استعراض دراسات

الظهور في النتائج الأولى لمحركات البحث

يُعد ظهور الموقع الإلكتروني لمستخدمي شبكة الإنترنت أحد الأهداف الأساسية التي يسعى الموقع لتحقيقها، وقد توصلت غالبية الدراسات إلى أن المستخدم يبحث في الصفحة الأولى لنتائج البحث على محرك جوجل، والتي تعرف باسم النتائج غير المدفوعة، وعندما لا يجد ما يبحث عنه يقوم بتغيير كلمة البحث.

ولكي تظهر المواقع في الصفحة الأولى عليها أن تراعي القواعد والإرشادات التي وضعتها جوجل من أجل زيادة جودة المواقع وكفاءتها وظهورها في صدارة البحث وهو ما يُعرف بـ”تحسين المواقع لمحركات البحث- Search engine optimization”.

ومحركات البحث هي عبارة عن برامج آلية ضخمة تبحث في مليارات الصفحات المنشورة على الإنترنت في محاولة منها للوصول إلى ما يبحث عنه المستخدم والإجابة عن تساؤلاته، حيث يبدأ محرك البحث في إرسال الروبوتات لمسح المحتوى الموجود، وهو ما يسمى بمرحلة الزحف، ثم تأتي مرحلة الفهرسة من خلال أرشفة كل المحتويات وهي عملية إضافة الصفحات إلى محركات البحث، ثم المرحلة الأخيرة وهي مرحلة عرض النتائج وترتيبها. وتأخذ كل هذه المراحل في اعتبارها القواعد والتقنيات والإرشادات التي وضعتها جوجل للظهور في الصفحات الأولى لها وهو ما يعرف بـ”الخوارزميات- Algorithms”.

وفي هذا الإطار، نشرت المجلة العلمية لبحوث الصحافة في عددها الصادر في يونيو 2024، دراسة بعنوان “الظهور في النتائج الأولى لمحركات البحث” من إعداد بسمة أحمد عبود، المدرس المساعد بقسم الصحافة في كلية الإعلام جامعة القاهرة، حيث نستعرض تلك الدراسة على النحو التالي:

  • عينة الدراسة

تمثل الدراسة تحليلا من المستوى الثاني analysis-Meta حيث تعمل على “مراجعة وتلخيص البيانات من أبحاث متعددة بغرض تحديد الاتجاهات واكتشاف الثغرات المعرفية والتوفيق بين النتائج المتناقضة وتوجيه السياسات المعنية”، وتستخدم الدراسة لتحقيق تلك الأهداف منهج المسح وكذلك المقارنة المنهجية لتوضيح التباين بين نتائج الدراسات التي أجريت في المجتمعات المختلفة وكذلك تلك التي توصلت إلى نتائج متناقضة.

وقد أجريت الدراسة على عينة عمدية من الدراسات العربية والأجنبية في الفترة بين عامي 2006 و2023 بلغ عددها 34 دراسة.

  • نتائج الدراسة

أوضحت الدراسة أن جميع الدراسات عينة التحليل السابقة، بدون استثناء، أشارت إلى الأهمية المطلقة لتهيئة المواقع لمحركات البحث، ودور تلك التهيئة في رفع ترتيب الموقع في صفحة نتائج البحث، وبالتالي حصولها على فرصة أكبر لرؤية المستخدم لها والدخول لذلك الموقع الذي من شأنه أيضًا نجاح الموقع ومن ثم رفع ترتيبه. كما اتفقت الدراسات على أن محركات البحث تعمل بشكل متشابه، وأن هناك معايير محددة، جزء منها معروف والجزء الآخر تحتفظ به محركات البحث كجزء من عملها التنافسي فيما بينها وبالتالي يكون غير معروف للمستخدم.

كما أشارت الدراسات الخاصة بالتسويق الإلكتروني إلى أن التهيئة لمحركات البحث هو الأجدى والأفضل من عمليات البحث المدفوع والدفع مقابل النقرة، وهو ما يظهر أهمية تحسين وتهيئة المواقع لمحركات البحث.

وأظهرت مراجعة الدراسات ندرة المحتوى العربي في مجال تهيئة المواقع لمحركات البحث وندرة تقييم المواقع الإخبارية رغم الزيادة المضطردة في عدد تلك المواقع، فلم تهتم الدراسات في هذا المحور بتحليل المواقع الإخبارية للوقوف على مدى اتباعها لقواعد تحسين محركات البحث.

بالإضافة إلى ذلك، اهتمت غالبية دراسات المحور الخاص بمجال الصحافة بدراسة القائم بالاتصال والذي يتمثل في المحررين الصحفيين – سواء كان لهم علاقة مباشرة بتخصص الـ SEO أو لم يكن لهم علاقة مباشرة-، ومتخصصي الـ SEO الذين لهم علاقة بمجال الصحافة، وقد اقتصرت الأساليب المستخدمة في تلك الدراسات بين استخدام سلسلة من المقابلات شبه المنظمة أو الاستبيان أو كليهما.

أما عن دراسات المحور الثاني الخاصة بتقنيات وممارسات الـ SEO، فيلاحظ ارتفاع عدد الدراسات التي تهتم بتقييم مستوى جودة مواقع الجامعات، والتي شكلت ما يقرب من نصف عدد الدراسات وأغلبها دراسات عربية.

وبالنسبة للدراسات الخاصة بالجانب التسويقي والبحثي، فقد ركزت على دراسة العوامل الأساسية التي يجب معالجتها عند تصميم موقع ويب تجاري، وأبرزها تحديد الهدف من تصميم الموقع، والأداء، والسوق المستهدف، وسرعة الاستجابة، والأمان.

كما تناول هذا المحور أيضًا تحسين معدل الزيارات للمواقع التجارية الإلكترونية بالاعتماد على تحسين محركات البحث وخريطة الموقع، فضلًا عن تأثير تحسين محركات البحث على سوق الإعلانات على الإنترنت.

وخلصت نتائج الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من الدراسات سعت للتوصل إلى أفضل الممارسات لتحسين محركات البحث وتقديم توصيات من أجل زيادة عدد الزيارات.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إنه من المهم محاولة صياغة أجندة بحثية للدراسات المستقبلية في مجال تحسين محركات البحث بحيث يمكن استخدامها في بناء الخطط البحثية المشتركة بين التخصصات الأكاديمية المختلفة؛ فدراسات تحسين محركات البحث تعد مجالًا بينيًا بين علوم الإعلام والاتصال والتكنولوجيا والحاسب والذكاء الاصطناعي.

كما أظهر المسح السابق للدراسات ندرة المراجع العربية في مجال دراسات تحسين محركات البحث مع تحليلها ونقدها، وهو ما يتطلب اهتمامًا أكبر من جانب المجتمع الأكاديمي.

وعلى صعيد العمل الصحفي تحديدًا، لا بد من تحقيق مزيد من التقارب بين البحث العلمي واحتياجات الواقع الصحفي؛ فتحسين محركات البحث ممارسة صحفية مفتوحة يقوم بها الصحفيون وغيرهم من العاملين في الأقسام المعنية بالمؤسسات الإعلامية، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك المسألة ما زالت قيد التطوير على المستوى الصحفي.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى