قراءات

رؤية 2030.. نموذج رائد في تحقيق أهداف التنمية المستدامة

لطالما عملت قيادة المملكة العربية السعودية على تحقيق الرخاء والتقدّم لمواطنيها، وتسيير البلاد على خطى ثابتة، للحاق بركب الأمم المتقدمة، من خلال مشروعات تنموية طموحة، ولا شك أن رؤية 2030 أصبحت نموذجاً تنموياً يُحتذى به، ليس في المنطقة العربية فقط، بل حتى في مختلف دول العالم.

واتبعت المملكة في هذه الخطة، أهداف منظمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، والتي أصبحت دليلاً للخطط التنموية للدول الأعضاء في المنظمة.

وما يؤكد على الدور الرائد للمملكة في الالتزام بأهداف 2030 التنموية، مشاركتها المميزة التي لفتت أنظار الدول المختلفة في أعمال المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2019، المعني بأهداف التنمية المستدامة، والذي أقيم بمقر الأمم المتحدة بنيويورك، بعنوان “ضمان الشمولية والمساواة”، في الفترة ما بين 9 – 19 يوليو 2019.

وعُقد المنتدى برعاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، التابع للأمم المتحدة، من أجل مراجعة التقدّم المحرز في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، ومناقشة التحديات والنجاحات، بمشاركة 51 دولة، قدمت مراجعاتها الوطنية الطوعية للمنتدى، والتي تهدف إلى متابعة التقدم المحرز في تنفيذ خطة عام 2030 وتسريعها، مع التركيز بشكل خاص على الأكثر فقراً، والأكثر ضعفاً، والأكثر تخلّفاً عن الركب.

ما هي أهداف التنمية المستدامة؟

وضعت الأمم المتحدة 17 هدفاً للتنمية المستدامة، عُرفت كذلك باسم الأهداف العالمية، وهي تُعتبر دعوةً عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض، وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار، وهذه الأهداف هي:

1-القضاء على الفقر.

2- القضاء التام على الجوع.

3- الصحة الجيدة والرفاه.

4- التعليم الجيد.

5- المساواة بين الجنسين.

6- المياه النظيفة والنظافة الصحية.

7- طاقة نظيفة وبأسعار معقولة.

8- العمل اللائق ونمو الاقتصاد.

9- الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.

10- الحد من أوجه عدم المساواة.

11- مدن ومجتمعات محلية مستدامة.

12- الاستهلاك والإنتاج المسئولان.

13- العمل المناخي.

14- الحياة تحت الماء.

15- الحياة في البرّ.

16- السلام والعدالة والمؤسسات القوية.

17- عقد الشراكات لتحقيق الأهداف.

وتم وضع 169 هدفاً فرعياً يندرج تحتها 230 مؤشراً، بحيث تُستخدم هذه المؤشرات لقياس وتقييم مدى الإنجاز المحقّق في الأهداف الفرعية، والتي تَصبُّ في الأهداف الرئيسة الـ 17، ودخلت تلك الأهداف حيّز التنفيذ في يناير 2016، وأصبحت الدليل في توجيه سياسات وتمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حتى 2030، حيث يقدّم البرنامج الدعم للحكومات لإدماج أهداف التنمية المستدامة في خططها وسياساتها الإنمائية الوطنية، وهذا العملُ جارٍ بالفعل، ويقوم بدعم العديد من البلدان في تسريع وتيرة التقدّم الذي تم إحرازه بالفعل، في إطار الأهداف الإنمائية للألفية (2000-2015) والبناء على أساسه.

توافق أهداف التنمية المستدامة ورؤية 2030

تضم أهداف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة 2030 ثلاثة أبعاد أساسية، هي: النموّ الاقتصادي، الاندماج الاجتماعي، وحماية البيئة، وتتحمل كلّ دولة المسئولية الرئيسية والكاملة في متابعة ما يجري لديها من تقدّم تنموي، الأمر الذي يتطلب جَمْعَ البيانات النوعية في مسارات العناصر الثلاثة المشار إليها، والتي تستند إلى متابعة التطورات ومقارنتها بالتحوّلات السنوية، وتضع كل دولة لنفسها خطة ورؤية لتنميتها القادمة، بمعيار تنموي يتناسب مع ظروفها وإمكانياتها.

وانطلاقاً من هذا الأمر.. فإن المملكة العربية السعودية عندما وضعت رؤية 2030، جعلتها تتمحور حول ثلاث ركائز أساسية، هي: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح، تنطوي على 13 برنامجاً و96 هدفاً تفصيلياً، بما يتوافق توافقاً تاماً مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.

وضمت رؤية 2030 برامج شاملة لشتى نواحي التنمية، وهي: برامج جودة الحياة، تطوير القطاع المالي، الإسكان، تحقيق التوازن المالي، التحوّل الوطني، صندوق الاستثمارات العامة، التخصيص، ريادة الشركات الوطنية، تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، الشراكة الاستراتيجية، خدمة ضيوف الرحمن، تنمية القدرات الشخصية، تعزيز الشخصية الوطنية.

مساران لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة

وضعت المملكة مسارين لتنفيذ خطة أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠ المُقَرَّة من الأمم المتحدة، لتتوافق مع رؤية 2030، يتمثل المسار الأول في وضع حوكمة دقيقة لمتابعة تنفيذ الخطة، وتمّ تكليف وزارة الاقتصاد والتخطيط بمسئولية إدارة هذا الملف ومتابعته، والتنسيق مع كافة الجهات الحكومية، وتكليف الجهات الحكومية بمتابعة ما يخصّها من أهداف تقع ضمن اختصاصها، وأيضاً قيام الهيئة العامة للإحصاء ببناءِ هذه المؤشرات، من خلال التوسّع في تنفيذ الأعمال الإحصائية، سواءً بتصميم مسوحات إحصائية جديدة، أو تطوير المسوحات الحالية، أو بناء مؤشرات من واقع البيانات التي تحصل عليها من سجلات الأجهزة الحكومية الأخرى.

أما المسار الثاني الذي تم العمل عليه، فيتمثل في تطوير الخطط التنموية الوطنية لـ (رؤية 2030)، وإدماجها ضمن الخطط العالمية (أهداف التنمية المستدامة)، وينطبق الحال على برامج الرؤية الـ 13، مثل برنامج التحوّل الوطني 2020، برنامج إعادة هيكلة الجهات الحكومية، برنامج إدارة المشروعات، وغيرها من البرامج.

إنجازات المملكة في تحقيق التنمية المستدامة

نتيجة للمجهود الكبير الذي تقوم به المملكة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، فقد أثنى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على هذا الدور الاستثنائي، موضحاً أن الرياض عضوٌ مؤسّسٌ في الأمم المتحدة، ولعبت دوراً نشطاً في تشكيل نتائج أهداف التنمية المستدامة على مدى العقود الخمسة الماضية، وحققت تقدّماً ملحوظاً في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي عام 2018، قامت المملكة بمبادرة فريدة، حين قدمت الاستعراض الطوعي الوطني الأول، في المنتدى السياسي رفيع المستوى، الذي عُقد بين 9 و18 يوليو 2018 في مقرّ الأمم المتحدة بنيويورك، والذي كان موضوعه في ذلك العام “التحوّل نحو مجتمعات مُستدامة ومرنة”.

وتضمّن الاستعراضُ الوطني الطوعي للرياض، مراجعةً شاملة لحالة أهداف التنمية المستدامة، ومواءمتها مع رؤية المملكة 2030، والإجراءات التي اتخذتها الكيانات الوطنية بما في ذلك الحكومة، والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية، لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030.

وفي المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2019، حملت المملكة رسائل أساسية، وهي الحفاظ على التزامها بأهداف التنمية المستدامة، والتركيز على الأهداف المشتركة بين أهداف التنمية المستدامة ورؤية 2030، من خلال تسليط الضوء على عملية التقدّم المحرز عبر البرامج والمبادرات، وتأسيس قوى عاملة في المملكة، والتحضير لاستضافة ورئاسة اجتماع مجموعة العشرين، كلاعب أساسي في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي.

وخلال هذه النسخة من المنتدى، نظمت المملكة سبع حلقات حوارية على هامش الفعاليات، تضمنت حلقةً حول تعزيز التحوّل الرقمي والشراكات العالمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي سلطت الضوء على الجهود المبذولة لضمان تمتع الجميع وخصوصاً الدول النامية، بحقهم في الحصول على التقنية ووسائل الاتصالات الحديثة، والاستفادة من تقنية المعلومات والتقنيات الجديدة، وكيفية تسخيرها لأغراض التنمية المستدامة، وحلقة حول التنمية الشاملة للمرأة والشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي سلطت الضوء على تمكين المرأة والشباب في العلوم والتقنية، والاستدامة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأهمية سدّ الفجوات بين النساء والرجال في القوى العاملة وفي ريادة الأعمال.

كما نظمت حلقة حول عضوية المملكة في لجنة القانون التجاري الدولي، تم خلالها مناقشة كيفية تطوير وتنفيذ الإصلاحات في المملكة، وتشجيع الاستثمارات لتعزيز بيئة الأعمال وقدرتها التنافسية العالمية، والإصلاحات القانونية التجارية، مع التركيز على قانون الإفلاس.

وحلقة حول جدول أعمال عام 2030، في ظل الرئاسة اليابانية لمجموعة العشرين، التي تناولت مساهمة الرؤساء السابقين والحاليين لمجموعة العشرين، وتسليط الضوء على المملكة، وأهداف التنمية المستدامة، والمجالات التي ستُعطَى الأولوية في ظل رئاسة واستضافة المملكة لمجموعة العشرين عام 2020، وكذلك حلقة حول فرص العمل في المملكة، حيث تمت مناقشة كيفية توفير وظائف جديدة للسعوديين في قطاع التجزئة بحلول عام 2020 بحسب رؤية 2030، من خلال العمل مع القطاع غير الربحي بالشراكة مع القطاع الخاص.

وحلقة حوارية حول التعليم المستنير لسوق العمل، والدروس المستفادة من زيادة معدّل عمل المرأة، التي تم التركيز خلالها على الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، وعلاقته بنتائج سوق العمل للنساء في المملكة، وفعالية مركز “أداء” التي أُطلق من خلالها تحديثٌ جديد للمنصة، حيث أصبح بإمكان المستفيدين تصفّح التحديثات المتعلقة بمؤشرات الأداء العالمية، وبأهداف التنمية المستدامة.

إنجازات على صعيد النموّ الاقتصادي

يُعتبر البُعد الاقتصادي الركيزةَ الأولى من الركائز الثلاث للتنمية المستدامة، وقد شهدت المملكة إقرار أكبر ميزانية عامة بتاريخها لعام 2019 وصلت لـ1.106 تريليون ريال، أي ما يعادل 295 مليار دولار تقريباً، لتحقيق الرؤية الطموحة 2030، فمن خلال تلك الميزانية الضخمة يتم تمويل برامج الرؤية، وعليها يَعتمد تحسين التصنيف الائتماني للدولة، وتنمية الناتج المحلي.

ونتيجة لتلك الجهود، رفـع صنـدوق النقد الدولي تقديراتــه للنمــو الاقتصادي فــي المملكة بنحــو 0.3 و0.5 نقطــة مئويــة، عنــد 2.2% و2.4% لعامــي 2018 و2019 علــى التوالــي، كما صَنف البنك الدولي المملكة كأكبر دولة قامت بعدد من الإصلاحات التجارية بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي يوليو 2019 استعرض المندوب الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالله بن يحيى المعلمي، الإنجازاتِ التي صنعتها المملكة في هذا الشأن، خلال فاعليات المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة.

وقال إن المملكة بذلت جهداً كبيراً نحو خلق الوظائف عن طريق المبادرات الاستراتيجية والمشاريع العملاقة، كما أنها حققت إنجازاً بانضمام سوقها المالية إلى المؤشرات العالمية للأسواق الناشئة، وانضمامها لمبادرة الأمم المتحدة للأسواق المستدامة، وتشغل المرتبة السابعة على مستوى العالم في كفاءة مؤشر الإنفاق الحكومي، حيث يواصل عجز الميزانية الانخفاض مع ارتفاع في الإيرادات غير النفطية، نتيجة الاستراتيجية الوطنية لتنويع الاقتصاد.

وأضاف أن الرياض قد أنشأت المركز الوطني للتنافسية، بهدف تطوير وتحسين البيئة التنافسية داخل البلاد، وتذليل العقبات التي تواجه القطاع الخاص، إلى جانب مواصلتها توطين الصناعات الجديدة، وتعزيز نموّ الشركات الواعدة، حيث تم إطلاق برنامج “طموح إليت” الذي يهدف إلى تعزيز نموّ الشركات المتوسطة والصغيرة.

وبالإضافة إلى ما استعرضه المعلمي، فإن المملكة سارعت إلى تخصيص أموال لزيادة الاستثمار في المجالات الاقتصادية الخدمية منها والإنتاجية، مثل الاتصالات، والحكومة الإلكترونية، والمياه، ومياه الصرف، والطاقة التقليدية والجديدة والمتجدّدة، وتطوير وتحديث البنية التحتية، بما في ذلك توسيع نظام السكك الحديدية، وإدخال مشروع قطارات النقل الجماعي الخفيفة مع خطوط المترو وشبكة الحافلات الجماعية في مدن المملكة الرئيسية، الرياض وجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة.

وهناك استثمار مستمرّ ومتزايد في التعليم والرعاية الصحية، أدى إلى تحسّن كبير في ناتج هذين القطاعين، كما حدثت تطورات إيجابية في الأمن الغذائي والمائي، والزراعة المستدامة ومشاركة القوى العاملة.

كما يوجد اهتمام كبير بدعم السياحة لتكون رافداً مهماً من روافد تنوّع الاقتصاد السعودي، حيث تمتلك المملكة مقوماتٍ سياحية، تجعلها مقصداً سياحياً على مدار العام، فهي تستضيف ملايين الزوار سنوياً لأداء فريضتي الحج والعمرة.

وتبذل الحكومة جهوداً واسعة النطاق للترويج للبلاد كوجهة سياحية جذابة، وتشمل هذه الجهودُ تخفيفَ القيود المفروضة على التأشيرات، وزيادة الاستثمارات في مشاريع الضيافة والفندقة والمنتجعات الفاخرة، وتطوير البرامج السياحية والمنتجات التي تلبي مطالب وحاجات وتوقّعات السياح، ومن المتوقع أن تستحوذ المملكة على نسبة عالمية مما يُعرف بالسياحة العائلية أو الإسلامية خلال السنوات القليلة القادمة.

الإنجازات على صعيد الاندماج الاجتماعي

جاءت آخر إنجازات المملكة على صعيد الاندماج الاجتماعي، في الأول من أغسطس 2019، عندما صدر عدد من القرارات تضمّنت السماح للمرأة التي وصلت لعمر الـ21 بالسفر إلى الخارج واستخراج جواز سفر، دون الحاجة إلى موافقة وليّ أمرها، وكذلك أصبح لها الحقّ في تسجيل حالات الولادة والطلاق والزواج، كما أن القرارات أصبحت تمنع التمييز في العمل بين المرأة والرجل.

وأوضح السفير المعلمي تقدّم المملكة في الاندماج الاجتماعي، قائلاً إن برنامج جودة الحياة ما زال يواصل تقدّمه، حيث ارتفع عدد المواطنين السعوديين الممارسين للرياضة الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة، بنسبة 50% خلال عام 2018، إلى جانب أنه إيماناً بتحقيق مبدأ الشمولية والتنوّع الاجتماعي، تم استحداث نظام الإقامة المميزة لغير السعوديين، لتمكينهم من العيش مع عائلاتهم وممارسة أعمالهم ونشاطاتهم التجارية بيسر وسهولة.

وأضاف مندوب الرياض لدى الأمم المتحدة، أن المملكة عُنِيت بتطوير التعليم وتحسين مُخرجاته، حيث ركزت رؤية 2030 على تطوير رأس المال البشري، والنهوض بجودة التعليم بما يتوافق مع احتياجات سوق العمل، ومن هذه البرامج، برنامج الابتعاث الموجّه للمعلمين والمعلمات، وتهيئة 72 مركز للعلوم الطبيعية في المناطق التعليمية، وإنشاء مدينة “سناد” للتربية الخاصة، لتشمل خدمات الإيواء والضيافة والتعليم والتأهيل، لجميع احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة.

وإضافة إلى ما ذكره السفير، فإن الرياض قامت بتحديث نظام الرعاية الاجتماعية لديها، سعياً إلى تعزيز قدرات وفعالية القطاع، وتشمل المبادرات الرامية إلى تحقيق ذلك، برامجَ الحماية الاجتماعية، المساعدات المالية، رعاية الأطفال، معاشات التقاعد، رعاية المسنين، ورعاية المرأة، بالإضافة إلى ذلك، فإن مبالغ دعم الوقود والماء والكهرباء والغذاء التي تقدّمها الحكومة، يتم إعادة توجيهها لضمان وصولها حصراً للمستفيدين المؤهلين لذلك، ويمثل برنامج “حساب المواطن” وسيلة أخرى للتخفيف من الأعباء المالية على المواطنين ذوي الدخل المنخفض أو المتوسط.

وتحقيقاً لالتزامها التام بتمكين المشاركة الكاملة للمرأة في المجتمع، أطلقت المملكة عدة مبادرات في هذا المجال، من أبرزها “المرصد الوطني لمشاركة المرأة في التنمية”، ويرصد مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومن بين الإسهامات الأخرى للنهوض بالمرأة، إطلاق بوابة رقمية للباحثات عن العمل، وبرنامج “جمعية النهضة النسائية الخيرية” لمساعدة النساء العاملات على التنقل (وصول)، وبرنامج الرعاية النهارية المصمم لمساعدة النساء العاملات (قرّة).

إنجازات حماية البيئة

وفيما يخص البيئة، تستمر المملكة في تعزيز إجراءاتها المتعلقة بالتغير المناخي، ضمن توجّهها نحو التنفيذ الكامل لاتفاقية باريس، إلى جانب تعاونها مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، لمواجهة التحديات العالمية والبيئية والمناخية المتعلقة باستخدامات الوقود الأحفوري، وتسهم في رفع مستوى وعي الفرد والمجتمع في المملكة بقضية تغيّر المناخ، دون الإخلال بخططها التنموية وأهدافها الاستراتيجية لبناء مجتمع حيوي، واقتصاد متنوع، ومستقبل مزدهر للمملكة والمنطقة.

وهدفت الإجراءات والخطط البيئية في رؤية 2030، إلى تحقيق منافع مشتركة وطموحة في مجال تخفيف آثار ظاهرة التغير المناخي، وتتمثل في تفادي انبعاثات الغازات بما يصل إلى 130 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول 2030.

بالإضافة إلى ذلك فإن المملكة استثمرت بشكل كبير في المشاريع البيئية، بما في ذلك الأنظمة المتطوّرة للتعامل مع النفايات، ومشاريع إعادة التدوير المتكاملة، وجهود مكافحة التصحّر، والحدّ من التلوّث، وتم (إنشاء المركز السعودي لكفاءة الطاقة) لترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة، وتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال، للمحافظة على الثروة الوطنية من مصادر الطاقة، وتحقيق أدنى مستويات الاستهلاك الممكنة بالنسبة للناتج الوطني.

وفي ناحية أخرى، تعالج الرياض ندرة المياه من خلال تدابير مثل الحفاظ على الموارد، وتحلية مياه البحر، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، كما أن المملكة نشطة في تعزيز تقنيات الأبنية المستدامة، وتَبذل جهوداً حثيثة لضمان حماية واستدامة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية للبلاد، وزيادة حجم وعدد المحميات الطبيعية في جميع أنحاء المملكة.

وفي محاولة لتنويع مصادر الطاقة، تقوم الحكومة ببناء منشآت الطاقة النظيفة، كما تم إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجدّدة، وإطلاق برنامج وطني للطاقة المتجدّدة، لتعزيز مشاركة الشركات المحلية والدولية في مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة، وبالإضافة إلى طاقة الرياح، بادرت المملكة في إعداد خطة لمشاريع الطاقة الشمسية، وتستهدف “خطةُ الطاقة الشمسية 2030” إنتاجَ الكهرباء من حقول الطاقة الشمسية المختلفة في جميع أنحاء المملكة.

وختاماً.. فإن رؤية 2030 السعودية، جاءت لتعكس التحقيق الكامل لأهداف التنمية المستدامة للأمم لمتحدة 2030 بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتقدم للعالم نموذجاً يُحتذى به في التنمية، حيث شهدت تلك الرؤية دعماً لا محدوداً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي يقول إن “هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجاً ناجحاً ورائداً في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك”، وكذلك من وليّ عهده الأمير محمد بن سمان، الذي قال إن “توفير التنمية المستدامة، يُعدّ من أبرز التحديات التي تواجه العالم”، مؤكداً أن المملكة العربية السعودية، مستعدة للعمل مع اقتصادات العالم، وهو ما يوضح السعي الدؤوب من القيادة السعودية على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في إطار خطة 2030.

زر الذهاب إلى الأعلى