بدأت وسائل الإعلام مضاعفة اهتمامها بقضايا البيئة في نهاية عقد السبعينات من القرن الماضي في ظل تنامي الاهتمام الجماهيري بالبيئة، حيث ظهر ما يعرف بـ”الجمهور البيئي” نتيجة لنضوج حركة الدفاع عن البيئة على المستويين الدولي والوطني، خاصة بعد مؤتمر البيئة الإنسانية في استوكهولم عام 1972.
ومع بداية القرن الحالي، تزايد الاهتمام الإعلامي بالبيئة حيث أفردت وسائل الإعلام مساحات واسعة لتناول أخبار البيئة ومشكلاتها، بل تخصصت المئات من هذه الوسائل في الإعلام البيئي، وقد تضاعف الاهتمام الجماهيري بهذه المضامين، خاصة بعد الانفجار التكنولوجي لوسائل الاتصال، حيث أصبح من السهل نقل الأخبار والمعلومات البيئية عبر شبكة الإنترنت، وهو ما أسهم في ظهور الإعلام البيئي الإلكتروني أو ما يسمى بـ”الإعلام الشبكي الأخضر” الذي يشترك مع الإعلام التقليدي في الغايات والرسائل، لكنه يعتمد على وسائل الاتصال الرقمية.
ولم يقتصر الأمر على النطاق الإعلامي والاتصالي فقط، بل شمل أنشطة فردية لدى فئات واسعة من مستخدمي المواقع الخضراء وهو ما يؤكد اهتمامهم وميولهم نحو هذا النوع من الوسائل وأن ثمة حاجات ودوافع تجعلهم يتابعون الشأن البيئي من خلالها، وأن هناك إشباعات يحققها هؤلاء يمكن وصفها بالإشباعات الخضراء.
وفي هذا الإطار، نشرت المجلة الجزائرية لبحوث الإعلام والرأي العام في عددها الصادر في يونيو 2023، دراسة بعنوان “استخدامات السعوديين للحسابات الرسمية للمؤسسات البيئية على شبكة إكس واشباعاتهم المُتحققة منها: دراسة ميدانية”، من إعداد الدكتور رضوان دراجي سلامن الأستاذ المشارك في كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز، نستعرضها على النحو التالي:
- عينة الدراسة
تمثلت عينة الدراسة في 272 مفردة من مستخدمي شبكة تويتر (إكس حاليًا)، توزعت بواقع 195 ذكرا و77 أنثي، وتصدرت عينة الدراسة الفئة من 23 إلى 26 سنة بنسبة 47.8%، يليها الفئة من 18 إلى 22 سنة (46.7%)، ثم الفئة من 27 سنة فيما فوق (5.5%).
وشكل الحاصلون على البكالوريوس نسبة 91.5% من عينة الدراسة يليهم الحاصلون على شهادة الثانوية فأقل (5.9%)، وأخيرًا الدراسات العليا (2.6%).
- نتائج الدراسة
أظهرت نتائج الدراسة أن “متابعة الأخبار” هي الدافع الأول لدى مفردات العينة عند تصفحهم لشبكة تويتر (إكس حاليًا) بنسبة 98%، ثم “الحصول على المعلومات” (97%)، ثم “التسلية والترفيه (94.5%)، في المرتبة الرابعة “متابعة الصفحات والحسابات الأخري” (89%)، ثم “التواصل والعلاقات الاجتماعية (78.5%)، ثم حفظ الملفات الشخصية (96.5%)، وفي المركز الأخير “الانضمام إلى المجموعات” (64%).
أما عن مجالات اهتمام عينة الدراسة، أظهرت النتائج أن المجال الاجتماعي هو أكثر المجالات اهتماما بوزن نسبي 83%، يليه المجال العلمي (75.6%)، ثم المجال الديني (73.6%)، وفي المركز الرابع المجال الاقتصادي (63.6%)، ويقترب منه كثيرًا المجال البيئي (63.4%) وأخيرًا المجال السياسي (62.2%).
وبالنسبة لمصادر متابعة موضوعات البيئة على شبكة تويتر (إكس حاليا)، أظهرت نتائج الدراسة أن 58.45% من العينة يعتمدون على صفحات المؤثرين البيئيين كأكثر المصادر التي يتابعون من خلالها موضوعات البيئة، و51.83% على الصفحات الرسمية للمؤسسات البيئية السعودية، و18.38% تتابع الشأن البيئي على صفحات المنظمات الدولية لحماية البيئة، و15.80% يعتمدون على صفحات المجموعات البيئية، وأخيرًا 15.44% يعتمدون على صفحات جمعيات حماية البيئة.
أما عن أبرز الحسابات الرسمية للمؤسسات البيئية السعودية التي تتابعها العينة على إكس، تصدرها حساب المركز الوطني السعودي للأرصاد بنسبة 69.62%، يليه حساب القوات الخاصة للأمن البيئي السعودي (62.72%)، وفي المركز الثالث حساب وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية (60.28%)، بعدها حساب الجمعية السعودية للعلوم (58.22%)، يليه حساب مركز التميز في الدراسات البيئية (57.28%)، ويأتي حساب صندوق البيئة السعودي في المركز الأخير بنسبة 27.54%.
وفيما يتعلق بأشكال التفاعل مع الصفحات الرسمية للمؤسسات البيئية السعودية، جاء في المرتبة الأولى “المرور دون تفاعل” بنسبة 40.81%، يليه الاطلاع العابر (38.23%)، ثم المشاركة وإعادة النشر (21.69%)، وأخيرًا “التعليق” بنسبة 19.48%.
- توصيات الدراسة
قدمت الدراسة عددا من التوصيات في ضوء تزايد استخدامات شبكات التواصل الاجتماعي وخاصة شبكة تويتر (إكس حاليًا) في المملكة العربية السعودية من فئة الشباب الجامعي بحثًا عن تحقيق إشباعات مختلفة، في مقدمتها أن تهتم الصفحات البيئية وخاصة الحسابات الرسمية للمؤسسات البيئية السعودية أكثر بنوعية المحتويات والمضامين التي تتناول الشأن البيئي، بشكل يزيد من استقطاب المستخدمين الشباب نحو هذه الصفحات، وتوظيف صانعي محتوى بيئي محترفين لتسليط الضوء على قضايا البيئة ومشكلاتها على المستويين الوطني والدولي.
كما أوصت الصفحات الرسمية للمؤسسات البيئية السعودية بتكثيف وتنويع نشر الأخبار والمعلومات البيئية، وتخصيص نشرات إخبارية تتناول الشأن البيئي على المستويين الوطني والدولي بهدف تحقيق الإشباعات البيئية لمستخدمي هذه الصفحات.
ودعت الصفحات الرسمية للمؤسسات البيئية السعودية بالبحث عن طريقة للشراكة بينها وبين صفحات المؤثرين واستغلالها في زيادة أعداد المتابعين وتنويع المواضيع البيئية ذات التأثير الواسع.
كما دعت القائمين على حساب المركز الوطني للأرصاد لمضاعفة نوعية وكمية الأخبار والمعلومات البيئية.
وأوصت أيضًا الصفحات الرسمية للمؤسسات البيئية السعودية أن تهتم أكثر بصناعة الفيديوهات ذات المحتوى البيئي أو أن تدعم طاقم إدارتها بفنيين مبدعين في صناعة المحتويات الفيلمية والجرافيكية الاحترافية حول الشأن البيئي وهو ما يزيد من استقطاب أعداد متابعي هذه الصفحات ويحقق إشباعاتهم البيئية.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن وسائل التواصل الاجتماعي كأحد أهم أنماط الإعلام الجديد تعد قناة فعالة لتقديم رسائل توعوية بشأن القضايا الحيوية كالبيئة والمناخ، كما أنها منصات تحقق إشباعات فورية للمستخدمين عبر التفاعلات اللحظية.