الدراسات الإعلامية

تفاعل الجمهور مع المواد الإعلامية الزائفة والمتحقق منها على مواقع التواصل الاجتماعي

أثار تطور تقنيات تعديل الصور ومقاطع الفيديو العديد من القضايا الإشكالية المتصلة بالمصداقية، لا سيما عبر منصات التواصل الاجتماعي التي لا يخضع المحتوى المتداول فيها لضوابط النشر المتبعة في وسائل الإعلام، في حين يحظى بانتشار واسع في فترة زمنية وجيزة للغاية.

ويستغل صُنّاع ذلك المحتوى بعض التقنيات مثل التزييف العميق في إعداد مقاطع فيديو تخدم أهدافًا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وهو ما يفرض الحاجة إلى زيادة الاعتماد على آليات التحقق البصرية، التي تُمكّن مستخدميها من كشف التزييف الحادث في المقاطع المتداولة.

وفي هذا الإطار، نشرت المجلة المصرية لبحوث الرأي العام في عددها الصادر في أبريل/ يونيو 2023، دراسة بعنوان “تفاعل الجمهور مع المواد الإعلامية الزائفة والمتحقق منها على مواقع التواصل الاجتماعي: دراسة لاستراتيجيات التحقق البصرية المستخدمة في غرف صناعة الأخبار” من إعداد الدكتورة إلهام يونس أحمد، الأستاذ المساعد بقسم الإذاعة والتلفزيون بالمعهد الدولي العالي بأكاديمية الشروق، هدفت لتحليل تفاعل الجمهور مع تلك المواد من خلال عينة تضمنت 30 صورة و30 فيديو من المواد الإعلامية التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة من 2012 – 2022.

  • نتائج الدراسة

توصلت الدراسة إلى تصدر المضمون السياسي للمواد الإعلامية الزائفة على صعيد الصور، بنسبة 53.3% يليه المضمون الاجتماعي (20%)، ثم المضمون الفني (10%)، وفي المرتبة الرابعة المضمون الاقتصادي (6.8%) يليه كل من المضمون الرياضي والديني وفئة أخرى بواقع 3.3% لكل منها.

وعلى صعيد الفيديوهات الزائفة، جاء أيضًا المضمون السياسي في الصدارة بنسبة 56.7%، يليه الاجتماعي (17%) ثم فئة أخرى (10%)، يليه الديني (6.7%)، ثم المضمون الاقتصادي والفني والرياضي بنسبة 3.3% لكل منها.

وخلصت الدراسة إلى أن أكثر آليات التحقق البصرية استخدامًا في غرف صناعة الأخبار للتحري عن مدى صحة أو صدق الصور كانت البحث العكسي بنسبة 86.7% ثم الرجوع للبيانات الأصلية بنسبة 6.7%، يليها البحث المتقدم في محركات البحث عن عنوان الخبر وجوجل ماب بواقع 3.3% لكل منهما.

أما بالنسبة لآليات التحقق من الفيديوهات، فكان موقعا invade  و YouTube Data Viewer  هما الأكثر استخدامًا في التحري عن صحة الفيديوهات عينة الدراسة، وذلك بنسبة 76.6%. وفي المرتبة الثانية البحث العكسي للصور (المضمنة في الفيديوهات) 13.3%، ثم الرجوع للبيانات الأصلية 6.7%.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن البحث العكسي للصور من خلال جوجل هو خدمة تقدمها شركة جوجل، إذ يتم رفع الصورة من أجل البحث عن التشابه بينها وبين أول نشر لهذه الصورة على الإنترنت وما إذا كان تم نشرها سابقًا أم لا.

أما YouTube data viewer  فهي آلية وضعتها منظمة العفو الدولية على الإنترنت بهدف التحقق من صحة الفيديوهات المنشورة على اليوتيوب.

ويعد برنامج invade الأداة الأكثر استخدامًا للتحقق من الفيديوهات الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تعمل كذلك بآلية البحث المعاكس أو تحديدًا معرفة بداية نشر الفيديو أول مرة.

وفيما يتعلق بأنواع التلاعب المستخدمة في تزييف المواد الإعلامية، على صعيد الصور، جاء التلاعب باستخدام برامج كالفوتشوب أو غيره في المرتبة الأولى بنسبة 43.3% ثم التلاعب بخلفية الحدث والسياق الزمني والمكاني 23.3%، يليها فبركة مكان الحدث والسياق الزمني 16.7%، وفي المرتبة الرابعة التلاعب بخلفية الحدث 10%، وأخيرا التلاعب في السياق الزمني للصورة واستخدام موقع Break Your Own news  الذي يتيح لك الحصول على تصميم لأي خبر تريد نشره بنسبة 3.3%.

وعلى صعيد الفيديوهات، جاء التلاعب بخلفية الحدث في المرتبة الأولى بنسبة 33.3%، يليه التلاعب بخلفية الحدث والسياق الزمني والمكاني بنسبة 23.3%، ثم التلاعب بخلفية الحدث والسياق الزمني بنسبة 17%، والتلاعب باستخدام برامج كالفوتشوب أو غيره بنسبة 16.7% وأخيرًا تحويل سياق المشهد التمثيلي لمشهد حقيقي بنسبة 10%.

  • توصيات الدراسة

قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات، في مقدمتها بناء الوعي لدى الجمهور بأهمية فحص المنشورات الإعلامية من خلال القراءة في المواقع الرسمية وعدم السعي وراء الترند، وكذلك ضرورة تحري الدقة وإعادة النظر في معايير النشر والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تفعيل مرحلة الفحص والتحري عن المعلومات والبيانات في غرف صناعة الأخبار؛ وذلك حماية لمصداقية الوسيلة من ناحية ووعي الجمهور من ناحية أخرى.

كما أوصت بفتح المجال أمام دراسات أخرى تتناول قضايا مثل استخدام الوسائل التكنولوجية في إنتاج القصص الإخبارية، ومدى تأثيرها على مهنية العمل الإخباري، وكذلك توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في إعداد وتحرير النشرات الإخبارية، وأيضًا تأثير التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في صناعة الأخبار على القيم الإخبارية.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن استخدام التكنولوجيا في صناعة الأخبار، بات سلاحًا ذا حدين، إذ يمكن استخدامها في التزييف، كما يمكن استخدام تطبيقات أخرى في كشف هذا التزييف. وللتغلب على تلك الإشكالية يوجد مساران، الأول يتعلق بالمؤسسات والمنافذ الإعلامية عبر تدريب كوادرها وتأهيلهم تقنيًا لعدم السقوط في فخ المواد الزائفة وتطوير آليات التحقق من المعلومة، أما المسار الثاني فيتعلق بتثقيف الجمهور إعلاميًا وكيفية التعامل بحذر مع محتوى منصات التواصل الاجتماعي.

زر الذهاب إلى الأعلى