قراءات

الأذرع الإعلامية لقطر.. كيف فشلت مهمة تشويه المملكة؟

ثمة استراتيجية واضحة المعالم تتبناها الوسائل الإعلامية المموّلة والمدعومة من قبل السلطات القطرية والموالية لها، وخاصة التي تصدر من الخارج، وتحديداً من العاصمة البريطانية لندن، ويأتي في مقدمتها صحيفة “العربي الجديد” الإلكترونية، وموقع “عربي 21”.

تخوض الأذراع الإعلامية الموالية لقطر، حرباً ضروساً ضد المملكة

وتخوض تلك الوسائل الإعلامية التي تنضوي تحت لواء التحالف التركي القطري مع جماعات وقوى الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، حرباً ضروساً ضد دول الرباعي العربي، الداعي لمكافحة الإرهاب ومقاطعة قطر، وهي السعودية والإمارات والبحرين ومصر.

اعتماد أساليب الدعاية السوداء والحرب النفسية، ونشر الأكاذيب وتزييف الحقائق وتضخيم الأزمات

وتعتمد الأذرع الإعلامية القطرية في تغطيتها وتناولها للشؤون السعودية، على أساليب الدعاية السوداء والحرب النفسية، بما تشمله من وسائل وآليات تتضمن نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق وتضخيم الأزمات بل وافتعالها، ونشر الخوف وإثارة الرعب، والتركيز على المشكلات والسلبيات، والتجاهل التام للإنجازات والأخبار الإيجابية وتشويهها.

صورة سلبية قاتمة

ترسم الأذرع الإعلامية الموالية للدوحة، صورةً سلبية شديدةَ القتامة للسعودية وللأوضاع داخلها، وتحاول تأليبَ الرأي العام السعودي على ولاة الأمر قدر استطاعتها.

ترسم صورة سلبية شديدة القتامة للسعودية وللأوضاع داخلها، وتحاول تأليب الرأي العام السعودي على ولاة الأمر

وتعمد الأذرع، إلى تصدير صورة إعلامية تنطبع في أذهان جمهورها، للمملكة العربية السعودية، عبر محاولة النيل وتشويه الأوضاع الحقوقية في المملكة، وحتى أوضاع وحقوق المرأة السعودية تنالها سهامُ النقد من الإعلام الموالي لقطر، كما تسعى هذه الوسائل لتشويه سياسات الانفتاح التي تتخذها المملكة، ورؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

كما تعمد وسائل الإعلام الموالية للدوحة، إلى تشويه ومهاجمة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ومحاولة النيل من الجهود السعودية الدائمة لاستعادة الشرعية هناك، وإزاحة انقلاب ميليشيات الحوثي، بل إنها تُبرز وتهلّل للهجمات والاعتداءات الآثمة التي يشنّها الحوثيون على المقدسات الإسلامية والمدنيين في المملكة.

التركيز على المشكلات والسلبيات، والتجاهل التام للإنجازات والأخبار الإيجابية

الاقتصاد السعودي، لم يسلم أيضاً من التشويه على يد الأذرع الإعلامية القطرية، فهو يعاني الأزمات المتوالية، وثمة تركيز على مشكلات البطالة والإسكان وخسائر البورصة وغلاء المعيشة.. إلخ.

إلى جانب ذلك، فإن هناك تركيزاً شديداً على مهاجمة وتشويه السياسة الخارجية للمملكة، وقلب الحقائق فيما يخصّ دعم المملكة لاستقرار المنطقة، ووقفها إلى جانب النظم العربية، منعاً لتناحر الشعوب وإثارة القلاقل والفوضى، ويُعدّ النيلُ من موقف الرياض الحاسم من قوى الإرهاب وجماعات العنف والتطرّف، بيتَ القصيد في مهاجمة تلك الوسائل الإعلامية للمملكة.

كما تهاجم تلك الوسائل وبشدة تحالفاتِ المملكة الدولية، وخاصة علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة، وتعمد إلى تشويه نشاط المملكة الدبلوماسي، وعلاقات الخارجية وتصويرها على غير حقيقتها.

في مقابل الصورة القاتمة التي تسعى  الأبواق القطرية إلى رسمها في أذهان جمهورها عن المملكة، فإنها على الجانب الآخر ترسم صورة وردية لقطر وحلفائها، سواء أنقرة أو جماعات الإسلام السياسي، باعتبارهم داعمين لإرادة الشعوب وحرياتها.

آليات ووسائل التشويه:

رسم الصورة المشوّهة للمملكة العربية السعودية في الإعلام الموالي للدوحة، والعمل على تكريسها، يعتمد على العديد من التكتيكات والآليات المتعددة، من أبرزها ما يلي:

– الابتعاد عن قيم المهنية الإعلامية ومعايير العمل الصحفي، بما تحمله من تناول موضوعي محايد.

– الاعتماد على مصادر معلومات مجهولة، مع إهمال وتجاهل التصريحات والمصادر الرسمية المعبّرة عن وجهة نظر الدولة السعودية.

– التوسّع في نشر الأكاذيب وتزييف الحقائق ونشر الشائعات، في ظلّ نهج إعلامي يعتمد على النشر دون الاستناد إلى مصادر معلومة ومحدّدة.

– الخلط بين الخبر والرأي.. فلا تقدّم وسائل الإعلام الموالية لقطر، الخبر مجرداً أبداً باعتبارها مجرد ناقلة للحدث، وإنما تعمد إلى التدخّل برأيها في الخبر، ليخدم سياستها التحريرية وأهداف داعميها ومموليها.

– تلوين الأخبار والعناوين، آلية شبيهة بما سبقها، يتم فيها إضفاء الإثارة والتدخّل بشكل مباشر وغير مباشر، لجعل الأخبار وعناوينها غير معبّرة عن الحدث موضعِ التناول، بقدر تعبيرها عن سياسات ممولي الوسيلة الإعلامية الناشرة، باستخدام ألفاظ ومصطلحات تُفقِد الخبرَ قِيمَ الموضوعية والحيادية.

– تضخيم بعض الأحداث والسلبيات، واللجوء إلى التعميم، وتحويل الحوادث الفردية إلى ظواهر اجتماعية، مثل إبراز بعض الآراء الشاذة المطروحة على وسائل التواصل الاجتماعي، وإثارة الجدل حولها، وإضفاء هالة عليها، وكأنها تمثّل توجّهاً سعودياً رسمياً أو شعبياً.

– الانتقائية في التناول الإعلامي للشؤون السعودية، ولمواقف الرياض الرسمية من مختلف القضايا والأزمات القائمة.

– تكرار الرسالة الإعلامية الموجّهة، لا يملّ ولا يكلّ الإعلام الموالي للدوحة، عن تكرار ذات الرسائل الإعلامية المتعلقة بقضايا وحوادث بعينها، ولعل أبرز نموذج على ذلك قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

– إثارة الخوف والرعب، ليس على المستوى الأمني فقط، بل على المستوى الاقتصادي، فالمملكة وَفق الإعلام الموالي للدوحة، مستباحةُ الأرض من قبل صواريخ الحوثي، الذي يحتل أجزاءً في نجران وجازان، بينما يعاني اقتصادها الترنح والأزمات!

– ادعاء الموضوعية والحياد والمهنية والبحث عن الحقيقة، وكثيراً ما تتذرّع وسائل الإعلام تلك، في عدم عرضها لوجهة النظر السعودية الرسمية أو الشعبية، برفض المصادر السعودية التعاون أو الردّ عليها.

– الاستناد إلى مصادر أجنبية والترجمة بتصرّف عن صحف ووسائل إعلام أجنبية، بُغيةَ إضفاء المزيد من المصداقية، حيلة تلجأ إليها الوسائل الموالية للدوحة، لدعم الصورة السلبية التي ترسمها للمملكة العربية السعودية، والادعاء بأن تلك الصورة من صُنع مصادر أجنبية حيادية وليس من صنعها، وهنا بالطبع لا يتمّ نقل أو ترجمة إلا كلّ ما هو سلبي عن الرياض وقادتها.

– التناول الإعلامي للشؤون السعودية وفق آليات الإعلام الموالي لقطر، يتجاوز كافة المعايير المهنية، ويخضع لهوى الإيديولوجية، وكافة سبل التسييس.

فشل المهمة

تكاد تلك الأذرع لا تخاطب إلا نفسها والجمهور المؤيد لها، ودعايتها الفجّة تجعلها بلا تأثير

في النهاية، فإن السياسات التحريرية التي تخضع لها تلك الصحف ووسائل الإعلام التي تمثل أذرعاً لقطر والمموّل من جانبها ، لا يمكن لها أن تخرج بأي حال من الأحوال عن سياسات الحكومة القطرية وخريطة تحالفاتها الإقليمية المضادة للسعودية.

ورغم ضراوة الحرب الإعلامية التي تخوضها أذرع قطر ضد المملكة العربية السعودية، إلا أن أساليب الدعاية المضادة الفجّة التي تستند إليها، تجعل معظم الجمهور، وخصوصاً غير المسيّس وغير المنتمي إيديولوجياً للمحور التركي القطري، يتعامل بحذر وريبة مع أي تناول إعلامي تطرحه حول الشؤون السعودية، ويدرك أنها أبعد ما تكون عن الحياد والموضوعية والمهنية.

ولعلّ ذلك ما يجعل هذه الوسائل التي تلجأ إلى هذا الصخب العالي، تكاد لا تخاطب إلا نفسها والجمهور المؤيد لها، أما الجمهور المعارض لها أو ذلك الجمهور المحايد غير المتحزّب لأي محور، والباحث عن المعلومات والحقائق، فلن يجد ضالته لدى أيٍّ من هذه الوسائل الدعائية، غير أن تفكيك خطاب الدعاية المضادة يبقى أمراً غاية في الأهمية، من أجل فهم وتحليل ما وراء هذا الخطاب، الذي يُعبِّر في النهاية عن سياسات وقراراتِ نُظمٍ وقوى سياسية، كما أن تفكيك ذلك الخطاب، لا يجعل بعضَ فئات الجماهير نهباً للشائعات والدعاية المضادة التي يمكن أن تُحدِثَ تأثيراً ولو ضئيلاً، مع استمرار وتَكرار وتنوّع رسائلها ووسائلها.

زر الذهاب إلى الأعلى