استعراض دراسات

معايير إنتاج البودكاست في ضوء المحتوى الإعلامي الإبداعي

يمثل البودكاست في أبسط أشكاله ملفا صوتيا أو مرئيا يتم تخزينه على موقع إلكتروني مع منح زوار هذا الموقع صلاحية الوصول إليه والاطلاع عليه وكذلك حفظه على أجهزتهم الخاصة. وفي الوقت الذي يعتبر فيه الغرض الأساسي من البودكاست تقديم التسلية والترفيه إلى المستخدمين إلا أنه شهد نموًا كبيرًا يتجاوز الغرض الأول لنشأته، فقد شق طريقه في مجال التعليم والأعمال والنشرات الإخبارية بل ووصل لقطاع الدعاية والإعلان.

ومن أسباب نجاح برامج “البودكاست” الخصائص التي تقوم عليها ببناء محتوى قوي ومستمر، فمنها إدارة المحتوى ومتابعة جودة الأداء ومقدار تلبيته لاحتياجات الجمهور ونشر المحتوى والتفاعل معه والحفاظ على الوحدة وكافة مظاهرها وغيرها من الخصائص.

وفي هذا الإطار، نشرت المجلة الدولية للعلوم التربوية والآداب، في عددها الصادر في نوفمبر 2024، دراسة بعنوان “معايير إنتاج البودكاست في ضوء المحتوى الإعلامي الإبداعي: دراسة مسحية على عينة من الخبراء الأكاديميين والمهنيين في الإعلام والاتصال في الرياض بالمملكة العربية السعودية”، من إعداد عبد الإله بن أسامة بازرعة باحث الماجستير في الاتصال والإعلام بكلية العلوم الإنسانية في جامعة الملك خالد، حيث استهدفت الدراسة بيان العلاقة الارتباطية بين جودة الرسالة الاتصالية وكيفية استمرارها في ضوء كثرة الوسائل الرقمية، مع تسليط الضوء على معايير يمكن أن تحسن جودة برامج “البودكاست” في المملكة العربية السعودية.

  • مجتمع وعينة الدراسة

يتشكل مجتمع الدراسة من عينة من الخبراء الأكاديميين والمهنيين في الإعلام والاتصال بالرياض وعددهم 250 موظفا وموظفة وذلك خلال يونيو 2023، وقد تم تنفيذ إجراء سحب عينة عشوائية من الخبراء الأكاديميين والمهنيين في الإعلام والاتصال في مدينة الرياض، وذلك لأن الأعمال والإنتاج أكثر غزارة في ذات المدينة، ويوجد تجانس بين أفراد العينة في تخصص واحد وأن العينة تتعرض بشكل مباشر لبرامج البودكاست، حيث تمت الإجابة عن رابط الاستبانة الإلكتروني لعدد 121 موظفا وموظفة.

  • نتائج الدراسة

توصلت الدراسة إلى أن متوسطات استجابات أفراد مجتمع الدراسة نحو المعايير الإبداعية التي من خلالها يتم إنتاج برامج “البودكاست من وجهة نظر الخبراء الأكاديميين والمهنيين في الإعلام والاتصال بالرياض، جاءت بمتوسط حسابي (4)، ووزن نسبي 80%.

وتصدر تلك المعايير الإبداعية “وضوح الصوت كأحد أسباب المشاهدة والاستماع للحلقة كاملة، يليها “وجود فريق يجيد الكتابة الإبداعية لبرامج البودكاست يشدني للاستماع”، ثم “وجود شخصيات مؤثرة في برامج البودكاست يشعرني بمحتوى إثرائي إبداعي”، وفي المرتبة الرابعة “أفضل إنتاج بودكاست يحتوي على معايير إبداعية”، يليه “يشدني لمتابعة البودكاست وجود أفكار غير مألوفة في المقدمة والخاتمة”.

ووجدت الدراسة أن متوسط استجابات أفراد مجتمع الدراسة نحو تطبيقات وتقنيات إنتاج برامج “البودكاست” من وجهة نظر الخبراء الأكاديميين والمهنيين في الإعلام والاتصال في الرياض، جاءت بمتوسط حسابي (4.1) ووزن نسبي 82%.

وجاء في المرتبة الأولى “تضيف التقنيات الحديثة صبغة متميزة في برامج البودكاست”، يليها “تعزز التقنيات التنوع البصري والسمعي في برامج البودكاست”، وفي المرتبة الثالثة  “تقلل التطبيقات الحديثة من وجود أخطاء في إنتاج البودكاست”، يليها “استخدام تطبيقات أدوبي تساعد في إنتاج بودكاست متقن واحترافي”.

كما خلصت الدراسة أيضًا إلى أن متوسط استجابات أفراد مجتمع الدراسة نحو طرق قياس أداء ومؤشرات الإنتاج لبرامج “البودكاست” من وجهة نظر الخبراء الأكاديميين والمهنيين في الإعلام والاتصال في الرياض، جاءت بمتوسط حسابي (4.2) ووزن نسبي 85%.

وجاءت آراؤهم كالتالي: “تساعد المؤشرات والمتابعة بعد إنتاج ونشر الحلقة في تتبع آراء الجمهور”، وفي المرتبة الثانية “استخدام قياس الأداء في الإنتاج يجعل هناك استدامة في عناصر المحتوى الإبداعي”، يليها “عدم وجود معايير واضحة لإنتاج برامج البودكاست يقلل من نجاحها”، ثم “استخدام قياس الأداء والمؤشرات في برامج البودكاست ينظم العملية الإنتاجية”.

كما أوضحت نتائج الدراسة أن متوسطات استجابات أفراد مجتمع الدراسة نحو أبرز برامج “البودكاست” السعودي من حيث تنوع المحتوى من وجهة نظر الخبراء الأكاديميين والمهنيين في الإعلام والاتصال في الرياض، جاءت بمتوسط حسابي (3.6) ووزن نسبي 72%.

وجاء في المرتبة الأولى “برنامج فنجان لشبكة ثمانية”، ثم “برنامج سقراط لشبكة ثمانية”، يليه برنامج سوالف بزنس لشبكة ثمانية، ثم برنامج مربع لشبكة ثمانية، وبرنامج كنبة السبت لشبكة مايكس، وبرنامج أباجورة ثم برنامج مهارات لشبكة مايكس وبرنامج جناية لشبكة ماكس، وأخيرًا برنامج مستدفر.

  • توصيات الدراسة

قدمت الدراسة عددا من التوصيات نستعرضها على النحو التالي:

  • ضرورة الاهتمام بتوظيف تقنية البودكاست في تنمية مهارة الاستماع.
  • الاهتمام بدراسة وجود برامج البودكاست السعودية التي تتحدث عن مشاريع المملكة عالميًا مما يعكس وجود قوة ناعمة خارجيًا.
  • ضرورة توظيف تقنية البودكاست في جميع المراحل الدراسية والمواد الدراسية لما لها من أثر في زيادة فاعلية التعلم من خلال التحصيل الدراسي.
  • ضرورة زيادة التقنيات التكنولوجية الحديثة في إنتاج برامج البودكاست السعودي والاهتمام بنشرها في الأوساط الإعلامية.
  • أهمية تدريب المعلمين والمعلمات على إنتاج وتصميم ملفات البودكاست وتوظيفها في العملية التعليمية.
  • يجب تنظيم ورش عمل للشباب والعاملين بمجال البودكاست حول أهمية استخدامه وطرق تشغيله والاستفادة منه في تنمية المهارات المختلفة.
  • إعطاء تطوير برامج البودكاست أهمية كبرى كصناعة إعلامية سعودية تقود الإعلام في العالم.
  • أهمية تطبيق المعايير الإبداعية في الإنتاج الإعلامي بالمملكة العربية السعودية والذي يؤدي إلى إنتاجات إبداعية تمثل المملكة.

وتأسيسًا على ما سبق، خلصت الدراسة إلى أهمية إنشاء معايير أساسية تستند عليها برامج البودكاست بما يضمن بقاء واستمرار المحتوى الرقمي في عالم ضخ المعلومات، مع التأكيد على أن غياب معايير إبداعية قد يؤدي إلى تشويش الرسالة الصوتية.

زر الذهاب إلى الأعلى