بخطابٍ إعلامي عصري، ولغةٍ ناقدة، وباستخدام أساليب الصحافة الاستقصائية، أحرز حساب “نبض تركيا” على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، نجاحاً مذهلاً في الكشف عن كثير من أسرار وخفايا نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتفجير العديد من قضايا ووقائع الفساد، وفضح زيف وازدواجية الخطاب الرسمي في أنقرة داخلياً وخارجياً.
وسريعاً تحوّل الحسابُ المعارض ، إلى صوت المقموعين والمقهورين في تركيا، ليقدِّمَ نظامَ أردوغان على حقيقته، ويكشفَ الصورةَ الواقعية لِمُجرياتِ الأحداث السياسية والاقتصادية، خلافاً للصورة الوردية الزائفة التي يُحاول النظام التركي أن يُصَدِّرها إلى الداخل والخارج.
ويختصّ حساب (نبض تركيا) بالأخبار التركية، ويرصد مُجملَ الشأن التركي على الصعيدين الداخلي والخارجي، عبر وجهةِ نظرٍ ناقدةٍ ومعارِضة.
ويقدّم مركز القرار للدراسات الإعلامية تحليلاً لمضمون الحساب خلال الرُّبع الثاني من عام 2019، أي خلال الفترة من 1 أبريل حتى 30 يونيو 2019.
البيئة المواكبة لفترة الدراسة
شهدت تركيا خلال فترة الدراسة أحداثاً هامة ومتلاحقة، كان أهمها على الصعيد الداخلي تَوقُّفُ النموّ المدفوع بالائتمان، مما أفسح المجالَ أمام التضخّم الجامح، وارتفاع معدّلات البطالة، وانهيار العُملة التي تنخفض على نحوٍ خطير أمام العملات الأجنبية.
وكذلك إلغاء نتائج الانتخابات البلدية في إسطنبول، التي فاز فيها المرشحُ عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، أكرم إمام أوغلو، في هزيمةٍ قاسية لحزب “العدالة والتنمية” بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان ، مما أثار سخطاً عارماً من قوى المعارضة التركية التي وصفت ذلك بـ”الدكتاتورية الصريحة”، كما اعترضت كثيرٌ من دول العالم على هذا الإجراء المنافي لكلّ أعراف الديموقراطية.
وعلى الصعيد الخارجي ظهر أكثرُ من تهديد لأردوغان، بسبب الخلاف الذي نشب بين تركيا والولايات المتحدة، بشأن شراء صفقةِ صواريخ دفاعية روسية الصُّنع، إضافةً إلى حروب تركيا في سوريا والعراق وليبيا، ومَواقِفها الإقليمية والدولية.
وقد تناول الحساب خلال هذه الفترة المحاور التالية:
المحور الأول: القضايا الداخلية
أولاً: الانتخابات البلدية
جاءت الانتخابات البلدية التركية على رأس اهتمامات حساب “نبض تركيا” خلال فترة الدراسة
جاءت الانتخابات البلدية التركية التي أجريت في 31 مارس 2019، وانتهت في الأول من أبريل 2019، ثم إعادة انتخابات بلدية إسطنبول في 23 يونيو، على رأس اهتمامات حساب “نبض تركيا” خلال فترة الدراسة، وقد انقسمت متابعةُ الحساب لهذه الانتخابات إلى مرحلتين، هما:
المرحلة الأولى: هزيمة حزب أردوغان في الانتخابات البلدية الأولى.
وصف الحساب نتائج الانتخابات البلدية التي أجريت في 31 مارس 2019، بأنها وَجَّهَت ثلاثَ صفعاتٍ إلى وجه أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، وذلك بفوز مرشّحي حزب الشعب الجمهوري في أكبر ثلاثِ بلدياتٍ تركية، على مرشّحي حزب العدالة والتنمية، بعد هيمنةٍ دامت لأكثرَ من عِقدين، والبلديات هي “إسطنبول” التي فاز فيها أكرم إمام أوغلو بنسبة 48.80%، و”أنقرة” التي فاز فيها منصور يافاش بنسبة 50.90%، و”أزمير” التي فاز فيها تونتش صوبار بنسبة 50.03%.
المرحلة الثانية: هزيمة أردوغان للمرة الثانية في إعادة انتخابات إسطنبول.
قال الحساب إن أكرم إمام أوغلو استردّ رئاسة بلدية إسطنبول المسلوبة منه من قِبل أردوغان، وأن الأخير تعرّض لهزيمةٍ تاريخية ومُذلّة
أبرز حساب نبض تركيا فوزَ مرشّح حزب الشعب الجمهوري المعارِض أكرم إمام أوغلو للمرة الثانية في انتخابات الإعادة بمدينة إسطنبول، على أبرز منافسٍ له مرشحِ حزب العدالة والتنمية بن علي يلدريم، وذلك بعد حصوله على 54% من الأصوات، عقب فرز أكثر من 99% من بطاقات الاقتراع، أي بفارقِ حوالي مليون صوت، يقابل حوالي 10%.
وقال الحساب إن مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو، استردّ رئاسةَ بلدية إسطنبول الكبرى المسلوبة منه من قبل أردوغان، وأن الأخير تعرّض لهزيمةٍ تاريخية ومذلة، وأن إسطنبول ستكون له النهاية كما كانت له البداية.
ثانياً: الظلم وقمع الحريات
احتل ملف الظلم وقمع الحريات الذي يمارسه أردوغان ضد شعبه، حيّزاً واسعاً من اهتمامات حساب نبض تركيا، الذي تناول هذا الملف كما يلي:
1 – تكشف التقارير الحقوقية أن الانقلاب المزعوم عام 2016، أسفر عن التحقيق مع أكثر من 600 ألف شخص، وطرد 135 ألف موظف حكومي من وظائفهم، واعتقال 80 ألفاً على ذمة التحقيق، وسجن 18 ألف امرأة، مع 750 طفلاً من الفئة العمرية من 0- 6 سنوات، و343 طفلاً من الفئة 0- 3 سنوات.
2 – وصل عدد المعتقلين الأكراد والمضربين عن الطعام في سجون أردوغان، إلى أكتر من 3000 شخص، ونشر الحساب فيديو يُظهر همجيةَ شرطة أردوغان تجاه الأمهات الكرديات اللائي يَبحثن عن حقوق أولادهنّ المُغَيَّبِين من قبل الدولة قسرياً.
3 – تمّ اعتقال 100 من موظفي الخارجية والدبلوماسيين، بشبهة انتمائهم لجماعة غولن، وتعرّضوا للتعذيب بأبشع الأشكال بما فيها هتك العرض والاغتصاب!
4 – نقل 3 آلاف و772 شخصاً ما بين مُدَّعٍ عامّ وقاضٍ، إلى أماكنَ بعيدة بخلاف رغباتهم.
5 – ارتفاع أعداد المُدانين بتهمة سبّ أردوغان 13 ضعفاً في 3 أعوام، مقارنةً بالفترة السابقة، إذ وصل الرقم إلى (12.173) متهماً، صدرت بحقّ 3221 منهم أحكامٌ قضائية مختلفة.
6 – يتعرّض الإعلام التركي في عهد أردوغان إلى مذبحةٍ دامية، فقد تمّ الاستيلاءُ على قنواتِ وصحف “بوجون” في 28 أكتوبر 2015، ثم على صحيفة “زمان” ووكالة “جيهان” في 4 مارس 2016، ثم أُعلنتْ حركة الخدمة منظمةً إرهابية بعد الانقلاب المدبّر في 2016، وتم إغلاق جميع وسائل الإعلام المؤثر وغير المدجّن لحزب العدالة والتنمية، واعتقال 191 صحفياً ومعارضاً ومحايداً، ويمثل هذا العددُ ثُلثَ الصحفيين المعتقلين في العالم.
7 – تحويل سفارات تركيا في أوروبا وأفريقيا إلى مراكز تجسّسٍ على معارضي أردوغان، بينما حذرت هولندا وأمريكا وألمانيا، رعاياهم من السفر إلى تركيا ومن نشر أيِّ تعليقاتٍ على سوشيال ميديا، والتي قد تَتسبّب في سجنهم، وذلك بعد اعتقال عالِم الرياضيات والمُحاضِر في جامعة ليون الفرنسية الفرنسي التركي “أحمد تونا التينال” بسب تغريداته!
8 – بحسب تقرير لمركز ستوكهولم للحريات، فإن عددَ الوفيات المريبة بالسجون التركية في ازدياد، وصلت في يناير 2019 إلى 120 حالة وفاة منذ الانقلاب المزعوم.
9 – اعتقلت شرطة إسطنبول لفترةٍ وجيزة مصطفى سونميز، الخبيرَ الاقتصادي الشهير، والذي يعمل أيضاً كاتباً صحفياً ومُعلِّقاً تلفزيونياً، والمعروف بمعارضته لسياسات الحكومة وانتقاده لحزب العدالة والتنمية، بتهمة إهانة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وسائل التواصل الاجتماعي.
10 – نشر الحساب فيديو لمجموعة من القوميين الأتراك يَعتدُون على زعيم المعارضة كمال كليشدار أوغلو خلال حضوره جنازةَ أحد الجنود في أنقرة، وقال الحساب: “ليس هذا الهجوم إلا ثمرةً طبيعية لخطاب الكراهية لأردوغان الإسلامجي وحزب الحركة القومية ووزير الداخلية سليمان صويلو، الذي أمر بإبعاد المعارضين من جنازات الشهداء”، كما نشر الحسابُ كلمة وزير دفاع نظام أردوغان وهو يصف المعتدين على زعيم المعارضة بـ”الأصدقاء الأعزاء”، ويطالبهم بالانصراف بعدما أوصلوا رسالتهم!
11 – بعد استهداف أردوغان للرئيس التركي السابق عبد الله جول، ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، استهدف رئيسَ المحكمة الدستورية السابق في تركيا هاشم كيليج، قائلاً: “هؤلاء الزملاء الذين وصلوا إلى سُدّة الحُكم في البلاد برفع شعار الأخلاق والمعنويات، لم يتركوا وراءهم لا أخلاق ولا قانون”.
ثالثاً: تراجع الأداء الاقتصادي
كان تراجع الأداء الاقتصادي في تركيا من أشدِّ الضربات الموجعة لأردوغان وحزبه العدالة والتنمية، فقد كان نموُّ الاقتصاد هو الركيزة الأساسية التي اكتسب من خلالها شعبيتَه الكبيرة وفوزه المتكرّر في الانتخابات خلال الفترات الماضية، ومع تراجع الأداء الاقتصادي، فقد أردوغان عصاته السحرية في الحُكم، وقد رصد حسابُ نبض تركيا هذا التراجع كما يلي:
1 – كشف تقريرٌ لصحيفة “فايننشال تايمز”، أن البنك المركزي التركي زاد احتياطياته من العملات الأجنبية بمليارات الدولارات عبر الاقتراض قصير الأجل، وليس عبر تراكم الدولارات. وذكرت الصحيفة، أن صافي احتياطات تركيا الأجنبية، بحسب بيانات المركزي التركي، بلغت 28.1 مليار دولار، وهو مبلغ اعتقد المستثمرون أنه غيرُ كافٍ، بسبب حاجة تركيا الشديدة للدولار لتغطية الديون والتجارة الخارجية.
2 – نشر الحساب تقريرَ صحيفة زمان التركية، كشف فيه أنه من بين 90 دولة، احتلت تركيا المرتبةَ الثانية، ضمن أكثر الدول انكماشاً للثروات بعد فنزويلا، كما احتلت تركيا المرتبةَ السابعة من بين 20 دولة ضمن أسوأ أداء لأسواق الأصول خلال الفترة بين عامي 2008 و2018، وعكست الدراسةُ انكماشَ ثروةِ الشعب التركي خلال الفترة بين عامي 2008 و2018 بنحو 11%، كما تراجعت أسواق الأصول التركية خلال 2018 إلى مستويات قياسية بلغت 23%.
3 – منذ تسلّم أردوغان رئاسةَ الجمهورية التركية في 28 أغسطس 2014، كان الدولار يساوي 2.16 ليرة، بينما يساوي الآن 6.14 ليرة، أي أن الدولار ارتفع 300% أمام الليرة، وتدلّ البيانات الموثّقة على أن متوسط الإنفاق الذي تصرفه البنوك التركية كلّ شهر من أجل كبح جماح الدولار، يبلغ 10 مليارات دولار، ومن المؤكد أنه لو لم يتمّ اتخاذُ هذه الخطوات والتدابير قصيرةِ الأجل، لكان المشهدُ أكثرَ خطورة، ولوصل الدولار إلى أرقام قياسية أمام الليرة.
4 – ارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى أعلى رقم طيلة تاريخ الجمهورية التركية، والذي وصل إلى مليون و376 ألف، زيادة في عدد العاطلين خلال عام، في حين قال نائب رئيس “حزب الشعب الجمهوري” التركي المعارض، (ولي أغبابا): إن “العدد الفعلي للعاطلين عن العمل في تركيا بلغ 8.5 مليون، وهذا الرقم أكثر من عدد سكان 97 دولة، وضعف عدد سكان محبوبتهم دولةِ قطر بثلاث مرات”.
5 – ازدياد مخاوف المستثمرين والمتعاملين، مِن تداعيات الفوضى السياسية في تركيا، بعد إلغاء نتيجة انتخابات إسطنبول وتزايد الضغوط على العملة التركية، فضلاً عن تأثّر المعنويات سلباً بخيبة الأمل حيال خطة إصلاح اقتصادي، وهذا ما جعل بعضَ المستثمرين يعقدون اتفاقاً مع شركة لازارد العالمية للاستثمارات، من أجل بيع حصصِ وأسهم شركاتهم في الاستثمارات المشتركة في مطار إسطنبول الجديد.
6 – إعلان هيئة الشؤون الدينية أن 28 مليون مواطن في تركيا يستحقون الصدقة في شهر رمضان وزكاة عيد الفطر، مما يعني أن نحو 40٪ من الشعب التركي يجوز التصدّق عليه أو محتاج لهذه الصدقة، لتنحدر تركيا من سابع أقوى اقتصاد في العالم، إلى اقتصاد يستحق الصدقة!
7 – صدور تقارير عالمية تؤكد أن التضخّم الفعلي في تركيا أردوغان، بلغ 43%، بخلاف ما يزعم نظام أردوغان بأنه حوالي 20% فقط.
8 – أن قرار فرض ضريبة جديدة على أعمال الصيرفة، هو انتكاسة بالنسبة لحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان، حيث افتخر على مدى سنوات بأنه مَن ألغى ضريبةَ تغيير العملات الأجنبية في تركيا.
9 – خفضت وكالة “موديز” الدولية للتصنيف الائتماني، التصنيفَ الائتماني السيادي لتركيا إلى درجة عالية المخاطر، قائلة إن خطر أزمةٍ في ميزان المدفوعات يُواصل الارتفاع، ويزيد خطورته عجز الحكومة عن السداد.
10 – قيام عدد من المستثمرين القطريين بسحب استثماراتٍ بقيمة 4.6 مليار ليرة تركية، مع النصف الأول من 2019، رغم أن أمير قطر تميم بن حمد، أعلن منذ أشهر قليلة استثمارَ بلاده 15 مليار دولار فى تركيا لدعم الاقتصاد، وهنا يبدو أن شهر العسل بين تركيا وقطر قارب على الانتهاء، وفي هذا الصدد يصف المحلل الاقتصادي التركي المعروف (سلجوق غيتشار) قطر، بالفأر الذي يَهرب من السفينة الغارقة، بعد خبر سحب مستثمرين قطريين 4.6 مليار ليرة من استثماراتهم في تركيا، ويتساءل: أين هي الـ 15 مليار دولار التي وَعدتم بدعم الاقتصاد التركي بها؟!
رابعاً: الفساد المالي والسياسي
احتلّ الفساد المالي والسياسي لأردوغان وحزبه الحرية والعدالة، حيزاً كبيراً من اهتمامات حساب نبض تركيا، الذي كشف الحقائق التالية:
1 – في مفاجأة جديدة من نوعها، تَكشَّف تزويرُ الرئيس التركي لشهادته الجامعية، والتي فتح اتحادُ كتّاب العدل الأتراك ملفّها من جديد، حيث حَوَّل كاتبةَ العدل (المسئولة عن توثيق الشهادات والعقود) نجلاء أكجون إلى لجنة التأديب، بسبب عدم إجراء تحقيقٍ بشأن الشهادة المزوّرة المقدّمة من أردوغان في انتخابات رئاسة الجمهورية في عام 2014، ونقل عدد من المواقع التركية عودة قضية تزوير أردوغان شهادته الجامعية لقبوله بين المرشّحين في انتخابات الرئاسة التركية عام 2014، إلى النور من جديد، رغم محاولات النظام التستّر عليها طوال السنوات الماضية بكل السبل.
2 – أن رئيس بلدية أضنة الجديد من حزب الشعب الجمهوري المعارض، بدأ مهامّه بكشف واقعة فسادٍ لسلفه من حزب العدالة والتنمية الحاكم، والذي يترأسه الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث وجد أن سلفه من حزب العدالة والتنمية الحاكم كان يوزّع رواتب لـ6 آلاف موظف وهمي على مدى الـ5 سنوات الماضية، وأن العدد قد يُقدّر بنحو 25 ألفاً في أنقرة، ويتفاقم العدد في إسطنبول، وهو ما تسبّب في رعب أردوغان وحزبه من خسارة إسطنبول.
3 – زوجة أردوغان في مؤتمر الاقتصاد العالمي قالت: “يجب علينا أن نعيد النظر في ثقافة الاستهلاك عندنا”، بينما في جِيدها قلادة قيمتها 50 ألف دولار! فأردوغان وأفراد عائلته الذين ينصحون الشعبَ بالتقشف، يعيشون حياة مترفة.
4 – “سمية” ابنة أردوغان وزوجها “بلال” يمتلكان المطعمَ الوحيد في مطار إسطنبول الجديد.
5 – أبرز الحسابُ قولَ رئيس بلدية (بولو) من حزب الشعب الجمهوري: إن “رئيسة الفرع النسائي لحزب أردوغان تتقاضى راتباً شهرياً من البلدية، لكن لا نعلم وظيفتها، وهي كذلك لا تعلم ما وظيفتها، سنرفع دعوى ضدّها، وسنستردّ كلّ ما اغتصبته من البلدية مع الفوائد”.
6 – نشر الحسابُ قولَ الكاتب الصحفي والأكاديمي التركي (أمر الله أوسلو)، إن النظام التركي بقيادة رجب طيب أردوغان كان يستخدم مواردَ بلديةِ إسطنبول الكبرى لتمويل مشاريعِه وعملياته “السرية” و”القذرة” في مناطق الشرق الأوسط والبلقان والقوقاز.
7 – الحقائق تتكشّف تباعاً، رئيس بلدية إسطنبول الجديد يقول إن أردوغان يهرّب ملفاتٍ سريةً من بلدية إسطنبول.
8 – أن تركيا أصبحت ملاذ الهاربين، من شقيق البشير إلى سارقي الأموال.
9 – رئيس بلدية أنقرة الجديد المعارض (منصور ياواش) يثير أعصاب حزب العدالة والتنمية الحاكم، من خلال بثّه على الهواء مباشرةً جلساتِ النقاش داخل مجلس البلدية، والتي تفضح يومياً سرقاتِ وتبذيرَ رئيس البلدية السابق من حزب العدالة والتنمية الحاكم.
10 – أن آدم آلتونتاش، صهر مالك صحيفة يني شفق نوري ألبيراق الموالية لأردوغان، حصل من بلدية إسطنبول على 211 مناقصة، بقيمة 1 مليار و600 مليون ليرة خلال 8 سنوات.
11 – كشفت تحقيقات جنائية في تركيا تورّط محاميةٍ من حزب العدالة والتنمية الحاكم، تتاجر مع شبكةٍ من سياسيي الحزب وقضاةٍ ومحققين فاسدين، لابتزاز رجال الأعمال، بتوجيه تهمةِ الانتماء لتنظيم فتح الله غولن، وإذا دفع الشخصُ المبلغَ المطلوب يتمّ حفظ القضية أو حكم بالبراءة.
خامساً: تصدّع حزب العدالة والتنمية
رصد حسابُ نبض تركيا خلال فترة الدراسة، مظاهرَ عديدة وخطيرة، تدلّل على بداية تصدّع حزب أردوغان العدالة والتنمية، ومن هذه المؤشرات:
1 – وجّه عبد الله جول الرئيس التركي السابق، في 20 يونيو، انتقاداتٍ حادةً لإدارة رجب طيب أردوغان، مؤكداً أن جماعات الإسلام السياسي أدّت إلى تراجع وتأخّر كلِّ الدول والمجتمعات التي صعدت فيها، من النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مشيراً إلى أن هذه القوى هي التي تدير الحكم في تركيا منذ 2002، وتحديداً منذ صعود حزب العدالة والتنمية إلى سُدّة الحكم. وتابع جول: “كلٌّ من الإمارات ومصر وأمريكا وإسرائيل تقف بجانب السعودية في صراعها مع إيران، أما تركيا فيُراد أن تُستَدرج إلى فوضى جديدة، من خلال الصراع في إيران، بعد أن تدهورت الأوضاعُ في العراق وسوريا”.
2 – خروج رئيس الوزراء التركي السابق (أحمد داود أوغلو) عن صمته ببيان مطوّل، وجّه فيه انتقاداتٍ حادةً إلى سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان وأسلوبِ قيادته حزبَ العدالة والتنمية، وتعامله مع القيادات التي قادت مسيرةَ الكفاح من أجل وصول الحزب إلى المرتبة التي بلغها خلال السنوات التي تلت تأسيسه عام 2001، وهو ما عَدّه نوعاً من (انعدام الوفاء)، وقال (داود أوغلو) إن الانتخابات المحلية الأخيرة التي أجريت في 31 مارس 2019، «كشفت بشكل واضح عن حالةِ الضعف التي وصل إليها حزبُنا (العدالة والتنمية)»، مشيراً إلى أن تشكيل «تحالف الشعب» مع حزب «الحركة القومية» بمثابة «قرار خاطئ أضرّ بالحزب».
3 – أن أفضل ما سيفعله (داود أوغلو) بتشكيل حزب جديد هو تقسيم حزب أردوغان وتهميشه سياسياً، أما قدرته على حمل تركيا إلى آفاقِ المستقبل فغائبة، لأنه كان مُنَظِّر سياساتِ أردوغان، وإنْ أساء الأخيرُ تطبيقها، كما أنه شرعن ممارساتِ الديكتاتور بسكوته على ظلمه للأكراد والمتعاطفين مع غولن.
4 – أن الرئيس التركي السابق (عبدالله جول) يتحفّظ على تأسيس الحزب الجديد مع (داود أوغلو)، ويفضّل تأسيسه مع (علي باباجان)، وذلك لأنّ كلَّ ما يشكو منه داود أوغلو في بيانه حدث في الوقت الذي كان هو خلاله رئيسَ الوزراء، بدءاً من تسييس القضاء وانتهاءً بالقضاء على حرية الإعلام.
5 – كان أردوغان وصف زملاءه الذين انشقوا عن حزب الرفاه بقيادة الراحل نجم الدين أربكان في 2001، للانضواء تحت حزب العدالة والتنمية بـ”الدماء الجديدة”، لكنه الآن يَصِفُ رفاقه الذين سينفصلون عن حزبه ليشكلوا حزباً جديداً بـ”الخونة”، و”يجب أن يُقَدِّمُوا ثمنَ صنيعهم”.
6 – أن أردوغان يستعدّ لشنّ حملةٍ يتهم فيها رفيقَ دربه وسلفَه في رئاسة الجمهورية (عبدالله جول)، وذلك في مواجهةِ خطواته الرامية إلى تأسيس حزب جديد، ويرى أردوغان أن هذه الخطوة جزءٌ من خيانةٍ دولية، وسيتهم جول بأنه من “عملاء أمريكا وإنجلترا”.
أكد “نبض تركيا” أن نظام أردوغان يتاجر بالدين، ويوظف أقدس الأشياء في ترويج أقذر السياسات
وفي هذا الصدد أيضاً رصد الحساب أساليبَ حزب العدالة والتنمية في التجارة بالدين، وأكد (نبض تركيا) أن نظام أردوغان يتاجر بالدين، ويوظّف أقدسَ الأشياء في ترويج أقذر السياسات، وذكر الحسابُ شواهدَ لذلك:
1 – ازداد الإلحاد في تركيا أكثر من أي وقت مضى، والمسئول الوحيد عن هذا هو ما كتبه وفعله الإسلاميون، فالإسلاميون كما أنهم أربكوا عقولَ الناس بما كتبوا عن الإسلام، كذلك أبعدوهم عن الدين بما فعلوا.
2 – أول حفل عرس في كلّ العالم يبتدئ بالقرآن وينتهي بالموسيقى والرقص بحضور أردوغان وزوجته.
3 – مضت 6 سنوات على ادعاء أردوغان بأنه يمتلك مقاطعَ فيديو تكشف شُربَ شبابٍ علمانيين الخمرَ في مسجد، وأنهم اعتدوا على سيدةٍ مُحَجَّبة، وأنه سينشر تلك المقاطع، إلا أنه لم ينشرها حتى اليوم!
4 – أثار نائب رئيس بلدية (باغجيلار) التابعة لمدينة إسطنبول (كنعان جول تُرك) موجةً من الجدل بسبب تصريحاته التي قالها أمام حشد من المواطنين: “إن لم تُصَوِّتُوا لحزب العدالة والتنمية، فسيضيع الدين من أيدينا”.
5 – زعم نائب حزب العدالة والتنمية وعضو لجنة الخطة والموازنة إبراهيم آيدمير، أنه في حال فوز مرشح المعارضة أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، فإنه سيبني في إسطنبول أصنام “اللادينيين” والكفار!
6 – أحمد داود أوغلو ينتقد أردوغان قائلاً بعد أن حوّل المساجد إلى منصّات للدعاية السياسية: “مبدئي كان منذ البداية الابتعاد عن بعثِ رسائلَ سياسية في أماكن وأجواء دينية”.
7 – يزعم (أركان) ابن رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، أنه يرتدي خاتماً حجره مقتلع من مقام إبراهيم – عليه السلام -، وهو الذي ضبطته الكاميرات وهو يلعب القمار داخل كازينو في سنغافورة.
المحور الثاني: القضايا الخارجية
انصب اهتمام حساب (نبض تركيا) بالقضايا الخارجية لتركيا خلال فترة الدراسة، على قضيتين، هما:
أولاً: أزمة صواريخ “إس400” الروسية
يرى الحساب أن أزمة أردوغان مع واشنطن بسبب عزمه على شراء منظومة الصواريخ “إس 400” من روسيا، هي من أشدّ الأزمات خطورةً لنظامه ولتركيا عموماً، وأنه بسبب هذه الصفقة، أصبح أردوغان لأول مرة محشوراً لهذه الدرجة في زاوية ضيقة، فلم يَسبق لحكومة حزب العدالة والتنمية أنْ وَقعت في مثل هذا الموقف الصعب بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي من جهة ثانية.
ثانياً: تدخّل أردوغان في شؤون الدول العربية
استنكر الحسابُ استمرارَ تدخّل أردوغان في الشؤون الداخلية العربية، سعياً لتحقيق أوهامه بالسيطرة على المنطقة وإعادة الدولة العثمانية القديمة، وقد تناول الحساب هذه القضية كما يلي:
1 – أردوغان يُبيح لنفسه التدخّلَ في كل صغيرة وكبيرة للدول المجاورة، إلا أنه يُحرِّم ذلك على غيره، ويردّ على الانتقادات الموجهة له بسبب تدخّله في الشأن السوري، بأن تركيا متاخمة للحدود السورية، ولها الحق في التصدّي للمخاطر الإرهابية القادمة من الأراضي السورية، متجاهلاً أنه يتدخّل كذلك في كل شؤون دول المنطقة التي لا تربطها بتركيا أيُّ حدود، ولا تشكّل مصدر خطورةٍ من أي نوع على بلاده، وعلى رأسها تدخّلاته المستمرّة في الشأن الأفريقي، وخصوصاً، الشؤون الداخلية لمصر، الأمر الذي يكشف ازدواجيته في هذا الصدد.
2 – أردوغان يقضم عفرين من جسد سوريا، وهي خطوة قد تبدو في صالح تركيا على المدى القريب، لكنها ستمثّل مشكلةً كبيرة لها وللمنطقة كلها على المَدَيَيْن المتوسط والبعيد.
3 – تركيا أردوغان تتحوّل إلى العراق بعد تشديد العقوبات على إيران
من حق الشعب التركي، ناهيك عن المعارضة السورية أن تسأل: ماذا تراقب نقاطُ المراقبة التركية الـ12 المتقدمة في إدلب وشمال حماة؟!
4 – أردوغان يسعى للسيطرة على منطقة “تل رفعت” في ريف حلب الشمالي، التي يسيطر عليها الكرد، مقابل التنازل عن شمال حماة وجزء كبير من إدلب لروسيا وإيران، في تَكرار لصفقة الباب مقابل حلب.
5 – خاطب (كمال كليتشدار أوغلو) زعيمُ حزب الشعب الجمهوري، حزبَ العدالة والتنمية قائلاً: “أرسلتم السلاحَ إلى سوريا ليَقتل المسلمون بعضَهم بعضاً، والآن ترسلونه إلى ليبيا حتى يقتل المسلمون بعضَهم بعضاً هناك، لماذا؟ ماذا لديكم هناك؟”.
نتائج الدراسة
يمكن القول إن حساب (نبض تركيا) يرى الوضع في تركيا تحت ظل أردوغان وحزبه العدالة والتنمية، خلال فترة الربع الثاني من العام الجاري 2019، كما يلي:
– أن هزيمة مرشح حزب العدالة والتنمية للمرة الثانية في انتخابات بلدية إسطنبول 2019، وفوز المعارض أكرم إمام أوغلو، هي هزيمة تاريخية ومذلة ومخزية لأردوغان، وأن 13 ألف صوت حاول أردوغان ترقيعها، فأتته لطمة بقرابة المليون صوت، وأنه من إسطنبول بدأ ومنها سينتهي.
– أن أردوغان يدوس على القانون والقضاء ولا يحترم العدالة في بلاده، ويوظف الإرهاب ويتاجر بدماء الشهداء، وأن نظامه مجرم دموي لا يختلف عن خامنئي قاتل السوريين.
– أن أردوغان عازم على فعل كل شيء للبقاء في السلطة، وأن سجلّه حافل بالانتهاكات في التعامل مع المعتقلين، وأنه لا يتورّع عن اعتقال النساء والأطفال بدعوى المشاركة في الانقلاب، وأصبح التنكيل وسجن العجائز عادةً يومية في دولة أردوغان الفاشية، وأن حكومته تخطّط لبناء المزيد من السجون.
– أنه بسبب “غولن فوبيا”، أحرق أردوغان بلداً كاملاً بسبب الخوف من رجل دين عجوز، وجعل تركيا تعيش 3 سنوات من الملاحقات التي خلفت مئات الآلاف من المعتقلين، فقد تم في عهده سجن وإهانة وتعذيب جنرالات وضباط الجيش وكبار رجال القضاء والمحامين والسياسيين والدبلوماسيين ونواب البرلمان والصحفيين.
تفشّي المحسوبية والفساد في كلّ مستويات المؤسسات الرسمية، بسبب فاشية الحزب الحاكم
– أصبح أردوغان بلا أصدقاء في تركيا والعالم، وأنه خاسر حتى ولو نجح في استرداد إسطنبول وأنقرة، وأنه يكرّس استبداد سلطته بافتعال الأزمات.
– السيطرة السياسية لحزب العدالة والتنمية على جهاز القضاء أصبح أكبر جريمة، ووسائل الإعلام تحوّلت إلى أداة للدعاية له.
– تفشّي المحسوبية والفساد في كلّ مستويات المؤسسات الرسمية والتوظيف الرسمي، بسبب فاشية حزب العدالة والتنمية المتأسلم.
تركيا ستعود إلى أيام العنف الذي شهدته بعد خسارة أردوغان الحكومة المنفردة في 2015
– أن تركيا ستعود إلى أيام العنف الذي شهدته بعد خسارة أردوغان الحكومة المنفردة في 2015، فأردوغان دمّر المناطق الكردية بحجة مكافحة الإرهاب بعدما خسر الحكومة المنفردة في 2015 بسبب الأكراد، واستردّها خلال أشهر بأصوات القوميين الأتراك، والآن خسر أنقرة وإسطنبول بسبب الأحزاب المعارضة التي يصفها أيضاً بالإرهابية، وأن هذه الغطرسة ستقود الحزب ومعه تركيا إلى طريق مسدود.
– أن نظام أردوغان يدق المسمار الأخير في نعش الاقتصاد، وخزانة الدولة أصبحت فارغة، لذا وضعت حكومة أردوغان عينها على الأموال الاحتياطية للبنك المركزي المخصّصة للظروف الطارئة، وهي الخطوة التي لم تُقدِم عليها أيُّ حكومة سابقة طوال تاريخ تركيا المعاصر.
– على الديكتاتور أردوغان أن يعلم أن زمن الفتوحات الجغرافية قد انتهى، وأن استمرار تدخّله في الشؤون الداخلية العربية لتحقيق أحلام حزبه في التمكين والأممية، وإحياء الدولة العثمانية القديمة، هو ضرب من ضروب الوهم والجري خلف السراب، وأن مصير كل ذلك الفشل والتورّط في مشاكل خطيرة تمسّ الأمن والاستقرار والتنمية في تركيا.
اهتمام أردوغان الزائف بالقضية الفلسطينية وبالأخصّ الوضع في غزة، واستغلاله لقضايا داخلية في دول عربية، يُعدّ استثماراً انتخابياً رخيصاً
– إن اهتمام أردوغان الزائف بالقضية الفلسطينية وبالأخصّ الوضع في غزة، واستغلاله لقضايا داخلية في دول عربية مثل السعودية ومصر، هو مجرد استثمار انتخابي رخيص، أدركه المواطن التركي الذي وجّه له لكمة النهاية في انتخابات بلدية إسطنبول.