يعتبر تطوير القطاع السياحي أحد الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030، الذي تم إسناده إلى برنامج جودة الحياة، وتندرج ضمنه عدة مبادرات نفذتها وزارة السياحة لدعم الوجهات السياحية في المملكة، وذلك بجانب عدة جهود للوزارة منها توفير المعلومات والإحصائيات السياحية للمهتمين بالسياحة واستثماراتها، وتنظيم مهنة مزاولة الإرشاد السياحي، والتصنيف السياحي للمنشآت السياحية المختلفة وإصدار تراخيص مزاولة الأنشطة السياحية والإشراف والرقابة على جودة خدماتها السياحية.
ويتطلب تقديم هذه الخدمات إعلاما قادرا على إيصال هذه الرسائل الاتصالية إلى الجمهور المستهدف بشكل سريع وفعال، وهنا يبرز دور الاتصال الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي التي شكلت بيئة افتراضية حققت استقطاب الملايين من رواد الإنترنت وأصبحت وسيلة اتصال تفاعلية بين المؤسسات وجماهيرها وأدوات فعالة لفتح قنوات للوصول إلى الجماهير بتكلفة منخفضة.
وفي هذا الإطار، نشرت المجلة العلمية لبحوث العلاقات العامة والإعلان في عدد يناير/مارس 2025، دراسة بعنوان “الاستراتيجيات الاتصالية لوزارة السياحة السعودية عبر منصة إكس (X): دراسة تحليلية”، من إعداد ناهس خالد ناهس العضياني، باحث الدكتوراه بقسم الإعلام في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة الملك سعود.
- عينة الدراسة
اعتمدت الدراسة على عينة عمدية بحصر شامل لمنشورات وزارة السياحة السعودية على منصة إكس وذلك لمدة ستة أشهر ابتداء من تاريخ 1 أكتوبر 2023 إلى 31 مارس 2024، حيث بلغ عدد المنشورات على منصة إكس (347) منشورًا، وذلك نظرًا لأنها الأكثر تحديثًا للمحتوى المنشور استنادًا للدراسة الاستطلاعية التي أجراها الباحث وكذلك الأكثر متابعة من قبل المستخدمين مقارنة بمواقع التواصل الاجتماعي الأخرى التابعة للوزارة، حيث بلغ عدد متابعي منصة إكس لحساب وزارة السياحة وقت إجراء الدراسة ((813156 متابعا.
- نتائج الدراسة
كشفت نتائج الدراسة طغيان الخبر بشكل واضح على أشكال القوالب الفنية للمحتوى المنشور، حيث بلغت نسبته (65.4%)، يليه الإعلان (17.3%)، ثم التقرير(14.4%)، بينما البيان الصحفي جاء متأخرًا في المركز الرابع بنسبة 1.7)%) وأخيرًا فئة غير ذلك (1.2%)، وهي نتيجة طبيعية كون الخبر بشكل يومي، بينما البيانات الصحفية حسب الأحداث المهمة التي تحتاج إلى توضيح.
كما اقتربت نسبة المحتوى المنشور الذي جاء مصحوبًا بمادة مرئية بنسب متقاربة، حيث إن (نص+ إنفوجرافيك) جاء أولًا بنسبة 24.2%، تلا ذلك وبفارق قليل المنشورات التي تحتوي على (نص+ صورة) بنسبة (23.3%)، و(نص + فيديو) بنسبة 15.9%، ثم (نص+ موشن جرافيك) بنسبة 0.9%، ثم (نص + رابط) بنسبة 0.6%، بينما كانت المنشورات التي تحتوي على نص فقط نادرة حيث جاء محتوى (نص) خامسًا بنسبة 13.8%.
أما عن أهداف المحتوى المنشور، فتمثلت في الترويج لعمل الوزارة والمسؤولين بنسبة (54.2%) ثم مشاركة المناسبات الوطنية والمسؤولية الاجتماعية (%18.2)، يليه التعريف بخدمات الوزارة (8.9%)، إرشاد الجمهور (8.4%)، وتنمية وعي الجمهور (6.3%)، تثقيف الجمهور (3.7%) بينما جاء الرد على الاستفسارات بنسبة (0.3%)، وهذا يؤكد أن حساب وزارة السياحة على مواقع التواصل الاجتماعي يعزز عمل الوزارة، بينما أهداف توعية الجمهور وتثقيفه وإرشاده كانت ضعيفة وهذا يظهر عدم التوازن في المنشورات ما بين الجمهور والوزارة.
كما جاء مسؤول الصفحة للمنشور كمصدر للمعلومات في المرتبة الأولى بنسبة تقارب 67%، تلاها وبفارق كبير المصادر الحكومية بنسبة حوالي (21.9%)، بينما مصادر الشركات أو المؤسسات بنسبة (0.9%) بعدد ثلاثة منشورات فقط، وتظهر هذه النتيجة الاعتماد على مسؤول الصفحة بشكل كبير.
أما الاعتماد على المصادر الحكومية فقد كان لها حضور معقول من مصادر المواد المنشورة في وزارة السياحة عينة الدراسة، وهي نتيجة طبيعية لكون القائمين على حساب وزارة السياحة على منصة إكس هم من يصنع المحتوى الاتصالي في غالب المنشورات بينما المصدر الدولي لا يتطرق للسياحة إلا بإحصائيات وفق تقارير دورية.
كما أوضحت نتائج الدراسة أن المعلومات احتلت المرتبة الأولى في منشورات وزارة السياحة (عينة البحث) بنسبة (32%)، تلاها إنجازات بنسبة (23.6%)، وذلك حسب طبيعة الموضوعات المطروحة كما يعكس ارتفاع عدد المنشورات التي احتوت على المعلومات والإنجازات اهتمام الوزارة بجعل سياحة المملكة أكثر ازدهارًا خلال السنوات المقبلة، وحرصها على تنميتها، وهو أحد الأهداف العامة التي صنفت في المستوى الأول ضمن أهداف رؤية المملكة 2030، الأمر الذي يعود بتوعية الجمهور السعودي بالتنمية السياحية وتوضيح عوائدها الإيجابية على المجتمع.
كما جاءت أغلب المنشورات باللغة العربية بنسبة (85.6%) بعدد 297 منشورا، ثم الإنجليزية (11%) بعدد 38 منشورا، أما المحتوى بأكثر من لغة (3.5%) بعدد 12 منشورا.
أما عن أهم الاستراتيجيات المستخدمة، فقد جاءت استراتيجية الإعلام بنسبة (69.5%) كأهم الاستراتيجيات، تلاها وبفارق كبير استراتيجية الإقناع بنسبة (28.2%)، ثم استراتيجية بناء الإجماع (1.7%) وأخيرًا بمنشورين فقط لصالح استراتيجية الحوار بنسبة (0.6%)، وهذا يؤكد أن الوزارة تدير حسابها على منصة إكس بالاتجاه الواحد من الوزارة إلى الجمهور كما أن مضمون المحتوى يعبر عن الوزارة وفعالياتها ومسؤوليها، فيما كان ذلك على حساب استراتيجيات الاتصال الأخرى، حيث كان الاتصال باتجاهين من الوزارة للجمهور ومن الجمهور للوزارة المتمثل في استراتيجيتي بناء الاجماع، والحوار “ضعيفًا”.
بالإضافة إلى ذلك، أغلب الاستراتيجيات الإعلامية كانت عبارة عن تغطية أحداث وفعاليات بنسبة (49.4%)، تلاها تقديم معلومات بنسبة 47.7%، ووجدت الدراسة أن طبيعة المحتوى جعلت من استراتيجيات الإعلام بتغطية الأحداث والفعاليات وتقديم المعلومات لها النصيب الأكبر من الرسائل الإعلامية لوزارة السياحة السعودية.
وبالنسبة للاستراتيجيات الإقناعية أكدت الدراسة أن التركيز على توجيه السلوكيات جاء في المقدمة بنسبة (35.7%)، تلا ذلك الحديث عن الإنجازات والنجاحات بنسبة (23.5%)، وتؤكد هذه النتيجة على أن توجيه السلوكيات ينعكس على تنمية السياحة الداخلية لدى الجمهور، ولهذا تبنت الوزارة هذه الرسائل الإقناعية لتغيير سلوكيات الجماهير وتعزيز السلوكيات المتوافقة مع توجهها.
وجدت الدراسة أيضًا أن الاستمالات العقلانية استحوذت على نسبة تقترب من نصف المنشورات (46.1%)، يليه أسلوب الطرح المشترك العقلاني والعاطفي بنسبة (41.8%)، وأخيرًا الاستمالات العاطفية بنسبة (12.1%)، ويمكن تفسير هذه النتيجة، بطبيعة المنشورات التي تتناول في المادة موضوعات تهدف إلى إقناع الآخرين بوجهة نظر وزارة السياحة السعودية، من خلال عرض الحقائق والفعاليات والحملات الإعلامية وتدعيم الرسائل الإعلامية بالأدلة والأرقام الإحصائية التي تدعم توجه الوزارة.
وبالنسبة لأشكال تفاعل الجمهور مع المحتوى المنشور، تصدرها الإعجاب بمنشورات وزارة السياحة جاء أولًا بمتوسط (91) منشورا، ثم إعادة النشر بمتوسط (47) منشورا، وأخيرًا جاء متوسط التعليقات (15) تعليقا.
- توصيات الدراسة
قدمت الدراسة عددا من التوصيات تمثلت في دراسة الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي المتعلقة بترويج السياحة على سبيل المثال حساب “روح السعودية” التابع للهيئة العامة للسياحة.
كما كشفت الدراسة عن استخدام استراتيجية الإعلام بنسبة عالية على حساب الاستراتيجيات الأخرى، لذا رأته أنه بالأحرى دراسة أسباب اعتماد وزارة السياحة السعودية على استراتيجية الإعلام.
ودعت الدراسة إلى ضرورة التوازن في الهدف من النشر حيث جاء أولًا الترويج لعمل الوزارة والمسؤولين بنسبة عالية على حساب ثقيف الجمهور وتنمية الوعي وغيرها من الأهداف.