يلعب إنشاء المحتوى دورًا حاسمًا في تقديم الأخبار الجذابة وفي الوقت المناسب للجمهور، فمع التقدم التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي، ظهرت أدوات وتطبيقات جديدة لمساعدة الصحفيين في عملية إنشاء المحتوى الخاص بهم من بينها تطبيق “شات جي بي تي- CHATGPT” كأحد ملامح وتحديات الثورة القادمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي له عدة وظائف والتي تمثلت في الكتابة المتعمقة الذكية وصناعة المحتوى ومحاكاة دقيقة للصور والتأثيرات البصرية والبرمجة بكفاءة عالية وتحليل البيانات والمساعدة في حل المشكلات.
ويوفر التطبيق العديد من المميزات منها الاستجابة السريعة وفهم فحوى وسياق الرسائل والرد عليها ومحاكاة المحادثات والكلام بين البشر والتعلم العميق في إنشاء النصوص.
وفي هذا الإطار، نشرت مجلة البحوث والدراسات الإعلامية في عددها الصادر في ديسمبر 2024 دراسة بعنوان: “فاعلية تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي CHATGPT في كتابة المقالات الصحفية.. دراسة تحليلية مقارنة (الحرب على غزة 2023 نموذجا)”، من إعداد الدكتورة هند يحيى أستاذ الصحافة المساعد بالمعهد الدولي العالي للإعلام في أكاديمية الشروق، وهي دراسة تحليلية مقارنة تم تطبيقها على أشهر خمسة تطبيقات للذكاء الاصطناعي التوليدي وهي Microsoft bing / copilot, Chatgpt 3.5 Chatgpt 4o mini, Chatgpt plus, Poe assistant,، حيث هدفت إلى تقييم فاعلية هذه التطبيقات في إنشاء مقال صحفي.
- رؤية الدراسة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي
أكدت الدراسة أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي “شات جي بي تي” ستكون قادرة على توليد محتوى صحفي دقيق وموضوعي، لكن قد لا يكون بمستوى جودة محتوى الصحفيين البشريين من حيث الإبداع والابتكار، كما وجدت أن تلك التطبيقات يمكن أن تحسن من كفاءة العمل الصحفي وتقلل الوقت والجهد المبذولين في كتابة المقالات الصحفية.
كما وجدت الدراسة أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي تتفوق على الكتاب البشريين في جوانب معينة مثل السرعة والدقة في إنتاج المقال الصحفي وفي وقت قصير جدا.
ونوهت الدراسة إلى أن بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي من قيود أو مشاكل معينة في صناعة مقال صحفي، وذلك حينما تكون سياسة التطبيق ضد دولة أو حركة أو نظام أو حرب، وبالتالي يمكن القول إنه لا يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي أن تراعي الأخلاقيات والمعايير الصحفية عند إنتاج مقال صحفي.
كما يثير استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي في الصحافة العديد من الاعتبارات والقيود الأخلاقية. وتشمل بعض المخاوف الرئيسية احتمال التحيز في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وخطر المعلومات الخاطئة أو الأخبار المزيفة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي، وتأثير ذلك على إزاحة الصحفيين عن وظائفهم.
ولفتت الدراسة إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي تتطلب مراجعة أو تحريرا إنسانيا للمحتوى الذي ينتجه من مقالات صحفية، والدليل على ذلك أيضًا أن التطبيقات ذاتها بعد إجابتها عن أسئلتنا أو كتابة المقالات فإنها تكتب لنا جملة معينة ثابتة وهي: (مصادري ومعلوماتي مستندة إلى بيانات وتدريبات شاملة على مختلف الموضوعات، لكن في النهاية القرار لك فيما يخص الثقة في المعلومات. يفضل دائمًا مراجعة وتقييم المعلومات والتأكد من صحتها من خلال مصادر موثوقة ومتعددة، خصوصًا في القرارات المهمة. إذا كنت بحاجة إلى معلومات دقيقة أو استشارات مهنية، قد يكون من الأفضل استشارة متخصصين في المجال).
- نتائج الدراسة
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج بشأن استخدام تطبيقات “شات جي بي تي” في كتابة المقال على النحو التالي:
- تطبيقات “شات جي بي تي” عند سؤالها عن كتابة مقال عن موضوع ما مثل الحرب على غزة، فإنها تكتب عنوان الموضوع الذي طلبته منه بالضبط مع إضافة كلمات قليلة جدًا.
- أغلب تطبيقات “شات جي بي تي” لم توافق على كتابة مقال عن طوفان الأقصى، فمثلًا تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي “poe assistant” قال : (عذرًا، ولكن لا توجد أي معلومات متاحة لدي حول “طوفان الأقصى” المشار إليه في سؤالك. يمكنك تزويدي بمزيد من التفاصيل أو معلومات إضافية حتى أتمكن من مساعدتك بشكل أفضل). وعندما طلب من التطبيق ذاته كتابة مقال عن الحرب على غزة، لم يضع عنوانا للمقال.
- تطبيق الذكاء الاصطناعي التوليدي “COPILOT” بطيء قليلًا في الإجابة عن كتابة مقال صحفي عن الحرب على غزة، أما باقي التطبيقات عينة الدراسة فكانت سريعة في كتابة المقال الصحفي.
- تطبيق Google bard / Gemini رفض كتابة مقال عن الحرب على غزة، فقد تم سؤاله نفس السؤال على عدة فترات (خلال عدة أشهر)، لكنه رفض كتابة المقال وقال (إن الصراع في إسرائيل وغزة معقد ويتغير بسرعة، للاطلاع على آخر الأخبار استخدم ” google بحث”).
- عندما طلب من منصة “chatgpt plus” كتابة مقال عن الحرب على غزة، كتبت مقالا قصيرا جدا وذكرت التالي: (تأكيدًا لطلبك، سأقوم بكتابة مقال قصير حول الحرب على غزة).
- دائما تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي عينة الدراسة عندما يتم الطلب منها كتابة عنوان أو إعادة صياغة عنوان فإنها تكتب العنوان الرئيسي بين علامة وقف استدراكي مثل (الحرب على غزة: تحليل عميق للتطورات والأثر)، فهو ليس عنوانا تمهيديا ورئيسيا فقط، بل هو عنوان رئيسي مكون من جزأين، لأن العنوان الرئيسي شرط له أن يكون جملة مكتملة ومفهومة ومفيدة، فإذا حذفنا شقا أو جزءا منهما لن تكتمل الجمل المفيدة.
- بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي عينة الدراسة في كتابة المقال تكتب كلمة: (مقدمة)، وكلمة (خاتمة)، والبعض الآخر لا.
- بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي عينة الدراسة قبل كتابة المقال تذكر أنها ستقوم ببعض المهام، مثل تطبيق “Chatgpt Plus” والذي قال (سأقوم بكتابة مقال قصير حول الحرب على غزة)
- كل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي “Chatgpt” عينة الدراسة لم تكتب عناوين فرعية (داخل متن / جسم المقال) ما عدا “chatgpt 40 mini”و “Microsoft copilot”.
- نتائج الدراسة التحليلية المقارنة
أما عن أبرز نتائج الدراسة التحليلية المقارنة مع 10 مقالات منشورة لصحفيين ذوي خبرة في كتابة المقالات الصحفية من المواقع الصحفية الإلكترونية المختلفة، فقد وجدت الدراسة أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي “شات جي بي تي” لا تستطيع كتابة مقال طويل إلا إذا طلب منها كتابة مقال بعدد كلمات معينة.
اتفاق كتاب المواقع الإلكترونية عينة الدراسة وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي “شات جي بي تي” على كتابة مقالات متوسطة الطول عن موضوع الحرب على غزة.
وأشارت إلى أن كل الكتاب الصحفيين وضعوا عنوانا لمقالهم في موضوع الحرب على غزة وذلك على عكس بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي فهي من الممكن ألا تضع عنوانا لمقالها إلا إذا تم الطلب منها.
ونوهت النتائج بأن أكثر أشكال المقالات استخدامًا بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي “شات جي بي تي” هي العناوين بين علامة وقف استدراكي، فهذه التطبيقات لا تستطيع كتابة عناوين إلا وهناك علامة وقف استدراكي بالعنوان وتقسيم العنوان إلى شقين لأن هذه التطبيقات في الأصل أجنبية وليست عربية.
وبحسب النتائج من أكثر مسارات الإقناع المستخدمة في كتابة المقالات بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي “شات جي بي تي” عرض الحقائق وإثارة العاطفة يليها التهويل ثم الأرقام والإحصاءات. واعتمدت مقالات الكتاب على عرض الحقائق أيضًا.
كما اتفقت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي والمواقع الإلكترونية عينة الدراسة على أنه لا توجد مصادر تم الاعتماد عليها في كتابة مقالات الحرب على غزة وذلك بنسبة 100%.
وبالنسبة للقوى الفاعلة في معالجة المقال الصحفي عن الحرب على غزة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي عينة الدراسة فهي المقاومة والجهات الأجنبية، بينما القوى الفاعلة في كتابة المقالات بواسطة الكتاب الصحفيين في المواقع الإلكترونية عينة الدراسة كانت القيادات أو الشخصيات البارزة.