تحليل

قراءة تحليلية للخطاب الملكي أمام مجلس الشورى

في ظرف دولي وإقليمي بالغ الخطورة والتعقيد، ألقى ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أيده الله، حيث اتسم الخطاب بالشمول وحمل في مضمونه ودلالاته سلسلة من الرسائل للداخل والخارج على حد سواء، وعكس رؤية المملكة للأوضاع الراهنة ونظرتها المستقبلية، وبرنامج عملها ومستهدفاتها، فضلًا عن نهجها الهادف إلى حلحلة ما يشهده عالم اليوم شديد الاستقطاب من أزمات وتحديات انطلاقًا من مكانتها الدولية الرفيعة وريادتها الإقليمية.

ويمكن استعراض وقراءة أبرز مضامين الخطاب الملكي، على النحو التالي:

  • السياسة الخارجية السعودية

شغلت حيزًا بارزًا من الخطاب عبر التأكيد مجددًا على ثوابت الموقف السعودي من القضايا الإقليمية والدولية، وإيضاح الأسس العامة التي تنطلق منها السياسة الخارجية للمملكة والمبادئ الحاكمة لتحركاتها على الساحتين الإقليمية والدولية، حيث تمثلت فيما يلي:

  • التأكيد على سعي المملكة لتعزيز الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
  • الحرص على التعاون مع الدول الفاعلة في المجتمع الدولي.
  • احترام استقلالية الدول وقيمها.
  • تبني مبدأ حُسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
  • تجنب اللجوء إلى القوة في حل النزاعات.

وبالنظر إلى ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من حرب مدمرة يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين قاربت على إكمال العام، أولى الخطاب الملكي اهتمامًا واضحًا بالقضية الفلسطينية من خلال مجموعة من الرسائل التي صيغت في عبارات قاطعة شديدة الوضوح لا تحتمل أي تفسير أو تأويل، كالتالي:

  • تصدر القضية الفلسطينية اهتمام المملكة العربية السعودية.
  • تأكيد أن المملكة لن تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل دون قيام دولة فلسطينية.
  • دعوة المزيد من الدول إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية تجسيدًا للشرعية الدولية.
  • تجديد الرفض والإدانة الشديدة لجرائم سلطة الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني.

 

  • لغة الأرقام توثق مسيرة التنمية في المملكة

استند الخطاب الملكي إلى لغة الأرقام حول المنجزات الجوهرية التي حققتها السعودية، وشكلت بدورها حافزًا نحو المزيد من البذل والعطاء في مسار التنمية والنهضة، وهو ما ظهر بوضوح عند الإشارة  إلى تسجيل الأنشطة غير النفطية في المملكة أعلى إسهام لها في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بـ 50% في العام الماضي، فضلًا عن مواصلة صندوق الاستثمارات العامة دوره كقوة محركة للاستثمار، إذ سجلت البطالة بين السعوديين، أدنى مستوى تاريخي لها في الربع الأول من العام الحالي 2024 (7.6%)، بعدما كانت (12.8%) في عام 2017.

كما استقبلت المملكة (109) ملايين سائح العام الماضي 2023، لتتجاوز هدف استراتيجية السياحة الوطنية الذي كان يتمثل في الوصول إلى (100) مليون سائح في عام 2030.

 

  • تقدم السعودية في المؤشرات والتصنيفات الدولية:

كانت تلك المسألة إحدى النقاط المحورية في صلب الخطاب الذي ألقاه سمو ولي العهد نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، حفظهما الله، إذ ارتقت المملكة درجات متقدمة على هذا المسار:

  • حققت المرتبة السادسة عشرة بين الدول الأكثر تنافسية.
  • تعد من أكبر مخازن الثروات الطبيعية في العالم.
  • باتت من أكثر الفاعلين في مجال الطاقة المتجددة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

 

  • مكانة المواطن والحفاظ على الهوية:

اختص الخطاب الملكي المواطن برسائل لا تقف فقط عند واقعه الراهن والسعي المستمر لتحقيق المزيد من الرفاهية والجودة في حياته، بل تتعدى ذلك إلى الأجيال المستقبلية، فالقيادة الرشيدة لطالما أكدت على أن المواطن هو أساس وهدف التنمية وأغلى ما تملكه السعودية، لذا جاءت الرسائل في هذا السياق:

  • المواطن عماد وغاية رؤية المملكة 2030 .
  • أي إنجاز يتحقق يمثل رفعة للوطن ومنفعة للمواطن وحصانة للأجيال القادمة.
  • التعبير عن الفخر بمنجزات المواطنين والمواطنات في مجالات الابتكار والعلوم.
  • الحرص الشديد على حماية الهوية والقيم بالتوازي مع المضي في مسارات التحديث.

 

  • تسليط الضوء على البيئة السعودية الجاذبة للاستثمار:

تعد البيئة السعودية المحفزة للاستثمار والجاذبة للمستثمرين وللشراكات والفعاليات الدولية، إحدى ثمار الرؤية الرائدة 2030 ومنجزاتها، فقد أضحت السعودية إحدى الوجهات الأولى للمراكز العالمية والشركات الكبرى، وفي مقدمة ذلك افتتاح المركز الإقليمي لصندوق النقد الدولي، ومراكز لنشاطات دولية متعددة في الرياضة والاستثمار والثقافة وبوابة تواصل حضاري، مما أسهم في اختيارها لاستضافة إكسبو 2030، فضلًا عن استعداد المملكة لتنظيم كأس العالم عام 2034.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن الخطاب الملكي الذي ألقاه سمو ولي العهد، حفظه الله، حمل رسائل أمل في مستقبل أكثر ازدهارًا ينطلق من واقع إنجازات ملموسة، وثقة في قدرات السعوديين وعزيمتهم، ودعوة للسلام وتعزيز الأمن والاستقرار القائم على احترام الدول واستقلالها، وتفعيل روح التعاون وتعزيز التضامن الدولي، بجانب رسالة دعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة وحقه في دولته المستقلة.

زر الذهاب إلى الأعلى