قراءات

كلمة الملك سلمان تُؤكد تفوُّق المملكة على تحديات كورونا

في كلمة جامعة شاملة تضمنت رؤية للواقع الراهن الذي تمر به المملكة في ظل خطوات تحديث متسارعة تهدف لبناء حاضر زاهر ومستقبل مشرق بسواعد أبناء المملكة، وتشريح دقيق للتحديات التي تجابه العالم في ظل وباء كورونا، فضلًا عن التهديدات التي يمثلها المشروع الإيراني لمنطقة الشرق الأوسط، مع وضع منهاج عمل واضح للتغلب على كل التحديات.

جاء خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- يوم الأربعاء الموافق 25/3/1442هـ في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى، ليكون بمثابة إطار مرجعي ومنهاج عمل وخارطة طريق لتوجهات الدولة السعودية ورؤيتها في الحاضر والمستقبل.

وقد عكس الخطاب الدور الرائد الذي تضطلع به المملكة في الدفاع عن قضايا الأمة العربية والإسلامية، ورؤية قائد حكيم ذي حنكة وبصيرة نافذة تقود المملكة نحو مراحل جديدة من التنمية والتحديث ومكانة متفردة بين الأمم قاطبة.

وتُعد التكاملية وفق مفهوم الإدارة الاستراتيجية للدولة السعودية هي أساس العمل في كل المجالات، فالمملكة العربية السعودية تسير وفق سياسة استراتيجية تتابعية، وهو ما يظهر من خلال التأكيد الدائم على دور الملوك الراحلين، طيَّب الله ثراهم، بدءًا من الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، رحمه الله، الأمر الذي يحمل رسالة مهمة إلى كل المسؤولين السعوديين والعاملين في كل المجالات مفادها أن الجميع يبني على ما قدمه سابقه.

تقدير الملك لمجلس الشورى

تُؤشر الكلمة التي تأتي في ظل ظروف استثنائية يُعاني منها العالم أجمع على حرص خادم الحرمين الشريفين على استمرار دورية خطابه أمام مجلس الشورى، ممَّا يعكس مدى الاهتمام الذي يُوليه -حفظه الله- بالمجلس وتقديرًا لدوره في المشهد الوطني، وتجسيدًا للدعم والمساندة اللذين يحظى بهما من القيادة الرشيدة، فضلًا عن الإيمان بالتكامل والتعاون بين سلطات الدولة.

إن التأكيد على أن مبدأ الشورى الذي يقوم على أساسه المجلس له دور أساسي في مسيرة التنمية الشاملة للمملكة كان بمثابة رسالة تضامنية وتشاركية أخرى واضحة ومباشرة بأن السعودية دولة مؤسسات.

المملكة تتفوق على تحديات كورونا

أكد الملك سلمان في خطابه حرص القيادة الرشيدة على إقامة موسم الحج رغم جائحة كورونا التي يُعاني منها العالم أجمع، وهو ما تم بنجاح بعد اتخاذ كل إجراءات الأمن والسلامة والوقاية.

وفي هذا الشأن، أكد خادم الحرمين الشريفين نجاح الدولة السعودية في التصدي المبكر للحد من تداعيات فيروس كورونا.

وأظهر خطاب الملك الأهمية البالغة لدور المواطن والمقيم في محاصرة الفيروس، حيث قدمه على دور مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية التي حظيت بتقديره وإشادته -حفظه الله-.

وكان من اللافت ربط خادم الحرمين الشريفين بين هذا الدور، وما يقوم به الجنود البواسل في الحد الجنوبي من تضحيات، وهو ربط موحٍ يُؤكد تقديره -أيده الله- لمدى ضخامة الدور الذي يقومون به، وحجم التضحيات والمخاطر والمعاناة التي يتحملونها في مواجهة الجائحة العالمية، التي لا تقل خطورة عن مواجهة الجنود في أرض المعارك، فخابطهم بلغة أبوية، كأبٍ لهم.

وفي رسالة طمأنة من القيادة الرشيدة إلى المواطن والمقيم بأنها تستشعر معاناتهم الناتجة عن تداعيات كورونا السلبية حرص الملك سلمان على استعراض الإجراءات التي اتخذتها الدولة السعودية من أجل التخفيف عنهم، ومنها:

  • الإسراع في تقديم المبادرات الحكومية للقطاع الخاص، وخاصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة شملت أكثر من (218) مليار ريال.
  • تقديم الدعم للقطاع الصحي بمبلغ (47) مليار ريال.
  • استمرار الأعمال وموازنة الأثر الاقتصادي والصحي والاجتماعي.
  • سنواصل التقييم المستمر، حتى انتهاء الجائحة بإذن الله، وهو ما يُمكن ترجمته بأن الملك سلمان

-حفظه الله- يُطمئن المواطن والمقيم بالوقوف بجانبهم حتى انتهاء الأزمة، وأن التقييم المستمر يعني حرصه وعمله المستمر من أجل ألا يشعر المواطن والمقيم بتغيير كبير في مستوى معيشته.

استغلال المكانة العالمية للمملكة لخدمة البشرية

أظهر خطاب خادم الحرمين الشريفين أنه جاء عالميًّا على المستوى الإنساني، فبجانب اهتمامه بتنمية وازدهار المملكة العربية السعودية وتوفير أفضل ظروف معيشية للمواطن السعودي، فإن الملك سلمان –رعاه الله– يسعى إلى توفير حياة أفضل للإنسان أيًّا كان موطنه أو ديانته أو معتقداته، ومن دلائل ذلك تأكيده على ما يلي:

– استغلت المملكة رئاستها للدورة الحالية لمجموعة العشرين، التي جاءت في ظل تفشِّي فيروس كورونا، فقادت المجموعة إلى تبني سياسة المواجهة العالمية للجائحة من أجل تخفيف آثارها عن البشرية، ومن هذا المنطق كان حرص المملكة على عقد القمة الاستثنائية الافتراضية للمجموعة في مارس الماضي.

–  تطلّع المملكة من قمة مجموعة العشرين التي ستعقد هذا الشهر إلى تعزيز التنمية وتحفيز التعاون عالميًّا، لصنع مستقبل مزهر للإنسان.

–  حرص السعودية منذ تأسيس منظمة أوبك على استقرار أسواق البترول العالمية، فكان دورها المحوري في تأسيس واستمرار اتفاق مجموعة أوبك بلس، الذي جاء نتيجة مبادرات المملكة الرامية إلى تسريع استقرار الأسواق واستدامة إمداداتها.

– العمل الدائم على ضمان استقرار إمدادات البترول للعالم بما يخدم المنتجين والمستهلكين على حد سواء، في ظل الظروف الحالية التي يُعاني منها العالم جراء جائحة كورونا.

– رؤية المملكة 2030 هي خارطة الطريق لمستقبل أفضل لكل من يعيش في هذا الوطن الطموح، فلم يختص الملك سلمان –حفظه الله– المواطن السعودي، وإنما خاطب جميع من يوجد على الأراضي السعودية.

إنجازات رؤية 2030

استعرض خادم الحرمين الشريفين نتائج السياسات الاقتصادية التي تتبنَّاها القيادة الرشيدة، التي تُعبِّر عنها رؤية المملكة 2030، أبرزها:

تحسين الخدمات الحكومية.

رفع نسبة التملك في قطاع الإسكان.

تطوير قطاعات الترفيه والرياضة والسياحة.

استقطاب العديد من الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي يُوضح تميز البيئة الاستثمارية السعودية الجاذبة.

تمكين المرأة وتفعيل دورها في المجتمع وسوق العمل.

العمل على تعزيز تمكين المواطن، وإشراك القطاع الخاص بشكل أكبر.

ويُظهر العرض السابق أن الرؤية الطموح للمملكة التي تعمل على تعدد مصادر الدخل، ومشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية الشاملة وتعزيز دور المواطن وبخاصة المرأة، قد أسهمت في تحسين المناخ الاستثماري للسعودية، فأصبحت اليوم الدولة الأكثر تقدُّمًا وإصلاحًا من بين (190) دولة، وفقًا للبنك الدولي، كما حققت المملكة المرتبة الأولى خليجيًّا والثانية عربيًّا، في تقرير البنك الدولي: “المرأة، أنشطة الأعمال والقانون 2020”.

دور المملكة في دعم الدول العربية وتحقيق الاستقرار الإقليمي

الخطر الإيراني

تتحمل الدولة السعودية النصيب الأكبر من عبء مواجهة المشاريع الإقليمية المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة، وعلى رأسها المشروع الإيراني الطائفي الساعي للسيطرة وبسط النفوذ على المنطقة، سواء بشكل مباشر أو من خلال أذرعه العسكرية، وبخاصة ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًّا.

ونتيجة لدور المملكة في التصدي لهذا المشروع والوقوف كحجر عثرة ضد تحقيقه، وكشفها لخطورته ورفضها التام لتدخل نظام الملالي في الشؤون الداخلية للدول العربية، كانت المملكة -ولا تزال- مستهدفة بشكل دائم من جانب هذا النظام التخريبي الطائفي.

ولذلك جدَّد الملك سلمان في خطابه دعوته للمجتمع الدولي لاتخاذ موقف حازم تجاه إيران، مُحددًا بعض الأساسيات التي يقوم عليها هذا الموقف، مثل ضمان منعها من الحصول على أسلحة دمار شامل وتطوير برنامج الصواريخ الباليستية وتهديد السِّلم والأمن.

كما جاء الخطاب مؤكدًا أهمية التمييز بين الشعب اليمني الذي تدعمه المملكة بكل قوة من أجل استعادة سيادته واستقلاله، والميليشيا الانقلابية الإجرامية التي تسعى إلى فرض سيطرتها على اليمنيين.

القضية الفلسطينية

وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، جاء خطاب الملك سلمان واضحا وحاسما ومانعا لأي استغلال سياسي من جانب أي طرف كان، حيث يتمثل الموقف المبدئي للمملكة وفق مجموعة من الثوابت، أهمها:

الدعم الكامل للشعب الفلسطيني الشقيق.

مساندة الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

مساندة الجهود الرامية لإحلال السلام في الشرق الأوسط بالتفاوض بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للوصول إلى اتفاق عادل ودائم.

مساندة الدول العربية

أظهر خطاب الملك سلمان أن موقف المملكة العربية السعودية من الدول العربية قائم على مجموعة من الأسس:

العمل على تحقيق الأمن والاستقرار للدول العربية.

تعزيز العلاقات الثنائية مع المملكة والتعاون في شتى المجالات، بما يُحقق التنمية والازدهار للشعوب.

دعم وتأييد التوصل إلى حلول سلمية للدول العربية التي تُعاني من اضطرابات داخلية مثل سوريا وليبيا.

ضرورة وقف التدخل الخارجي، ووجوب خروج الميليشيات الإرهابية والجماعات المسلحة والمرتزقة من هذه الدول.

الحفاظ على وحدة الدولة.

وإجمالًا، فقد عكس خطاب الملك أن السعودية وقيادتها الرشيدة تحمل على عاتقها وتهتم بمشكلات ومشاغل الدول العربية الشقيقة من منظور مكانتها العربية والإسلامية والدولية.

ختامًا.. جاء خطاب الملك سلمان

–أيده الله– استثنائيًّا بسبب الجائحة التي أصابت العالم أجمع، وبجانب ما حمله من منهاج عمل للدولة السعودية ومؤسساتها، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، فقد بعث بمجموعة من الرسائل المهمة، أهمها:

رسالة تقدير للدور المهم الذي يقوم به مجلس الشورى كمشارك في صناعة القرار السعودي.

رسالة إشادة للمواطن والمقيم والعاملين في المجال الصحي على دورهم المحوري في الحد من التداعيات السلبية لجائحة كورونا.

رسالة دعم وتأييد للجنود البواسل المرابطين في الحد الجنوبي للدفاع عن الوطن والمواطن ضد أي تهديد.

رسالة طمأنة إلى المواطن والمقيم بأن القيادة الرشيدة توليهم الأولوية القصوى والمستمرة في العمل على تخفيف التداعيات السلبية لفيروس كورونا حتى انتهاء الأزمة.

رسالة فخر واعتزاز بما تحققه المملكة العربية السعودية بكل مكوناتها من إنجازات حتى في ظل الظروف الاستثنائية الناتجة عن تفشي فيروس كورونا.

رسالة تضامنية عالمية تعكس اهتمام القيادة السعودية بالإنسان في المقام الأول.

 رسالة تأكيد على ثبات المواقف المبدئية للمملكة العربية السعودية من مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

زر الذهاب إلى الأعلى