الدراسات الإعلامية

الاتجاهات البحثية لدراسات حملات التسويق الاجتماعي

 

في ظل الثورة الرقمية وتطور تكنولوجيا الاتصال التفاعلي واتساع نطاق استخدامها على المستويين المحلي والدولي، ومع سعي الدول لتوظيف تلك التكنولوجيا لخدمة تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 وتسويق مشروعاتها التنموية، طرأت تطورات على دراسات التسويق الاجتماعي على صعيد كل من استخدام الأدوات المنهجية والنماذج النظرية الحديثة؛ ويرجع ذلك إلى استخدام القائمين على حملات التسويق الاجتماعي للتخطيط الاستراتيجي الحديث، وإثراء هذه الحملات بالتنوع في الشكل والمضمون.

وفي هذا الإطار، نشرت المجلة المصرية لبحوث الإعلام دراسة بعنوان ” فاعلية حملات التسويق الاجتماعي في ظل الثورة الرقمية”، لرصد وتحليل وتقييم الاتجاهات البحثية التي تناولتها الدراسات المعنية بالتسويق الاجتماعي للتوعية بقضايا الصحة والبيئة التي أجريت خلال الفترة من عام 2008 إلى عام 2020، وقد بلغ إجمالي حجم عينة الدراسات المختارة والخاضعة للتحليل 45 دراسة، منها 23 دراسة أجنبية و22 دراسة عربية، نستعرضها على النحو التالي:

  • النتائج العامة للدراسة

أظهرت نتائج الدراسة أن 13% فقط من الدراسات محل التحليل اعتمدت على النظريات في حين أن 87% لم تستخدم أيا من النماذج أو النظريات، وقد اكتفى الكثير من الدراسات العربية والأجنبية بالإطار المنهجي وأدواته، ويرجع ذلك إلى اتجاه الباحثين إلى هذا الأسلوب الجديد.

أما على صعيد النظريات والنماذج التي تم استخدامها، فجاء في المرتبة الأولى للأكثر استخدامًا كل من نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام، بالإضافة إلى أسلوب مراجعة ودمج ثلاث نظريات هي: نظرية دوافع الحماية، نموذج العملية المتوازية الممتدة، ونموذج نظرية التغيير، ثم دمج مدخل الأبواب السبعة للتسويق الاجتماعي مع مداخل أخرى، وتلاها بالتساوي استخدام نظريات الاستخدامات والإشباعات، ونظرية السلوك المخطط، ونموذج المعتقد الصحي، ونظرية التبني.

كما أظهر التحليل اعتماد الدراسات العربية على استخدام نظريات غربية منبثقة من بيئة ثقافية غربية مختلفة عن البيئة العربية، ونتج عن ذلك عدم ملاءمة أهداف الدراسة وتساؤلاتها وفروضها للإطار النظري المستخدم وعدم الاستفادة منه.

بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت غالبية الدراسات الأجنبية على إطار منهجي في مجال بحوث التسويق الاجتماعي، ويرجع ذلك إلى الاتجاه البحثي الحديث في الاعتماد على الإطار المنهجي وأدواته فقط من دون الحاجة إلى نماذج نظرية ضمن خطوات البحث قد لا تضيف إلى نتائجه.

وفيما يتعلق بالمناهج المستخدمة في الدراسات العربية والأجنبية محل التحليل، فقد اعتمدت في المرتبة الأولى على منهج المسح بشقه التحليلي، ثم تلاها الاعتماد على المسح الميداني، وأخيرًا المسح بشقيه التحليلي والميداني.

أما عن الأدوات البحثية المستخدمة، فقد اعتمدت 39% من الدراسات عينة الدراسة على أداة تحليل المضمون، و32% على أداة استمارة الاستبيان بنسبة، وفي المرتبة الثالثة اعتمدت 25% من الدراسات على المسح التحليلي والميداني باستخدام الأدوات البحثية التي تنوعت ما بين (الملاحظة، المقابلات المتعمقة، مجموعات النقاش المركزة) مع أدوات الاستبيان أو تحليل المضمون أو هما معًا.

كما أظهرت نتائج التحليل اختلاف الدراسات في أحجام العينات وفقا لموضوع البحث والأدوات التي اعتمد عليها، ففي حين تراوحت أحجام عينات غالبية الدراسات الأجنبية ما بين 300 إلى 800 مفردة، جاءت أحجام عينات غالبية الدراسات العربية ما بين 100 إلى 400 مفردة.

وبالنسبة لطبيعة الجمهور المستهدف في الدراسات محل التحليل، اهتمت الدراسات الأجنبية بالتنوع في اختيار الجمهور المستهدف وفقا لخصائصهم الديموغرافية، في حين كان اهتمام الدراسات العربية بالتنوع في اختيار جمهور الدراسة أقل على الرغم من تطرق بعض هذه الدراسات لاستبيانات رصدت تأثير حملات التسويق الاجتماعي على فئات لم يسبق الاعتماد عليها من قبل مثل الأطفال والعاملين بمجال الرعاية الصحية، ويشير ذلك إلى ضرورة اهتمام الباحثين برصد آراء جماهير مختلفة لم يسبق التطرق إليها من قبل مثل ذوي الهمم، والمتبرعين للحملات.

  • رؤية مستقبلية لواقع حملات التسويق الاجتماعي

قدمت الدراسة مجموعة من المقترحات والتوصيات بشأن البحوث المستقبلية في مجال التسويق الاجتماعي، حيث انقسمت إلى شقين رئيسيين، الأول خاص بالباحثين والثاني يتعلق بمصممي الحملات.

فقد أوصت الدراسة الباحثين بالاعتماد على دراسات استطلاعية قبل اختيار عينة حملات التسويق الاجتماعي في مجالي الصحة والبيئة، والاطلاع على مزيد من النماذج النظرية التي تتلاءم مع ثقافة المجتمع، بجانب تشجيع البحوث الجماعية المشتركة بين باحثين أو أكثر، حيث إن العمل في فريق بحثي يضيف إلى نتائج البحث من خلال استخدام أدوات ومناهج متنوعة.

بالإضافة إلى الاهتمام بالمقابلات المتعمقة الدائمة مع مديري التسويق بالوكالات الإعلانية والخبراء لمعرفة أحدث التوجهات البحثية في مجال التسويق الاجتماعي وأوجه القصور والمشكلات التي يتعرض لها القائم بالاتصال. وكذلك العمل على إضافة الدراسات المقارنة التي تقوم برصد وتحليل وتفسير الحملات الأجنبية بالمقارنة بالحملات العربية.

أما فيما يتعلق بالمقترحات الخاصة بمصممي حملات التسويق الاجتماعي فتتمثل في الالتزام بالقواعد الأساسية لتخطيط الحملات وعلى رأسها تصميم الرسائل جيدًا بما يناسب حاجات ورغبات الجمهور، والتركيز على المنافع التي تعود على الفرد والمجتمع، ودراسة الجمهور المستهدف ومعرفة خصائصه النفسية والاجتماعية والديموغرافية، والعمل على اتباع استراتيجية التجزئة عند التعامل مع قطاعات عريضة من الجمهور، وكذلك اختيار الاستراتيجية المناسبة للجمهور، وتحديد الفترة الزمنية اللازمة لتنفيذ الحملة، مع ضرورة الاستمرار في بث رسائل الحملة للجمهور.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن أهمية دراسات التسويق الاجتماعي تكمن في استكشاف الأدوات الأكثر تأثيرًا في تغيير سلوك الجمهور المستهدف، وهو ما يتم من خلال التقييم القبلي والبعدي والمرحلي لحملة التسويق الاجتماعي من قبل المخططين، ودراسة العوامل المؤثرة على سلوك الجمهور المستهدف، وتقييم التعاون مع قادة الرأي لإضفاء المصداقية على الحملة وجذب الجمهور من أجل تحقيق السلوك المستهدف وتبني الفكر المرغوب.

زر الذهاب إلى الأعلى