الدراسات الإعلامية

أبعاد الثراء الإعلامي لدى مستخدمي الشبكات الاجتماعية من الشباب الجامعي السعودي

شهدت السنوات الأخيرة تزايد اهتمام أفراد المجتمع السعودي عامة والشباب خاصة بمواقع التواصل الاجتماعي؛ كتويتر وفيسبوك وإنستغرام ويوتيوب، حيث تضاعف عدد المستخدمين من 8.5 مليون مستخدم إلى 18.3 مليون مستخدم، بما يعادل 58% من تعداد سكان المملكة، وقد بلغ مستخدمو فيسبوك 11 مليونًا، بينما وصل عدد مستخدمي تويتر إلى 9 ملايين، ويوتيوب 7 ملايين، كما جاءت المملكة في المرتبة الأولى عربيًّا والثانية عالميًّا في استخدام تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، وكشفت إحصائية جديدة أن 41% من مستخدمي الإنترنت في السعودية يستخدمون شبكة تويتر وهي أعلى نسبة من إجمالي المستخدمين في العالم.

وتتمتع الشبكات الاجتماعية بأهمية خاصة في أوساط الشباب السعودي بسبب تسارع انتشارها، وتنوع دوافع استخدامها، واعتمادهم عليها كونها أصبحت مصدرًا مهمًّا للأخبار والمعلومات، وساحة مفتوحة للحوار والنقاش والتعليقات حول مختلف القضايا والأحداث.

وفي هذا الإطار، سعت دراسة نشرتها مجلة البحوث والدراسة الإعلامية للدكتور سالم بن ناصر الشريف الأستاذ المساعد بكلية الإعلام والاتصال جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، إلى رصد اتجاهات الشباب الجامعي السعودي نحو الشبكات الاجتماعية، ومدى كثافة ودوافع الاستخدام والتعرف على مستويات الثقة فيها كمصدر للمعلومات، وأهم الشبكات الاجتماعية التي يفضلها إلى جانب قياس مدركات الشباب الجامعي السعودي نحو أبعاد ومكونات الثراء الإعلامي للشبكات الاجتماعية من خلال نظرية ثراء الوسيلة الإعلامية التي تنص على أنه كلما زاد غموض الرسالة على المستقبل، زادت الحاجة إلى وسيلة أكثر ثراء لنقل هذه الرسالة.

 

  • عينة الدراسة

اعتمدت الدراسة على منهج المسح في الحصول على المعلومات والبيانات من عينة قوامها 440 مفردة، منها 230 طالبًا وطالبة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية و210 طلاب من جامعة  الملك سعود، وقد شكّلت نسبة الذكور 52.3%، مقابل 47.7% من الإناث، وهي نسبة تقترب من نسبة الذكور والإناث في مجتمع الدراسة، حيث يزيد عدد الطلاب عن عدد الطالبات بفارق بسيط، كما جاءت النسبة الأكبر من المشاركين في سن 18-21 سنة حيث بلغت 60.7% مقابل 33% لمن أعمارهم بين 22-25 سنة، في المقابل انخفضت نسبة الذين تبلغ أعمارهم 26 سنة فأكثر حيث بلغت 6.4% ومعظمهم من الملتحقين بالدراسات العليا.

  • نتائج الدراسة:

توصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج يمكن استعراضها على النحو التالي:

أظهرت النتائج أن 90% من المبحوثين يستخدمون الشبكات الاجتماعية بمستوى مرتفع، و9.5% يستخدمونها بمستوى متوسط و0.5% يستخدمون الشبكات بمستوى منخفض.

وبصورة عامة تصدرت الدوافع الاجتماعية المرتبة الأولى بين أنواع دوافع الشباب السعودي لاستخدام الشبكات الاجتماعية، بمتوسط حسابي (2.84) تلتها الدوافع النفعية بمتوسط (2.77) وفي المرتبة الثالثة الدوافع الطقوسية بمتوسط (2.56). وقد تمثلت الدوافع الاجتماعية في التواصل مع الآخرين بسهولة وسرعة، ومشاركتهم الأفراح والأحزان، ثم مشاركة الأفكار والتصويت وإبداء الرأي، تلتها “للوجاهة الاجتماعية والشعور بالمكانة بين الأصدقاء، وأخيرًا لاكتساب صداقات جديدة.

أما عن الدوافع النفعية لاستخدام شبكات التواصل فجاءت بالترتيب التالي: “الحصول على المعلومات بسهولة”، ثم “فهم الأحداث من حولي”، و”أغراض البحث والدراسة”، تلتها “تبادل المعارف والخبرات مع الآخرين” وأخيرًا “تعلم مهارات جديدة للتميز عن الآخرين”.

وبالنسبة للدوافع الطقوسية فجاءت كالتالي: “للتسلية والترفيه” ثم “للتخلص من الملل وشغل أوقات الفراغ” تلاها “لممارسة الألعاب التفاعلية مع الأصدقاء” ثم “للهروب من مشاكل العمل والمنزل”، وأخيرًا ” للشعور بالراحة والاسترخاء”.

من جهة أخرى، أظهرت الدراسة تصدر فيسبوك قائمة الشبكات الاجتماعية الأكثر استخدامًا وأهمية لدى الشباب الجامعي السعودي بوزن نسبي (80.8%) وفي المركز الثاني واتساب وتليجرام (62.7%) ثم موقع تويتر في المرتبة الثالثة بوزن نسبي (41.2%)، وعلى الرغم من أن السعودية تحتل المرتبة الأولى في نسبة عدد مستخدمي تويتر من حيث نسبة عدد السكان (45.3%)، وفقا لآخر إحصائية للمنصة العالمية ( We are Social) فإن الشباب الجامعي السعودي يفضل فيسبوك، ويمكن تفسير ذلك في ضوء طبيعة بناء الشبكتين، ومدى مناسبتهما لخدمة الأهداف التعليمية، حيث تتيح فيسبوك للمستخدمين إمكانية كتابة منشورات طويلة تُمكّن الطلاب من تلخيص المحاضرات ونشرها، في المقابل تويتر تلائم أكثر رجال المال والأعمال الذين لا يملكون وقتًا كافيًا للكتابة الطويلة.

بالإضافة إلى ذلك، كشفت نتائج الدراسة أن الشباب الجامعي السعودي يعتمد على الشبكات الاجتماعية كمصدر معلومات بدرجة أعلى نسبيًا من ثقتهم فيها، وهذا يعني أن الطلاب وإن تحصلوا على المعلومات عبر هذه الشبكات إلا أن ثقتهم فيها متوسطة ما يجعلهم يخضعونها للفحص والتحقق.

وفيما يتعلق بأبعاد ومكونات الثراء الإعلامي للشبكات الاجتماعية من وجهة نظر الشباب الجامعي السعودي، فقد تصدرها بُعد “تعدد الرموز والوسائط” بمتوسط حسابي (2.84) وفي المرتبة الثانية بُعد “التركيز الشخصي” بمتوسط (2.81)، وهو ما يشير إلى تنوع وسائط المحتوى المنشور من صور وفيديوهات ونصوص عادية وفائقة، وذلك أهم ما يجذب الشباب الجامعي.

وجاء بُعد “التفاعل والفورية في المرتبة الثالثة بمتوسط (2.79)، الأمر الذي يكشف عن اهتمام الشباب الجامعي بميزة التفاعل والمشاركة وسرعة الاستجابة عبر الشبكات الاجتماعية.

واحتل بُعد “استخدام اللغة المفهومة” المركز الرابع بوزن نسبي (2.75) حيث تتيح الشبكات الاجتماعية لكل مستخدم الترجمة والنشر باللغة التي يفهمها، وتوفر ميزة الترجمة التلقائية للمنشورات والردود باللغات التي لا يفهمها المستخدمون. ثم في المرتبة الخامسة جاء بُعد “التحكم بالمحتوى” بمتوسط (2.69) إذ تتيح الشبكات للمستخدمين تعديل منشوراتهم وتعليقاتهم في أي وقت دون قيود. وفي المرتبة الأخيرة بُعد “الخصوصية” بمتوسط (2.56)، وقد يعود ذلك إلى تعرُّض حسابات وصفحات بعض المستخدمين أو أصدقائهم إلى الاختراق.

وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن كثافة استخدام الشباب الجامعي السعودي للشبكات الاجتماعية تسهم بدرجة ضعيفة في زيادة إدراكهم لأبعاد ومكونات الثراء الإعلامي لهذه الشبكات، ويأتي الإسهام الأكبر في زيادة مدركاتهم لبعد تعدد الرموز والوسائط.

وختامًا، أوصت الدراسة بزيادة تركيز واهتمام الجامعات السعودية على الشبكات الاجتماعية والاستفادة منها في العملية التعليمية، سواء من خلال إنشاء صفحات وحسابات رسمية على مستوى الجامعات أم على مستوى الكليات والأقسام، وتفعيل هذه الصفحات من خلال تخصيص قائمين عليها، وإمدادهم بالمعلومات اللازمة التي تُمكّنهم من الرد والتفاعل مع الطلاب.

كما أشارت إلى أهمية إعطاء الجامعات السعودية أولوية لموقع فيسبوك إلى جانب الاهتمام بالشبكات الأخرى، من خلال تأسيس صفحات رسمية ومجموعات حوارية عبر هذه المنصة للتفاعل والحوار مع الطلاب بشأن التنسيق والقبول والمحاضرات وجداول الاختبارات والدراسة.

وأوصت الدراسة أيضًا الجامعات السعودية وأعضاء هيئة التدريس فيها بإتاحة المعلومات والمعارف ضمن شبكات التواصل من خلال تشكيل مجموعة مصغرة على مستوى كل قسم وتخصص، ونشر ملخصات المحاضرات، ومشاركة المحتوى التعليمي الهادف.

وأخيرًا، سلطت الضوء على ضرورة الاهتمام بطبيعة المحتوى التعليمي المنشور عبر الحسابات الرسمية الخاصة بالجامعات السعودية من حيث تبسيط المحتوى عبر استخدام الإنفوجرافيك والانميشن والفيديوهات وغيرها من الوسائط المتعددة التي تسهم في شرح وتوضيح المحتوى النصي الجامد.

 

زر الذهاب إلى الأعلى