مقدمة
تُعتبر الرياضة أحد الروافد الجديدة في الاقتصاد العالمي وركيزة مهمة تسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وتعمل على تحريك عجلة الاستثمار، وتوفير فرص عمل للشباب، لذا كان من الطبيعي أن تحظى باهتمام كبير من جانب القيادة الرشيدة للمملكة العربية السعودية، والذي تجلى في رؤية السعودية 2030، التي أطلقها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، عام 2016؛ إذ لم تقتصر أهدافها التنموية والاستثمارية على القطاعات الاقتصادية التقليدية، بل اتجهت إلى توجيه الاستثمارات إلى قطاعات جديدة من أبرزها الرياضة.
وقد عملت المملكة على تهيئة بيئة مواتية لنمو قطاع الرياضة بدءًا من إنشاء وزارة مستقلة لها لتحل محل الهيئة العامة للرياضة، تستهدف صناعة رياضة تنافسية على مستوى عالٍ، وتعزيز الاستدامة المالية للقطاع ومساهمته في دعم الاقتصاد الوطني، مرورًا بالسماح لأول مرة بإنشاء شركات خاصة للاستثمار الرياضي بهدف ضمان الاستدامة المالية للأندية.
وأخيرًا، جاء إطلاق سمو ولي العهد، حفظه الله، لمشروع “الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية” في المملكة، الذي يقوم على ثلاثة أهداف استراتيجية، تتمثل في إيجاد فرص نوعية، وبيئة جاذبة للاستثمار في القطاع الرياضي؛ لتحقيق اقتصاد رياضي مستدام، ورفع مستوى الاحترافية والحوكمة الإدارية والمالية في الأندية الرياضية، إضافة إلى رفع مستوى الأندية وتطوير بنيتها التحتية؛ لتقديم أفضل الخدمات للجماهير الرياضية، مما ينعكس بشكل إيجابي على تحسين تجربة الجمهور.
ويهدف المشروع إلى تحقيق قفزات نوعية بمختلف الرياضات في المملكة بحلول عام 2030، من خلال صناعة جيل متميز رياضيًّا على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتطوير لعبة كرة القدم بشكل خاص للوصول بالدوري السعودي إلى قائمة أفضل (10) دوريات في العالم، وزيادة إيرادات رابطة الدوري السعودي للمحترفين من 450 مليون ريال إلى أكثر من 1.8 مليار ريال سنويًا، إلى جانب رفع القيمة السوقية للدوري السعودي للمحترفين من 3 مليارات إلى أكثر من 8 مليارات ريال.
اهتمام إعلامي غربي
حظي إطلاق سمو ولي العهد لمشروع “الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية” باهتمام وسائل الإعلام الغربية.
وتحت عنوان “صندوق الثروة السعودي يستحوذ على نادي كريستيانو رونالدو”، قالت وكالة رويترز إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي سيقوم بالاستحواذ على أربعة من أفضل أندية كرة القدم في المملكة، بما في ذلك نادي النصر، الذي يلعب فيه النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، حيث أحيت الحكومة خطة لخصخصة العديد من الأندية الرياضية المملوكة للدولة.
وأشارت رويترز إلى أن الرياضة هي إحدى ركائز خطة التنويع الاقتصادي لرؤية السعودية 2030 التي تسعى إلى بناء صناعات جديدة وخلق فرص عمل. ويعتبر صندوق الاستثمارات العامة في صميمها.
كما لفتت إلى أن المملكة تهدف إلى زيادة إيرادات دوري المحترفين السعودي من 450 مليون ريال إلى 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار) سنويًا بحلول عام 2030. وتتوقع ارتفاع قيمته السوقية من 3 مليارات ريال إلى أكثر من 8 مليارات خلال نفس الفترة.
أما هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” فأشارت إلى أن ملكية صندوق الاستثمارات العامة في شركات الأندية بنسبة 75% في كل ناد، بينما تمتلك مؤسساتهم غير الربحية حصة تبلغ 25% “.
ونوهت بأن صندوق الاستثمارات العامة كان قد استحوذ على نادي نيوكاسل الإنجليزي في عام 2021.
بدورها، سلطت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية الضوء على هيكل الإدارة بعد استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على الأندية الأربعة الكبار، مشيرة إلى أن الصندوق سيختار خمسة أعضاء بمجلس إدارة كل من الأندية الأربعة مع اختيار الجمعية العمومية عضوين آخرين، بالإضافة إلى رئيس النادي.
من جانبها، أشارت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية إلى أن التحرك لتغيير هيكل ملكية أكبر الأندية المحلية في السعودية يتزامن مع جلب مزيد من اللاعبين الكبار إلى البلاد، فمنذ وصول كريستيانو رونالدو في يناير الماضي، ترددت أنباء عن تقديم عروض مغرية لقائد الأرجنتين الفائز بكأس العالم ليونيل ميسي. وكذلك انضم الفرنسي كريم بنزيما، الفائز بجائزة الكرة الذهبية لعام 2022 إلى نادي اتحاد جدة. مضيفة أن هذا الثلاثي يُعتبر من بين أعظم لاعبي كرة القدم على مدار العشرين عامًا الماضية.
ونوهت الصحيفة ذاتها بأن الرياض تريد أن يكون الدوري السعودي للمحترفين من بين أكبر عشر بطولات دوري في العالم، وتأمل في أن يساعد مشروع التخصيص في مضاعفة الإيرادات السنوية في الدوري أربع مرات ليصل إلى 1.8 مليار ريال (480 مليون دولار).
وأشارت إلى أن صندوق الاستثمارات العامة، الذي يرأسه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يقود خطة الإصلاح الاقتصادي في البلاد لتنويع الإيرادات غير النفطية، حيث استحوذ الصندوق أو استثمر في شركات متنوعة كصناعة السيارات الكهربائية والبناء والطاقة الخضراء.
ويؤكد كثير من التقارير الدولية على وجود آفاق واعدة للاستثمار في الرياضة بالمملكة، إذ توقع تقرير لشركة “إيرنست آند يونغ”، وهي إحدى أكبر الشركات المهنية في العالم، أن تسجل قيمة صناعة الفعاليات الرياضية في المملكة نحو 3.3 مليار دولار أمريكي بحلول العام المقبل 2024.
انطباع الرأي العام السعودي
تفاعلًا مع الحدث الهام، سعى مركز القرار للدراسات الإعلامية إلى رصد وتحليل انطباعات المستخدمين السعوديين بمنصة تويتر نحو إطلاق سمو ولي العهد، أيده الله، لمشروع “الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية”، وذلك من خلال تحليل عينة عشوائية من تفاعلاتهم على هاشتاق (#تخصيص_الانديه_الرياضيه) الذي صعد إلى قمة قائمة الـ “ترند” للأعلى تداولًا في المملكة منذ الإعلان عن إطلاق المشروع.
- النشاط على الهاشتاق
حظي الهاشتاق بمستوى مرتفع من النشاط الجماهيري منذ اللحظة الأولى لإطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمشروع “الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية”، وذلك على النحو التالي:
- إجمالي تفاعلات المستخدمين (171) ألف تفاعل.
- إجمالي المستخدمين المتفاعلين على الهاشتاق (71,8) ألف مستخدم.
- إجمالي معدلات الظهور (5,15) بليون مرة.
- إجمالي معدلات الوصول (225) مليون مرة.
- الهاشتاقات المرتبطة
استخدم السعوديون مجموعة من الهاشتاقات المصاحبة للهاشتاق الرئيسي محل التحليل، وقد جاءت قائمة هذه الهاشتاقات معبرة وكاشفة عن مجموعة من الدلالات، أبرزها تصدر سمو ولي العهد لهذه القائمة، مما يعكس مدى التقدير والمكانة التي يحتلها سموه عند الشعب السعودي الذي يُرجع الفضل بعد الله عز وجلّ لما وصلت إليه الدولة السعودية من تقدم وازدهار في كافة المجالات ومنها الرياضة، إلى الأمير محمد بن سلمان مهندس الرؤية الطموحة 2030.
- طبيعة التفاعلات
تباينت طبيعة تناول المستخدمين السعوديين لإطلاق سمو ولي العهد لمشروع “الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية”، إذ جاء بالمرتبة الأولى “النتائج المترتبة على المشروع” والتي جاءت إيجابية ومستبشرة بأن هذه الخطوة ستُعالج المشكلات المادية التي تُعاني منها الأندية السعودية، وستنقل الرياضة السعودية إلى العالمية.
وفي المرتبة الثانية جاء “وصف المشروع”، إذ تسابق السعوديون على مشاركة خبر إطلاق المشروع، وكان هناك شبه إجماع على أن هذا المشروع بمثابة حدث تاريخي للرياضة السعودية وللمملكة بشكل عام.
أما في المرتبة الثالثة فجاء “الاستفسار عن المشروع”، وكانت أبرز هذه الاستفسارات تتعلق بوضع نادي الشباب الذي لم يتم ذكره ضمن الأندية الأربعة التي شملها التخصيص. والفارق بين اختصاصات الرئيس التنفيذي ورئيس النادي.
- إطار التناول
تصدر الإطار الرياضي تفاعلات المستخدمين على هاشتاق (#تخصيص_الانديه_الرياضيه) الذين أكدوا على التطور الذي ستشهده الرياضة السعودية نتيجة إطلاق هذا المشروع. أما الإطار الاقتصادي فحلّ بالمرتبة الثانية، وفيه تناول المستخدمون قرار التخصيص من منظور العوائد المادية الضخمة التي ستعود على الأندية والاقتصاد السعودي بشكل عام. وجاء في المرتبة الثالثة إطار الشخصية، حيث ركّزت تفاعلات هذه الفئة من المتفاعلين على سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، ودوره في تطوير وتقدم المملكة في شتى المجالات ومنها الرياضة، وذلك وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي أطلقها سموه عام 2016م. بينما جاء الإطار المجتمعي في المرتبة الرابعة، إذ تناولت هذه الفئة من التفاعلات النتائج المتوقعة من المشروع على صعيد تطوير البنى التحتية والمرافق الرياضية التي لن يستفيد بها الرياضيون فحسب، بل جميع أفراد المجتمع السعودي.
- الأطروحات المركزية
أظهرت نتائج التحليل أن تفاعلات المستخدمين تمحورت حول مجموعة من الأطروحات المركزية، جاءت على النحو التالي:
- قرار تاريخي ينقل الرياضة السعودية نحو العالمية، إذ أكدت أغلب التفاعلات على أن مشروع التخصيص سيُحدث نقلة نوعية للرياضة السعودية، ويسهم في الترويج لها على الصعيد الدولي، ويُعزز من قيمة العلامة التجارية للأندية السعودية، ويجعل الرياضة في المملكة محط أنظار العالم.
- تمكين القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار، وذلك من منطلق أن الأندية السعودية بيئة خصبة وتُشكل فرصا استثمارية واعدة سيتم استغلالها بالشكل الأمثل من خلال تعزيز العلاقة بين القطاع الرياضي والتنموي والخاص عبر التخصيص الذي سيُشجع كبار الشركات والمستثمرين على رعاية الأندية خاصة عند امتلاكهم نسبة في هذه الأندية والدخول في مجالس إداراتها، وإتاحة الفرصة لهم في المشاركة في توجه الإدارة بطريقة استثمارية تعود على الشركات والمستثمرين والأندية بعوائد مجزية.
إضافة إلى ذلك، رأت هذه الفئة أن تخصيص الأندية سيعمل على وقف دعم وتمويل الدولة لها، ويقضي على مشكلة مديوناتها، وزيادة مساهمة القطاع الرياضي في الناتج المحلي وفق مستهدفات رؤية 2030 فيما يتعلق بزيادة الناتج المحلي غير النفطي.
- الارتقاء بالمنظومة الرياضية، حيث اعتبر المستخدمون أن التخصيص سيُساهم في تطوير البنية التحتية للرياضة السعودية، ويُقلل من التعصب الرياضي والتحيز الإعلامي، فضلًا عن القضاء على الفساد المالي والإداري.
- الشكر والتقدير لسمو ولي العهد، على الرغم من أن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، كان حاضرًا في الغالبية العظمى من تفاعلات المستخدمين، إلا أن هذه الفئة من التفاعلات ركّزت على تقديم الشكر والتقدير لسموه عرفانًا لجهوده في تطوير وتقدم الرياضة السعودية أسوة بباقي المجالات التي شهدت تغيرات جوهرية في المملكة، والتي وصلت إلى العالمية.
- زيادة التنافسية بين الأندية، حيث رأت بعض التفاعلات أن التخصيص سيعمل على رفع مستوى التنافسية بين الأندية السعودية من خلال تحقيق الاستقرار والاستدامة المالية لها، وزيادة القدرة على استقطاب أفضل الكوادر الفنية والكفاءات الإدارية.
وإجمالًا.. عكست تفاعلات المستخدمين السعوديين على هاشتاق #تخصيص_الانديه_الرياضيه مدى وعي وإدراك الجمهور السعودي لجدوى مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، وكشفت عن أن إطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، حفظه الله، للمشروع جاء ليُلبي طموحات السعوديين الذين قابلوه بحفاوة كبيرة ظهرت من خلال مشاركتهم وتناولهم للخبر أو إبراز النتائج التي ستترتب عليه والمكاسب المتحققة منه.
ويظل أبرز ما كشفت عنه نتائج الدراسة يتمثل فيما عكسه خطاب تفاعلات المستخدمين من ثقة تامة في القدرات السعودية، حيث استطاع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تحويل الأحلام إلى حقائق ملموسة، وأصبح ما كان يعتقد السعوديون الحالمون أنه درب من الخيال، واقعًا معيشًا، مما جعل سقف طموحهم غير محدود نتيجة الثقة والأمل الذي بثّه في نفوسهم سمو ولي العهد الأمين، والذي جاء معززًا بمنجزات على أرض الواقع.