، بغض النظر عن نوع المحتوى حقيقي أو كاذب.
  • الرغبة في النقر على منشورات الأخبار الكاذبة على وجه التحديد.

كما أن الأفراد الذين يعانون من أكبر قدر من الضيق والضعف في الأداء اليومي نتيجة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هم أيضًا الأكثر عرضة للمعلومات الكاذبة المنشورة على منصات التواصل.

وتندرج الأخبار الكاذبة أو الزائفة تحت فئتين: معلومات مضللة إذا نُشرت عن غير قصد، ومعلومات مضللة إذا نُشرت عمدًا لخداع الناس.

وقد أصبحت الأخبار الكاذبة موضوع نقاش وبحث مكثف نظرًا لسهولتها في المشاركة والانتشار عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويقرأ أكثر من 60% من سكان الولايات المتحدة المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أثبتت الأبحاث أن الأخبار الكاذبة تنتشر عبرها بمعدل أكبر من الأخبار الحقيقية.

وعلى الرغم من أن الجمعية الأمريكية للطب النفسي لا تصنف الاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل الاجتماعي كاضطراب سريري، فإن الدراسة وجدت أنه يشير إلى أنه يتشابه مع تعاطي المخدرات وغيره من اضطرابات الإدمان السلوكي، فقد يشعر الأشخاص الذين يُظهرون استخدامًا إشكاليًا لوسائل التواصل الاجتماعي بالسوء إذا لم يتمكنوا من الوصول إليها، وقد يعودون إليها بعد محاولة الإقلاع عنها.

وقد ارتبط هذا النوع من السلوك بفقدان الوظيفة، وضعف الدرجات الدراسية، ومشاكل الصحة النفسية.

  • أهمية نتائج الدراسة

تساعد نتائج الدراسة أخصائيي الصحة النفسية الذين يعالجون أشخاصا يُعانون من استخدام مفرط لوسائل التواصل الاجتماعي، فقد يظهر على هؤلاء الأفراد علامات استخدام مُزعج لوسائل التواصل الاجتماعي يجعلهم أكثر عُرضة للمعلومات المُضللة المتعلقة بالصحة، لذا قد يستفيد الأطباء المُتخصصون في مجالات مُختلفة من الوعي بمدى استخدام مرضاهم لوسائل التواصل الاجتماعي.

كما يمكن أن تساعد نتائج الدراسة في إثراء جهود الهيئات الحكومية والمنظمات وشركات التواصل الاجتماعي لمكافحة المعلومات المُضللة، فمن خلال تحديد الأشخاص الأكثر عُرضة لتصديق الأخبار الكاذبة، يمكننا المساعدة في الحد من انتشارها.

ويمكن للباحثين العمل مع شركات التواصل الاجتماعي لإيجاد سبل لمساعدة هؤلاء المستخدمين والحد من تعرضهم للأخبار الكاذبة.

  • قيود الدراسة

توجد مجموعة من القيود التي تحد من نتائج تلك الدراسة

أولًا: أجريت الدراسة على عينة ملائمة من طلاب الجامعات، لذا فإن إمكانية تعميم النتائج على فئات سكانية أخرى محدودة. ومع ذلك، نظرًا للانتشار الواسع لكل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام والاستخدام الإشكالي في هذه الفئة السكانية، فإن فهم الظواهر المبلغ عنها أمر مهم.

ثانًيا: ربما تكون الدراسة استبعدت المشاركين الذين كانوا بالفعل منتبهين لإجراءات الدراسة ويأخذونها على محمل الجد.

ثالثًا: لم تتناول الدراسة السببية، فقد يساهم التعرض المتكرر للأخبار المثيرة والكاذبة في الاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل الاجتماعي لدى بعض الأفراد. وعلى العكس من ذلك، قد يكون الأفراد غير مستعدين لأن يكونوا عرضة للمعلومات المضللة وأن تطور الاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى زيادة قابلية المعلومات المضللة.

وختامًا، من المرجح أن تتمكن الأبحاث المستقبلية من التحقيق في هذه العلاقة السببية المحتملة، مما يوفر فهمًا أفضل للاستخدام الإشكالي لوسائل التواصل الاجتماعي والأهداف المحتملة للتدخلات العلاجية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى