دراسات

تحديات البث المباشر على “تيك توك” رفض مجتمعي للسفه والإسفاف

ملخص تنفيذي:
يعكس واقع استخدام السعوديين للإنترنت بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي على وجه التحديد، إجراءات التمكين الرقمي الذي شهدته – ولا تزال – المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030، إذ أصبحت المملكة أكبر سوق لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة، ويُعد السعوديون من أكثر المجتمعات نشاطًا على المنصات الاجتماعية.
وعلى الرغم مما يُوفره الحضور السعودي القوي على المنصات الاجتماعية من فرص لتوظيف الطاقات واستغلال الإمكانات بشكل إيجابي بنّاء، فإن البعض سعى لاستخدام هذه المنصات في نشر محتوى سطحي وتافه من أجل تحقيق الشهرة والكسب المادي السريع، مُستغلين كل ما هو ممكن سواء كان متماشيًا مع عادات وتقاليد المجتمع ونسقه القيمي، أو متناقضًا معه أو متعارضًا مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
ومن أمثلة هذا النمط من المحتوى، ما انتشر مؤخرًا تحت اسم (تحديات البث المباشر) على منصة تيك توك، والتي أصبحت مثارًا للجدل بين السعوديين خاصة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي دفع مركز القرار للدراسات الإعلامية لدراسة انطباعات الجمهور السعودي تجاه هذه الظاهرة، واستكشاف مدى رفضهم أو تأييدهم لها، ورصد الحُجج التي يُقدمها كل طرف لتبرير موقفه والبرهنة على طرحه.
وقد انتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج، منها:
• عبّرت الغالبية العظمى من المتفاعلين الذين تناولوا ظاهرة تحديات البث المباشر على تيك توك عن رفضها لهذه الظاهرة.
• كشفت تفاعلت السعوديين وعيهم وإدراكهم للخطورة التي تُشكلها تحديات البث المباشر وما يُشبهها من محتوى على المجتمع.
• تناولت أطروحات الرافضين لتحديات البث المباشر ثلاثة محاور رئيسية:
أولًا: انتهازية تطبيق تيك توك وأصحاب مقاطع التحديات.
ثانيًا: قِلة وعي الداعمين المتفاعلين مع التحديات.
ثالثًا: تأثير تحديات البث المباشر على المجتمع دينيًا واجتماعيًا وفكريًا واقتصاديًا.
• أرجع المستخدمون أسباب انتشار ظاهرة تحديات البث المباشر إلى مجموعة من العوامل، أبرزها “انعدام مسؤولية” المتبرعين بالأموال لصالح المشاركين في التحديات، حيث أكدوا أن هذا التبرع يُعد نوعًا من السفه والتبذير.
• قدّم المستخدمون عددًا من الحلول لمواجهة هذه الظاهرة السلبية، تمثّلت في أهمية توعية المواطنين بمخاطر هذا النمط من المحتوى؛ وسن القوانين التي تُنظم عملية الظهور والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي لتكون بمثابة عامل ردع لكل من يُخالفها؛ وضرورة التواصل مع النشء من أجل فهم احتياجاتهم وأسباب تفضيلهم لهذا المحتوى الهابط، ومن ثمّ العمل على تقويمهم؛ فيما طالب البعض بضرورة حظر تطبيق تيك توك في المملكة.

مقدمة
يعكس واقع استخدام السعوديين للإنترنت بشكل عام ووسائل التواصل الاجتماعي على وجه التحديد، إجراءات التمكين الرقمي الذي شهدته – ولا تزال – المملكة العربية السعودية في ظل رؤية 2030، إذ أصبحت المملكة أكبر سوق لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة، ويُعد السعوديون من أكثر المجتمعات نشاطًا على المنصات الاجتماعية، وذلك على كافة المستويات سواء الأفراد أو المؤسسات الحكومية أو الشركات الخاصة.
ووفقًا لتقرير الرقمية الصادر عن مؤسسة “We Are Social” للأبحاث التسويقية في فبراير 2023، يبلغ عدد مستخدمي مواقع التواصل في المملكة 29.1 مليون مستخدم، يمثلون 79.3% من إجمالي السكان، كما يبلغ المتوسط اليومي لاستخدام السعوديين لمنصات التواصل الاجتماعي 3 ساعات ودقيقة واحدة.
وفيما يتعلق بمعدلات استهلاك مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي عبر الهواتف الذكية، فيأتي في مقدمة التطبيقات التي يتم استخدامها بشكل نشط شهريًا “واتساب” يليه “تيك توك” الذي يبلغ متوسط عدد زياراته الشهرية 10.4 مليون زيارة / شهر، كما يبلغ متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدم السعودي في الزيارة الواحدة على المنصة 10 دقائق و9 ثوان. أما بالنسبة لأكثر البرامج والتطبيقات التي يتم تثبيتها على الهواتف، فيتصدرها تيك توك.
وعلى الرغم مما يُوفره الحضور السعودي القوي على المنصات الاجتماعية من فرص لتوظيف الطاقات واستغلال الإمكانات بشكل إيجابي بنّاء، فإن البعض سعى لاستخدام هذه المنصات في نشر محتوى سطحي وتافه من أجل تحقيق الشهرة والكسب المادي السريع، مُستغلين كل ما هو ممكن سواء كان متماشيًا مع عادات وتقاليد المجتمع ونسقه القيمي أو متناقضًا معه أو متعارضًا مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
ومن أمثلة هذا النمط من المحتوى، ما انتشر مؤخرًا تحت اسم (تحديات البث المباشر) على منصة تيك توك، والتي يقوم فيها المستخدمون بتقديم تبرع “دعم مباشر” خلال خدمات البث المباشر لصاحب المقطع المصور للتعبير عن إعجابهم بالمحتوى، ويكون هذا التبرع في شكل نقاط يتم تحويلها فيما بعد إلى أموال يتحصل تيك توك على جزء منها، وإرسال باقي المبلغ لصاحب البث المباشر.
وقد أصبحت ظاهرة تحديات البث المباشر مثار جدل بين السعوديين خاصة في الآونة الأخيرة، الأمر الذي دفع مركز القرار للدراسات الإعلامية لدراسة انطباعات الجمهور السعودي تجاه هذه الظاهرة، واستكشاف مدى رفضه أو تأييده لها، ورصد الحُجج التي يُقدمها كل طرف لتبرير موقفه والبرهنة على طرحه.
مجتمع وعينة الدراسة
يتمثّل مجتمع الدراسة في تفاعلات المستخدمين التي تناولت ظاهرة “تحديات البث المباشر على تيك توك”. ونظرًا لصعوبة حصر جميع التفاعلات، فقد اعتمدت الدراسة على عينة قوامها (200) تعليق متفاعل على ثلاث تغريدات منشورة في موقع تويتر تناولت “تحديات البث المباشر”.

نتائج الدراسة:
اتجاه الجمهور السعودي نحو ظاهرة (تحديات البث المباشر) على تطبيق “تيك توك”
أظهرت النتائج أن الغالبية العظمى من التفاعلات جاءت رافضة لظاهرة (تحديات البث المباشر) على تطبيق “تيك توك” بنسبة 90.5%، مقابل 9.5% فقط من إجمالي العينة كانت مؤيدة.
وساق الرافضون العديد من البراهين الداعمة لموقفهم، منها على سبيل المثال أن المحتوى المقدم تافه ومفلس فكريًا، ويفتقد في جانب منه للأخلاق والنسق القيمي للمجتمع السعودي، كما أنه يتعارض مع تعاليم ديننا الإسلامي. إضافة إلى اتهام البعض لتطبيق تيك توك بالتحايل على المتابعين وجذبهم خاصة من فئة المراهقين للاستيلاء على أموالهم.
أما المؤيدون لتحديات تيك توك، فإن موقفهم مبني على أساس عاطفي ينطلق من حبهم للشخصيات المشاركة في التحديات، وذهب بعضهم إلى تشبيه متابعتهم للتحديات ودفعهم للأموال، بشغف متابعة مباريات كرة القدم وشراء التذاكر لمشاهدتها من أرض الملعب. كما برّر فريق منهم موقف الرافضين لتحديات البث المباشر بأنه نابع من الحقد على الشخصيات المشاركة في التحديات.

الأطروحات المركزية
الأطروحات المركزية لرافضي (تحديات البث المباشر) على “تيك توك”
تضمنت تفاعلات المستخدمين الرافضين لتحديات البث المباشر مجموعة من الأطروحات المركزية والحجج والبراهين الداعمة لكل طرح، وذلك على النحو التالي:
1- نوع من الخداع والاحتيال على المستخدمين: حيث ترى هذه الفئة من التفاعلات أن تحديات البث المباشر على تطبيق تيك توك تُعد بمثابة نوع من السرقة لأموال المستخدمين، حيث تذهب نسبة من تبرعاتهم للتطبيق، ووصفوا ذلك بأنه عملية نصب واحتيال على المتابعين لتلك التحديات وأغلبهم من فئة المراهقين. فيما عبّر بعض المتفاعلين عن اعتقادهم بأن تحديات البث المباشر عملية غير قانونية، مشيرين إلى أن بعض تجار المخدرات والممنوعات يستخدمون تيك توك لغسل أموالهم.
2- سفه وعدم تقدير لقيمة المال: أوضح أنصار هذا الطرح أن دعم المستخدمين لأصحاب مقاطع التحديات يُعد سفهًا وتبذيرًا وعدم تقدير لقيمة المال، معتبرين أنه سلوك ينقصه الحكمة والرشد والعقلانية، كما سخر البعض من المشاركين في هذه التحديات وأبدوا اندهاشهم من كيفية قيام شخص بدفع أمواله في هذه التفاهات التي لا تعود عليه بأي فائدة.
وأشار أنصار هذا الطرح أيضًا إلى إحدى سلبيات هذه الظاهرة والمتمثلة في تأثيرها على الاقتصاد الوطني بسبب نقل كثير من الأموال إلى خارج المملكة دون قيود أو ضوابط.
3- تُساهم في نشر التسطيح الفكري: ركّز أنصار هذا الطرح على تأثير انجذاب المراهقين والشباب لظاهرة تحديات البث المباشر، وأوضحوا أن انعكاس هذه الظاهرة أعمق من مجرد إهدار الأموال من جانب السعوديين بلا هدف، مؤكدين أن الأمر يتعدى ذلك، حيث يُساهم في تسطيح الفكر وتشويه الوعي بقيمة الأعمال الجادة والبناءة التي تخدم الوطن والمواطنين.
4- تُخالف تعاليم الدين وعادات وقيم المجتمع: اعتمد أصحاب هذا الطرح على المرجعية الدينية في تقييمهم لظاهرة تحديات البث المباشر، فاعتبروا أن الدين الإسلامي يُحرّم مثل هذه الظواهر التي تتسم بالسفه، مستشهدين بآيات من القرآن الكريم مثل قوله تعالى: “ثم لتسألنّ يومئذٍ عن النعيم”، كما استشهدوا بأحاديث من السنة النبوية الشريفة مثل الحديث النبوي: “لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ”.
وإجمالًا.. نستنتج أن أطروحات الرافضين لتحديات البث المباشر تناولت ثلاث محاور رئيسية:
أولًا: انتهازية تطبيق تيك توك وأصحاب مقاطع التحديات.
ثانيًا: قِلة وعي الداعمين المتفاعلين مع التحديات.
ثالثًا: تأثير تحديات البث المباشر على المجتمع دينيًا واجتماعيًا وفكريًا واقتصاديًا.

الأطروحات المركزية لمؤيدي (تحديات البث المباشر) على “تيك توك”
من جانبهم، تضمنت تفاعلات المؤيدين لظاهرة تحديات البث المباشر عدة أطروحات مركزية تُبرز تأييدهم لهذه الظاهرة، جاءت على النحو التالي:
أ‌- دعم المملكة: يرى أنصار هذا الطرح أن دعمهم للمشاركين في التحديات نابع من شعور وطني يدفعهم إلى ضرورة المؤازرة، خاصة إذا كانت جولة التحدي بين سعودي وشخص غير سعودي؛ واعتبر بعضهم أن جولات البث المباشر يمكن استخدامها كقوة ناعمة للمملكة.
جدير بالذكر أن بعض الشخصيات المشاركة في تحديات البث المباشر تستغل هذا الوتر العاطفي المتمثل في الوطنية من أجل حث المستخدمين على المشاركة وتشجيعهم وتحفيزهم لتقديم الدعم لهم.
ب‌- الإعجاب بالشخصية المشاركة في التحدي: ترى هذه الفئة من التفاعلات أن دافعها الأساسي لتأييد تحديات البث المباشر نابع من حبها وإعجابها بالشخصية المشاركة في التحدي وتماهيها معها، وحماسها واستمتاعها بفوزها في جولة التحدي.
ت‌- الحرية الشخصية: تعتبر هذه الفئة من التفاعلات أن تأييد تحديات البث المباشر يُعد حرية شخصية، فالمؤيدون لم يُجبروا على ذلك. كما تعتقد هذه الفئة أن استنكار الرافضين للتحديات قائم على الحسد والحقد لما يربحه المشاركون في تحديات البث المباشر.
ومن اللافت أن بعض المؤيدين استندوا إلى المرجعية الدينية للبرهنة على هذا الطرح، كاستشهادهم بقوله تعالى: “ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم”.

الأطر المرجعية
تنوعت الأطر المرجعية التي استند إليها الرافضون لظاهرة تحديات البث المباشر بتطبيق تيك توك، فتصدّرها الإطار “الاقتصادي” بنسبة 41.5%، حيث جاءت أغلب التفاعلات منتقدة ومندهشة من قيام المستخدمين بدفع الأموال إلى المشاركين في التحديات دون أن يعود عليهم ذلك بأي نفع. وتضمنت التفاعلات أيضًا التخوف من استغلال البعض لهذه التحديات في نقل الأموال إلى خارج المملكة، الأمر الذي يُضر الدولة اقتصاديًا.
وفي المرتبة الثانية حلّ الإطار “الاجتماعي” بنسبة 34.5%، وذلك بإبراز دور هذا الشكل من المحتوى الذي يغرس بعض القيم السلبية في المجتمع السعودي ويُعززها خاصة في فئة المراهقين والشباب، ويعمل على تسطيح الفكر.
وجاء الإطار “الديني” في المرتبة الثالثة بنسبة 22.5%، وتم الاستناد إليه بشكل أساسي من أجل مواجهة هذه الظاهرة السلبية عبر استخدام الوازع الديني وما أمرنا به ديننا الإسلامي الحنيف والسنة النبوية الشريفة، والذي يحثنا على عدم التبذير أو الإنفاق بسفه فيما لا ينفع، ويأمرنا بأن نكون أعضاء إيجابيين في المجتمع، ونساهم في إفادة الآخرين.
أما المرتبة الرابعة والأخيرة فكانت للإطار “الأمني” بنسبة 1.5%، حيث حذّر قِلة من المستخدمين من إمكانية استغلال البعض لهذه التحديات للقيام بأنشطة غير قانونية تتعلق بغسل الأموال والتجارة غير المشروعة.

أما المؤيدون لظاهرة تحديات البث المباشر، فقد اعتمدوا على الإطار “الوطني” في المقام الأول، حيث اعتبرت فئة منهم أن دعم المشاركين السعوديين في التحديات والفوز بها يُعد انتصارًا للمملكة في حال كانت جولة التحدي مع شخصية غير سعودية، واقترح البعض أن يتم استغلال هذه التحديات كقوة ناعمة للسعودية أسوة بكرة القدم.
وفي المرتبة الثانية جاء الإطار “الشخصي”، حيث أوضحت هذه الفئة أن تأييدها لتحيات البث المباشر يُعد حرية الشخصية سواء في التأييد أو التبرع بالمال، وأن متابعتها للتحديات يرجع إلى إعجابها بالشخصيات المشاركة فيها، مشيرة إلى أنها تُتابع تحديات البث المباشر لقضاء وقت الفراغ والتسلية والترفيه.

الاستمالات الإقناعية
أظهرت النتائج أن الرافضين لتحديات البث المباشر اعتمدوا على الاستمالات العقلية في جميع تفاعلاتهم التي خلت تمامًا من أي استخدام للاستمالات العاطفية. وذلك على عكس المؤيدين للتحديات الذين اعتمدوا بشكل أساسي على الاستمالات العاطفية بنسبة 95% مقابل 5% فقط للاستمالات العقلية.
وتُشير هذه النتيجة إلى قوة ورسوخ وثبات وجهة نظر الرافضين لتحديات البث المباشر الذين حرصوا على مخاطبة العقل بالحُجة والمنطق.

(تحديات البث المباشر).. أسباب الانتشار وأساليب المواجهة
أولاً: أسباب انتشار الظاهرة
كشفت نتائج تحليل تفاعلات المستخدمين التي تناولت تحديات البث المباشر أنهم أرجعوا سبب انتشار هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، ترتبط إما بالمتابعين للتحديات أو الشخصيات المشاركة في التحدي أو الرقابة الأسرية والمجتمعية.
ومن أبرز هذه الأسباب، ما يلي:
1- انعدام المسؤولية: حيث يرى الكثير من المتفاعلين أن المستخدمين الذين يُتابعون تحديات التيك توك ويدفعون الأموال للشخصيات المشاركة فيها، غير مقدرين للمسؤولية، فهُم لم يتحملوا عناء كسب المال، ولذلك يجدون سهولة في إضاعته على هذه التفاهات.
وأوضح المتفاعلون أن المسؤولية تمتد لتشمل الأسرة أيضًا، وذلك من منطلق مسؤوليتها في مراقبة سلوكيات الأبناء، ومقدار الأموال المخصصة لهم، ومتابعة كيفية إنفاقهم لها.
2- الاعتماد على المحتوى المبتذل: إذ ترى هذه الفئة من التفاعلات أن من أسباب انتشار ظاهرة تحديات البث المباشر على تيك توك، اعتماد المشاركين في التحديات على المحتوى المبتذل، مشيرة إلى أن بعض المشاركين يفضلون هذا النوع من المحتوى باعتباره جاذبًا لبعض فئات المراهقين والشباب. وبالتالي يلجؤون إلى استخدامه من أجل الكسب المادي حتى وإن كان على حساب الأخلاق والقيم المجتمعية والتعاليم الدينية.
3- قِلة الوعي: أوضح البعض أن المراهقين أكثر الفئات التي تستهدفها تحديات التيك توك، حيث إنهم يفتقدون إلى الوعي والإدراك الكامل لمخاطر هذا النمط من المحتوى السطحي والضار.
4- الإعجاب بالشخصية المشاركة: أشار البعض إلى أن من ضمن أسباب انتشار هذه الظاهرة ومتابعتها هو إعجاب المستخدمين بالشخصية المشاركة في التحديات، وانجذابهم للمحتوى الذي تقدمه، الأمر الذي يعكس قصورًا في التصور الصحيح للمثل والقدوة التي يجب أن يُحتذى بها، ويكشف مدى الخطورة الناتجة عن انتشار المحتوى التافه والسطحي في وسائل التواصل الاجتماعي، وتأثيره على المجتمع وبشكل خاص النشء من المراهقين.
5- اعتبارها وسيلة للترفيه والتسلية: ارتباطًا بالنتيجة السابقة، فقد أرجع البعض سبب متابعتهم لتحديات البث المباشر إلى الترفيه والتسلية وقضاء وقت الفراغ. وعلى الرغم من أن هذا السبب لا يُبرر بأي حال من الأحوال إنفاق الأموال على هذه التحديات التي لا تعود بالنفع على المستخدمين المتبرعين بأموالهم، فإنه في الوقت ذاته يُشير إلى جاذبية محتوى التحديات للفئات المتابعة لها.
وهنا تبرز أهمية الدور التوعوي للأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلامية في حماية الأبناء من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تُعد تحديات البث المباشر من مظاهرها.

ثانياً: الحلول المقترحة لمواجهة الظاهرة
اتسمت الكثير من تفاعلات المستخدمين بالإيجابية، بأنها اهتمت بتقديم حلول لمواجهة ظاهرة تحديات البث المباشر على تيك توك، وقد تمحورت أبرز هذه الحلول حول ما يلي:
أ‌- توعية المواطنين: حيث أكدت أغلب التفاعلات على أنه من أهم خطوات الحل لمواجهة هذه الظاهرة هو نشر التوعية والتحذير من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي ومنها تحديات البث المباشر، وذلك من منطلق أن أولى مراحل الحل لأي مشكلة هو كشفها وإبرازها والاعتراف بوجودها. وأوضحت التفاعلات أن التوعية تشمل فئتي المراهقين والشباب على وجه الخصوص، كما تشمل الآباء للفت نظرهم إلى ضرورة متابعة سلوكيات أبنائهم وترشيد مصروفاتهم، وتُظهر أيضًا دور المؤسسات التعليمية والإعلامية كمصادر للتثقيف ونشر الوعي والارتقاء بالذوق العام.
ب‌- سن القوانين: التي تُنظم عملية الظهور والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي من جانب، وتُمثل عامل ردع لكل من يُخالف الأنظمة والقوانين المعمول بها من جانب آخر.
ت‌- حظر التطبيق: ذهب البعض للمطالبة بضرورة حظر تطبيق تيك توك استشعارًا منه بخطورته على المجتمع وخاصة على الفئات الأقل سنًا. كما طالب آخرون بأهمية قيام الجهات المعنية في الدولة بعمل حظر مصرفي على عمليات الدفع عن طريق التطبيق.
ث‌- فهم احتياجات الشباب: أشار البعض إلى ضرورة فهم احتياجات المراهقين والشباب وتفهم عقليتهم والطريقة التي يُفكرون بها، وذلك كمرحلة أولى للتقييم ومن ثم القدرة على التقويم السليم، بجانب محاولة توفير البديل المناسب للأنماط الاتصالية التي ينجذبون إليها. وينطلق أنصار هذا الطرح من قناعة قائمة على أن الاكتفاء باللوم المتواصل والرفض القاطع لن يكون الأسلوب المناسب لحل المشكلة.

النتائج العامة للدراسة:

انتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج العامة، تمثّلت فيما يلي:
• عبّرت الغالبية العظمى من المتفاعلين الذين تناولوا ظاهرة تحديات البث المباشر على تيك توك عن رفضها لهذه الظاهرة.
• كشفت تفاعلت السعوديين عن وعيهم وإدراكهم للخطورة التي تُشكلها تحديات البث المباشر وما يُشبهها من محتوى على المجتمع.
• جاءت جميع الحُجج التي ساقها أنصار الاتجاه الرافض للتحديات منطقية تُخاطب العقل بالمنطق، وذلك بعكس الحُجج التي اعتمد عليها أنصار الاتجاه المؤيد للتحديات والتي جاءت عاطفية في غالبية تفاعلاتهم.
• تناولت أطروحات الرافضين لتحديات البث المباشر ثلاثة محاور رئيسية:
أولًا: انتهازية تطبيق تيك توك وأصحاب مقاطع التحديات.
ثانيًا: قِلة وعي الداعمين المتفاعلين مع التحديات.
ثالثًا: تأثير تحديات البث المباشر على المجتمع دينيًا واجتماعيًا وفكريًا واقتصاديًا.
• أرجع المستخدمون أسباب انتشار ظاهرة تحديات البث المباشر إلى مجموعة من العوامل، أبرزها “انعدام مسؤولية” المتبرعين بالأموال لصالح المشاركين في التحديات، حيث أكدوا أن هذا التبرع يُعد نوعًا من السفه والتبذير.
• قدّم المستخدمون عددًا من الحلول لمواجهة هذه الظاهرة السلبية، تمثّلت في أهمية توعية المواطنين بمخاطر هذا النمط من المحتوى؛ وسن القوانين التي تُنظم عملية الظهور والنشر على وسائل التواصل الاجتماعي لتكون بمثابة عامل ردع لكل من يُخالفها؛ وضرورة التواصل مع النشء من أجل فهم احتياجاتهم وأسباب تفضيلهم لهذا المحتوى الهابط ومن ثمّ العمل على تقويمهم؛ فيما طالب البعض بضرورة حظر تطبيق تيك توك في المملكة.

ختامًا..
انطلاقًا من أن وسائل التواصل الاجتماعي قد فرضت نفسها كأمر واقع في العالم أجمع، أصبح لزامًا التعامل معها بحذر خاصة في المجتمعات الأكثر استخدامًا لها كالمملكة العربية السعودية، وذلك للاستفادة من إيجابياتها وتفادي سلبياتها التي تُعد ظاهرة تحديات البث المباشر إحدى صورها، وتدخل ضمن نطاق طيف واسع من محتواها السلبي الهدام الذي يتعارض مع القيم المجتمعية ويُساهم في تسطيح الفكر.
ونظرًا لأن أولى خطوات المواجهة تتمثل في الاعتراف بوجود مشكلة والعمل على توصيفها بشكل دقيق والتعرف على أسبابها الحقيقية من أجل القدرة على معالجتها والتغلب عليها، جاءت هذه الدراسة لتسلط الضوء على ظاهرة تحديات البث المباشر وما تمثله من خطورة على المجتمع من وجهة نظر الجمهور السعودي، الذي أكد غالبيته على رفضه لهذا النمط من المحتوى التافه، ورأى أن انتشاره نابع في الأساس من عدم المسؤولية واستغلال قِلة الوعي لدى فئة المراهقين، الأمر الذي يتطلب التركيز على رفع مستوى وعيهم وتثقيفهم رقميًا، وتشديد الرقابة الأسرية على الأبناء، مع ضرورة فتح قنوات للحوار والنقاش معهم تتخللها تقديم النصح والإرشاد الدائم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى أهمية تعزيز الحضور الإعلامي للنماذج المشرفة في المجتمع التي تستحق أن تكون قدوة يُحتذى بها، وذلك لتبيان الفارق بينها وبين التافهين أمثال المشاركين في تحديات البث المباشر.

زر الذهاب إلى الأعلى