تطورت أساليب التواصل عبر العصور بداية من التواصل الشفهي والنقش على الحجر ثم الكتابة على الورق، حتى دخول تقنية الشبكة العنكبوتية التي أدخلت التواصل عصرًا جديدًا أحدثه تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقعان الافتراضي والمعزز. ولكل وسيلة من هذه صورها المتعددة وآثارها المختلفة.
وكذلك يشكل الإطار الثقافي بما يشمله من لغة وعادات وغيرها عنصرًا محوريًا لفهم المعاني الظاهرية والجوهرية للرموز التواصلية. ومن ضمن أساليب التواصل الحديثة التي أنتجتها تقنيات الصورة، هي البتموجي، والتى يمكن تعريفها بأنها صورة تعبيرية شخصية للمستخدم تميزه، وأصبح البتموجي جزءًا من وسائل التواصل والتفاعل الاجتماعي عبر منصات التواصل مثل سناب شات، وفيسبوك، وواتساب.
وقد أحدث البتموجي تحولًا في وسائل تواصل المستخدمين وتفاعلهم حول العالم أجمع. وبالرغم من العدد الهائل لتداول البتموجي عالميًا يظل تناوله بحثيًا محدودًا على المستوى العالمي ويكاد يكون معدومًا على المستوى العربي.
وبحسب إحصاءات موقع “DataReportal” في عام 2024، هناك 35 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي في السعودية، وهم يمثلون 94% من مجموع عدد السكان. وتضم منصة سناب شات 23 مليون مستخدم في المملكة العربية السعودية، 44 % منهم إناث و53% منهم ذكور. وبما أن منصة سناب شات، من أعلى المنصات استخدامًا للبتموجي فإن هذه الإحصاءات تعطي تصورًا لاستخدام البتموجي في المملكة.
وفي هذا الإطار، نشرت مجلة العلوم التربوية والإنسانية دراسة بعنوان “البتموجي: استخداماته واتجاهاته عبر منصات التواصل الاجتماعي (دراسة استطلاعية)، من إعداد الدكتورة غيداء الجويسر، الأستاذ المشارك في كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز، والباحثات هواجس يحيى الجيزاني وخلود سراج المالكي وعهد أحمد الشهري ونهى زهير قاندية، حيث تناولت الدراسة استخدام البتموجي في المملكة العربية السعودية لإلقاء الضوء على بعض الجوانب الثقافية لاستخدام هذه الصور التعبيرية في المجتمع السعودي ورصد استخداماته لها واتجاهاته نحوها.
- عينة الدراسة
أجريت الدراسة على عينة يبلغ عددها 131 مبحوثًا 26.7% منهم ذكور و73.3% إناث. كما أن 37.4% منهم ضمن الفئة العمرية من 18 إلى 25 سنة، و21.4% في الفئة من 25 إلى 30 سنة، و13% من 30 إلى 35 سنة، و12.2% في الفئة العمرية من 35 إلى 40 سنة، بينما 9.2% من 40 إلى 45 سنة، و3.8% من 45 إلى 50 سنة، في حين أن 3.1% يقعون في الفئة العمرية الأكثر من 50 سنة.
وبالنسبة للمستوى التعليمي، توضح النتائج أن 22.1% حاصلون على الثانوية العامة، و58% حاصلون على بكالوريوس، و12.2% دراسات عليا، بينما 7.6% حاصلون على دبلوم عال.
كما شكل الطلاب 31.3% من أفراد العينة والموظفون 42.7%، و13.7 % يعملون عملا خاصا، و12.2% لديهم أعمال أخرى.
- نتائج الدراسة
وجدت الدراسة أن أكثر التطبيقات استخدامًا لدى عينة الدراسة هو تطبيق سناب شات بإجمالي استخدام 94.7%، بينما كان واتساب بنسبة 50.4%، وإنستغرام 48.4%. وقد سبق لـ 86.3% من المبحوثين استخدام البتموجي، بينما لم يستخدمه 13.7%.
وتمثل أول أسباب استخدام البتموجي في المتعة والترفيه بنسبة 66.5%، ثم التعبير عن المشاعر بنسبة 59.6%، وفي المرتبة الثالثة التواصل مع الأصدقاء بنسبة 40.8%.
أما في محور مدى تعبير البتموجي عن الملامح الحقيقية للمستخدمين، فيرى 67.2% من المبحوثين أنه يعبر عن ملامح الوجه إلى حد ما، بينما 21.4% يرون أنه يعبر عن ملامح الوجه إلى حد كبير، في حين قال 11.5 من أفراد العينة أن البتموجي لا يعبر أبدًا عن ملامح الوجه.
وفيما يخص اتجاهات المستخدمين نحو استخدام البتموجي وفوائد استخدامه والمخاوف أو التحفظات حوله، فقد تبين أن 82.5% من أفراد العينة ليس لديهم أي تحفظات أو مخاوف بشأن استخدام البتموجي بينما أشار 17.5% إلى مخاوف لديهم.
ويرى 50.4% من عينة الدراسة أنه من غير الممكن أن يكون استخدام البتموجي محرمًا، واعتبر 55.7% أنه من المسموح للأطفال باستخدام البتموجي ورأى 45.8% من المبحوثين أن البتموجي خادع ومزيف لملامح الوجه، ورجح 43.5% من العينة محل الدراسة إمكانية استخدام البتموجي في التحرش الإلكتروني، ورأى 52.7% من المبحوثين أنه من الممكن استخدام البتموجي في التنمر الإلكتروني.
كما أوضحت نتائج الدراسة عدم وجود فروق بين استخدام البتموجي والمتغيرات الديموغرافية.
وخلصت الدراسة إلى أن البتموجي وسيلة للتعبير عن المشاعر بالإضافة إلى إسهامه في تسهيل وتوضيح الرسائل الاتصالية وتعزيز التفاعل العاطفي وإن كان قد يؤدي في ذات الوقت إلى تفسيرات مختلفة، كما نوهت إلى مساهمة الرموز التعبيرية في تعزيز جودة الصداقات الافتراضية.
- توصيات الدراسة
وأشارت الدراسة في الختام إلى أنه على الرغم من أهمية النتائج التي أسفرت عنها الدراسة وإثرائها للمحتوى العربي بشكل خاص ولطرح جوانب ثقافية واجتماعية مختلفة للبتموجي. فإن هناك عددًا من المحدوديات فيما يخص المنهجية، من حيث انحصارها في المنهج المسحي الوصفي بالأسلوب الكمي، لذا يمكن للدراسة المستقبلية تناول البتموجي من خلال منهجية كيفية سيميائية أو مزجية، لتفسير الدلالات الرمزية للبتموجي، وكذلك شمولها لعينة أكثر شمولًا وأوسع نطاقًا من ناحية جغرافية.
وتوصي الدراسة بتناول الدراسات للبتموجي من خلال التركيز على المعاني والتفسيرات الثقافية والاجتماعية، واكتشاف الاستخدامات المختلفة له في شتى المجالات، والخروج بمبادرات للمستخدمين من كافة المستويات التعليمية والفئات العمرية.