بلغ نشاط التجارة الإلكترونية مستويات غير مسبوقة على مدار العامين الماضيين في ظل جائحة كورونا المستجدة “كوفيد-19″، فوفقًا لبيانات موقع “Statista” للإحصاءات العالمية تقدر مبيعات التجزئة الإلكترونية خلال العام الماضي 2021 بنحو 4.9 تريليون دولار أمريكي في جميع أنحاء العالم. ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم بنسبة 50 % على مدى السنوات الأربع المقبلة، ليصل إلى حوالي 7.4 تريليون دولار بحلول عام 2025.
ومع هذا النمو المتسارع سعت منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة إلى الاستفادة من خلال إضافة خيارات اكتشاف وشراء جديدة تتيح لها الانخراط بقوة في مجال التجارة الإلكترونية، وهو ما فتح المجال أمام أسئلة عديدة منها هل يهتم المستهلكون حقًّا بشراء أشياء تظهر في خلاصاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وما مقدار الفرص المتاحة للتكامل بين الأبعاد الاجتماعية والتجارية؟
وفي هذا الإطار، سعت دراسة أجرتها شركة Bazaarvoice التقنية عبر منصتها Influenster الخاصة باكتشاف المنتجات ومراجعتها، إلى تقديم إجابات لتلك التساؤلات من واقع مسح شمل أكثر من 14 ألف مستهلك، بهدف التعرف على توجهاتهم حول اكتشاف المنتجات على تطبيقات التواصل الاجتماعي، وما الذي يجعلهم يشترونها؟ وما هي أحدث التقنيات التي تهمهم أكثر فيما يتعلق بالتسوق عبر الإنترنت؟
أهداف استخدام منصات التواصل في التسوق
أظهرت نتائج الدراسة أن 76% من أفراد العينة يتأثرون بالتسوق عبر منصات التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى أن الأفراد يستخدمون تلك المواقع من أجل التسوق من أجل أهداف عدة، جاء ترتيبها على النحو التالي: “الحصول على مصدر إلهام للتسوق” بنسبة 65%، ثم الإقبال على الشراء عند مصادفة منتج ما في خلاصاتهم الإخبارية أو القصص على منصات التواصل بنسبة 61% ، وفي المرتبة الثالثة الشراء بناء على توصية أو رابط وضعه أحد المؤثرين، أو نتيجة لمحتوى تنشره العلامات التجارية التي يتابعونها بنسبة 60%، وفي المركز الرابع “الشراء بناء على نصيحة من الأصدقاء أو العائلة” بنسبة 55%، يليه في المركز الخامس “جمع المعلومات قبل التسوق” بنسبة 42%، وفي المركز السادس “البحث بنشاط عن المنتجات بغرض الشراء في القصص والخلاصة عبر تلك المنصات” بنسبة 38%.
عادات التسوق عبر مواقع التواصل الاجتماعي
خلصت الدراسة إلى أن معظم عادات التسوق عبر منصات مثل إنستغرام وفيسبوك و”تيك توك” وتويتر تتسم بالطابع العفوي – أي تتم بالمصادفة خلال التصفح – بينما يتجه الأفراد بنشاط إلى موقع يوتيوب ومنصة بنترست من أجل الحصول على مصدر إلهام للتسوق.
وأظهرت نتائج الدراسة أن المستخدمين يتجهون إلى تسوق منتجات بعينها أكثر من غيرها عبر منصات التواصل الاجتماعي، إذ جاءت مستحضرات التجميل والعناية بالمظهر في المرتبة الأولى بنسبة 90%، يليها الملابس بنسبة 81%، ثم المنتجات المتعلقة بالمنازل بنسبة 60%، وفي المرتبة الرابعة منتجات ذات صلة بالصحة والرفاهية بنسبة 54%، وفي المركز الخامس الأغذية والمشروبات بنسبة 47%، وفي المرتبة السادسة والأخيرة الإلكترونيات بنسبة 42%.
أما عن استجابة المتسوقين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لجهود المؤثرين على تلك المنصات، فأوضحت نتائج الدراسة أن 69% من المتسوقين يقومون بالشراء بناء على توصية مؤثرين على مواقع التواصل، مقابل 35% يتخذون القرار ذاته وفقًا لآراء الخبراء المتخصصين في المجال موضع الشراء، بينما يستند 25% إلى رأي العائلة أو الأصدقاء فيما يقوم 23% بالشراء تأثرًا بـ”نجوم مواقع التواصل الاجتماعي”، في حين يتأثر 5% فقط بالمشاهير.
من جهة أخرى، أظهرت الدراسة أن رواد مواقع التواصل منفتحون على خوض تجارب تسوق عبر المنصات، وهو ما أكدته نتائج المسح بشأن أهم اتجاهات التسوق التي جربها أفراد العينة والتي تصدرها التسوق عبر البث المباشر بنسبة 53%، يليها التسوق عبر الناشر الرقمي بنسبة 42%، وفي المركز الثالث التسوق عبر تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي بنسبة 25%.
ونوهت الدراسة بأن انخفاض معدلات الاعتماد على الواقع المعزز والواقع الافتراضي لا يرجع إلى قلة اهتمام مستخدمي مواقع التواصل، إذ قال المتسوقون إنهم متحمسون لتجربة مطالعة المنتج من جميع الزوايا، وكذلك تجربة غرف تبديل الملابس الرقمية، لكن الواقع يشير إلى أن البائعين يفشلون في تقديم هذه التجارب، إذ يوظف 1% فقط من تجار التجزئة تقنيات الواقع المعزز أو الواقع الافتراضي في خططهم التسويقية.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن تحويل عملية التصفح العادي من جانب مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى عملية تسوق، مسألة تتطلب من العلامات التجارية وتجار التجزئة الاعتماد بشكل أكبر على حديث المستخدمين العاديين وليس المؤثرين فقط، بجانب مواصلة اختبار التجارب التفاعلية التي تحفز اكتشاف المتسوقين وإلهامهم، وهذا من منطلق حقيقة يرسخها الواقع الحالي تتمثل في أن التجارة الاجتماعية ما زالت في مرحلة الاختبار والتعلم لكل من العلامات التجارية والمنصات الاجتماعية على حدًّ سواء، وستكون الأفضلية والتفوق لأولئك الذين هم على استعداد للتجربة.
كما تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع نسبة اعتماد الجمهور على توصيات المؤثرين التي جاءت في المرتبة الأولى بين المحددات المؤثرة في قرارات الشراء توجب الالتفات إلى مسألة “التسويق التأثيري”، والتي يجب أن تتقيد كافة الأطراف الممارسة لها سواء من المؤثرين أو العلامات التجارية بضوابط في مقدمتها الشفافية والصدق والتحلي بالأمانة عند الترويج للمنتجات.
3 دقائق