دراسات

العلاقات العامة الرقمية في المبادرات الرسمية السعودية

تعتبر التكنولوجيا من أهم المؤثرات على ممارسة مهنة العلاقات العامة، حيث أدت لاكتسابها مميزات جديدة، منها تعدد فرص وصول المنظمات للجماهير بشكل أسرع وبطريقة أدق، الأمر الذي كان له أثر كبير في تطوير أدائها، وتحقيق التواصل مع عملائها والتعرف على تقييمهم للخدمات أو المنتجات أو الحملات الإعلانية أو الإعلامية، بعبارة أخرى ساعدت التكنولوجيا على خلق حالة من التواصل الخارجي الفعّال بين العاملين داخل المنظمة وجمهورها الخارجي، كما أنها مكّنت العاملين في إدارة العلاقات العامة من امتلاك أدوات تكنولوجية وتقنيات رقمية تساعدهم على تحقيق الإبداع والابتكار.

وفي المملكة العربية السعودية، أدى ارتفاع عدد الوزارات وتضاعف أعداد العاملين بها إلى ضرورة الاهتمام بدور العلاقات العامة مع الجماهير، وإنشاء وحدات متخصصة لها؛ لكي تنظم أدوارها، وتتمكن من أن تبني جسورًا من الثقة بين الأجهزة الحكومية وجماهيرها.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة اتحاد الجامعات العربية لبحوث الإعلام وتكنولوجيا الاتصال في عددها الصادر في يناير 2023، دراسة بعنوان “فاعلية فعالية العلاقات العامة الرقمية للمبادرات الرسمية للمملكة وعلاقتها بتعزيز ثقة الشباب في أداء الحكومة السعودية”، للدكتور محمد طلال مساوي، الأستاذ المشارك في كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز، حيث هدفت للتعرف على دور العلاقات العامة الرقمية في تدعيم الثقة بالمؤسسات الحكومية السعودية، وكيفية توظيفها أدوات الإعلام الرقمي في ممارسة مهنة العلاقات العامة لأجل تحقيق الانتشار للمبادرات الرسمية التي أطلقتها المؤسسات الحكومية، وأثر ذلك في تطوير الأداء الاتصالي لمهنة العلاقات العامة، وهو ما نستعرضه على النحو التالي.

  • عينة الدراسة

تم تطبيق الدراسة على عينة من الشباب السعودي من ممارسي العلاقات العامة قوامها 400 مفردة، موزعة كالتالي 38% من الذكور مقابل 62% من الإناث. وقد شكلت الفئة العمرية من 25 إلى أقل من 30 سنة (74%) من العينة، يليها الفئة من 18 إلى أقل من 25 سنة بنسبة بلغت (18%)، ثم الفئة من 30 إلى 35 سنة بنسبة (8%).

أما من حيث المستوى التعليمي، شكّل الحاصلون على مؤهل عال (78%) من العينة، يليهم الحاصلون على مؤهل متوسط (14%)، ثم الحاصلون على مؤهل فوق جامعي (8%).

ومن ناحية الدخل الشهري، فإن 45.3% من عينة الدراسة يتراوح دخلهم ما بين (500 لأقل من ألف ريال)، و28.7% من العينة دخلهم الشهري أقل من 500 ريال، و26% دخلهم الشهري أكثر من ألف ريال.

  • نتائج الدراسة

على صعيد مستوى متابعة عينة الدراسة للمبادرات الرسمية التي تطلقها المؤسسات الحكومية السعودية، جاءت في المقدمة المتابعة غير المنتظمة “أحيانا” بنسبة 47.5% من العينة، تلا ذلك المتابعة المنتظمة “دائما” بنسبة 38% ثم نادرًا بنسبة 14.5%، ويلاحظ مما سبق اهتمام ما يقرب من 80% من عينة الدراسة بمتابعة المبادرات الرسمية، ويرجع ذلك لتعدد الحملات التي أطلقتها المؤسسات الرسمية في التوعية بالمبادرات الرسمية التي دشنتها الحكومة السعودية بهدف تعزيز تطبيق أبعاد التنمية المستدامة المتقاربة مع رؤية السعودية 20٣0، فضلًا عن تعزيز المشاركة الشبابية من الوزارات والهيئات والجامعات لهذه المبادرات الرسمية.

أما عن ثقة عينة الدراسة في المبادرات، فجاء في المقدمة الثقة بدرجة متوسطة من قبل 46% من العينة، تلاها ثقة بدرجة كبيرة (30%)، ثم ثقة بدرجة محدودة (24%).

وعن نجاح المبادرة الرسمية في توظيف مبادئ الاتصال الحواري عبر الوسائل الرقمية لنشر المبادرات الرسمية بالمملكة العربية السعودية، فقد جاء بالمقدمة وفق تقييم عينة الدراسة الإدراك المرتفع من قبل 68% من العينة، تلاه الإدراك المتوسط من جانب 30% من عينة الدراسة، وأخيرا الإدراك المنخفض وفق تقييم 2% من العينة، وهو ما يستخلص منه أن الأنشطة الاتصالية الرقمية المقدمة على صفحات المبادرات الرسمية التي تطلقها المؤسسات الحكومية السعودية مميزة وممتعة، وأن وسائل المبادرات الرسمية من فيديوهات وصور ترويجية عن المبادرات الرسمية تمكنهم من قضاء وقت طويل في تلك الصفحات من دون ملل.

وفيما يتعلق باتجاه عينة الدراسة نحو المبادرات الرسمية التي تقوم بها الوزارات المختلفة بالمملكة، جاء في الصدارة أن “المبادرات صححت الكثير من المفاهيم الخاطئة لدي” بوزن نسبي 89.3 درجة، ثم جعلتني أشعر بأنني جزء من الفئات التي تهتم الدولة بتنمية مهاراتها ومشاركتها بالمجتمع السعودي بوزن نسبي 88 درجة، ثم “شجعتني على تنمية مهاراتي وتعزيز إمكانياتي بوزن نسبي 86.7 درجة، ثم “المبادرات حقيقية وتحقق أهدافها على أرض الواقع”، و”شجعتني على الإقدام بالمشاركة في خدمة المجتمع وتقديم المساعدة”، و”تتصف المؤسسات الحكومية بالشفافية والمصداقية بالمبادرات التي تقدمها”، و”أثق في قدرة المؤسسات الحكومية على تحقيق وإنجاز المبادرات التي تطلقها للجمهور”، وذلك بوزن نسبي 86 درجة لكل منها.

ويستخلص من إجابات العينة فيما يتعلق بتقييم طبيعة اتجاهاتهم نحو المبادرات الرسمية أن الاتجاه الإيجابي في المقدمة من قبل 64% من عينة الدراسة، تلاه تشكيل الاتجاه المحايد نحو المبادرات من قبل 34%، وأخيرًا جاء تشكيل الاتجاه السلبي نحو المبادرات من قبل 2% من عينة الدراسة، وتدلل النتائج على وجود اتجاه عام إيجابي نحو المبادرات قبل وبعد التطبيق، سواء في مرحلة تشكيل المعرفة أو التفاعل الفعلي وخلق السلوك.

وبالنسبة لأساليب الخطاب الإعلامي التي تستخدمها المبادرات الرسمية في تسويق خدماتها، جاء في المقدمة توظيف الخطاب التوجيهي بتقييم نسبته 67.3% من عينة الدراسة، ثم الخطاب الإخباري (50%)، وفي المركز الثالث الخطاب الدعائي (36.8%).

أما عن المحتويات التي تستخدمها المبادرات الرسمية في تسويق خدماتها، فجاءت كالتالي: الإعلانات الإرشادية 72.8% ثم المسؤولية الاجتماعية 59.3% يليها المعارض والمؤتمرات 40%، وأخيرًا تسويق الخدمات 32%.

  • توصيات الدراسة

قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات، في مقدمتها إجراء الدراسات التحليلية للصفحات الرسمية للمبادرات الرسمية وغير الرسمية التي تطلقها المؤسسات الرسمية والمؤسسات غير الرسمية، وعقد المقارنات بين آليات توظيف مبادئ الاتصال الحواري في مواقعها الإلكترونية وصفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أثبتت نتائج الدراسة أن هناك اهتمامًا لدى الجمهور بالمبادرات الهادفة لتحقيق نشاط معرفي وتغيير السلوك لديهم ليكون إيجابيًا ومتفاعلًا مع المتطلبات والاحتياجات التنموية للمجتمع.

كما توصي الدراسة بالوقوف على مدى توظيف التقنيات الرقمية والجرافيكية في آليات التفاعل عبر الصفحات الرسمية وغير الرسمية للمبادرات الرسمية وغير الرسمية، للوقوف على مدى تفاعل القائمين على إدارة هذه الصفحات مع التطورات التكنولوجية والرقمية والتقنية.

وتقترح الدراسة القيام بدراسات ميدانية على مختلف الفئات العمرية من الجمهور السعودي واستفادته من المبادرات الرسمية وغير الرسمية، على فترات زمنية متتالية، لقياس نجاح المبادرات الرسمية وغير الرسمية في القيام بأدوارها على فترات زمنية مختلفة، خاصة وأن هناك مبادرات رسمية نجحت في تحقيق أهدافها، وكان لها عدد من المراحل للتنفيذ على مدار عدد من السنوات.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن الاهتمام بأنشطة الاتصال المؤسسي والتواصل مع الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي بات خطوة رئيسية لتأمين الدعم وحشد كافة الجهود اللازمة لنجاح أي مبادرات تطلقها مؤسسات الدولة، انطلاقًا من حقيقة مفادها أن المبادرات تعتمد في المقام الأول على الإنسان لتطلق قدراته، وتمكّنه من الإسهام في مسيرة التنمية الوطنية.

زر الذهاب إلى الأعلى