مقدّمة:
ظلّ الخميس والجمعة، يومي عطلة نهاية الأسبوع في المملكة العربية السعودية، لمدة تقترب من 40 عاماً، إلى أن أصدر الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – أمراً ملكياً رقم أ/ 185 في الرابع عشر من شهر شعبان 1434هـ، يقضي بأن “تكون أيام العمل الرسمية في كافة الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية، والمؤسسات المالية، ومؤسسة النقد العربي السعودي، وهيئة السوق المالية، والسوق المالية السعودية، من يوم الأحد إلى يوم الخميس، وتكون العطلة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت”.
ومع تمتّع منسوبي الأجهزة الحكومية والهيئات الرسمية بإجازة يومي الجمعة والسبت أسبوعياً، إلا أن العاملين في مؤسسات القطاع الخاص يتفاوتون في تحديد يوم الإجازة الأسبوعية، ما بين جهاتٍ تمنح إجازة يوم الجمعة فقط، وجهاتٍ أخرى تمنح يومي الجمعة والسبت، وبذلك يكون يوم الجمعة هو القاسم المشترك لإجازة العاملين في السعودية، ويكون يوم الخميس آخرَ أيام العمل الأسبوعية، وتتجدّد مع قدومه مشاعر السعادة والراحة النفسية، لارتباطه بإجازة آخر الأسبوع.
وقد تصدّت دراساتٌ علمية لتفسير حالة السعادة التي تنتاب الأفراد مع اقتراب موعد العطلة الأسبوعية، كاشفةً عن الآثار الإيجابية للعطلة الأسبوعية على الصحة النفسية والبدنية للإنسان، وتحسين أدائه الإدراكي، والحدّ من آثار العمليات البيولوجية الضارة داخل جسمه والمرتبطة بالتوتّر العصبي، عبر الاسترخاء الذي توفّره تلك المحطة الأسبوعية، ليعود بطاقة وحيوية متجدّدة، فهي – بالتالي – ليست مجرّد وقت يتوقّفُ فيه الإنسان عن أداء ما اعتاد على فعله طيلة أيام الأسبوع.
ويَمتدّ التأثير الإيجابي لعطلة نهاية الأسبوع إلى الجانب الاقتصادي، باعتبارها من أهمّ المحفّزات المنعكسة على أداء وكفاءة الموظفين، وسلامة رؤيتهم وتقييمهم وحلولهم وقراراتهم.
وأمام هذه التفسيرات العلمية، يَتعيّن الاقترابُ من الجوانب النفسية والاجتماعية والاقتصادية لعطلة نهاية الأسبوع في المملكة، وتحليل أنماط قضائها، وتأثيراتها على السعوديين.
موضوع الدراسة:
مع اقتراب نهاية كلّ أسبوع، يَظهر على شبكة تويتر هاشتاق #الخميس_الونيس، وتتفاعل مع الهاشتاق فئاتُ المجتمع السعودي ذكوراً وإناثاً ومن مختلف الشرائح العمرية، ويأتي تفاعل السعوديين مع الهاشتاق تعبيراً عن فرحتهم بإجازة نهاية الأسبوع، حيث يُعدّ يومُ الخميس تحديداً يومَ ترويح عن النفس، بعد دوامٍ وضغوطِ عملٍ أو دراسة، على مدار أسبوع كامل.
ويرتبط هذا اليوم – غالباً – بأنشطةٍ مختلفة، كالسفر وزيارات العائلة والأصدقاء، والتنزّه وارتياد المولات والمطاعم والمقاهي.
ومن هنا تأتي أهمية دراسة هذا الهاشتاق، لرصد وتحليل الأسباب النفسية والاجتماعية خلف الاحتفاء بهذا اليوم في المملكة، ودراسة عادات وأنماط سلوكيات المجتمع السعودي.
وقد قام مركز القرار للدراسات الإعلامية بدراسة وتحليل هذا الهاشتاق، خلال الفترة من 30 ديسمبر 2019 وحتى 29 يناير 2020، أي لمدة شهر كاملٍ شَهِدَ كثافةً في نشاط التغريد والتفاعل مع التغريدات، حيث وصل عدد المشاركين في الهاشتاق خلال فترة التحليل إلى (4,243,339)، ولوحظ أن التفاعل مع الهاشتاق ينشط بشكل كبير منذ بداية يوم الخميس وحتى نهايته، ويَشهد خفوتاً في بقية الأيام، نظراً لارتباطه بهذه المناسبة تحديداً، وهو ما يكشف أهمية دراسة هذا النشاط الشَّبكي، ودوافعه ومظاهره وتأثيراته المختلفة.