يُعد سناب شات أحد أهم تطبيقات التواصل الاجتماعي، ويدخل ضمن قائمة أكثر التطبيقات استخدامًا في السعودية، إذ استطاع أن يستحوذ على جماهيرية كبيرة وضخمة في المملكة منذ انطلاقه في 16 سبتمبر من عام 2011. وتقوم فكرة التطبيق على توثيق اللحظة من خلال مقاطع الفيديو المبتكرة ولقطات الصور الجذابة باستخدام مجموعة هائلة من الفلاتر التي يمكن للمستخدم إضافتها إلى الصور ومقاطع الفيديو الخاصة به، ومن ثم إرسالها ومشاركتها مع الأصدقاء والمتابعين.
وفي هذا الإطار، نشرت مجلة علوم الاتصال بجامعة أم درمان الإسلامية في عدد مارس 2023، دراسة بعنوان “استخدام الشباب السعودي لشبكات التواصل الاجتماعي (سناب شات) وتأثيره على القيم الأخلاقية” من إعداد الدكتور فلاح عامر الدهمشي الأستاذ المشارك بقسم الاتصال والإعلام بكلية الآداب جامعة الملك فيصل، ركّزت على ما قد ينتج عن استخدام التطبيق من تأثير على المرجعية الثقافية والذوق الأخلاقي العام، وهو ما نستعرضه على النحو التالي:
- عينة الدراسة
تكونت عينة الدراسة من 400 مفردة من الشباب السعودي المستخدم لسناب سات بالمنطقة الشرقية، جاءت بواقع 50% من الذكور و50% من الإناث، وشكلت الفئة العمرية من 20 إلى 25 سنة نسبة 62.5% من العينة، ثم الفئة من 26 إلى 30 سنة بنسبة 25.8%، وأخيرًا الفئة من 31 إلى 40 سنة بنسبة 11.7.
وعلى صعيد المؤهل الدراسي، شكّل الحاصلون على الشهادة الثانوية 37.5% من عينة الدراسة، ثم الحاصلون على دبلوم 14.8%، يليهم الحاصلون على بكالوريوس 40%، وأخيرًا الحاصلون على دراسات عليا 7.7%.
- النتائج العامة للدراسة
أظهرت نتائج الدراسة أن (29.3%) من عينة الدراسة تقضي من (ساعة إلى ساعتين يوميًّا) في استخدام تطبيق سناب شات، يليها (خمس ساعات فأكثر) بنسبة (22.5%)، ثم أقل من ساعة يومياً بنسبة (19.8%)، وفي المرتبة الرابعة (من ثلاث ساعات إلى أربع ساعات) و(من أربع إلى خمس ساعات يوميًّا) بنسبة 14.2% لكل منهما.
أما عن مفهوم القيم الأخلاقية من وجهة نظر عينة الدراسة، فجاء في مقدمتها مفهوم قيم سلوكية تقتضيها الفطرة والشرع بنسبة 33.3%، ثم مجموعة من المبادئ والقواعد التي تنظم السلوك الإنساني بنسبة 26.3%، يليها نظام متكون من المبادئ والمعاني السامية المستنبطة من الكتاب والسُّنّة بنسبة 25.8%، ثم مجموعة القيم التي تسهم في بناء المنظومة الأخلاقية لدى الفرد ومعارفه وسلوكه بنسبة 25%، وأخيرًا مجموعة من الأحكام الانفعالية النابعة من العقل بنسبة 21.5%.
وخلصت نتائج الدراسة أيضًا إلى أن قيمة (مساعدة الآخرين) جاءت في مقدمة القيم الأخلاقية التي يتناولها تطبيق “سناب شات” من وجهة نظر الشباب السعودي بنسبة 50.5%، وفي المرتبة الثانية جاءت قيمة (تحمل المسؤولية المجتمعية) بنسبة (43.5%)، ثم قيمة (احترام خصوصية الغير) في المرتبة الثالثة بنسبة (28.2%)، يليها التواضع (22.3%)، والصدق (21.5%) ثم الكرم (18.3%)، وجاءت قيمة الأمانة في المرتبة السابعة بنسبة (17.3%)، وأخيرا قيمة (العدل) في المرتبة الثامنة بنسبة (12.3%).
أما عن أنواع القضايا التي يتفاعل معها الشباب السعودي عبر تطبيق سناب شات، فجاءت القضايا الاجتماعية في الصدارة بنسبة (74.8%)، ثم الثقافية بنسبة (36%)، تليها الوطنية بنسبة (30.3%) وحلت القضايا الدينية في المرتبة الرابعة بنسبة (25%)، وتقاسمت كل من القضايا السياسية والاقتصادية المرتبة الخامسة بنسبة 21% لكل منهما.
وفيما يتعلق بأكثر التأثيرات الإيجابية لاستخدام الشباب السعودي لتطبيق سناب شات في تعزيز القيم الأخلاقية فقد جاءت عبارة “أتأكد مما يتم نشره قبل مشاركته مع أصدقائي على سناب شات” في المرتبة الأولى بمتوسط حسابي (2.67)، ثم (أشعر بالاستياء من المواقف والمضامين الخارجة عن الذوق العام المنشورة على سناب شات) بمتوسط حسابي (2.63)، يليها (أحرص على نشر صورة صحيحة عن ديني عن طريق سناب شات) بمتوسط حسابي (2.60)، وفي المرتبة الرابعة (يساعدني سناب شات على شراء بعض السلع) بمتوسط حسابي (2.58)، ثم (أعانني سناب شات على نشر الخير والنفع للناس) بمتوسط حسابي (2.53)، وفي المركز السادس (يساعدني سناب شات على إحياء الشعائر والمناسبات الدينية) بمتوسط حسابي (2.51)، يليه (يتيح لي سناب شات التعبير عن آرائي بحرية) بمتوسط حسابي (2.42)، ثم (يدفعني سناب شات إلى المشاركة في التطوع) بمتوسط حسابي (2.39)، وأخيرًا (يساعدني سناب شات على غرس قيمة الاعتذار عن أخطائي) بمتوسط حسابي (2.31).
أما عن أكثر التأثيرات السلبية لاستخدام الشباب لسناب شات، فقد جاء في المرتبة الأولى عبارة “يسهل سناب شات علي القيام بأمور غير مقبولة أخلاقيًّا ودينيًّا” بمتوسط حسابي (2.56)، ثم “يسهل سناب شات انتقال قيم وأفكار غير مقبولة دينيًّا في المجتمع” بمتوسط حسابي (12.11)، وفي المرتبة الثالثة ” يتيح الخوض في علاقات غير مشروعة” بمتوسط حسابي (11.75)، ثم يحفز سناب شات على نشر محتوى محظور شرعًا وأخلاقيًّا بمتوسط حسابي (11.21)، يليه يؤدي سناب شات إلى العزلة عن المجتمع بمتوسط حسابي (11.16).
وفي المركز السادس، “سناب شات يُحفز على الرياء حين ينشر الفرد الطاعات التي يفعلها” بمتوسط حسابي (10.84) ثم “يتلاشى الانتماء الوطني لمستخدمي سناب شات” بمتوسط حسابي (10.55)، يليه يقلل “سناب شات من ولائي لأسرتي بسبب المقارنة بين المؤثرين “المشاهير” وبين حياتي الخاصة” بمتوسط حسابي (10.17)، وأخيرًا “أحيانًا أستخدم حسابًا وهميًّا في سناب شات للرد على الآخرين بلا قيود أخلاقية ودينية” بمتوسط حسابي (9.75).
وقد خلصت الدراسة إلى أن سناب شات أثّر تأثيرًا إيجابيًّا على القيم الأخلاقية للمبحوثين عينة الدراسة.
- توصيات الدراسة:
قدّمت الدراسة مجموعة من التوصيات في مقدمتها تعزيز القيم الإيجابية المتوافرة لدى الشباب من خلال سناب شات والمحافظة عليها والحد من القيم السلبية، وكذلك التوعية بالطرق المثلى في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، والسناب شات خصوصًا والاستفادة منه قدر المستطاع.
كما أشارت إلى إمكانية الاستفادة من استخدام الشباب لتطبيق سناب شات في الحث على ممارسة الرياضة من خلال الهيئة العامة للرياضة والترفيه، وكذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وجعل المؤثرين بالدرجة الأولى هم من يدعمون هذا التوجه.
وأوصت بضرورة وجود رقابة مجتمعية لتطبيق سناب شات، حيث يوجد كثير من المشاهير الذين يروجون لفكر أو قيم لا تتوافق مع هوية المسلم أو القيم الاجتماعية الموجودة في المملكة العربية السعودية.
كما أشارت إلى أنه من الممكن من خلال سناب شات وضع مواثيق أخلاقية وبرامج لنشر القيم الأخلاقية لتهذيب النفس للمراهقين والشباب (مثل الصدق والأمانة، احترام الغير).
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن استخدام سناب شات هو سلاح ذو حدّين شأنه في ذلك شأن باقي منصات التواصل الاجتماعي، فتعظيم إيجابياته وتلافي سلبياته يعتمد في المقام الأول على غرس ثقافة الاستخدام الصحي الجيد والآمن لمنصات التواصل، والتزام المشاهير عبر المنصة بميثاق إعلامي أخلاقي يستندون إليه في كل ما يقدمونه من محتوى.
