بمجرد قطع دول الرباعي العربي “السعودية والإمارات والبحرين ومصر” علاقاتها الدبلوماسية مع دولة قطر، في 5 يونيو عام 2017، وطردها من تحالف دعم الشرعية في اليمن، تحوّل الخطاب الإعلامي للدوحة بشأن اليمن إلى النقيض.
التغطية الإعلامية لوكالة (قنا) تحولت من دعم التحالف العربي لدعم الشرعية إلى مساندة ميليشيات الحوثي
وكشفت نتائج تحليل تغريدات وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا) على موقع تويتر والتي تتناول الوضع اليمني وتدخل قوات التحالف العربي لدعم الشرعية، الازدواجية القطرية، والتغطية الإعلامية التي تحولت من دعم ومساندة التحالف العربي لدعم الشرعية الذي تقوده المملكة، لحظة مشاركة قطر خلاله، إلى مساندة ميليشيات الحوثي الإرهابية، بعد طرد جيش الدوحة من التحالف.
آخر تغريدة نشرتها وكالة الأنباء القطرية واستخدمت فيها وصف “الحوثي” بـ “الميليشيا” كانت قبل المقاطعة بأسبوعين
وأظهرت نتيجة تحليل تغريدات الوكالة على موقع تويتر ما يلي:
أولاً: توصيف وكالة الأنباء القطرية لميليشيات الحوثي والأدوار المنسوبة لها.
كان من اللافت أن آخر تغريدة نشرتها وكالة الأنباء القطرية واستخدمت فيها وصف “الحوثي” بـ “الميليشيا” كان في 23 مايو 2017، أي قبل طرد قطر من التحالف وقطع العلاقات الدبلوماسية معها بأيام معدودة.
تحوّلت وكالة الأنباء القطرية من معسكر إدانة الحوثيين إلى المساواة بين السلطات الشرعية في اليمن والميليشيا المنقلبة على هذه الشرعية
وجاء في التغريدة “الميليشيات الانقلابية في اليمن تنهب حوالي 5 مليارات دولار من الاحتياطي النقدي للبلاد”، ولُوحظ انقطاع الوكالة عن نشر تغريدات تتناول الوضع اليمني منذ ذلك التاريخ، لتعود من جديد بعدها بعام تقريباً في 30 مايو 2018 بنشر التغريدات التي تتناول اليمن ولكن بخطاب إعلامي مختلف تماماً، حيث استبدلت أوصاف “ميليشيا الحوثي” أو “الميليشيا الانقلابية” وغيرها من توصيفات تتضمن إدانة للحوثيين، بأوصاف مغايرة تماماً، مثل أطراف النزاع أو أطرف الصراع في اليمن، وهنا تحوّلت وكالة الأنباء القطرية من معسكر الإدانة للحوثيين إلى المساواة بين السلطات الشرعية في اليمن والميليشيا المُنقلبة على هذه الشرعية، فلم تنشر الوكالة بعد طرد قطر من التحالف وقطع العلاقات الدبلوماسية معها في 5 يونيو 2017، أيَّ تغريدة تُهاجم أو حتى تنتقد ميليشيا الحوثي، في حين اتسم خطابُها تجاه ميليشيا الحوثي طوال فترة ما قبل 5 يونيو 2017 بالسلبي والهجومي، حيث تم وصفُها بالميليشيا الانقلابية واتهامها بالمسئولية عن قتل المدنيين. وتمثّلت أهم الأدوار التي نسبتها الوكالة إلى هذه الميليشيا في الآتي:
- استهداف ميليشيا الحوثي للأحياء السكنية والمساجد مما أدى إلى سقوط آلاف الضحايا من المدنيين ما بين قتيل وجريح. ونشرت الوكالة العديد من التغريدات في هذا الشأن، ومنها تغريدة تقول “تقرير يمني يكشف عن مقتل وإصابة 38 ألف مدني على يد ميليشيات الحوثي وصالح”، وفي تغريدة أخرى “تعرّض أكثر من 750 مسجداً للانتهاك في اليمن على أيدي ميليشيا الحوثي وصالح الانقلابية”، وغرّدت الوكالة مجدداً قائلة “مقتل وإصابة أكثر من 400 مدني جراء قصف الحوثيين أحياءً سكنية بمحافظة تعز”، كما غردت “ارتفاع ضحايا استهداف مسجد من قِبل الحوثيين بمحافظة مأرب اليمنية”، وقالت أيضاً “مقتل وإصابة أربعة أطفال جراء قصف الحوثيين لأحياء سكنية بتعز”، كما نشرت تغريدة تقول “مسئول يمني يؤكد ارتكاب ميليشيا الحوثي وصالح انتهاكات خطيرة بحق المدنيين”. وفي تغريدة أخرى “مقتل وإصابة 20 طفلاً يمنياً بعد استدراجهم للقتال في صفوف الميليشيا الانقلابية في محافظة (ذمار)”، وغرّدت أيضاً “وزير يمني: انقلاب الحوثيين وصالح تسبب في مقتل أكثر من 8 آلاف مدني”، كما غرّدت الوكالة “مسئول يمني: الميليشيا الانقلابية زرعت 250 ألف لغم بمناطق مأهولة بالسكان”.
حرصت الوكالة على إظهار مسئولية الحوثيين عن تدهور الأوضاع في اليمن خلال فترة مشاركة قطر بتحالف دعم الشرعية
- إلقاء مسئولية تدهور الأوضاع اليمنية على ميليشيا الحوثي الانقلابية، فقالت الوكالة في إحدى تغريداتها “ميليشيات الحوثي وصالح تتسبب بحرمان ثلث طلاب اليمن من التعليم”، كما غرّدت الوكالة قائلة “جماعة الحوثي وصالح الانقلابية تفتح أبواباً متعدّدة للبؤس والحرمان أمام اليمنيين”، وفي تغريدة أخرى جاء فيها “(هيومان رايتس ووتش) تتهم ميليشيا الحوثي بمصادرة موادّ أساسية كانت في طريقها إلى تعز”، و”انتهاكات الميليشيا الانقلابية ضد الجمعيات الخيرية تسببت في معاناة ملايين اليمنيين”.
- نشرت وكالة الأنباء القطرية العديد من التغريدات التي تناولت إدانات إقليمية ودولية، فضلاً عن الرفض الداخلي لممارسات ميليشيا الحوثي الانقلابية، ومنها “المفوضية السامية لحقوق الإنسان تدين استهداف الحوثيين لمكة المكرمة”، “أمين عام الجامعة العربية يدين استهداف الحوثيين لمكة المكرمة”، “مجلس التعاون يدين ممارسات الحوثيين باليمن، ويؤكد دعمه لشرعية الرئيس هادي”، “الجامعة العربية تدين جرائم ميليشيات الحوثي وصالح في اليمن”، “وزير الخارجية الألماني يطالب الحوثيين بوقف العنف في اليمن”، و”المبعوث الأممي لليمن يدين هجوم ميليشيات الحوثي وصالح على سوق شعبي في تعز”.
أما على مستوى الرفض الداخلي، فقد نشرت الوكالة العديد من التغريدات الكاشفة عن مدى السخط والرفض الشعبي على كافة المستويات للوجود الحوثي، ومن أمثلة التغريدات المعبّرة عن ذلك “الحكومة اليمنية تطالب الأمم المتحدة بتصنيف جماعة الحوثي كجماعة “إرهابية”، “مظاهرات في عدة محافظات يمنية للمطالبة بخروج المسلحين الحوثيين”، “الآلاف يتظاهرون بمحافظة تعز اليمنية رفضاً لتواجد الحوثيين”، “حركة الاحتجاجات ضد ميليشيات الحوثي وصالح باليمن تمتد إلى القضاء”، “تصعيد الاحتجاجات في الجامعات اليمنية ضد جماعة الحوثي وصالح”، و”أكاديميو جامعة صنعاء يستأنفون احتجاجاتهم ضد جماعة الحوثي وصالح”.
- جاءت تغريدات الوكالة مؤكدة على أن ميليشيا الحوثي هي المسئولة عن التصعيد وخرق الهدنة في اليمن، ومن أمثلة ذلك “أبو الغيط ينتقد بشدة تصعيد الحوثيين لوتيرة الأعمال العسكرية في صنعاء وتعز”، و”ميليشيات الحوثيين وصالح تواصل خروقاتها للهدنة باليمن”، “ميليشيات الحوثيين وصالح تخرق اتفاق فك الحصار عن مدينة تعز”، و”ميليشيات الحوثيين تواصل خرقها للهدنة وتقصف جنوبي صنعاء”، “ميليشيات الحوثيين وصالح تخرق الهدنة الإنسانية في اليمن”.
أشادت وكالة قنا، قبل المقاطعة، بدور التحالف في العمل على استعادة اليمن لحكومته ورئيسه الشرعي، ومواجهة جرائم ميليشيا الحوثي الانقلابية
ثانياً: توصيف الوكالة للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
تناولت تغريدات وكالة الأنباء القطرية قواتِ التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، خلال الفترة التي سبقت طرد قطر من التحالف وقطع العلاقات الدبلوماسية معها، بشكل إيجابي، وتم تأطير دورها في العمل على استعادة اليمن لحكومته ورئيسه الشرعي، ومواجهة جرائم ميليشيا الحوثي الانقلابية، ومساعدة الجيش والمقاومة اليمنية على تحرير وتطهير بلادهم من عدوان الحوثيين، ومن أمثلة التغريدات الدالة على ذلك “غارات جوية مكثفة على مواقع الحوثيين بتعز واستعدادات لتحرير المدينة من الميليشيات”، “طائرات التحالف تدمر مخازن أسلحة لميليشيات الحوثيين وصالح بالعاصمة صنعاء”، “طيران التحالف يدمّر قاعدة صاروخية لميليشيات الحوثيين وصالح باليمن”، “المقاومة اليمنية تُفشل هجوماً على اللواء 35 في تعز بمساندة طيران التحالف العربي”، “تشكيل مجلس عسكري لتحرير محافظة (إب) اليمنية من ميليشيات الحوثيين وصالح”، “المقاومة الشعبية اليمنية تعلن تحرير محافظة الضالع من المسلحين الحوثيين”، “القوات الحكومية اليمنية تبدأ عملية عسكرية لتطهير مديرية (صرواح) من الحوثيين”، “القوات الحكومية اليمنية تستعد لتطهير آخر معاقل ميليشيات الحوثيين وصالح بمحافظة الجوف”.
صورت الوكالة القطرية، قبل يونيو2017، مهمة قوات التحالف بالنبيلة، ووصفت ضحايا قواته بالـ “الشهداء”
كما نشرت الوكالة تغريدات إشادة بمهام قوات التحالف، مثل “القمة العربية تؤيد الإجراءات العسكرية لردع الحوثيين في اليمن”، و”الرئيس اليمني يشيد بجهود دول التحالف العربي في تحقيق أمن واستقرار ووحدة بلاده”، و”الرئيس اليمني يثمن دور قوات التحالف العربي في دعم ومساندة الحكومة الشرعية”، و”الزياني (الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية): التحالف العربي يهدف إلى إعادة السلام والأمن إلى اليمن”، و”الرئيس اليمني يشيد بالتنسيق بين الجيش والمقاومة وقوات التحالف العربي”.
جاءت آخر تغريدة نشرتها وكالة الأنباء القطرية ووصفت فيها التحالف بـ “قوات تحالف دعم الشرعية” قبل المقاطعة بشهر ونصف
وصورت الوكالة مهمة قوات التحالف بالنبيلة، حيث وصفت ضحايا قواته بالـ “الشهداء”، وتكرّر هذا الأمر في أكثر من تغريدة، مثل “استشهاد جندي سعودي جراء إطلاق نار من الحوثيين عبر الحدود”، و”الإمارات تنعى استشهاد 22 من جنودها ضمن قوات التحالف العربي”، و”استشهاد خمسة عسكريين من القوات البحرينية المشاركة في التحالف العربي”.
تجدر الإشارة إلى أن آخر تغريدة نشرتها وكالة الأنباء القطرية على موقعها بتويتر ووصفت فيها التحالف بـ “قوات تحالف دعم الشرعية” كان بتاريخ 15 أبريل 2017، وجاء فيها “المتحدث باسم قوات تحالف دعم الشرعية: الانقلابيون لن يكونوا جزءاً من الحل في اليمن”.
ومثلما تغير خطاب الوكالة بعد تاريخ 5 يونيو 2017 تجاه ميليشيا الحوثي، تغير خطابها أيضاً تجاه قوات التحالف والعمليات العسكرية التي يقوم بها، حيث تحول خطاب “قنا” من تصوير عمليات التحالف العسكرية بمساعدة القوات الحكومة والمقاومة الشعبية اليمنية على تحرير أراضيهم وتطهيرها من ميليشيا الحوثي الانقلابية، أطلقت وكالة الأنباء القطرية جملة من التوصيفات السلبية بحق هذه العمليات مثل “المطالبة بوقف الأعمال القتالية”، و”طرفي الحرب في اليمن”، وهذه الأوصاف تتجاهل وجود طرفٍ معتدٍ وآخرَ مُعتَدَى عليه.
ومن أمثلة ذلك “دولة قطر تدعو جميع الأطراف المتنازعة في اليمن إلى الالتزام بضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان وحماية السكان المدنيين، والسعي الجاد نحو تحقيق المصالحة الوطنية وفقاً لمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن رقم (2116)”.
وفي تغريدة أخرى نقلت الوكالة عن دولة قطر وَصْفَ ما يحدث في اليمن بالحرب العبثية، وليست عمليات عسكرية لاستعادة الشرعية في اليمن من سالبيها الحوثيين، فجاء في التغريدة “دولة قطر ترحب باتفاق طرفي الحرب في اليمن على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، معتبرةً أنه خطوة مهمة نحو إنهاء هذه الحرب العبثية التي يعاني ويلاتِها الشعب اليمني، فيما أعربت عن أملها في أن تتوصل أطراف الأزمة اليمنية إلى تفاهمات بشأن القضايا العالقة في جولة المشاورات القادمة”.
ختاماً.. فقد كشف العرض السابق، ازدواجية الخطاب الإعلامي لوكالة الانباء القطرية (قنا)، التي تعدّ الصوت الإعلامي الرسمي لدولة قطر، والمعبّرة عن التوجّه السياسي الرسمي للدوحة.
وعكست تلك الازدواجية في الموقف من الحرب في اليمن وعمليات تحالف دعم الشرعية الذي تقوده المملكة من أجل تحرير اليمن من ميليشيات الحوثي الإرهابية، النفاقَ والمواقفَ المتناقضة لحكومة قطر، التي سرعان ما تحولت عند خلافها مع الرباعي العربي إلى مساندة ميليشيات إرهابية عدوانية، رغم أنها كانت قبلها شريكة في الحرب عليهم.
غير أن تلك الازدواجية، كشفت الإعلام القطري على حقيقته، وفضحت سوءاته وعوراته، وبيّنت كيف أنه مجرد أداة ووسيلة تنصاع لرغبات ونزوات نظام الحمدين.
كذلك فإن هذا الخطاب الإعلامي الرسمي المتناقض للدوحة، فَقَد أية ثقة أو مصداقية أو تأثير يُذكر في ضوء تلك المواقف الفاضحة والكاشفة.