تقارير

إدمان التكنولوجيا.. الإشكاليات والحلول

يعد إدمان التكنولوجيا مشكلة متنامية في مختلف المجتمعات حول العالم، وهو ما تؤكده الإحصاءات التي ترصد تلك الظاهرة، فمع تزايد اعتماد الأشخاص على التكنولوجيا، تزداد احتمالية تأثيرها السلبي على الصحة النفسية والبدنية بشكل كبير.

وعلى الرغم من أن مفهوم الإدمان كان يستخدم تقليديًا لوصف الاعتماد الجسدي على مادة ما، فقد تم تطبيقه مؤخرًا على الاستخدام المفرط للإنترنت ما أدى لظهور مفهوم “إدمان الإنترنت” الذي يشير إلى أن الاستخدام المفرط للإنترنت مرتبط بالسلوك الانفعالي والمزاج السلبي عند الحرمان منه، وذلك لأن المشاعر السلبية مثل القلق أو حالات التوتر المتزايدة يتم استبدالها مؤقتًا بواسطة إحساس بالمتعة أو الاسترخاء من خلال استخدام الإنترنت.

  • إحصاءات حول إدمان التكنولوجيا

وفقا لإحصاءات منصة “Gitnux” المتخصصة في الخدمات الرقمية، فإن أكثر 10 دول في العالم من حيث استخدام الهواتف الذكية هي البرازيل والصين والولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وكوريا الجنوبية وكندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا.

ويقضي الشخص العادي وقتًا أطول أمام الأجهزة الإلكترونية مقارنة بالنوم بمعدل 8 ساعات و41 دقيقة يوميًا، ويقوم 80% من مستخدمي الهواتف الذكية بفحص هواتفهم في غضون ساعة واحدة قبل النوم، و40% من المستخدمين البالغين يفحصون أجهزتهم المحمولة في غضون 5 دقائق من الاستيقاظ.

كما يشعر 72% من المراهقين و48% من الآباء بالحاجة إلى الرد الفوري على الرسائل النصية ورسائل الشبكات الاجتماعية والإشعارات الأخرى، لذلك يقوم 78% من المراهقين و69% من الآباء بفحص أجهزتهم كل ساعة على الأقل.

وبالنسبة للولايات المتحدة تحديدًا، يفحص الأمريكيون هواتفهم 96 مرة يوميًا أي بمعدل مرة كل 10 دقائق، وفقًا لبحث جديد أجرته شركة  “Asurion” للتكنولوجيا، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 20% عن دراسة استقصائية مماثلة أجريت قبل عامين.

  • أعراض إدمان الإنترنت

أدى ظهور الإنترنت إلى تسهيل العمل والتواصل الاجتماعي أكثر من أي وقت مضى، ومع وضع هذا في الاعتبار، ليس من المستغرب أن نجد أن 8.2% من سكان العالم يعانون من “إدمان الإنترنت”، وفقا لموقع “Psycom” الأمريكي المتخصص في الصحة النفسية.

وهو ما يدفعنا لاستعراض الخصائص أو الأعراض المرتبطة بإدمان الإنترنت، حيث يتمثل أبرزها في القلق بشأن الإنترنت، وحرص الفرد على زيادة الوقت الذي يقضيه متصلا بالإنترنت، والتهيج أو الاكتئاب أو عدم الاستقرار العاطفي عند تقييد استخدام الإنترنت.

بالإضافة إلى قضاء وقت عبر الإنترنت أكثر مما تم الاتفاق عليه مسبقًا، وتعريض العمل أو العلاقات المهمة للخطر لقضاء الوقت على الإنترنت، والكذب على الآخرين بشأن الوقت الذي يقضيه المرء على الإنترنت، وأيضًا استخدام الإنترنت كأداة لضبط المشاعر السلبية مثل الوحدة والحزن.

وهكذا تظهر أعراض إدمان الإنترنت عندما تتضرر الحالة النفسية أو الدراسة أو العمل والتفاعلات الاجتماعية للشخص بسبب الاستخدام المفرط أو غير السليم لهذه الوسيلة، وتكتسب أهمية مركزية في حياة الشخص على حساب الأنشطة الأساسية الأخرى.

وأشار بعض العلماء إلى وجود أنماط لإدمان الإنترنت، ترتبط بأن يجد الفرد جوانب معينة فقط من الإنترنت مجزية، مثل المراهنة عبر الإنترنت أو التسوق أو الدردشة. وبشكل عام، يبدو أن الأشخاص الذين يعانون من إدمان الإنترنت هم أولئك الذين يستخدمونه عمومًا في الأنشطة الترفيهية.

بالإضافة إلى ذلك، تنتشر ظاهرة “الهيكيكوموري” وهو مصطلح ياباني يعني الانسحاب الاجتماعي أو العزلة بشكل متزايد، وتؤثر على الأبناء الصغار الذين يقررون عزل أنفسهم في غرفهم، مما يؤدي إلى قطع كل العلاقات مع العالم الخارجي؛ وأن يصبحوا منسحبين اجتماعيًا إلى درجة استبدال الحياة الواقعية بواسطة الحياة الافتراضية، حيث يقضون وقتهم أمام الكمبيوتر وهم يتصفحون الإنترنت.

ووفقًا لمجلة “Emergency Live” البريطانية، تشير أحدث الأبحاث إلى أنه لا يوجد نوع معين من الأشخاص المعرضين للإصابة بإدمان الإنترنت، لكنها تشير في الوقت ذاته إلى أن الشباب غير المتزوجين، وطلاب الجامعات، والنساء في منتصف العمر، والأشخاص ذوي المستوى التعليمي المنخفض، وأولئك الذين يعانون من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب والخجل الشديد وتدني احترام الذات، يكونون أكثر عُرضة لخطر إدمان الإنترنت.

  • إرشادات للتعافي من إدمان التكنولوجيا

وفقًا لمجلة “فوربس” الأمريكية، إذا كنت تشعر أن الإدمان الرقمي يتدخل بشكل كبير في حياتك وقدرتك على العمل، فإن أفضل طريقة لإدارة السلوك الإدماني تتمثل في تعديل طريقة استخدام الهواتف الرقمية، وتطوير علاقة أفضل وأكثر صحة مع الشاشات، وفيما يلي بعض الاستراتيجيات العملية للحد من مقدار الوقت الذي تقضيه على الإنترنت أو على هاتفك:

  • أعد ضبط مسارات عقلك واكتسب منظورًا لعلاقتك بشاشتك عن طريق التخلص من السموم الرقمية لمدة 12-24 ساعة.
  • خصص قدرًا معينًا من الوقت كل يوم للتأمل والتفكير.
  • ضع هاتفك في وضع “وقت النوم” التلقائي، الذي سيؤدي إلى إيقاف تشغيل جميع الإشعارات في وقت معين من الليل.
  • عليك تعيين حدود زمنية للتطبيقات أو مواقع الويب باستخدام أدوات مثل “Freedom” أو”Space”.
  • احذف من هاتفك أكثر التطبيقات تشتيتًا للانتباه أو استهلاكًا للوقت.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن علاج إدمان الإنترنت يتم من خلال تدخل علاجي نفسي سلوكي معرفي مستهدف من أجل تقليل إدمان الإنترنت تدريجيًا، عبر تحديد السلوكيات البديلة والمجزية التي يمكن أن تحل محله، ويساعد ذلك في التغلب على أي صعوبات في العلاقات الاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى