“المملكة تستشرف أن تكون في مكانة مهمة على خريطة السياحة والتراث الحضاري عالمياً”.. مقولة أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في ديسمبر عام 2017، مشيراً خلال استقباله أمين عام منظمة السياحة العالمية، إلى شمولية السياحة وأهميتها في التعليم والتعارف وعددٍ من المجالات، لتمثّل كلمة الملك سلمان نهجاً واستراتيجيةً تَستنير بها المملكة في تطلّعها لانتزاع المكانة التي تستحقّها، وَفق ما تملكه من مقوّماتٍ كثيرة ومتعدّدة على خريطة السياحة العالمية.
مقوّمات المملكة السياحية
تحتل المملكة العربية السعودية موقعاً استراتيجياً مهماً، نظراً لامتداد موقعها بين بحرين وقارّتين، بمساحة تبلغ حوالي 2.1 مليون كيلومتر مربع، ولما تتميز به من مناظر طبيعية، إلى جانبِ عوامل جذبٍ أخرى تاريخيّة، وثقافيّة، ودينيّة، ما يجعلها من أكثر البلدان جذباً للسيّاح.
كانت أبرز عقبات السياحة بالمملكة مشكلات وسائل التنقّل، وارتفاع الأسعار، وافتقار الأماكن السياحية للخدمات، وعدم وجود أماكن مجهزة للترفيه
عقبات سابقة
واجهت السياحة الداخلية في المملكة، خلال السنوات الماضية، العديد من العقبات التي منعت الكثير من المواطنين من السياحة الداخلية، ودفعتهم نحو السياحة الخارجية، ففي عام 2015، وصل حجم إنفاق السعوديين على السياحة الخارجية، ما يقارب 60 مليار ريال، بينما كان حجم الإنفاق داخلياً نحو 28 مليار ريال، وتوجّه أكثرُ من 8 ملايين سائح سعودي إلى السياحة الخارجية.
وتمثّلت أبرز تلك العقبات في مشكلات وسائل التنقّل، وارتفاع الأسعار، وافتقار الأماكن السياحية للخدمات، وعدم وجود أماكن مجهّزة للترفيه، وافتقار البرامج السياحية للتطوير.
السياحة في رؤية 2030
تم اعتماد قطاعات السياحة والتراث الوطني، كأحدِ أهمّ العناصر الأساسية في رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحوّل الوطني 2020، وأحد أبرز البدائل لاقتصادات ما بعد النفط.
سلطت المملكة الضوءَ في رؤيتها 2030 على أهمية تطوير قطاع السياحة والترفيه، من أجل تنويع مصادر دخل المملكة وتشجيع استثمار القطاع الخاص.
وأكدت رؤية المملكة 2030 العملَ على إحياء مواقع التراث الوطني والعربي والإسلامي والقديم، وتسجيلها ضمن قائمة التراث العالمي، وتمكين الجميع من الوصول إليها، بوصفها شاهداً حياً على إرثنا العريق، وعلى الدور الفاعل والموقع البارز في خريطة الحضارة الإنسانية.
وخصّصت رؤية المملكة 64 مليار دولار للاستثمار في مشاريع الثقافة والترفيه، لاستقطاب حوالي 30 مليار دولار يُنفقها السعوديون كلَّ عام على السياحة والترفيه خارج البلاد.
فقد سلّطت المملكة الضوءَ في رؤيتها 2030 على أهميةِ تطوير قطاع السياحة والترفيه، من أجل تنويع مصادر دخل المملكة، وتشجيع استثمار القطاع الخاص، وتحدّثت عن خططٍ لتطوير مواقعَ سياحية، وَفق أعلى المعايير العالمية، وتيسير إجراءاتِ إصدار التأشيرات للزوار، إضافةً إلى تهيئة المواقع التاريخية والتراثية وتطويرها.
ووفق برنامج التحوّل الوطني المُعلَن عنه عام 2017، تستهدف السعودية، زيادةَ الاستثمارات السياحية الجديدة، من 145 مليار ريال (38.7 مليار دولار)، إلى 171.5 مليار ريال (45.7 مليار دولار) بحلول 2020.
وتهدف المملكة من خلال رؤية 2030 إلى زيادة حجم الإنفاق السياحي من 104 مليارات ريال (27.7 مليار دولار)، إلى 174 مليار ريال (46.4 مليار دولار) بحلول 2020، حيث يوجد نحو 23 مبادرة لبرنامج التحول الوطني في قطاع السياحة، بالإضافة إلى زيادة عدد المهرجانات والفعاليات من 300 إلى 500 في عام 2020.
السياحة الدينية وفق رؤية 2030
من المستهدف وفقاً لرؤية المملكة، زيادة عدد الحجاج والمعتمرين بمعدّل 39% و150% على التوالي مع نهاية العام 2020، وتوسعة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين، من 8 إلى 30 مليون معتمر، وهو ما سينعكس إيجاباً على نموّ الشركات العاملة في هذا القطاع، إضافةً إلى تطوير قدرات أساطيل شركات الطيران المحلية، ودخول شركات طيران جديدة، وافتتاح المزيد من الفنادق.
وتستحوذ المملكة على ميزةٍ سياحية دينية مطلقة ودون أيّ منافس في العالم، باحتضانها الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومن المتوقّع أن تستقطب إليهما 15 مليون زائر من خلال سلسلةِ إجراءاتٍ تنظيمية خاصة بالتأشيرات، وتوفير البِنية التحتية والخدمات المساندة مثل: المواصلات، والمستشفيات المتخصّصة، والاهتمام بالإرشاد السياحي والديني، وتصميم البرامج السياحية والتسويق لها خارجياً عن طريق السفارات السعودية، وتكثيف التنوير الإعلامي للمناطق السياحية الجاذبة، وفتح أسواق إسلامية، وتسخير كافة الجهود لهاتين المدينتين، حتى تنالا الريادة العالمية والمرتبتين الأولى والثانية.
سوق الترفيه يحتاج إلى 267 مليار ريال من إجمالي الاستثمارات لبناء البنية التحتية الترفيهية في جميع مناطق البلاد
المشروعات السياحية الجديدة
ومنذ إطلاق الرؤية، توالت إعلانات السعودية عن مشاريعَ ضخمةٍ في القطاع السياحي، وتوالت الخططُ والبرامج الهادفة إلى تنفيذ كثير من هذه المشاريع، ومن أبرزها ما يلي:
1 – في 7 أبريل عام 2017 رُفع الستار عن أكبر مدينة ترفيهية ورياضية وثقافية في العالم، “مشروع القدية”، الذي سيكون عاصمةَ الترفيه المستقبلية في السعودية، كما منحت المملكة تراخيصَ لشركاتٍ أجنبية عاملة في هذا القطاع، من بينها SIX FLAGS وهي أكبر شركة ترفيهية في العالم.
2 – صدور قرار الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بإنشاء مكتب «تحقيق الرؤية»، بهدف متابعة تنفيذ كافة المبادرات المطروحة في هذا الشأن، وتنقسم مهامُّ هذا المكتب بين التخطيط والتنفيذ والمتابعة، ويتمّ ذلك عبر إعداد الخطط التفصيلية ورفع كفاءة الإنفاق، والمتابعة وقياس الأداء والتقدّم، وإدارة التغيير والتواصل، وتقديم المساندة والدعم.
3 – تأسيس الهيئة العامة للترفيه، حيث تتولى القيامَ بتنظيم وتنمية قطاع الترفيه، مع توفير الخيارات والفرص الترفيهية لكافة شرائح المجتمع في كل مناطق المملكة. كما تستهدف دعمَ الاقتصاد من خلال المساهمة في تنويع مصادره، ورفع الناتج المحلي الإجمالي. بالإضافة إلى دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتوليد الوظائف في هذا القطاع المهم.
وتشير بيانات سابقة لهيئة الترفيه، إلى أن سوق الترفيه يحتاج إلى 267 مليار ريال من إجماليّ الاستثمارات، لبناء البنية التحتية الترفيهية في جميع مناطق البلاد، إضافةً إلى التوقّعات بوصول حجم الاستثمارات الكلية في البنية التحتية حتى عام 2030 إلى 18 مليار ريال في الناتج المحلي السعودي سنوياً، ووصول الإنفاق الاستهلاكي على الترفيه إلى 36 ملياراً بحلول 2030، إلى جانب توفير القطاع أكثر من 114 ألف وظيفة مباشرة، و110 آلاف وظيفة غير مباشرة .
4 – العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع السياحة، وفي هذا الخصوص، تم الإعلانُ عن 30 فرصة استثمارية في مجالات السياحة والتراث العمراني الصغيرة والمتوسطة الحجم، بهدف تحفيز المستثمرين ومساعدتهم على بدء مشروعاتهم وَفق خططٍ واضحة ذاتِ مردود مُجْزٍ، إذ إنّ المستهدفَ تحقيقُه حتى عام 2020، هو الوصول بعدد المنشآت السياحية إلى 77.74 ألف منشأة، وعددِ الغرفِ والشقق الفندقية إلى 621.6 ألف غرفة – شقة.
5 – الإعلان عن إطلاق مشروعٍ سياحي عالمي في المملكة، تحت اسم مشروع «البحر الأحمر»، وذلك على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالاً وتنوعاً في العالم، حيث تتيح هذه الواجهةُ الجديدة فرصةَ استكشاف طبيعةِ المملكة من جُزرٍ وسواحلَ وبراكين، بالإضافة إلى المَحميّات الطبيعية والآثار القديمة. وحفاظاً على الطابع البيئي الخاص والفريد لهذه المنطقة كمنطقة خاصة، سيتم وضع قوانينَ وآلياتٍ تخصّ الاستدامة البيئية، حيث سيتم الاهتمام بالمحافظة على الموارد الطبيعية وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير المعمول بها عالمياً، لتمكين تحقيق أهداف المشروع. أخذاً في الاعتبار أن حجر أساس هذا المشروع سيُوضَعُ في الربع الثالث من العام الجاري 2019م، وسيكون الانتهاء من المرحلة الأولى في الربع الأخير من عام 2022م، وهي مرحلة ستشهد تطوير المطار، والميناء، وتطوير الفنادق والمساكن الفخمة، والانتهاء من المرافق والبنية التحتية، وخدمات النقل كالقوارب، والطائرات المائية، وغيرهما.
6 – إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم، حيث تستهدف المملكة جعلَ هذا المتحف محطةً رئيسية للسعوديين وضيوفِ المملكة، للوقوف على التاريخ الإسلامي العريق. ويُذكر أن الهيئة كانت استشرفت هذا المشروع منذ 5 أعوام بالإعداد لإنشاء متاحف التاريخ الإسلامي، وتشمل متحفَ التاريخ الإسلامي في قصر حزام بجدة، ومتحف تاريخ مكة المكرمة في قصر الزاهر، ومتحف تاريخ الدولة السعودية في قصر الملك فيصل، ومتحف تاريخ المعارك الإسلامية في مكة المكرمة، ومتحف غزوة بدر، إضافةً إلى مواقع التاريخ الإسلامي التي تشمل متاحفَ مفتوحة، مثل جبل أحد وجبل النور وجبل ثور، ويُذكر أن المستهدفَ تحقيقُه حتى عام 2020 هو إنشاء 241 متحفاً.
7 – برنامج تأهيل الأسواق الشعبية وتطويرها، منها: سوق محايل عسير الشعبي، سوق الثلاثاء الأسبوعي بالمخواة في منطقة الباحة، سوق الخميس في القطيف، سوق الخوبة في جازان، سوق ظهران الجنوب.
8 – تطوير 10 مواقع سياحية جيولوجية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وذلك بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية السعودية.
9 – تزويد الخريطة السياحية السعودية بأنماط سياحية جديدة، منها سياحة الجُزر، فقد حدّدت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، 75 جزيرة، بهدف استغلالها سياحياً، وكذلك سياحة المحميات الطبيعية، وقد أعدّت الهيئة من خلال «برنامج تطوير السياحة في المحميّات الطبيعية»، خطةً بالتعاون مع الهيئة العامة لحماية الحياة الفطرية، للاستفادة من هذه المحميات في المجال السياحي، ومن هذه المحميات: محمية عروق بني معارض في نجران، ومحمية محازة الصيد في الطائف. هذا فضلاً عن الاهتمام بسياحة المعارض والمؤتمرات المتخصّصة والمهرجانات، حيث مِن المستهدف الوصولُ بعددِها عام 2020 إلى ما يقرب من 500 فعالية.
10 – تطوير الواجهات السياحية، حيث وضعت الهيئة العامة للسياحة برنامجاً لتطوير عدد من المواقع السياحية، تضمّن تطوير 10 مواقع ساحلية، و9 مواقع جبلية، و6 مواقع صحراوية. ويذكر أنه في هذا الخصوص، قامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتحليل 12 ألف موقع سياحي، باستخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، وتعبئة استبيانات تقييم المواقع والوقوف الميداني عليها، وقد اتضحت قابلية 956 موقعاً للتطوير والاستثمار السياحي وفرز المواقع الأثرية والطبيعية الخاصة، منها 212 موقعاً سياحياً عاماً.
11 – البدء في منح التأشيرات الإلكترونية لما تمثّله من روافدَ مهمة لجذب السياحة، حيث قرّرت المملكة بدءاً من أول العام الماضي 2018، إعادةَ منح التأشيرات السياحية التي فتحتها للمرة الأولى في الفترة (2008 – 2010)، والتي كان لها مردودٌ إيجابي على حركة السياحة الوافدة إلى المملكة، إذ يُذكر أنه خلال الفترة التجريبية جذبت التأشيرةُ السياحية أكثرَ من 32 ألف سائح، تم تسهيلُ إجراءات تأشيراتهم عبر مكاتب تنظيم الرحلات السياحية المرخّص لها من قبل الهيئة، وتجدر الإشارة إلى أن هذه التأشيرات ستكون سارية المفعول لمرةٍ واحدة، مع التركيز في المرحلة الأولى على السيّاح القادمين من عددٍ محدّدٍ من الدول، وذلك بالتنسيق مع وزارتي الداخلية والخارجية.
ثمار مبشّرة للسياحة الداخلية
سريعاً جَنَت المملكة، ثمارَ البدء في تنفيذ رؤية 2030 فيما يخصّ تطوير قطاع السياحة والترفيه، وبيّنت الأرقامُ والإحصائيات الرسمية الصادرة من جهاتٍ دولية ومحلية، مؤشراتٍ طيبةً وأصداءً إيجابية لتلك المشروعات.
فقد كشف تقريرٌ إحصائي حديث، أن الإنفاق على السياحة في السعودية خلال عام 2018 بلغ 121.5 مليار ريال (32.4 مليار دولار)، منها 46.3 مليار ريال (12.3 مليار دولار) من السياحة المحلية، فيما بلغ الإنفاق من السياحة الوافدة إلى السعودية 75.2 مليار ريال (20 مليار دولار) في العام ذاته.
قَدّرت نشرةُ مؤشرات السفر والسياحة في السعودية، الصادرةُ عن مركز المعلومات والأبحاث السياحية (ماس) التابع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، إجماليَّ الإنفاق السياحي على السياحة المحلية في يناير وفبراير 2019، بـ8.9 مليار ريال (2.37 مليار دولار)، بنسبةِ ارتفاع 2.9% عن الفترة ذاتها من عام 2018، التي وصلت إلى 8.7 مليار ريال (2.32 مليار دولار).
ولفتت إلى أن الإنفاق السياحي على السياحة الوافدة في يناير وفبراير من عام 2019 بلغ 12.5 مليار ريال (3.33 مليار دولار)، بنسبة ارتفاع 13.6% عن الفترة ذاتها من عام 2018، التي وصلت إلى 11 مليار ريال (2.9 مليار دولار).
وأفادت النشرة بأن إجمالي الرحلات السياحية الداخلية في السعودية خلال شهري يناير وفبراير من عام 2019، بلغ 8.3 مليون رحلة، بزيادة 4.7% عن الفترة ذاتها من عام 2018، التي قدرت بـ7.9 مليون رحلة، مبينة أن إجمالي الليالي السياحية وصل إلى 40.8 مليون ليلة سياحية في شهري يناير وفبراير 2019.
ووفق الإحصائيات، فإن 17 مليون سائح من الخارج قدموا إلى السعودية عام 2018، غالبيتهم إلى مكة والمدينة، حيث قدم ما يقارب 10 ملايين للعمرة، ومليونان ونصف المليون للحج، أي نحو 60 إلى 70% من مجموع السياح.
توقعات إيجابية
ومن المتوقع أن تكتمل خلال عام 2022 المرحلةُ الأولى من مشروع البحر الأحمر، الذي من المقدّر أن يُضيف نحوَ ستة مليارات دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ويتكوّن من مطار ومَرْسَى و3000 غرفة فندقية وأنشطة ترفيهية مختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، أعلن صندوق الاستثمارات العامة في السعودية عام 2018م، عن تطوير مشروع “عمالة”، الذي سيضيف 2500 غرفة فندقية فخمة بحلول عام 2028، ومشروع القدية الذي يضم أكبر مدينة ترفيهية في العالم، والذي من المتوقع أن يضيف 4.5 مليار دولار إلى الاقتصاد السعودي سنوياً.
ومن المتوقع أن تُساهم القطاعاتُ المرتبطة بالسياحة بنحو 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية عام 2019.
وحسب الأرقام الصادرة عن كوليرز إنترناشونال، شريك الأبحاث الرسمي لسوق السفر العربي 2019، من المتوقع ارتفاعُ عدد الرحلات السياحية داخل السعودية بنسبة 8% في عام 2019، بينما سيرتفع عدد الزوار القادمين إلى السعودية من الخارج بنسبة 5.6% سنوياً.
كما وساهم برنامج جودة الحياة ومبادرة الهيئة العامة للترفيه، في تطوير وتنظيم قطاع الترفيه ودعم البنية التحتية في السعودية، من خلال إنشاء مناطق محلية هامة تعزّز مكانتها كوجهة سياحية مميزة، ومن المتوقع وصول عدد الرحلات السياحية في المملكة العربية السعودية إلى 93.8 مليون رحلة بحلول عام 2023.
في شهر مايو الماضي، أكد عدد من خبراء السياحة الدوليين، خلال ندوة أقيمت تحت عنوان “لماذا تشكّل السياحةُ النفطَ الأبيض للسعودية؟” ضمن فعاليات ملتقى السفر العربي، أن الفرص متاحةٌ ليس فقط لتعزيز صناعة السياحة الدينية، لكن أيضاً لوضع المملكة على الخريطة كوجهةٍ عالمية للترفيه.
ومن المتوقع أن يساهم قطاعُ السفر والسياحة في المملكة بـ 71 مليار دولار، في إجمالي الناتج المحلي للبلاد في العام الجاري 2019، وفقاً لبيانات المجلس العالمي للسفر والسياحة.
ووفقاً لحديث صحفي سابق لأحمد الخطيب، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، فإنّ المقوّمات الحالية للسياحة السعودية، تمكّن في النموّ من 16 مليون سائح إلى قرابة 30 مليون سائح، وإن لدى المملكة برامجَ كبيرةً في الاستثمار بالبنية التحتية في خطوط الطيران أو المطارات أو الفنادق والمجمعات التجارية، من خلال مشاريع المدينة الترفيهية (القدية)، أو المدينة التاريخية (بوابة الدرعية)، أو مشروعات البحر الأحمر ونيوم وأمالا، ستضع السعودية في مكان تنافسي كبير جداً لجذب سياح من شتى أنحاء العالم.
الخلاصة
رؤية 2030 آتت أكلها سريعاً، وبدأت تجني ثمارها مع تزايد رحلات السياحة الداخلية، وانخفاض معدّلات رحلات السياحة الخارجية للسعوديين
تكشف الإحصائيات والتقارير الدولية المتواترة، عن نتائجَ مبشرةٍ لخطط ومشروعات تطوير قطاع السياحة والترفيه في المملكة.
وتوضح الشواهد على أرض الواقع، أن رؤية 2030 فيما يخصّ تطوير هذا القطاع الحيوي، من أجل زيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني السعودي، وتنويع مصادر دخل المملكة، قد آتت أُكُلَها سريعاً، وبدأت تَجْني ثمارَها مع تزايد رحلات السياحة الداخلية، وانخفاضِ مُعدَّلات رحلات السياحة الخارجية للسعوديين، وصولاً إلى جذب السياحة الأجنبية إلى المملكة.
ومع الانطلاقة الضخمة للمشروعات والاستثمارات الكبرى في مجال السياحة الترفيهية، وتطوير المطارات والفنادق وخطوط الطيران والأماكن الترفيهية والفنادق والشواطئ والنوادي، وإقامة دور السينما والمسرح، جنت المملكة أيضاً ثمارَ سياسات الانفتاح التي أطلقها وليُّ العهد الأمير محمد بن سلمان، وبدأت أنظار المواطنين تتجه نحو الداخل، مُفضِّلين التمتعَ بمقوّمات المملكة السياحية، بدلاً من السياحة الخارجية بكلِّ ما تحمله من مخاطرَ وإنفاقٍ باهظ.
وانعكس هذا التطوير على زيادة مساهمة السياحة في الناتج القومي، إذ وصلت إلى 3.6%، كما أسهمت المشروعات السياحية في توفير مئات الآلاف من فرص العمل، وما زال ينتظرها مستقبلٌ واعد وفرصٌ مشرقة، في بلدٍ لديه الكثير والكثير من مقوّمات السياحة، من آثار تاريخية ومناطق ومناظر طبيعية خلابة، وشواطئ ممتدة على البحر الأحمر والخليج العربي، وجُزر خلابة وواحات وصحارى شاسعة ومناخ متنوّع، وشعبٍ كريم ومضياف.
كما ركّزت المملكة في انطلاقتها السياحية، على السياحة الدينية، في ظلّ المكانة الروحية الإسلامية والعالمية التي تتمتّع بها، واحتضانِها للحرمين الشريفين.
وتبقى المملكة، في ظلّ تلك المكانة الإسلامية الروحية، أبرزَ المحطات العالمية للسياحة الحلال، التي بدأتْ تظهر بقوة على الساحة العالمية، ويكون لها نصيبٌ يصل إلى 10% من السياحة العالمية، الأمر الذي يجعل المملكة التي تحوي البقاعَ المقدسة، الوجهةَ الأولى عالمياً في مجالي السياحة الإسلامية والسياحة الحلال.