تقارير

التسويق بالمحتوى.. تكتيكات وإرشادات

يُعد التسويق بالمحتوى استراتيجية تُستخدم لجذب الجمهور وإشراكه والاحتفاظ به من خلال إنشاء ومشاركة المقالات ومقاطع الفيديو والبودكاست والوسائط الأخرى ذات الصلة، حيث يُعزز الوعي بالعلامة التجارية، ويُبقي النشاط التجاري في صدارة اهتمامات الجمهور عندما تحين لهم الفرصة للشراء.
كما يُعد أحد أساليب التسويق التي أثبتت فاعليتها وتوفر ميزة تنافسية؛ إذ تشير إحصاءات أوردتها منصة “Mailchimp” الأمريكية لخدمات التسويق إلى أن الشركات ذات المدونات تحصل على 67% من العملاء المحتملين أكثر من الشركات الأخرى، فضلًا عن أن 47 % من المشترين يشاهدون من 3 إلى 5 أجزاء من المحتوى قبل التعامل مع أحد مندوبي المبيعات، وتسجل الشركات التي تستخدم التسويق بالمحتوى معدلات نمو أعلى بنسبة 30% تقريبًا عن الشركات التي لا تستخدمه، كما يؤكد 72% من المسوقين أن تسويق المحتوى يزيد من المشاركة وعدد العملاء المتوقعين.
تعريف التسويق بالمحتوى وأهميته
يشير معهد “Content Marketing Institute” إلى أن التسويق بالمحتوى هو عملية إنشاء وتوزيع المحتوى ذي الصلة والقيمة لجذب واكتساب وإشراك جمهور مستهدف ومحدد بوضوح بهدف توجيه العملاء المحتملين للشراء.
ويعد التسويق بالمحتوى جزءًا من مظلة أوسع هي استراتيجية المحتوى التي تعني الخطة الشاملة للمحتوى، حيث تشمل سبب وكيفية إنشاء المحتوى وإدارته وأرشفته أو تحديثه.
وفي ذات الإطار، يختلف التسويق بالمحتوى عن تسويق المنتج أو الخدمة، الذي يركز على تسويق منتجات معينة لشريحة من الجمهور برسالة واضحة تهدف إلى إلهامها للشراء، واللافت أنه مع تقدم آليات التسويق وتكنولوجيا الاتصال وانفتاح العملاء وحرية تداول المعلومات المتعلقة بأنشطة كافة الشركات حول العالم أصبح العملاء أكثر وعيًا وحذرًا، حيث يقاومون طريقة التسويق العلنية، ما لم يكن هدفهم العثور على معلومات المنتج أو الخدمة.
في المقابل، فإن التسويق بالمحتوى يتم تصميمه ليس فقط لإمتاع العملاء، وإنما لتوفير حلول لمشكلاتهم والتحديات التي تواجههم، فهدفه هو التعليم والإعلام، والاستفادة مما يهتم به المستخدم من خلال التركيز على مقترحات القيمة المضافة على مواصفات المنتج، ومن الممكن أن يتضمن رسائل خفية توجه العميل نحو الشراء، ولكن موضوعه العلني يساعد الجمهور على حل المشكلات أو يزوده بمعلومات موضوعية.
من جهة أخرى، تكون استراتيجية التسويق بالمحتوى وفقًا لخطة تسويق كل مؤسسة، ولكن يجب الاهتمام بالعناصر التالية: أهداف التسويق بالمحتوى، وتحليل الجمهور المستهدف، ونوع تسويق المحتوى المستخدم، وقنوات الترويج، والجدول الزمني للتسويق بالمحتوى، وعلاوة على ذلك وضع مقاييس لقياس نتيجة التسويق بالمحتوى.
وتتمثل أهداف التسويق بالمحتوى الأكثر شيوعًا في زيادة الوعي بالعلامة التجارية، وبناء علاقة وثيقة مع الجمهور المستهدف، وجذب قيادات جماهيرية جديدة، بجانب حل مشكلات الجمهور المستهدف والمحتمل. بالإضافة إلى خلق حاجة لمنتج معين، وزيادة ارتباط العملاء بالمؤسسة وعلامتها التجارية.
ويوصي متخصصو التسويق بالمحتوى بعدد من النقاط التي يجب أخذها في الاعتبار عند تكوين استراتيجية التسويق بالمحتوى، وهي التركيز على الجودة وليس الكم أو الحجم، والموضوعات التي يهتم بها العملاء المحتملون، وتحسين محركات البحث، فضلًا عن التنوع في الوسائط (الصور ومقاطع الفيديو والرسوم البيانية، قوائم المراجعة، والمحتوى الصوتي، والندوات عبر الإنترنت وحتى الأحداث المباشرة).
وتشمل أيضًا مشاركة الموظفين المُمنهجة لمحتوى الشركة على وسائل التواصل الاجتماعي، والجمع بين التسويق بالمحتوى والجهود الإعلانية، ومراقبة ردود الفعل على الإنترنت عن طريق المقاييس، والانخراط مع الأشخاص الذين يشاركون ويعلقون.
إلى ذلك، توجد 3 أبعاد رئيسية للتسويق بالمحتوى، يتمثل البعد الأول في “الاستراتيجية”، ويتضمن مجموعة من العناصر تشمل تحديد الجمهور المستهدف، والسعي لتقديم صورة إيجابية طيبة للشركة أو المؤسسة، ومحاولة تلبية رغبات واحتياجات الجماهير المستهدفة.
ويتعلق البعد الثاني بـ”الأنشطة” والمقصود بها الاتصال التفاعلي الذي يحدث بين المؤسسة والجمهور، ليتم توصيل الرسائل والمحتوى الإعلامي الذي يتضمن معلومات تتعلق بالشركة وأنشطتها والخدمات التي تقدمها، دون أي ذكر لأي نشاط تسويقي للسلع أو الخدمات.
أما البعد الثالث فيتمثل في “النتائج” بحيث تتحول درجة ثقة الجمهور في المؤسسة إلى قيمة ربحية، فزيادة ولاء الجمهور للمؤسسة، وبالتالي الثقة في السلع والخدمات التي تقدمها، ينتج عنهما زيادة في أرباح تلك المؤسسة من خلال السلوك الشرائي للجمهور.
كيف يعمل التسويق بالمحتوى وما هي أهدافه؟
يمكن للشركات والعلامات التجارية المختلفة استخدام التسويق بالمحتوى لجذب العملاء المحتملين، وإثبات جدارة المنتج أو الخدمة عندما يكون لدى العميل نية للشراء. ولكي تتمكن الشركات من استخدام ذلك النمط التسويقي بشكل فعّال، تحتاج إلى تقديم محتوى مناسب لكل مرحلة من مراحل دورة المبيعات بدءًا من الوعي وحتى التفكير في الشراء وانتهاءً بالشراء، وذلك عبر الخطوات التالية:
“مرحلة التوعية- Awareness stage”:
في المرحلة الأولى من عملية البيع، يجب أن يركز المحتوى الخاص بالشركة على أبرز اهتمامات جمهورها، وهنا فإن الكتابة عن التحديات والتساؤلات أفضل فرصة للتعامل معهم، حيث يجب أن يكون المحتوى في تلك المرحلة تعليميًا ويتضمن نصائح إرشادية.
وتتمثل أفضل أشكال المحتوى خلال تلك المرحلة في المقالات، ومنشورات المدونات، والكتب الإلكترونية، والفيديوهات، والرسائل الإخبارية
“مرحلة التفكير – Consideration stage”
لا بد أن يقدم المحتوى مزيجًا من المعلومات المفيدة والتسويق، حيث يثقف القارئ حول الميزات أو الوظائف التي يجب البحث عنها وكيف تلبي الميزات المختلفة احتياجاتهم. وبالطبع، يجب أن يميل المحتوى الخاص بالشركة إلى ما تقدمه من منتج أو خدمة.
وأفضل محتوى لهذه المرحلة هو دراسات الحالة، والمقالات الإرشادية، ومقاطع الفيديو الإرشادية، وقوائم المراجعة وأوراق العمل.
“مرحلة الختام- Closing stage”
يلعب تسويق المحتوى دورًا مهمًا عندما يكون العميل المحتمل قريبًا من الشراء، ففي هذه المرحلة يمكنك التركيز على المبيعات، ويجب أن تكون رسالتك المركزية هنا حول خبرتك ومعرفتك والفوائد المميزة لما تبيعه.
ويتمثل أفضل محتوى لهذه المرحلة في دراسات الحالة، والمحتوى من إنشاء المستخدمين، ودليل المشتري، وفيديو المنتج، والتقارير البحثية.
كيف تبدأ الشركة أو العلامة التجارية في التسويق بالمحتوى؟
تتسم الحملة الناجحة للتسويق بالمحتوى بأنها قابلة “للإدارة ومستدامة”، وللقيام بها يتم اتخاذ الخطوات التالية:
• تحديد الجمهور: لإنشاء محتوى لقُرّاء بعينهم، يجب أن تكون لديك فكرة واضحة عن أولويات القراء وتحدياتهم وتفضيلاتهم.
• اختيار القوالب الصحيحة: لا بد أن تتوافق القوالب مع مرحلة دورة المبيعات التي تعمل على إنشاء المحتوى لها، وأن تساعد على إظهار القيمة بأفضل شكل، فبالنسبة للبعض سيكون هذا متجسدا عبر مقطع فيديو، وبالنسبة لآخرين يكون قائمة مرجعية.
• تكليف الطاقم القائم بالكتابة والتحرير والتصحيح: لأن الجمهور سيحكم على المحتوى الخاص بك على أساس جودته.
• تحديد كيفية توزيع المحتوى: هل ستقوم بنشر محتوى على موقعك، أو إرساله بالبريد الإلكتروني إلى الأشخاص، أو طباعته من أجل حدث ما؟ لذا ابدأ بـ “المكان” الذي ترجح وجود جمهورك فيه، ثم اختر التنسيقات المناسبة.
• وضع جدول مستدام: بمجرد معرفة القراء والصيغ المستهدفة، فمن السهل وضع خطة تسويق محتوى مفرطة في الطموح، لكن المطلوب إنشاء خطة قصيرة المدى (من 3-6 أشهر) لعدد واقعي من عناصر المحتوى التي يمكن إنشاؤها بناءً على ميزانيتك ومواردك. وتتبع المدة التي تستغرقها لإنشاء كل جزء من المحتوى، بحيث يمكنك تخصيص ذلك الوقت في جدولك.
• اتباع أفضل الممارسات: فالمحتوى المقنع يجب أن يكون مكتوبًا بشكل واضح للجمهور، وأن يتضمن أيضًا نصائح إرشادية. والمحتوى الأفضل لا بد أن يتسم بأن يكون قصيرًا وملائمًا وقابلًا للتنفيذ.
ما هي العلاقة بين التسويق بالمحتوى وتحسين محركات البحث ” SEO”؟
يُسهّل التسويق بالمحتوى على العملاء المحتملين العثور على المنتج أو الخدمة التي تقدمها الشركة، وإحدى الطرق التي تساعد على حدوث ذلك هي استخدام تحسين محرك البحث (SEO).
وتُعد الكلمات الرئيسية أساس جهود تحسين محركات البحث، وهي الكلمات والعبارات التي يكتبها العميل المحتمل في محرك بحث ما عندما يبحث عن شركة أو منتج أو خدمة. فعند تضمين الكلمات الرئيسية المناسبة في المحتوى الخاص بك، ستجذب المزيد من الزيارات.
أما عن مواصفات أفضل الكلمات الرئيسية، فهي التي تتسم بوضوح اللغة، والملائمة حيث تطابق الخبرات والمنتجات والخدمات التي تقدمها، فضلًا عن الدقة فهي مزيج من خبراتك في المجال ونقاط الضعف المحتملة وتفاصيل أخرى ذات صلة.
ونظرًا للأهمية التي توليها محركات البحث للنص، فإن استخدام الكلمات الرئيسية في المحتوى الخاص بك أمر مهم. ولذلك عليك مراعاة الإرشادات التالية:
• ركّز على كلمة أو كلمتين رئيسيتين وتجنب الحشو.
• استخدم الكلمات الأساسية في العنوان.
• اجعل موضوع المقالة واضحًا وصريحًا.
• استخدم الكلمات الرئيسية طوال الوقت.
• ابحث عن طريقة لدمج كلماتك الرئيسية بشكل طبيعي في المحتوى الخاص بك.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن التسويق بالمحتوى يُعد طريقة غير تقليدية لممارسة النشاط التسويقي، تقوم على إنشاء أو تنظيم محتوى – سواء كان إعلاميًّا أو تعليميًّا أو ترفيهيًّا- ونشره على وسائل الاتصال مع العملاء لجذب انتباههم، ومن ثم إقناعهم في مرحلة لاحقة باتخاذ قرار بشراء المنتج أو الحصول على الخدمة.

زر الذهاب إلى الأعلى