الدراسات الإعلامية

دور العلاقات العامة الرقمية في صناعة الصورة الذهنية

تُعتبر إدارة الصورة الذهنية للمنظمة إحدى أهم وظائف العلاقات العامة، وهدفها الرئيسي لبناء وتدعيم صورة ذهنية إيجابية عنها في أذهان الجماهير، وقد أصبحت العلاقات العامة ضرورة في هذا العصر الذي يتميز بالتغيرات السريعة والأحداث المتلاحقة، فلم يعد من الممكن أن تُترك الأمور للصدفة في ظل المواقف الاجتماعية المعقدة التي تحتاج إلى دراسة مستمرة وبحوث دقيقة؛ وقد أثيرت العديد من الخلافات حول تعريف الصورة ومُسماها، فالبعض أطلق عليها اسم “سمعة المنظمة” أو “صورة المنظمة” أو “هوية المنظمة”، والبعض الآخر تبنى توجُّهًا مختلفًا ينحصر في أن هوية المنظمة مصطلح جامع بين السمعة والصورة.

وأوضحت العديد من الدراسات أهمية الدور الذي تقوم به العلاقات العامة في تحليل الصورة الذهنية المتكونة لدى الجماهير المستهدفة، وقد تعاظم هذا الدور لارتباطه ببيئة الإنترنت، وقدرة العلاقات العامة الرقمية على كسر الحواجز الجغرافية، واستخدام الإنترنت كوسيلة تتيح فرصًا للإعلام والإقناع، وتقديم المعلومات، لذلك تُشكّل العلاقات العامة الإلكترونية مدخلًا أساسيًا لتنظيم وإدارة المنظمات الحديثة، وهي أحدث المرتكزات الأساسية لها في ظل البيئة الاتصالية الرقمية.

وفي هذا الإطار، سلطت دراسة نشرتها مجلة الإعلام والمجتمع في عددها الصادر في يونيو 2022 بعنوان “العلاقات العامة الرقمية وصناعة الصورة الذهنية للمنظمات الحديثة” الضوء على أهمية العلاقات العامة الرقمية في بناء الصورة الذهنية للمنظمات وآليات إدارة تلك المسألة، وهو ما نستعرضه على النحو التالي:

  • الصورة الذهنية في البيئة الرقمية

دفع الاهتمام بإدارة صورة المؤسسة في العصر الرقمي المسوقين إلى توظيف الوسائل والأدوات من أجل الترويج للمنتجات أو إقناع العملاء، وتوظيف الإشهار الإلكتروني في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على المستخدم لهذه الشبكات، وذلك لتعزيز وجود المؤسسة وتواصلها ووصولها لجماهيرها من خلال أكثر شبكات التواصل الاجتماعي ارتيادًا من قِبل الجماهير، واعتمادها المتواصل على الخدمات المستحدثة المقدمة من هذه الشبكات بما يخدمها كمؤسسة.

ومن أجل تحقيق ذلك، فلا بد من توافر مجموعة من الخصائص في القائم بالعلاقات العامة من أهمها:

  • المعرفة الجيدة بتحليل المواقع وعدد الزيارات، ومعرفة نوعية الجمهور الأكثر زيارة للموقع.
  • القدرة على تقييم موقع المنظمة ودوره في تحقيق الجانب الاتصالي.
  • المعرفة العامة بكافة الوسائل الاتصالية المتاحة من خلال الإنترنت وأيّ هذه الوسائل تناسب أي فئة من فئات الجماهير.
  • القدرة على اتباع الأساليب الحديثة للتأكد من صحة المعلومات التي يحصل عليها.
  • معرفة كيفية إدارة المواقع الإلكترونية وإنشاء صفحات التواصل الاجتماعي إلى جانب بعض الأمور الفنية الأخرى التي تختلف وفقًا للإمكانيات والخدمات المتاحة لموقع كل منظمة.
  • أهداف العلاقات العامة الإلكترونية المتعلقة بتحسين الصورة الذهنية

تسعى العلاقات العامة الإلكترونية إلى تحقيق الأهداف التالية فيما يتعلق بتشكيل وتحسين الصورة الذهنية:

  • نشر الصورة الإيجابية عن المنظمة ليرغب المستثمرون والأفراد في أن يكونوا جزءًا منها، وذلك عبر وسائل الإعلام الإلكتروني.
  • تحسين صورة المؤسسة وحمايتها في الأزمات، وخلق الوعي العام عن المؤسسة وما تقدمه عبر التأثير على الجمهور المُستهدَف من خلال أماكن وجودهم مثل: المدونات، والمنتديات، والمجلات الإلكترونية، والمواقع الإخبارية، ومواقع التواصل الاجتماعي، وأماكن المناقشات.
  • بناء وتعزيز مصداقية المؤسسة عند جمهورها، باعتبار العلاقات العامة الرقمية حلقة الوصل بين المؤسسة والجمهور والمؤسسات الأخرى.
  • تقريب المؤسسة من الجمهور المُستهدَف وجعلها موجودة في عالم الأعمال، حيث تختص بنقل أخبار المؤسسة للعالم، وتجعل من السهل الوصول إليها.
  • مراقبة وإدارة وحماية سمعة المنظمة، حيث تدير وجودها عبر منصات التواصل، وتجعل التركيز على صورة الهوية التي ترغب الشركة أو المؤسسة أو الفرد في تنصيبها.

 

  • توصيات من أجل تعزيز الصورة الذهنية للمنظمة

أفضت الشبكات الاجتماعية والمنصات الإلكترونية الأخرى إلى تشكيل ثقافة جديدة تمامًا، فبعد أن كانت المنظمات توجه رسائلها للجمهور صارت مطالبة بالانفتاح والتواصل معه، وعلى مديري العلاقات العامة مواكبة ذلك، والتأقلم مع هذا الوضع الجديد، حيث أصبحت العلاقات العامة الإلكترونية أو الجيل الثاني من العلاقات العامة واقعًا جديدًا يتوجب التعامل معه، كما يتطلب التحكم التقني والمعرفي في إدارة مستلزماته التكنولوجية، كإدارة المواقع، استغلال الشبكات الاجتماعية، استخدام القوائم البريدية، توظيف التطبيقات التكنولوجية، استخدام الإنفوجرافيك أثناء إظهار المحتويات الإعلامية للمؤسسات.

وقد أزالت هذه الوسائط الحاجز النفسي بين المؤسسة وجماهيرها، فأصبحت تبدو قريبة منهم أكثر من ذي قبل، إذ أضحت وكأنها البوابة الأمامية للمؤسسة، وموقعها على الإنترنت هو الردهة التي يتجول فيها الجمهور، الذي لم يعد يشعر بأنه مغيّب شعوريًّا وواقعيًّا عن المؤسسة، بل أصبحت المسافة الفاصلة بين الطرفين مسافة افتراضية لا وساطة فيها لأطراف أخرى.

وفي إطار سعي المنظمات إلى تعزيز صورتها الإيجابية لدى الجماهير، فمن الأهمية بمكان اتباع ما يلي:

  • دعم التفاعل مع الجماهير لمعرفة رجع الصدى والاتجاهات باستخدام أحدث التقنيات.
  • إشراك الجمهور من خلال الأخذ بمقترحاته ودعم الحوار معه.
  • تسهيل الأعمال والاتصالات مع مختلف المتعاملين، ورصد أعمال واستراتيجيات المنافسين.
  • الاهتمام بدراسات الجمهور وتسويق المحتوى الاتصالي وأيضًا استراتيجيات إدارة الصورة الذهنية للمنظمة، إضافة إلى الإلمام بأساسيات التسويق الرقمي المعاصر.
  • إقامة دورات تدريبية للعاملين في العلاقات العامة ومسايرة التطور في هذا المجال.

وتأسيسًا على ما سبق، فإن التغيرات التي حدثت في البيئة الرقمية والتكنولوجية جعلت من العلاقات العامة الرقمية ضرورة لازمة لدى المؤسسات على اختلاف أنشطتها وجمهورها، فالحضور في الفضاء الإلكتروني لم يعد ترفًا أو خيارًا، وهو ما يتطلب وجود عناصر في إدارات العلاقات العامة تتمتع بالكفاءة والاحترافية والقدرة على مجاراة هذا الواقع الجديد من أجل ترسيخ صورة ذهنية إيجابية عن المؤسسة في أذهان الجماهير.

زر الذهاب إلى الأعلى