إنفوجرافيك

الصورة الذهنية في عصر الإعلام الجديد.. المملكة نموذجًا

تُعد وسائل الإعلام الجديد إحدى أبرز الأدوات التي تسهم في تشكيل الصورة الذهنية حاليًا نظرًا لانتشارها الواسع وقدرتها البالغة على التأثير، فضلًا عن كونها مصدرًا رئيسًا للمعلومات والمعرفة عن الدول الأخرى والأحداث العالمية، الأمر الذي جعل تلك المنصات قادرة عبر المحتوى المتداول على خلق صور ذهنية جديدة، وتغيير التصورات المسبقة التي تكون في كثير من الأحيان مجافية لحقيقة الواقع، وهو ما نستعرضه في التقرير التالي مع تسليط الضوء على المملكة العربية السعودية كنموذج.

  • الصورة الذهنية وسماتها

تمثل الصورة الذهنية مجموعة من المدركات التي استقرت في وعي الفرد بحيث تحكم ردود أفعاله تجاه موضوع الصورة، وتتشكل الصورة الذهنية من 3 مكونات، فهناك البعد المعرفي، ويشمل المعلومات التي يدرك الفرد من خلالها موضوعا أو قضية أو مؤسسة، ثم البعد الوجداني أو العاطفي، ويتضمن الاتجاهات العاطفية تجاه الموضوع أو القضية، أما البعد السلوكي فيشير إلى السلوك العلني الذي يمكن التنبؤ به بشأن موقف الفرد تجاه قضية أو مسألة معينة. وتتمثل أبرز سمات الصورة الذهنية فيما يلي:

  • إطار زمني سابق: بمعنى أنها قديمة التكوين، فلا يطلق على معرفة حالية صورة ذهنية.
  • إطار ذاتي حسي: فالصورة الذهنية تنبع من مقدرة الإنسان الحسية أي قدرة الإنسان على استيعاب المثير أو التعرض له.
  • التباين: فهي تختلف من فرد إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى، ومن مجتمع لآخر إلا أنها قد تتقرب في أذهان الأفراد مكونة صورة ذهنية متماثلة لجماعة أو مجتمع ما، وهذا التباين يرجع إلى القدرات الحسية المتباينة للأفراد.
  • مكونة للاتجاه: فالصورة الذهنية أهم مصادر بناء وتكوين الاتجاه.
  • ديناميكية: بمعنى أنها متغيرة غير ثابتة سواء أكان التغيير بطيئًا أم سريعًا، وهذا التغيير ناتج عن تفاعلها مع مثير جديد.
  • أداة تحكم: فهي بمثابة مقياس يحدد ويضبط السلوك والأحكام أو ردود الأفعال.
  • مكونة للصور: بمعنى أنها تنشئ صورًا ذهنية جديدة دون الحاجة إلى اللجوء إلى القدرات الحسية بناءً على ما تمتلكه من صور ذهنية سابقة.
  • العلاقة بين الصورة الذهنية والصورة النمطية

يمكن للصورة الذهنية أن تتحول –إذا تم التركيز عليها لفترات طويلة- إلى صورة مترسخة ومنطبعة في أذهان حامليها بشكل لا يتسم بالمرونة ولا يقبل التغير فتصبح صورة نمطية.

وترتبط بالصورة النمطية مجموعة من الخصائص من أبرزها أنها ثابتة مستقرة غير متحركة في الذهن، أي عميقة متجذرة في الذهن وقادرة على مقاومة التغير، كما أنها تسوغ اتخاذ القرارات الحاسمة، وتتميز بكونها سريعة الاستحضار في ضوء تقنينها للفكرة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مفاهيم الصورة الذهنية والصورة النمطية من أكثر المفاهيم التي أسيء استخدامها في العلوم الإنسانية فحتى الآن لا تميز الأدبيات بدقة بينهما، فرغم تماثلهما في الكثير من التفاصيل إلا أنهما ليسا واحدًا.

  • الصورة الذهنية للمملكة ودبلوماسية المواطن الرقمية

تعتبر الصورة الذهنية التي يتفق معظم أفراد المجتمع عليها نحو شعب أو مجتمع ما سببًا في تكوين الرأي العام المحلي، في حين أن انتقال هذه الصورة الذهنية إلى خارج حدود المجتمع الواحد أي عندما تكون عابرة للحواجز الثقافية والسياسية والحدود الجغرافية فهي تُساهم في خلق الرأي العام العالمي.

وفي ما يخص المجتمع السعودي، فقد شهد خلال السنوات القليلة الماضية وتحديدًا منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 طفرة تنموية بوتيرة غير مسبوقة حققت العديد من الإنجازات في شتى المجالات، وصنعت صورة ذهنية أكثر حداثة، مختلفة تمامًا عن الصورة التقليدية النمطية في أذهان بعض المجتمعات لا سيما الغربية.

وتتشكل تلك الصورة الذهنية عن المملكة من خلال أبعاد معلوماتية معرفية يمكن التعرف عليها من خلال التقارير والمؤشرات الدولية عن حجم التقدم الذي سجلته على كافة الأصعدة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، ومن خلال بُعد حسي يتلمسه كل زائر لأرض المملكة المباركة ليشهد بشكل واقعي تلك الإنجازات والطفرات.

وهنا تجدر الإشارة إلى دور كل مواطن في نشر تلك الصورة المُشرقة ضمن إطار يمكن تسميته بـ “دبلوماسية المواطن الرقمية”، وهي تجسيد لانخراط الفرد في جهود الدبلوماسية الشعبية عبر الفضاء الرقمي، فالتواصل مع الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أبرز الأدوات القادرة على تشكيل صورة ذهنية جديدة تتلاءم مع الواقع المعيش.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن وسائل الإعلام الجديد تلعب دورًا حيويًّا في تشكيل الصورة الذهنية عن مختلف القضايا والموضوعات، وكذلك تعديل الصور الذهنية الشائعة وتصحيح ما قد يعتريها من معلومات غير دقيقة أو مغلوطة، وكذلك تحديث تلك الصورة لتواكب حجم التغيير الحاصل في المجتمع.

 

زر الذهاب إلى الأعلى