تحليل

في رسالة ود وتقارب مع الشعب السعودي

السفير البريطاني يُقدم نفسه من منطقة الدرعية التاريخية

في ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت “الدبلوماسية الرقمية Digital Diplomacy” التي توظف تكنولوجيا الاتصال الحديثة والمنصات الاجتماعية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية وممارسة الدبلوماسية العامة للدولة”.

وتُعد الدبلوماسية الرقمية امتدادًا للدبلوماسية التقليدية وليست بديلًا عنها، إذ أصبحت إحدى أدوات الدول لبناء جسور تواصل وتعزيز العلاقات مع شعوب الدول الأخرى.

وفي هذا الإطار، يأتي الفيديو الذي نشره السفير البريطاني الجديد لدى المملكة العربية السعودية “ستيفن هيتشن” على حسابه الشخصي بمنصة إكس لتقديم نفسه إلى السعوديين، مما دفع مركز القرار للدراسات الإعلامية إلى تحليله سيميولوجيًا للتعرف على رسائله المباشرة والضمنية.

أولًا: المستوى الوصفي

نشر السفير “ستيفن هيتشن” في 21 أغسطس 2025م، فيديو مدته دقيقة و37 ثانية على حسابه الشخصي بمنصة إكس، وصفه بأنه رسالته التعريفية إلى الشعب السعودي عقب تعيينه سفيرًا لبريطانيا لدى المملكة، وقد لاقى الفيديو تفاعلًا كبيرًا واستحسانًا من جانب المستخدمين السعوديين.

ثانيًا: المستوى التعييني

  • الرسالة الألسنية:
  • كتب السفير البريطاني نصًا مُصاحبًا للفيديو باللغة العربية، أكد فيه تشرفه بتمثيل بريطانيا لدى المملكة، وعبّر عن فخره وحماسته في مهمته الجديدة، موضحًا أن الفيديو بمثابة رسالته التعريفية للشعب السعودي.
  • في سياق الفيديو، حرص السفير البريطاني “ستيفن هيتشن” على التحدث باللغة العربية، معتمدًا على العامية السعودية، وهذا يُدلل على رغبة السفير في التقرب من الشعب السعودي، وبناء علاقة من الود والألفة معهم عبر استخدام لهجتهم الخاصة بعيدًا على اللغة الدبلوماسية الرسمية، مُعززًا رسالته ببعض المُصطلحات التي يرددها الشعب السعودي مثل (مساكم الله بالخير، إن شاء الله، نجلس ونتقهوى، مرة مبسوطين، راح نكشت في البر، أنا وعيالي).
  • استخدم السفير البريطاني عدة عبارات دينية مثل (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته – إن شاء الله – بإذن الله – مساكم الله بالخير)، مما يُؤكد حرصه على إظهار الاحترام للمرجعية الدينية التي تُعد أساسية عند السعوديين.
  • جاءت نبرة صوت السفير البريطاني في الفيديو ودودة وهادئة، كما ظهرت لغة الجسد طبيعية غير مصطنعة، مع الحفاظ على الابتسامة أثناء الحديث، مما يعكس إحساسه بالارتياح والسعادة بالوجود في المملكة، الذي أكد عليه أيضًا بالكلمات.
  • الرسالة الأيقونية للمكان:

اختار السفير البريطاني أن يكون فيديو التقديم الخاص به من منطقة الدرعية التاريخية، مما يعكس حرصه على إظهار احترامه وتقديره لتاريخ وهوية المملكة نظرًا لرمزية المكان التاريخية والثقافية والوطنية عند السعوديين.

كما يُدلل على أن السفير “ستيفن هيتشن” لن يكتفي بالأطر الرسمية في مهام عمله الدبلوماسي، بل يسعى إلى الانخراط في الفضاء الاجتماعي والثقافي للمجتمع السعودي.

 

ثالثًا: المستوى التضميني

كشف تحليل فيديو السفير البريطاني لدى المملكة العربية السعودية عن وجود مجموعة من الرسائل المباشرة والضمنية، والتي مثّلت أهدافًا تواصلية للسفير، أبرزها ما يلي:

  • تقديم نفسه للسعوديين وتوضيح مهام عمله كدبلوماسي بريطاني يسعى إلى تعميق الشراكة السعودية البريطانية في كثير من المجالات كالتعليم والصحة والاستثمار والاقتصاد والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
  • التأكيد على التقدير الكبير لتاريخ وحضارة المملكة العربية السعودية.
  • إظهار الاحترام للمملكة قيادة وشعبًا، حيث وصف تعيينه كسفير بالسعودية بأنه “شرف كبير”.
  • التعبير عن الإعجاب بتطور المملكة ومواكبتها للتقنيات الحديثة مع تمسكها بقيمها الراسخة.
  • الإشادة بما تُحققه المملكة من معدلات نمو سريعة.
  • الحرص على تقديم نفسه كدبلوماسي قريب يسعى إلى الانخراط في المجتمع السعودي وثقافته وتاريخه وعاداته وقيمه.
  • الثناء على سمات السعوديين وخاصة حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.

 

وإجمالًا.. يُمكن القول إن السفير البريطاني في المملكة العربية السعودية يسعى منذ اللحظات الأولى من تعيينه في مهام منصبه الجديد إلى التقارب والانصهار مع المجتمع السعودي، وقد عكس الفيديو الذي نشره على حسابه الشخصي بمنصة إكس إدراكه بمدى اعتزاز السعوديين بهويتهم وثقافتهم وحضارتهم، وكذا قوة انتمائهم وفخرهم بوطنهم الغالي وقيادتهم الرشيدة – أيدها الله -.

وبناءً على ذلك، اختار السفير البريطاني أن يُخاطب السعوديين بصريًا من الدرعية التي تُمثل رمزًا وطنيًا أيقونيًا للسعوديين، معتمدًا على لغة ودودة تحمل مشاعر التقدير والاحترام للمملكة بقيادتها وشعبها وتاريخها وحاضرها وثقافتها وهويتها وتقاليدها.

زر الذهاب إلى الأعلى