رغم أن عمره لا يتخطى التسعة والعشرين ربيعاً، إلا أن نجم الإعلام الجديد “زاك كينج”، استطاع تحقيق شهرة عالمية وانتشارٍ ضخم بين صفوف الشبان في وقت قصير للغاية.
تفرّد “كينج” بفن بصري غير مسبوق في عالم التواصل الاجتماعي، من خلال مقاطع الفيديو الساحرة والتي لا تتجاوز مدتها 7 ثوانٍ
ومثّل “كينج” نموذجاً مبهراً للإبداع البشري الخلاق، تفرّد بفن بصري غير مسبوق في عالم التواصل الاجتماعي، من خلال مقاطع الفيديو الساحرة والتي لا تتجاوز مدتها 7 ثوانٍ، وتتمتع بتأثيرات سينمائية استثنائية، ويقوم بتصميمها وإنتاجها باستخدام التقنيات الرقمية الحديثة، ومعالجتها بواسطة برمجيات المؤثرات البصرية، ليظهر فيها وكأنه يقوم بأعمال سحرية خارقة، كما برع في اتباع أفضل السبل لتطوير وتوسيع نطاق منصات التواصل الاجتماعي وزيادة فعاليتها، وتعظيم الاستفادة منها كأداة إعلامية عصرية فعالة ومؤثرة، مما جعله يتربع على عرش وسائل هذا الإعلام، وأكسبه شهرة واسعة لدى الملايين من المتابعين والمعجبين في أرجاء العالم.
نشأ في وسط عائلي ذي ثقافات متعددة، ويمتلك قناته على اليوتيوب Zach Cut King ، حيث يقوم بنشر تحديات وفيديوهات تعليمية عن صناعة الأفلام
إنه “زاك كينج” الذي ولد في الرابع من شهر فبراير عام 1990، لأب صيني أمريكي وأم أمريكية، في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون الأمريكية، نشأ في وسط عائلي ذي ثقافات متعددة، ويمتلك قناته على اليوتيوب والتي تسمى Zach Cut King ، حيث يقوم بنشر تحديات وفيديوهات تعليمية عن صناعة الأفلام.
صنع أول فيديو عندما كان في السابعة من عمره، حين أعطاه والداه كاميرا قديمة
أحب “زاك” فن التصوير منذ طفولته، وصنع أول فيديو عندما كان في السابعة من عمره، حين أعطاه والداه كاميرا قديمة وبدأ بالتقاط صور للعائلة، وحاول إخراجها بطريقة مختلفة، ومن ثم دأب على تعليم نفسه فنون التصوير وأساليبه المختلفة، وطرق الاستفادة من شتى خصائص الكاميرا، وبدأ منذ ذلك الحين بصناعة الفيديوهات لأخته الصغيرة وبقية أفراد العائلة، وتطور الأمر ليبدأ بصناعتها خارج حدود المنزل، الأمر الذي زرع داخله شغف التعلم والتطور في صناعة الفيديو.
عندما بلغ السادسة عشرة، رفض شراء سيارة خاصة، وأصر على شراء جهاز كمبيوتر بدلاً عنها، ليبدأ عام 2008 في تدشين موقعه الإلكتروني، وقام من خلاله بتقديم نصائح، ودروس تدريبية عن برنامج “فاينال كت برو”، كما بدأ في استخدام قناته على يوتيوب لنفس الغرض، حتى نجح في تكوين قاعدة من المتابعين.
التحق بجامعة بيولا الخاصة في ولاية كاليفورنيا وتخرّج منها في مجال السينما وفنون الإعلام، ولكن الشهادة الجامعية لم تقدّم له ما يريد معرفته عن مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن معظم المقاطع التي يخرجها اليوم تعلّمها بمهارته الشخصية وقدراته الخاصة، وليس عن طريق التخصّص الجامعي.
التكامل بين الجديد والتقليدي
يرى نجم الإعلام الجديد، أن منصات الإعلام الجديد تتلاقى بشكل أو بآخر مع وسائل الإعلام التقليدية في المحتوى الذي تقدّمه، حيث تعمل التكنولوجيا الحديثة على تطوير أساليب صياغة الأخبار، ولكنها لا تلغي أو تغيّر في أصلها، فالمنصة سواء كانت حديثة أو قديمة، هي أداة لإيصال المعلومة للجماهير، وأن الشبكات الاجتماعية والعالم الافتراضي، بما فيه من خيارات متاحة للشباب تعكس آراءهم وأذواقهم المختلفة، ترضي احتياجات المشاهدين وتتماشى معها، نظراً لوجودها في كل مكان بالحواسب الآلية وهواتفنا الذكية، ولكن هذا لا يلغي الوسائل التقليدية، بل يجدد من أنماط وصولها للشريحة المستهلكة.
زاك كينج: التقنيات الجديدة تحتاج مع وسائل التواصل الحديثة إلى فرصة جيدة وسيناريو محبوك
يقول صانع المحتوى الأمريكي “زاك كينج” إن التقنيات الجديدة التي يؤمن بها، تحتاج مع وسائل التواصل الحديثة إلى فرصة جيدة وسيناريو محبوك، مشدداً على أهمية وجود القصة والفكرة المميزة التي يحرص على سردها بشكل متقن وعالي الجودة، مؤكداً أن القوة تكمن في الهواتف الذكية، لكن الفكرة تبقى هي الأهم، مشيراً إلى أنه في الماضي كان الأمر مكلّفاً مادياً، إلا أنه اليوم ومع تطور الهواتف الذكية أصبح الأمر سهلاً للغاية وغير مكلف.
فرسان القطط وبداية الصعود
يعد مقطع “فرسان القطط ” البداية الحقيقية لرحلة صعود وتألق “زاك كينج” في عالم التواصل الاجتماعي
كان عام 2011 في حياة “كينج” عاماً مفصلياً في مسيرته العملية، حيث نشر أول أعماله على يوتيوب، وهو فيديو قصير يصور قطتين في مبارزة باستخدام سيوف الليزر التي تشتهر بها أفلام الخيال العلمي، وخلال ثلاثة أيام بلغ عدد مشاهدي المقطع أكثر من مليون شخص، وبذلك يُعدّ مقطع “فرسان القطط” البداية الحقيقية لرحلة صعود وتألق “زاك كينج” في عالم التواصل الاجتماعي، بكل ما تشهده حالياً من ابتكار تقني خلاب.
بعد ذلك توالت أعماله الشهيرة التي أبهرت العالم، مثل المقاطع التي يظهر فيها وكأنه يقفز داخل سيارة تمر بجانبه بسرعة عالية دون فتح بابها، والتقاط “برج إيفل” الذي يُظهره الفيديو وكأنه يتحوّل في يده إلى مجسّم صغير، وغيرها من المقاطع التي نالت نسباً ضخمة من المشاهدات، على أحدث مواقع التواصل الاجتماعي المتخصصة في مشاركة مقاطع الفيديو، مثل “يوتيوب”، و”انستغرام” وموقع “فاين” (Vine).
سرعان ما أصبح من أفضل خمسة وعشرين مخرجاً واعداً للأجيال في هوليوود
في عام 2013، انضم إلى تطبيق Vine، وهو عبارة عن تطبيق يقدّم خدمة استضافة الفيديوهات الصغيرة، حيث يمكن لمشتركيه نشر حلقات لمقاطع فيديو لا يتجاوز طولها سِتَّ ثوانٍ، وبدأ في تحميل مقاطع فيديو فريدة ومبتكرة، وبدأ في تحقيق دخل ضخم بالنتيجة، وسرعان ما أصبح من أفضل خمسة وعشرين مخرجاً واعداً للأجيال في هوليوود الأمريكية.
القواعد الاستراتيجية للنجاح
أهم قواعد نجم الإعلام الجديد تتمثل في الجمهور الصحي والفيديو النظيف والارتباط العاطفي بالجمهور
يرى نجم الإعلام الجديد، أن زيادة الجمهور والمتابعين عبر قنوات التواصل الاجتماعي، ترتكز على المحتوى والمضمون المنشور، إضافة إلى التنويع وتناول قضايا من شأنها لفت انتباه الرأي العام، بالإضافة إلى التركيز على أهم العناصر التي يجب توافرها عند رسم الحبكة الدرامية للقصة، مهما كانت قصيرة، بما يضمن لها التميز والإثارة واستمرارية إعجاب المتابعين، ويتمسك “زاك” بعدة قواعد استراتيجية في نشاطه على مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي:
أولاً: الجمهور الصحي
تمكن نجم الإعلام الجديد من استقطاب أكثر من 200 مليون مشاهد
يقول “زاك” إن “الجمهور الصحي”، هو أول القواعد الاستراتيجية التي يتمسك بها في نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعرّفه بأنه الجمهور الذي يلتزم معك لأعوام طويلة، وتربطك به علاقة عاطفية اجتماعية لا تختصر بمقطع فيديو أو صورة فوتوغرافية، وهذه أولى القواعد الاستراتيجية التي وفرت له الفرصة لتحقيق هذا النجاح الكبير والانتشار الواسع، إذ تمكن من استقطاب أكثر من 200 مليون مشاهد.
ثانياً: الفيديو النظيف
يأخذ “زاك” بعين الاعتبار أن فيديوهاته تصل للأطفال وهو يطمح أن يكون حافزاً لهم على الإبداع والابتكار
سلّط “زاك” الضوء على “الفيديو النظيف”، بصفته ثاني القواعد الاستراتيجية التي يتمسك بها في نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، فهو دائماً يأخذ بعين الاعتبار أن فيديوهاته تصل للأطفال، وهو يطمح أن يكون ما ينشره حافزاً للصغار على الإبداع والابتكار لا العكس، لذلك تحمل معظم المقاطع التي يصوّرها إما رغبات وأماني الناس، أو الخوف أو التحدي، وغيرها الكثير من القضايا ذات المحتوى المناسب للجميع.
ثالثاً: الارتباط العاطفي مع الجمهور
يحرص “كينج” على أن يتشارك الجمهور مع المقاطع التي يصوّرها هو وفريقه الفني، ويقول في ذلك إنه صوّر في إحدى المرات مقطعاً حقّق له 200 مليون مشاهدة، ولكنه لم يحقّق له الارتباط العاطفي مع الجمهور، فكل مقطع فيديو ينتجه يحتاج إلى أربع ساعات عمل مع فريق كبير خبير في مختلف التخصصات المطلوبة.
زاك كينج ينتج فكراً وإبداعاً يفيد الأجيال الواعدة من المبتكرين
وختاماً.. فإن “زاك كينج” يعد نموذجاً مثالياً لما يجب أن يكون عليه نجوم ومشاهير السوشال ميديا، فهو ينتج فكراً وإبداعاً يفيد الأجيال الواعدة من المبتكرين، وعلى الرغم من قصر مدة مقاطع الفيديو التي ينتجها “كينغ”، إلا أنه ينجح دائماً في أن تحتوي هذه المدة القصيرة لفيديوهاته على رسائل راقية، وتفاصيل ثرية بالدلائل والإشارات الموحية، تجعلها بمثابة قصة قصيرة كاملة الأركان والمقومات الفنية، وهو ما يحقق قدراً كبيراً من الإبهار والتسلية للمشاهد.