استعراض دراسات

دور اتصال الأزمات في تحسين الصورة الذهنية للمؤسسات

تهتم المؤسسات على اختلاف أنشطتها ومجالات عملها بأن تكون صورتها الذهنية براقة لا تخدش إثر وجود الأزمات، لذلك تستخدم اتصالات الأزمات كضرورة ملحة للاستمرارية والبقاء واتخاذ قرارات سليمة وصائبة حتى لا تتشكل أزمة، أو لتدارك أزمة قائمة والحد من الأضرار الناتجة عنها في الوقت المناسب.

ويلعب الاتصال خلال الأزمات أثرًا كبيرًا جدًا في نجاح إدارة الأزمة أيًا كان نوعها، إذ يؤدي دورًا أساسيًا في التعرف على آثارها وأبعادها المستقبلية، وكذلك معالجتها وإدارتها بالشكل الصحيح، لأن الأزمات تخلق ظروفًا تتسم بالتهديد الذي يتجاوز المشكلات الروتينية التي تواجهها المؤسسات ويمكن لهذا التهديد أن يؤثر على الصورة الذهنية للمؤسسة لدى عملائها وهذه الطبيعة التي تتسم بالتهديد تعني وجوب التعامل مع الأزمات بسرعة وبخطى ثابتة، لأن أي أمر خلاف ذلك سيجعل الجمهور يوجه اللوم والانتقادات على المؤسسة لافتقادها أسسا اتصالية واضحة وسريعة للتعامل مع المخاطر والأزمات.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة البحوث والدراسات الإعلامية في عددها الصادر في مارس 2025 دراسة بعنوان ” دور اتصال الأزمات في تحسين الصورة الذهنية للمؤسسات” من إعداد رنيم صادق سمنودي، عضو هيئة التدريس بقسم الإعلام في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة أم القرى، والتي نستعرض نتائجها على النحو التالي:

  • نتائج الدراسة

أظهرت نتائج الدراسة أن هناك مجالات ووسائل شتى تستخدم في اتصال الأزمات، حيث إن دوره لا ينحصر في مجال معين أو وسيلة وأداة محددة، بل يشمل جميع جوانب الحياة الاقتصادية، والصحية، والتعليمية وغيرها. كما يستخدم اتصال الأزمات مختلف الوسائل التي تبلور وتحسن صورة المؤسسة الذهنية لدى جمهورها.

ووجدت الدراسة أن الكثير من المؤسسات تدمج مهمة اتصال الأزمات ضمن وظائف العلاقات العامة، لكنها رأت أن اتصال الأزمات يجب أن يكون كيانًا مستقلًا بذاته لديه كادر متكامل ومتخصص وخبير في اتصال الأزمات، من خلال استقطاب الكفاءات المدربة والممارسين في هذا المجال.

وخلصت الدراسة إلى الأهمية العظمى التي يحتلها اتصال الأزمات في تحسين الصورة الذهنية، وتنصب هذه الأهمية في كونه أحد المحاور الجوهرية التي تصنع وتحسن الصورة الذهنية من خلال مختلف الوسائل الاتصالية الحديثة للوصول السريع إلى الجمهور الداخلي والخارجي.

وأكدت نتائج الدراسة محورية دور اتصال الأزمات في تحسين الصورة الذهنية، مشيرة إلى أن أي عائق في عمليات الاتصال سيؤدي إلى تشويش في تكوين صورة ذهنية صحيحة للمؤسسة.

ووجدت الدراسة أن معظم الدراسات السابقة اختارت النظرية البنائية الوظيفية لكونها من أهم النظريات التي تنظر إلى المؤسسات باعتبارها شبكة للعلاقات الاجتماعية وأن الظواهر الاجتماعية ما هي إلا نتيجة لتفاعل وردة فعل بين أجزاء معينة في النسق. وذلك يرتبط بدور اتصال الأزمات في تحسين الصور الذهنية للمؤسسات حيث يخلق اتصال الأزمات ردة فعل لدى الجمهور تعمل على بلورة الصورة الذهنية وتحسينها لديه.

  • توصيات الدراسة

قدمت الدراسة سلسلة من التوصيات تمثلت في الآتي:

  • زيادة التركيز على دراسة اتصال الأزمات كونه من العلوم الحديثة نسبيًا.
  • التطرق لمدى إدراك الإدارة العليا في مختلف المؤسسات بأهمية وجود جهاز اتصال أزمات مستقل وقائم بذاته.
  • دراسة الكيفية التي يؤثر بها اتصال الأزمات على تحسين الصورة الذهنية بشكل دقيق.
  • دراسة مدى وعي القادة بعلاقة اتصال الأزمات بتحسين الصورة الذهنية للمؤسسات.
  • تناول موضوع اتصال الأزمات والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وأثر ذلك على تحسين الصورة الذهنية للمؤسسات.
  • التطرق بشكل متعمق للاستراتيجيات المستخدمة في اتصال الأزمات والتي من شأنها تحسين الصورة الذهنية للمؤسسات.
  • المقارنة بين طرق اتصالات الأزمات في مؤسسات مختلفة وأثر ذلك على الصورة الذهنية للمؤسسات.
  • دراسة الفروقات بين اتصال الأزمات وإدارة الأزمات وعلاقة ذلك بتحسين الصورة الذهنية.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن اتصال الأزمات يعد جزءا محوريا وأداة حيوية في تحسين الصورة الذهنية لجميع أنواع المؤسسات بمختلف مجالاتها، حيث يسهم في توطيد العلاقات بين المؤسسة وجمهورها الداخلي والخارجي من خلال التواصل الفوري واستخدام العديد من الأدوات كالحملات الإعلانية والإعلامية والاتصال الداخلي والخارجي، وشبكات التواصل الاجتماعي والتي تعد من أحدث التقنيات وأكثرها تطورًا لتحقيق السرعة في تدفق المعلومات إلى الجمهور مما يساعد على تحسين الصورة الذهنية لديه وكسب ثقة الجمهور خاصة في أوقات الأزمات وبذلك يستطيع اتصال الأزمات أن يحول الأزمة إلى فرصة حياة جديدة للمؤسسات من خلال خطوات مدروسة ومقننة، مما يزيد فرصة استدامتها وتحسين صورتها الذهنية.

بعبارة أخرى، إن اتصال الأزمات يعد ضرورة لضمان المضي قدمًا لجميع المؤسسات دون السقوط من أول وهلة في ظل البيئات المؤسساتية المليئة بالتحديات والمحفوفة بمختلف أنواع الأزمات مما يشكل تحديًا أمام المحافظة على الصورة الذهنية الصحيحة للمؤسسة في أذهان الجمهور، ويزيد صعوبة تحسين وإعادة بناء هذه الصورة التي تعد إحدى الركائز الأساسية لاستمرارية المؤسسات ونجاحها.

زر الذهاب إلى الأعلى