إنفوجرافيك

وسائل التواصل الاجتماعي وتشكيل إدراك الجمهور

أضحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة محورية لنشر المعلومات والحصول عليها، ما جعلها تلعب دورًا كبيرًا في إدارة عمليات الإدراك لدى الجماهير في مختلف أنحاء العالم، وتظهر الإحصاءات حجم الاستخدام الضخم لمحتوى تلك المنصات، إذ يشير تقرير لمؤسسة “Smart Insight” المتخصصة في شؤون مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن أكثر من 4.6 مليار شخص يستخدم بنشاط منصات التواصل الاجتماعي المختلفة؛ مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، لكن هذا الوجود الكبير اقترن بمخاطر جسيمة أبرزها وجود عناصر متحيزة ومعادية للدولة على المنصات الاجتماعية تعمل على إثارة حالة من الذعر والفوضى داخل المجتمع، وذلك تحت إشراف جماعات ضغط مختلفة من أجل تحقيق أغراض تلك الجماعات، لذا تطلق حملات خبيثة تستهدف المجتمعات والمنظمات والدول الأخرى.

  • استخدام المنصات في دول العالم الثالث

مما لا شك فيه أن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا حاسمًا في الحصول على نظرة ثاقبة غير رسمية حول مختلف القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية. مما يستوجب دراسة مختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية وغيرها من الجوانب الترفيهية لمنصات التواصل، والتي قد تكون مفيدة في الحد من انتشار حملات التضليل.

وهنا لا بد أن تضمن القيادة العليا لهذه المنصات آليات لنشر معلومات حقيقية وموثوقة؛ لأنها تُساعد المستخدمين في تكوين تصورهم تجاه مختلف القضايا، لا سيما وأن وسائل التواصل الاجتماعي تُستخدم في دول العالم الثالث كأداة لإلحاق الضرر بمؤسسات الدولة والمنظمات وبعض الفئات المستهدفة الأخرى.  كما يجب على مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا احترام القيم الاجتماعية والثقافية للدول الأخرى خلال نشر أي محتوى.

  • الدعاية والمعلومات المضللة عبر مواقع التواصل الاجتماعي

يؤدي استخدام منصات التواصل الاجتماعي لنشر الدعاية والمعلومات المضللة ضد جماعات ومجتمعات ودول بعينها، إلى آثار سلبية سياسية واقتصادية واستراتيجية في العلاقات الثنائية للدول المختلفة وكذلك الشعوب. ولتجنب هذه المعلومات المضللة والحملات الخبيثة ضد أي مجموعة أو مجتمع أو دولة، توجد حاجة لفتح مكاتب قانونية لوسائل التواصل الاجتماعي في بلدان مختلفة من العالم. وفي هذا الصدد، يُقترح أن يُطلب من الوزارات المعنية الاتصال بنظيراتها لإنشاء مكاتب لوسائل التواصل الاجتماعي في بلدانهم لوقف الحملات المناهضة للدولة والمؤسسات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي ذات الإطار، تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي أداة رئيسية للتواصل وبناء التصورات. ومع تزايد عدد مستخدميها بسرعة في جميع أنحاء العالم، لا يمكن تجاهل أهمية هذه المنصات التي تحتاج إلى مزيد من التقييم لتحقيق أقصى استفادة منها، لا سيما وأن كُلًّا من البلدان المتقدمة والنامية تستخدم هذه المنصات من أجل تحقيق مصالحها الوطنية. فعلى سبيل المثال أبرزت الاتجاهات الأخيرة في باكستان ضد مؤسسات الدولة في أعقاب الإطاحة برئيس الوزراء عمران خان أهمية وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في إدارة الإدراك الجماهيري.

من جهة أخرى، فإن الأشخاص يستخدمون هذه المنصات في جميع مجالات الحياة بشكل استباقي أيضا، بمعنى أنهم يسلطون الضوء على الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية والتعليمية المختلفة للمجتمع، والتي تعتبر محورية لإدارة الإدراك وصنع السياسات أيضًا. لذلك، يجب ضمان فعالية المنصات وحمايتها؛ فلا ينبغي لأحد أن يختطف العقول المبدعة الأخرى أثناء الوجود على هذه المنصات. ويجب أيضًا أن تعمل إدارة منصات التواصل الاجتماعي على ذلك.

  • دور إدارة منصات التواصل الاجتماعي في التصدي لنشر الفوضى

إن وجود جهات فاعلة غير حكومية على منصات التواصل الاجتماعي هو أيضًا محاولة مستهدفة من قبل بعض الأشخاص والجماعات والدول لإثارة الذعر والفوضى داخل المجتمعات المختلفة، فهم يستخدمون هذه المنصات لتحقيق مصالح خاصة لبعض الدول والأشخاص أيضًا، وهي مسألة يجب إيقافها. وبالمثل، تحاول بعض الجماعات والدول أيضًا تحقيق مصالحها الخاصة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الترويج لأفكار مثل الكراهية والإسلاموفوبيا.

فمن المحزن أن نرى منصات مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام يتم استخدامها من قبل بعض العناصر المعادية لنشر الفوضى والمعلومات المضللة داخل المجموعات العرقية المختلفة، الأمر الذي يجب أن يتوقف الآن، إذ يقع على عاتق القيادة العليا لهذه المنصات أن تضمن نشرًا إيجابيًّا وواقعيًّا للمعلومات على منصتها لأنها ستساعد الأشخاص في تكوين تصورهم فيما يتعلق بقضية معينة، كما يجب ألا تكون هذه المنصة أداة سياسية للمناورات الخارجية أو المحلية بشأن المعلومات.

وتأسيسًا على ما سبق، لا بد من النظر في كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة إيجابية، مثل مساعدة الأفراد الذين ليس لديهم صوت على التحدث والتعبير عن رأيهم، بجانب مكافحة نشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لطالما استفادت النخب السياسية من منصات وسائل التواصل الاجتماعي للتأثير على الشعوب لتحقيق أهداف السياسة الوطنية والخارجية المرجوة، وهذا يعني أن المنصات الاجتماعية قادرة على التأثير والسيطرة على سلوك الأفراد أو الجماعات، من خلال تحليل المعلومات والبيانات التي ينشرها مستخدمو المنصات.

ويعتبر تثقيف المستخدمين حول مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي أمرًا بالغ الأهمية، وهنا يجب إطلاق مبادرات لتحقيق هذه الغاية، كما أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المنظمات الدولية والجهات الرقابية في السيطرة على إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تستخدم الجهات الفاعلة غير الحكومية هذه الفضاءات لنشر وجهات نظرها المتطرفة، وهي مسألة باتت تمثل مشكلة عالمية.

وختامًا، على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تتمتع بالعديد من المزايا في العصر الرقمي، فإنها في المقابل تنتج عدم استقرار اجتماعي وثقافة غير حضارية وأخبارًا كاذبة نظرًا لعدم وجود قوانين أو لوائح أو حتى مدونة أخلاقية متفق عليها، ما يؤكد الحاجة إلى اتفاقيات دولية لإدارة وسائل التواصل الاجتماعي.

 

زر الذهاب إلى الأعلى