الدراسات الإعلامية

دور الإعلام الرقمي في رفع الوعي بالصحة النفسية في المجتمع السعودي

أصبح التطور الرقمي والانفتاح والتوسع في استخدام التكنولوجيا سمة أساسية من سمات المجتمع في المملكة العربية السعودية، ولذلك بات الإعلام الرقمي يلعب دورًا مهمًا في توعية الفرد والمجتمع في مجالات عدة من بينها الصحة النفسية، إذ يوفر الإعلام الرقمي وسيلة للحصول على المعلومات والتثقيف والتوجيه والدعم والتشجيع للأفراد الذين يكونون بحاجة إلى المساعدة النفسية.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة الفنون والأدب وعلوم الإنسانيات والاجتماع، في عددها الصادر في يناير 2024، دراسة بعنوان “دور الإعلام الرقمي في رفع الوعي بالصحة النفسية في المجتمع السعودي.. دراسة ميدانية”، من إعداد الباحثة تغريد أحمد الزهراني، بكلية الإعلام والتسويق جامعة ميدأوشن، حيث هدفت الدراسة إلى استكشاف وتحليل دور الإعلام الرقمي في المجتمع السعودي وارتباطه بالصحة النفسية وتسليط الضوء على أهمية الإعلام الرقمي في المجتمع السعودي واستخدامه لرفع الوعي بالصحة النفسية وتحسين رعاية الصحة النفسية للفرد والمجتمع، والتي نستعرضها على النحو التالي:

  • عينة الدراسة

تمثلت عينة الدراسة في 200 مفردة تم أخذها بأسلوب “العينة العنقودية” عبر نشر الاستبانة على الإنترنت وإرسالها إلى مجموعة من الأشخاص، ثم طُلب منهم إرسالها إلى مجموعة أخرى من الأفراد المهتمين بموضوع الصحة النفسية ويتعاملون مع الإعلام الرقمي.

وشكّل الذكور 82.5% من العينة مقابل 35% من الإناث. وتوزعت العينة وفقًا للشريحة العمرية على النحو التالي: الفئة ما بين 18 و25 عامًا (40%) من العينة، يليها الفئة ما بين 26 و35 عامًا (35.5%)، ثم الفئة بين 36 و45 عامًا (14.5%)، وفي المرتبة الرابعة الفئة أكثر من 45 عامًا (5.5%)، وأخيرًا الفئة الأقل من 18 عامًا (4.5%).

أما من حيث المستوى التعليمي، شكّل الحاصلون على البكالوريوس 58% من عينة الدراسة، يليهم الحاصلون على ثانوية أو أقل (20%)، ثم حملة شهادة الدبلوم (17.5%)، وأخيرًا من يدرسون في مرحلة الدراسات العليا (4.5%).

وفيما يتعلق بالمنطقة السكنية، جاءت فئة المنطقة الوسطى في المرتبة الأولى بنسبة (48.5%)، ثم جاءت فئة المنطقة الغربية في المرتبة الثانية (27.5%)، تليها فئتا المنطقة الشرقية والشمالية بنفس الترتيب في المرتبة الثالثة بنسبة (5.8%)، وفي المرتبة الأخيرة تأتي فئة المنطقة الجنوبية بنسبة (7%).

  • نتائج الدراسة

أظهرت نتائج الدراسة وعي المشاركين عينة الدراسة بالصحة النفسية وأمراضها والمشاكل المرتبطة بها، حيث قال 85% من عينة الدراسة إن لديهم وعيًا بالصحة النفسية، في حين أجاب 8% بالقول “إلى حد ما”، وأكد 7% أنهم ليس لديهم وعي بالمسألة.

وبحسب النتائج، فإن اعتقاد المشاركين في الدراسة بأهمية زيادة الوعي حول الصحة النفسية وأهميتها في المجتمع السعودي جاء متوسطا، حيث أجاب بعبارة “إلى حد ما”  57.5% من العينة، ، بينما رأى 29.5% أن هناك أهمية لزيادة الوعي، في المقابل عد 13% أنهم لا يعتقدون بوجود أهمية لذلك.

وكشفت النتائج أن 75.5% من عينة الدراسة تستخدم الإعلام الرقمي للحصول على معلومات حول الصحة النفسية، بينما كانت نسبة من قالوا إنهم لا يستخدمونه في هذا الشأن 24.5%.

واتضح أيضًا أن عينة الدراسة تعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات حول الصحة النفسية بنسبة 64%، يليها مواقع الإنترنت بنسبة 52.5%، ثم تطبيقات وخدمات الصحة النفسية 27%، وأخيرًا وسائل أخرى 7.5%.

وحول مدى استفادة المشاركين عينة الدراسة من المحتوى المقدم عن الصحة النفسية في الإعلام الرقمي، أوضح 51.5% أنهم لا يستفيدون، وقالت 10% من أفراد العينة “لا أدري”، بينما أكد 38.5% أنهم يستفيدون من المحتوى.

وفيما يتعلق بتطبيقات خدمات الصحة النفسية التي تستخدمها عينة الدراسة، جاء في الصدارة تطبيق “لبيه” بنسبة (100%) ثم “تطبيقات أخرى” (27.3%)، وفي المرتبة الثالثة “مرايا” بنسبة (18.2%)، وتطبيق وجود (13.6%)، وأخيرًا تطبيق “مريح” (9.1%).

أما عن العوامل التي تؤثر على اختيار عينة الدراسة لتطبيق خدمات الصحة النفسية، فتصدرها “وجود تقييمات وآراء إيجابية للمستخدمين” (95.50%)، ثم “سهولة استخدام التطبيق” (91%)، يليه “مصداقية وموثوقية التطبيق والمعلومات” (77.30%)، وفي المرتبة الرابعة “توافر خدمات الدعم والمساعدة الفنية” (50%)، وأخيرًا  “تكلفة الاشتراك أو استخدام التطبيق” (59.10%).

وأظهرت نتائج الدراسة أن المشاركين المستخدمين لتطبيقات خدمات الصحة النفسية استفادوا بدرجة كبيرة من هذه التطبيقات في تحسين صحتهم النفسية، حيث جاءت الإجابة  بـ”نعم” في المرتبة الأولى بنسبة قدرها (72.7%)، بينما كانت نسبة الذين لم يستفيدوا من التطبيقات وإجابتهم بـ”لا” (27.3%).

  • توصيات الدراسة

قدمت الدراسة سلسلة من التوصيات تمثلت في ضرورة التوعية بأهمية الصحة النفسية من خلال زيادة الحملات لتوعية المجتمع. والعمل على توافر منصات رسمية وانتشارها بشكل أكبر وأفضل وبأسعار منطقية. بجانب ضرورة أن يكون هناك طبيب نفسي لكل صاحب مؤسسة حكومية كانت أو قطاع خاص، للشعور بما تحتاجه الأيدي العاملة. وكذلك إضافة مواد تعليمية في المدارس لتوضيح أهمية الصحة النفسية.

وأوصت الدراسة أيضًا بزيادة الرقابة على ما ينشر فيما يخص الصحة النفسية؛ لأن هناك كثيرا من الأشخاص غير مؤهلين وينشرون معلومات غير دقيقة تتناول مواضيع الاضطرابات النفسية في الدراما والأفلام. وتكثيف الإعلانات والوعي النفسي من خلال استغلال اليوم العالمي للصحة النفسية.

كما دعت الدراسة إلى زيادة خدمات الصحة النفسية في جميع المناطق خاصة النامية وتكثيف الوعي في الإعلام الرقمي وجميع منصات التواصل الاجتماعي عن طريق المؤثرين والقنوات الرقمية، حتي يزيد الوعي الأسري في المجتمع السعودي خاصة فيما يتعلق بالمراهقين. 

وأوصت الدراسة بإجراء دراسات قائمة على المنهج النوعي باستخدام أداة المقابلة المقننة مع مجموعة من القائمين بالاتصال في تطبيقات الصحة النفسية، وكذلك دراسات تحليلية مقارنة ما بين المحتوى الإعلامي في وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الصحة النفسية حول الصحة النفسية، وأيضًا دراسة شبه تجريبية لقياس أثر استخدام تطبيقات الصحة النفسية في تحسين الصحة النفسية لدى الأفراد.

وختامًا، يمكن القول بأن الإعلام الرقمي له تأثير إيجابي في زيادة الوعي بالصحة النفسية في المجتمع السعودي، ومع ذلك لا تزال هناك حاجة لزيادة الوعي بالخدمات النفسية المتاحة عبر الإنترنت وتشجيع استخدامها، فضلًا عن توفير هذه الخدمات بأسعار معقولة للجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى