استعراض دراسات

الاتجاهات الإعلامية في بحوث الدعاية السياسية

تعتبر الدعاية السياسية محاولة للتأثير على الرأي العام وسلوك المجتمع، وهي اللغة السياسية التي تستعمل رموزًا وكلمات خاصة وهدفًا دعائيًا للتأثير على موقف الجماهير إزاء قضية أو قضايا معينة.

وتوجد ثلاثة أنماط مختلفة من الدعاية السياسية، وهي الدعاية البيضاء التي تكون واضحة وعلنية وشفافة، وتستند إلى مصادر ومعلومات معروفة وواضحة، وأيضًا الدعاية الرمادية التي قد تكون معلوماتها ومصادرها صحيحة أو غير صحيحة، وتملك قوة التوجيه والإقناع، ولكنها تخفي أمورًا غير تلك المعلن عنها، وكذلك الدعاية السوداء وهي دعاية سرية، مصادر معلوماتها قد تكون إشاعات مجهولة، وغالبًا ما تكثر خلال حرب الإشاعات والحرب النفسية.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة جامعة بني سويف الأهلية لدراسات الفنون والإنسانيات في عددها الصادر في يونيو 2024، دراسة بعنوان “الاتجاهات الإعلامية في بحوث الدعاية السياسية” من إعداد الدكتورة رشا عادل لطفي، أستاذ الإذاعة والتلفزيون بكلية الإعلام في جامعة بني سويف الأهلية، والتي نستعرضها على النحو التالي:

  • مجتمع وعينة الدراسة

تمثل مجتمع الدراسة في التراث العلمي في مجال الدعاية السياسية في مؤسسات التعليم العالي بمختلف دول العالم، وشملت عينة الدراسة بحوثا منشورة في دوريات علمية محكمة ورسائل دكتوراه منشورة وغير منشورة. وقد تم التحليل الكيفي لتلك الدراسات خلال الفترة من عام 2013 إلى عام 2018، عبر رصد وتوصيف وتحليل الاتجاهات البحثية المختلفة والتطور الذي قد يحدث في القضايا ورؤى وأفكار الباحثين في هذا المجال، وركز التحليل على محورين رئيسيين وهما القضايا العامة المرتبطة بالدعاية السياسية، والقضايا المرتبطة بتكنولوجيا التسويق.

  • نتائج الدراسة

أظهرت نتائج الدراسة أن التسويق السياسي للمنظمات والمؤسسات أو المرشحين السياسيين من أهم القضايا البحثية التي حظيت باهتمام الباحثين العرب في مجال الدعاية السياسية مع تقديم أسس نظرية تركز على الأطر والاستراتيجيات المستخدمة في التسويق السياسي والحملات الانتخابية، ثم الاستمالات المستخدمة فيها.

كما ركز الباحثون العرب والأجانب على الإعلانات السياسية والحملات الانتخابية وبرامج التسويق السياسي للمرشحين، مما أعطى أهمية لدراسة الصورة الذهنية المكونة عن المرشحين السياسيين.

وأوضحت نتائج الدراسة أن الدراسات العربية عينة التحليل، اختبرت الآثار المعرفية للحملات الانتخابية، واتفقت مع الدراسات الأجنبية في اتساع مستوى التأثير الذي اهتمت به ليشمل الاتجاهات والسلوك.

ووجدت الدراسة أن الدراسات الأجنبية اهتمت بدراسة الشعار الانتخابي، بينما أغفلت الدراسات العربية هذا الجانب. وخلصت النتائج أيضًا إلى أن كثيرًا من الدراسات العربية اتجهت إلى الدراسة النظرية لمفاهيم الدعاية السياسية والتسويق السياسي والحملات الانتخابية.

كما أظهرت الموضوعات مدى التباين بين الدول وبعضها في التشريعات الانتخابية، وأوضحت بعض الدراسات أن هناك اختلافًا بين النماذج في الدعاية الانتخابية؛ وفقًا لعدد من المتغيرات كان منها الانتماءات الحزبية وكذلك الفترات الزمنية والأحداث التي تطرأ على الساحة، فضلًا عن معاملة بعض القائمين على التخطيط للحملات الدعائية السياسية للمنتج السياسي على أنه منتج تجاري دعائي.

وقد ركزت دراسات عربية وأجنبية كثيرة على دراسة استراتيجيات التسويق المختلفة والتي تباينت في المجتمعات العربية عن الأجنبية.

واتفقت بعض الدراسات على بحث تأثير وسائل الاتصال التقليدية والحديثة في عملية الدعاية السياسية أو التسويق السياسي، ودور تلك الوسائل في عملية بناء الصورة الذهنية بالنسبة للجمهور بشكل عام، وانفردت دراسات أخرى بتناول تأثير وسائل الإعلام الجديد في عملية التسويق السياسي، حيث أصبحت التعبئة السياسية عبر الإنترنت من الأمور الاستراتيجية التي تسمح للأحزاب السياسية بالتواصل مع الجماهير.

وأشارت دراسات غربية إلى قدرة وسائل الإعلام على تشكيل الرأي العام نحو بعض القضايا، حيث أوضحت النتائج أن تركيز وسائل الإعلام على قضايا بعينها ووضعها في أطر محددة يساعد بشكل كبير على تبني هذه القضايا أو الموضوعات وهو ما يتم التركيز عليه في الدعاية السياسية.

أما عن فئة الإطار النظري، فقد استندت بعض الدراسات عينة التحليل لأطر نظرية جاءت منوعة ما بين نظرية “الأطر الإعلامية”، والبعض على “الاتصال الجماهيري”، ومدخل التسويق السياسي، كما لم تستند دراسات أخرى على أي من الأطر النظرية.

وقد تنوعت الدراسات عينة التحليل من حيث المناهج البحثية، حيث ظهرت دراسات تطبيقية وغير تطبيقية إضافة إلى العروض التحليلية لأدبيات المجال، كما تنوعت التصميمات المنهجية، حيث وظفت بعض الدراسات المنهج الكمي واعتمدت بعضها على المنهج الكيفي، كما مزجت دراسات أخرى بين المنهجين الكمي والكيفي. ويأتي منهج المسح في مقدمة المناهج البحثية التي وظفتها الدراسات عينة التحليل.

وقد استخدمت دراسات كثيرة، عينة التحليل العشوائية في إطار معالجة الموضوعات المرتبطة بقياس فاعلية الحملات والدعاية السياسية على الجمهور.

  • الرؤى المستقبلية والأجندة البحثية التي يقترحها العرض التحليلي

قدمت الدراسة أجندة بحثية مرتبطة بتدريس الدعاية السياسية على النحو التالي:

  • القضايا المرتبطة بالدعاية السياسية وتتضمن الموضوعات ذات الصلة بالحملات والدعاية الانتخابية والأداء والتقييم لهذه الحملات، وطرق التخطيط المستحدثة، وتطوير الخطط للحملات الدعائية السياسية، وكذلك الموضوعات المتعلقة بدراسة الشعار أو العلامة الخاصة بالمنتج السياسي.
  • القضايا المرتبطة بتكنولوجيا التسويق، وتشمل الموضوعات المرتبطة باستخدام الوسائط المتعددة في التسويق السياسي، والدعاية والتسويق السياسي عبر الإنترنت، ودور الشبكات الاجتماعية في الجهود التسويقية، واستخدام الإنترنت كأداة للاتصال والتواصل والدعاية.

وعلى الصعيد التطبيقي، أوصت الدراسة مخططي الحملات الانتخابية بضرورة التركيز على وضع استراتيجية تسويقية فعّالة تأخذ في الاعتبار دمج مواقع الشبكات الاجتماعية في مزيج الاتصالات التسويقية المتكاملة نظرًا لأهمية هذه المواقع في التأثير على المشاركة السياسية.

وختامًا، يمكن القول بأنه مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة أضحت فرصة الترويج للدعاية السياسية أكثر إتاحة، حيث يتم استخدام المنشورات عبر المنصات  لصناعة وتوجيه الرأي العام تبعًا لمصالح القائمين بتلك الدعاية، وهو ما قد يمثل عنصر خطورة إذا ما استخدمتها بعض الجهات الخبيثة لبث شائعات.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى