يساعد توظيف الذكاء الاصطناعي في عملية تسويق المحتوى المسوق على أن يصبح أكثر استراتيجية وكفاءة في التخطيط لحملاته، ويُمكنه من بناء قصص جذابة للعلامة التجارية، وتخصيص الرسائل على نطاق واسع، وتحليل أداء المحتوى، فضلاً عن رسم تفضيلات الجمهور بسرعة ودقة.
وفي هذا الإطار، كشف استطلاع للرأي أجرته منصة ” “Sprout Socialالمتخصصة في التسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي أن71 % من المسوقين دمجوا أدوات الذكاء الاصطناعي والأتمتة في سير عملهم وأن 82% منهم حصلوا على نتائج إيجابية.
- دور الذكاء الاصطناعي في تسويق المحتوى
على الرغم من انتشار مفاهيم خاطئة بأن الذكاء الاصطناعي مخصص بشكل أساسي لتوليد المحتوى، فإنه يلعب دورًا في جميع جوانب تسويق المحتوى تقريبًا. ووفقًا لمؤشر “Sprout Social Index” لعام 2025، يخشى 32% من المسوقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن يحل الذكاء الاصطناعي محلهم لأنهم يشعرون أن أدوارهم ستصبح زائدة عن الحاجة.
لكن في الواقع، يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي أفضل مساعد في عملية تسويق المحتوى على النحو التالي:
- ابتكار المحتوى: قد يكون توليد أفكار جديدة وذات صلة بالمحتوى أمرًا صعبًا، ولكن الذكاء الاصطناعي يبسط العملية من خلال تحليل تفضيلات الجمهور واتجاهاته والكلمات الرئيسية، مما يقلل من وقت العصف الذهني ويزيد من احتمالية إنشاء محتوى عالي الأداء يتردد صداه لدى الجمهور المستهدف.
- البحث عن المحتوى: يسرّع الذكاء الاصطناعي من عملية البحث عبر جمع البيانات بسرعة من مصادر متعددة، وتحليل استراتيجيات المنافسين، وتحديد نقاط الضعف لدى الجمهور. فعلى سبيل المثال، تعمل الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي كمساعدين للبحث، حيث تلخص المقالات الطويلة أو تسلط الضوء على الأفكار الرئيسية، مما يمنحك المعلومات التي تحتاجها لإنشاء محتوى فعال.
- إنشاء المحتوى: كشفت دراسة استقصائية عالمية عام 2024 أن 42% من المسوقين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي يوميًا أو أسبوعيًا لكتابة المحتوى أو إنشائه. كما يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية صياغة المدونات، والعناوين التوضيحية لمنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، ونصوص الفيديو، وحتى العناصر البصرية، مما يوفر الوقت والجهد.
وتتيح هذه الأدوات للمسوقين إنتاج محتوى عالي الجودة بسرعة، مع التركيز على تحسين النغمة والأسلوب والسرد لضمان توافقه مع هوية العلامة التجارية.
- توزيع المحتوى: يساعد الذكاء الاصطناعي في توزيع المحتوى بفاعلية من خلال تحليل سلوك الجمهور لتحديد أفضل المنصات وأوقات النشر. كما يعمل على أتمتة جدولة النشر عبر قنوات متعددة، مما يضمن وصول المحتوى إلى جمهور أوسع وتحقيق تفاعل أفضل.
- إعادة توظيف المحتوى: يمكن إعادة استخدام المحتوى بسهولة عن طريق تحويل المواد الحالية إلى أشكال جديدة، مثل تحويل منشور بمدونة إلى نص فيديو.
- فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في تسويق المحتوى
وبحسب تقرير لمنصة ” “Sprout Social، يعمل الذكاء الاصطناعي على إحداث ثورة في تسويق المحتوى من خلال تمكين العلامات التجارية من العمل بشكل أذكى وتوفير الوقت والتواصل مع الجماهير بشكل أكثر فاعلية. وفيما يلي نظرة عن قرب على مزايا استخدام الذكاء الاصطناعي في تسويق المحتوى:
- الكفاءة وتوفير الوقت: يعمل الذكاء الاصطناعي على أتمتة المهام التي تستغرق وقتًا طويلًا مثل صياغة المحتوى والجدولة وتتبع الأداء، مما يتيح للمسوقين التركيز على الاستراتيجية الإبداعية. كما يعمل الذكاء الاصطناعي على أتمتة العمليات المتكررة، مما يسمح للفرق بتخصيص المزيد من الوقت للأنشطة ذات القيمة الأعلى مثل الاستراتيجية الإبداعية وإشراك الجمهور وتحسين الحملات لتحقيق نتائج أفضل.
- التخصيص على نطاق واسع: يحلل الذكاء الاصطناعي بيانات المستخدم لتقديم محتوى مخصص للغاية، بدءًا من رسائل البريد الإلكتروني وصولًا إلى توصيات مواقع الإنترنت. ومن خلال تحديد الأنماط والتفضيلات، يساعد الذكاء الاصطناعي في تخصيص الرسائل للمستخدمين الأفراد، مما يؤدي إلى زيادة التفاعل، وتحسين تجربة العملاء، وتعزيز ولاء العلامة التجارية.
- تحسين محركات البحث (SEO) وأداء المحتوى: تعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على تحسين المحتوى لمحركات البحث من خلال التوصية بالكلمات الرئيسية، وتحسين قابلية القراءة، وتحليل المنافسين لضمان توافق المحتوى مع رغبات البحث وتحقيق ترتيب جيد في نتائج البحث. كما توفر هذه الأدوات رؤى حول الاتجاهات والفجوات، مما يساعد المسوقين على البقاء في الصدارة.
- تحليل أعمق للجمهور: تعالج أدوات الذكاء الاصطناعي كميات هائلة من بيانات الجمهور للكشف عن التفضيلات والسلوكيات والاتجاهات الرئيسية، مما يمكن المسوقين من فهم ما يريده جمهورهم حقًا، وتساعد هذه المقاربة المستندة إلى البيانات في إنشاء محتوى يتفاعل معه الجمهور بعمق، ويعزز الولاء طويل الأمد.
- الاعتبارات الأخلاقية والقيود على تسويق المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي
مع تحول الذكاء الاصطناعي إلى جزء أساسي من تسويق المحتوى، من المهم معالجة الاعتبارات الأخلاقية والقيود المتعلقة باستخدامه، وذلك على النحو التالي:
- تحقيق التوازن بين المحتوى الذي يُنشئه الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري
يعتبر ضمان ألا يطغى المحتوى الذي يُنشئه الذكاء الاصطناعي على الإبداع البشري من أكبر التحديات، فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يمكنه صياغة المحتوى وتحسينه وتوسيعه، فإنه يفتقر إلى العمق العاطفي والتعاطف الذي يضيفه المبدعون البشريون. ويمكن أن يؤدي الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى جعل المحتوى يبدو آليًا أو غير متصل بالجمهور.
ولهذا يجب استخدام الذكاء الاصطناعي أداة لتحسين سير العمل حيث يتولى المهام المتكررة، بينما يركز المبدعون البشريون على السرد القصصي وبناء علاقات أصيلة مع الجمهور.
- خصوصية البيانات وأمانها
تعتمد أدوات الذكاء الاصطناعي غالبًا على كميات هائلة من البيانات لتعمل بفاعلية، بما في ذلك سلوك الجمهور وتفضيلاته. وهذا يثير مخاوف بشأن خصوصية البيانات وأمانها، حيث يمكن أن يؤدي سوء التعامل مع المعلومات الحساسة إلى انتهاكات أو إساءة الاستخدام.
ولذلك لا بد من التأكد من وجود سياسة واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المؤسسة مع الالتزام بلوائح حماية البيانات.
- تخطي أزمة التحيز
يمكن أن تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي متحيزة بشكل غير مقصود بناءً على البيانات التي يتم تدريبها عليها، مما قد يؤدي إلى إنشاء محتوى تمييزي، وهو ما قد يضر بسمعة العلامة التجارية وثقة الجمهور.
وللتغلب على ذلك اختر أدوات ذكاء اصطناعي تعتمد على مجموعات بيانات متنوعة لضمان نتائج أكثر دقة توفر تمثيلًا عادلًا.
- احترام حقوق الملكية الفكرية
قد تثير قضايا السرقة الأدبية وحقوق الملكية الفكرية تساؤلات عند استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء محتوى جديد بالاعتماد على المحتوى الموجود مسبقًا. وهذا يطرح تساؤلات حول الأصالة وحقوق الملكية في المحتوى الذي يُنشئه الذكاء الاصطناعي.
ولهذا يجب استخدام أدوات ذكاء اصطناعي تتسم بالشفافية في عملية إنشاء المحتوى، وتجنب الأدوات التي قد تنسخ أو تحاكي المحتوى دون إذن. وبجانب ذلك من الضروري التأكد من مراجعة المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي للتحقق من دقته وأصالته، فضلا عن التحلي بالشفافية مع الجمهور بإعلان أن هذا المحتوى من إنتاج الذكاء الاصطناعي.
وختامًا، إن مستقبل تسويق المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي مليء بالإمكانات، فمع تطور التكنولوجيا، سيصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تقدمًا وسهولة في الوصول إليه، مما يتيح للعلامات التجارية باختلاف أنشطتها وأحجامها الاستفادة من قدراته وإعادة تشكيل كيفية التواصل مع الجماهير.