على الرغم من التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم فإن هناك فجوة رقمية في المجال التسويقي تتمثل في البنية التحتية ذات الصلة بعملية التسويق الرقمي للمنتجات، وكيفية وضع استراتيجية تسويقية تتوافق مع الجمهور، لذلك برزت الحاجة إلى استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتسريع عمليات التسويق واختيار الاستراتيجيات التسويقية بشكل يتوافق مع إمكانيات المؤسسات الإعلانية وكذلك احتياجات الجمهور المستهدف.
ومن المتوقع في المستقبل القريب أن تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على فهم العملاء بشكل أعمق ومعرفة أفعالهم ومؤشراتهم وتوجهاتهم التسويقية، ومن خلال ذلك سيتم على المدى القريب اختيار الاستراتيجية التسويقية المناسبة إلى الشخص المناسب بطريقة فعالة وموفرة للوقت والجهد والتكاليف بشكل كبير، لذا لا بد أن تستعد المؤسسات التسويقية وتعمل علي تجهيز نفسها من خلال توفير كافة المتطلبات الرقمية وتقوية البنية التحتية وتثقيف الكادر البشري بأهم الأدوار التي تقوم بها هذه التطبيقات، وكذلك قدرة المؤسسات على مواجهة السلبيات التي تنتج عند استخدامها والتي تتمثل في تقليل فرص العمل وانتشار البطالة نتيجة قدرة هذه التطبيقات على القيام بمهام الكادر البشري بل وأكثر من ذلك كقدرتها على العمل وتوصيل المعلومات التسويقية إلى الجمهور الرقمي علي مدار اليوم بشكل فعال.
وفي هذا الإطار، نشرت المجلة المصرية لبحوث الاتصال والإعلام الرقمي في عددها الصادر في يناير 2025، دراسة بعنوان “مستقبل استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحملات التسويقية الرقمية: دراسة استشرافية من 2022 – 2032” من إعداد الباحث محمد رمضان عبد المحسن، والتي نستعرضها على النحو التالي:
- عينة الدراسة
اعتمدت الدراسة على العينة العمدية المتاحة من الخبراء الممارسين والأكاديميين في مجال التسويق ومجال الحاسبات والمعلومات والذكاء الاصطناعي والقسم الاقتصادي بالمؤسسات والشركات حيث تمثل حجم العينة في 30 مفردة لرصد آرائهم واتجاهاتهم وأفكارهم تجاه مستقبل الحملات التسويقية الرقمية في ضوء توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي خلال الفترة من 2032- 2022. وتم جمع البيانات من الخبراء حول موضوع الدراسة من خلال استمارة المقابلة ودليل المقابلة المقننة لمعرفة آراء واتجاهات الخبراء نحو الحملات التسويقية الرقمية.
- نتائج الدراسة
اتفقت عينة الدراسة سواء كانت أكاديمية أو خبراء في تقسيم التوقعات المؤيدة نحو توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحملات التسويقية الرقمية إلى ثلاثة أقسام معرفي ووجداني وسلوكي بنسبة (60%) من إجمالي العينة، وتمثلت معظم الآراء في قدرة تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تزويد العملاء بكافة المعلومات والبيانات التسويقية حول كل منتج من المنتجات، وشعور العملاء بالحماس والفاعلية تجاه الإمكانات التي تسمح بها تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التسويق الرقمي، ومن المتوقع زيادة تفاعل المستخدمين أو العملاء مع المحتوى التسويقي الرقمي نتيجة الاعتماد الكلي على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وشعور العملاء بالرضا وذلك من خلال تخصيص تجارب إعلانية وتقديم محتوى تسويقي يلبي تطلعاتهم، وقدرتها على تقديم محتوى تسويقي جذاب للعملاء الحاليين والمحتملين، وقد يشعر العملاء بالقلق تجاه بياناتهم الخاصة وحدوث انتهاك لها مما يثير العديد من التساؤلات حول كيفية حماية البيانات.
ومع تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إنتاج محتوى تسويقي رقمي يتوافق مع اتجاهات ورغبات العملاء، لذلك تشير التوقعات المستقبلية إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في الحملات التسويقية الرقمية تؤدي إلى تغيير سلوك العملاء والمؤسسات على حد سواء، بينما حصل أفراد عينة الدراسة الذين لديهم توقعات معرفية ووجدانية وسلوكية معارضة بنسبة (40%) من إجمالي العينة وذلك على النحو التالي بأن هناك مخاوف من الاعتماد الزائد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى إهمال التحليل والنقد البشري مما يجعل المؤسسات أكثر عرضة للوقوع في أخطاء إدارية، ومع زيادة الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي يؤدي إلى تعرض الحملات التسويقية الرقمية للهجمات السيبرانية وانتهاك بيانات العملاء بشكل تلقائي.
أكدت عينة الدراسة أن هناك مجموعة من المقترحات والحلول لمواجهة هذه العقبات بشكل فعال، مما يساعد المؤسسات التسويقية على تغيير أدائها وعملها التسويقي، وذلك من خلال التوجه نحو التحول الرقمي بكافة أدواته وأساليبه ونماذجه، وتتمثل هذه المقترحات في الآتي:
- تكييف وضع الحملات التسويقية الرقمية في ظل توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي مع الثقافات المحلية للمؤسسات التسويقية من خلال تدريب الخوارزميات على تحليل البيانات المحلية وفق الاتجاهات الشرائية للعملاء.
- التزام المؤسسات التسويقية بالقوانين والتشريعات المحلية والدولية والعالمية.
- تحسين عمل وأداء الحملات التسويقية الرقمية بشكل مستمر من خلال الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي المدمجة بمواقع التواصل الاجتماعي.
- قدرة المؤسسات التسويقية على تقديم السياسات التسويقية للعملاء.
- الاستعانة بخبراء أكاديميين وممارسين في المؤسسات التسويقية لمعرفة كيفية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحملات التسويقية الرقمية بشكل فعال.
- القدرة على تدريب الكوادر البشرية على التحول الرقمي المتمثل في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والمرتبط بالتسويق الرقمي.
- توجه المؤسسات نحو التطبيقات قليلة التكلفة المتمثلة في الحوسبة السحابية، دون النظر إلى البنية التحتية التي تحتاج إلى تكلفة مرتفعة واستخدام أجهزة غالية الثمن، بالإضافة إلى تطوير المؤسسات من الداخل وتطوير علاقاتها الخارجية.
- التوصيات والمقترحات
أوصت الدراسة بضرورة تجهيز المؤسسات التسويقية الرقمية بكافة الوسائل والكوادر البشرية والبنية التحتية المؤهلة للقيام بعملية التسويق الرقمي من خلال الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي الحديثة كما شددت على وجوب اطلاع المؤسسات التسويقية والكوادر البشرية على الدراسات والبحوث النظرية المتعلقة بكيفية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحملات التسويقية الرقمية.
واستعرضت عددا من الموضوعات المستقبلية الجديرة بالبحث والدراسة وتشمل دور تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل استراتيجيات الحملات التسويقية الرقمية، وتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إدارة علاقات العملاء في الحملات التسويقية الرقمية.