تقارير

توظيف تقنيات الواقع المعزز في تصميم الإعلان

أصبحت عمليات الاتصال في تطور مستمر في عصرنا الحالي بما في ذلك التقنيات الخاصة بمجال الإعلان بوصفه من أكثر المجالات التخصصية التي تبحث عن كل ما هو جديد من التقنيات في عالم الترويج والإقناع، التي تحتاج دائمًا إلى الإبداع والابتكار، إذ لا تخلو الإعلانات الرقمية من استخدام التقنيات الحديثة لتكون أكثر جاذبية وتفاعلية تصل إلى حد الإبهار. وقد تطور الإعلان الرقمي ليصبح وسيطًا تفاعليًا من خلال اعتماد تقنيات تفاعلية مثل الواقع المعزز؛ نظرًا لأن هذه التقنية تسمح بعرض العناصر الافتراضية في البيئة الواقعية للأشخاص، فهي استراتيجية تسويقية جديدة تزيد من تفاعل المتلقي مع الإعلان.

وتوجد مجموعة من الخصائص لاستخدام تقنية الواقع المعزز في مجال الإعلان، أبرزها التفاعلية في الوقت الفعلي والافتراضية ومزامنة الواقع الافتراضي والواقعي بجانب القابلية للقياس والاستخدام، والتنقل والانتشار الفيروسي، كما أن تكلفتها أقل من الإعلانات التقليدية.

واللافت أن استخدام تقنية الواقع المعزز انتشرت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ومن المتوقع وصول حجم سوق الواقع المعزز العالمي إلى 89 مليار دولار بحلول عام 2026،  كما تشير أبحاث أجرتها “Vibrant Media”  إلى أن 67% من مخططي وسائل الإعلام والمعلنين يعتزمون دمج إعلانات الواقع المعزز في حملات التسويق الرقمي لتعزيز مشاركة المتلقي.

وفي هذا الإطار، نشرت مجلة البحوث الإعلامية في عددها الصادر في يوليو 2022 دراسة بعنوان “توظيف تقنيات الواقع المعزز في تصميم الإعلان وانعکاسها على تصورات المتلقي الرقمي نحوها”، تناولت عينة من إعلانات الواقع المعزز عبر منصة يوتيوب نستعرضها على النحو التالي:

  • النتائج العامة للدراسة

كشفت نتائج تحليل المحتوى للإعلانات المصممة بتقنية الواقع المعزز عبر منصة يوتيوب أن النوع الإعلاني الأكثر استخدامًا هو المرآة السحرية، يليه التغليف/الطباعة النشطة، ثم النافذة الزائفة، ورسم الخرائط الإسقاطية، وأخيرًا الطبقة الجغرافية، وقد يكون الاستخدام المحدود لنوع الطبقة الجغرافية مرتبطًا بالصعوبة التقنية في زيادة المساحة الجغرافية حول المستخدم بمحتوى افتراضي فهي تحتاج إلى مستخدم لديه خبرة مرتفعة في التعامل مع التقنيات.

كما أظهرت النتائج استخدام علامات تجارية عديدة وفي مجالات مختلفة لتقنية الواقع المعزز في تصميم إعلاناتها، وإنشاء قصص غامرة تسمح للمستخدمين بتجربة المنتجات بطرق جديدة ومنها الملابس والإكسسوارات والمجوهرات والأحذية الرياضية ومستحضرات التجميل والاتصالات وخدمات وكالات الإعلانات والأطعمة والمشروبات والسيارات.

وخلصت الدراسة إلى أن الإعلانات المصممة بتقنية الواقع المعزز تستهدف جمهورًا متنوعًا بدءًا من المستخدمين الأعلى خبرة في التعامل مع التقنيات إلى المستخدمين الأدنى خبرة في التعامل مع التقنيات، فقسم الجمهور المستهدف وفقًا لمستوى الخبرة التقنية المطلوبة إلى جمهور لديه خبرة في التعامل مع التقنيات (يستطيع تنزيل تطبيق الواقع المعزز عبر هاتفه الذكي للمشاركة في الإعلان)، لذا يمكنه التعامل مع نوعين من إعلانات الواقع المعزز (التغليف/الطباعة  النشطة، ونوع الطبقة الجغرافية) لأنهما يتطلبان مستوى مرتفعًا من المعرفة التقنية، وجمهورًا أقل خبرة من الناحية التقنية (يشارك في إعلانات الواقع المعزز دون استخدام هاتف ذكي)، وجمهورا مختلطا (يمكنه القيام بكلا الأمرين؛ تنزيل تطبيق الواقع المعزز أو المشاركة في إعلان الواقع المعزز دون استخدام هاتف ذكي).

وبشكل عام فإن إعلانات الواقع المعزز التي تستهدف مستخدمين أقل خبرة في التعامل مع التقنيات تكون أكثر نجاحًا في استخدام إعلانات الواقع المعزز من نوع النافذة الوهمية والمرآة السحرية والخرائط الإسقاطية، لأنها لا تعتمد على مطالبة المستخدمين بتنزيل تطبيقات على هواتفهم الذكية للوصول إلى المحتوى الرقمي.

كما أظهرت النتائج من خلال تحليل إعلانات الواقع المعزز عبر منصة يوتيوب وجود أربع طرق لتفاعل المستخدم مع الإعلان وهي:

  • إدراك المحتوى الافتراضي
  • المعالجة عبر إحداث التغيير فيما يعرض وطريقة عرضه
  • التكامل حيث يكون المستخدم جزءًا من الإعلان لكن لا يتحكم فيه
  • التفاعل إذ يصبح المستخدم جزءًا من الإعلان ويتفاعل معه
  • توصيات الدراسة

أوصت الدراسة الشركات والمؤسسات التجارية والخدمية، باستثمار تقنية الواقع المعزز في مجال الدعاية والإعلان ووضعها ضمن قائمة أولوياتها، وأن تخوض تجربة استخدام التقنيات الغامرة في تسويق منتجاتها بوصفها إحدى التقنيات الواعدة في تسويق المنتجات والخدمات، وذلك لإيجاد تصميمات إعلانية جديدة جاذبة للانتباه ذات تأثير ديناميكي على العين والمشاعر وتحقق البعد الترويجي والجمالي والإبداعي والتسويقي، والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مجال استخدام الواقع المعزز من خلال تبادل الخبرات، حيث أثبتت هذه التجربة نجاحها على المستوى العالمي لما فيها من محاكاة للواقع الحقيقي عبر تطبيقات الواقع الافتراضي والمعزز.

كما أكدت الدراسة على ضرورة تدريب المتخصصين في الدعاية والإعلان داخل الشركات والمؤسسات التجارية والخدمية على استخدام الواقع المعزز في مجالهم والإبداع والتجديد في مجال إعلانات الواقع المعزز.

وكذلك الاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي في نشر الثقافة الإلكترونية في المجتمع، ونشر الوعي بتقنية الواقع المعزز وكيفية التعامل معه والتعريف بإعلانات الواقع المعزز، فضلا عن العمل على تطوير البنية التحتية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لتوفير إمكانية وجود إعلانات الواقع المعزز واستخدامها وتفعيلها على اختلاف أنواعها، حتى تصبح هذه التقنية في الإعلان الإلكتروني أكثر فاعلية ويستفاد منها على الوجه الأكمل.

وأوصت أيضًا بضرورة إدراج التقنيات الجديدة في المقررات الدراسية، وتعديل اللوائح لرفع كفاءة الطلاب بأقسام الاتصال والإعلام وكلياته والتدريب على استخدامها في مرحلة الدراسة بشكل يواكب روح العصر.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن توظيف تقنيات الواقع المعزز في الإعلانات يتطلب دراسة ردود أفعال الجمهور تجاه أحداث الواقع المعزز من خلال حركتهم وتفاعلهم، واختبار تأثير جميع أشكال الإعلان بالواقع المعزز للعلامة التجارية نفسها على استجابات المستهلك، وكذلك إجراء مزيد من الأبحاث عن إيجابيات وسلبيات استخدام تقنية الواقع المعزز في المجال الإعلاني ودراسة المخاوف الأخلاقية التي تفرضها تلك التقنية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى