ساعد كل من التسويق المؤثر والتسويق بالعمولة على مدار العقد الماضي، العلامات التجارية على كسب ملايين الدولارات من المبيعات، وتوليد تحويلات أكثر مما كانت تحققها من خلال الإعلانات عبر وسائل الإعلام التقليدية، مثل الراديو والتلفزيون، وهو ما يضع العلامات التجارية أمام سؤال رئيسي عند صياغة استراتيجيتها التسويقية، وتحديد بنود إنفاق الميزانية التسويقية، ألا وهو أيهما أفضل كخيار ملائم لها التسويق بالعمولة أم التسويق المؤثر؟ وهو ما سنعرضه في سياق التقرير التالي:
ما هو الفرق بين التسويق بالعمولة والتسويق المؤثر؟
غالبًا ما يطمس “تقاسم الأرباح-Revenue sharing” الخط الفاصل بين التسويق بالعمولة والمؤثرين، ولكن لمجرد أن كلا الأسلوبين يمكن أن يشمل عمولات لمنشئ المحتوى لا يعني أن نماذج المكافآت تعمل بالطريقة نفسها.
ويتم استخدام “التسويق بالعمولة- Affiliate marketing” بشكل حصري تقريبًا لجذب حركة المرور إلى موقع الويب الخاص بالعلامة التجارية لإتمام الصفقات. ولا تدفع العلامات التجارية للمسوقين بالعمولة مقابل زيادة الوعي بالعلامة التجارية أو زيادة عدد الزيارات لموقع الويب الخاص بها أو إنشاء قوائم العملاء المحتملين، ولكن يتم الدفع للمسوقين بالعمولة فقط مقابل إجراء عملية بيع، مما يعني أنه يجب تحفيزهم والعمل باستمرار على زيادة معدلات التحويل الخاصة بهم.
أما في التسويق المؤثر، تنشئ العلامات التجارية المزيد من مؤشرات الأداء الرئيسية طويلة المدى، مثل نسب النقر إلى الظهور والمحتوى الذي ينشئه المستخدم، وزيادة تحسين محركات البحث. ويركز نموذج المؤثر على إنشاء المحتوى الذي يروج للعلامات التجارية أو المنتجات أو الخدمات، ويتعاون المسوقون مع المؤثرين لمصداقيتهم لدى الجمهور، وحركة المرور المستدامة في حساباتهم. وتتمثل مكافأة المؤثر في الحصول على عمولة أو إهداء المنتجات، أو معدل أتعاب ثابت، أو مزيج مما سبق.
وتتمثل الفوائد الرئيسية للتسويق المؤثر فيما يلي:
بناء المصداقية والثقة: فالمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي الذين لديهم عدد كبير من المتابعين يعتبرون مصدر إلهام لمعجبيهم، ولذلك من المرجح أن يثق الجمهور في توصيات وآراء هؤلاء المؤثرين أكثر من الثقة في تقنيات التسويق الإذاعي والتلفزيوني التقليدية، وتشير الدراسات إلى أن الرغبة في الشراء تزداد بأكثر من خمس مرات عندما تتعاون العلامات التجارية مع المؤثرين في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي مقابل المنشورات دون شراكة مع منشئي المحتوى. بالإضافة إلى ذلك يقوم 40% من الأفراد بإجراء عملية شراء نتيجة لمنشور مؤثر.
شديد التركيز وذو صلة: تضمن الشراكة مع المؤثر المناسب وصول رسالة العلامة التجارية دائمًا إلى الجمهور المستهدف. فعلى سبيل المثال، إذا كانت العلامة التجارية تبيع معدات التمرين، فإن جمهورها المستهدف هم الأشخاص المهتمون بالرياضة واللياقة البدنية. وبالتالي إذا دخلت هذه العلامة التجارية في شراكة مع مدوِّن لياقة بدنية، سيُقْبِل متابعوه على شراء معدات هذه العلامة التجارية لتحقيق أهداف اللياقة البدنية.
نهج متحكّم فيه: فالعلامة التجارية تقود حملة التسويق المؤثر بأكملها، من التواصل وتجنيد المؤثرين إلى إنشاء استراتيجية المحتوى وطرق التوزيع، حيث يكون لديها سيطرة أكبر مما تسمح به معظم أشكال التسويق الأخرى، وتكون العوائد التي تولدها هذه الحملات لا حدود لها إذا تم التخطيط لها بشكل جيد.
نتائج لا تُصدق: بغض النظر عن الصناعة، يعمل التسويق المؤثر مع جميع العلامات التجارية إذا كان جمهورها على وسائل التواصل الاجتماعي. وتُظهر الدراسات أن العلامات التجارية تجني 6.5 دولار مقابل كل دولار يُستثمر في التسويق المؤثر، وتكتسب العملاء بشكل أسرع من أي نهج تسويقي آخر.
أما التسويق بالعمولة فتتمثل فوائده في الآتي:
سهولة التنفيذ: إن التسويق بالعمولة بسيط نسبيًّا، فبمجرد أن تضع العلامات التجارية آلية لإنشاء عنوان URL لكل مسوق تابع لها، يتعين عليها تتبع التحويلات من كل عملية بيع.
الدفع فقط مقابل النتائج: يُعتبر التسويق بالعمولة استراتيجية خالية من المخاطر؛ لأن المسوقين يربحون المال فقط عند حدوث عملية بيع عبر رابط الإحالة، فعلى عكس الإعلانات التقليدية، لا تدفع العلامات التجارية مقابل مرات الظهور أو النقرات، إذ يتم دفع العمولة فقط في حالة البيع.
زيادة حركة المرور والمبيعات على الموقع: على الرغم من أن الروابط التابعة ليس لها تأثير مباشر على تصنيفات محرك البحث، فإنها تزيد من حجم حركة المرور إلى صفحة الويب، وتزيد من احتمالات حدوث عملية بيع. وهو ما يعرف بـ”تأثير الهالة- halo effect” الذي يزيد من ثقة المستهلك، ويؤدي إلى قيام المزيد من الأشخاص بالبحث عن منتج الشركة، والانتقال إلى صفحاتها.
ما هي معايير الاختيار بين التسويق بالعمولة والتسويق المؤثر؟
يجب أن تراعي العلامات التجارية دائمًا الإيجابيات والسلبيات قبل أن تقرر أيهما أفضل لها التسويق المؤثر أم التسويق بالعمولة؛ وفيما يلي نظرة سريعة على ما يمكن توقعه من كل منهما:
بالنسبة للتسويق المؤثر تتمثل الإيجابيات في القدرة على الوصول إلى جمهور أكبر وأكثر شبها بالمؤثرين، والمساعدة في بناء الثقة والمصداقية، وكذلك بناء المزيد من الوعي بالعلامة التجارية.
أما عن السلبيات فيأتي على رأسها أن فحص المؤثرين بشكل صحيح يستغرق وقتًا وطاقة، كما أن اختيار المؤثرين “الخاطئين” قد يؤدي إلى الإضرار بعلامتك التجارية، وكذلك تتبع النتائج صعب دون الأدوات الصحيحة، وينطوي على مخاطر أعلى.
أما بالنسبة للتسويق بالعمولة، فتتمثل إيجابياته في سهولة توسيع شبكة المسوقين التابعين، ولا يتطلب أي أموال لبدء البرنامج، وسهولة البدء في تنفيذه. أما السلبيات فتتمحور في أن النتائج قد تكون غير متسقة، واستخدام بعض المسوقين بالعمولة أساليبمثيرة للشك مثل البريد العشوائي، فضلًا عن السيطرة المحدودة على المحتوى.
ماذا عن الأدوات اللازمة لإدارة التسويق المؤثر والتسويق بالعمولة؟
يُعتبر الاكتشاف والاستقطاب أولى الأدوات اللازمة لإدارة التسويق المؤثر، وأفضل المؤثرين هم الذين يتماشون تمامًا مع مهمة وقيم العلامة التجارية، وهنا لا بد من اختيار أداة تُساعد على اكتشاف المؤثرين ذوي الصلة بالعلامة التجارية، والتدقيق في كل مؤثر بناءً على معدل المشاركة، ودرجة المصداقية.
وفي المرحلة التالية تأتي إدارة العلاقات، فمع نمو برنامج التسويق المؤثر لا بد من التفكير في أداة تسمح بإدارة جميع العلاقات مع هؤلاء المؤثرين في مكان واحد، ويجب أن يشمل ذلك نظام بريد إلكتروني متكاملًا، وملفات تعريف شخصية لمنشئي المحتوى ، وأي شيء آخر يساعدك على رعاية علاقات طويلة الأمد مع المؤثرين.
كما تعد سهولة البحث عن المحتوى إحدى أكثر الأدوات المفيدة للتسويق المؤثر، عبر جمع كل محتويات المؤثرين المتعاملين مع العلامة التجارية في مكتبة وسائط واحدة، ومن ثم كل ما على الشركة فعله هو البحث عن طريق الكلمات الرئيسية ذات الصلة، والهاشتاقات عندما تريد إعادة توظيف جزء من المحتوى.
وأخيرًا، لا يمكن أن تنجح حملة التسويق المؤثر دون إعداد التقارير والتحليلات، ولذلك لا بد من العثور على أداة تُساعد العلامة التجارية على تتبع مقاييس عائد الاستثمار، وإثبات نجاح برنامج التسويق المؤثر.
من جهة أخرى، تعد الأدوات المناسبة ضرورية لبرنامج التسويق بالعمولة الناجح، ومن أبرزها إنشاء ارتباط موثوق به وتتبعه، وتفعيل نظم إدارة ذكية لرموز الخصم، فضلًا عن تدشين غرف عمل متكاملة للحملة التسويقية.
كيف تستخدم العلامات التجارية التسويق بالعمولة والمؤثرين معًا؟
في كثير من الأحيان، تكون الاستراتيجية التي تجمع بين التسويق المؤثر والتسويق بالعمولة هي أفضل نهج، إذ إنها لا تُمكن العلامة التجارية من الوصول إلى الجمهور المستهدف فقط، ولكن أيضًا تحقيق المزيد من الأهداف في وقت واحد، فعلى سبيل المثال يساعد برنامج التسويق بالعمولة العلامة التجارية في جذب المزيد من التحويلات، بينما يزيد برنامج التسويق المؤثر من الوعي بالعلامة التجارية والثقة والمصداقية.
ويسمح تدشين برنامج تسويق يجمع بين هذين النمطين- التسويق بالعمولة والتسويق المؤثر- في وقت واحد، للعلامات التجارية بوضع روابط التتبع داخل محتوى المؤثر؛ لتتبع التحويلات من المسوقين بالعمولة، مع متابعة حملات تسويق المؤثر لتحليل المزيد من الأهداف طويلة المدى وإعداد التقارير عنها، والتركيز على اتصال أكثر موثوقية مع الجمهور المستهدف.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن تحديد عائد الاستثمار لحملة التسويق بالعمولة أو المؤثر يعتبر أهم جزء في إدارة برنامج تسويقي ناجح، الأمر الذي يتطلب التأكد من وضع أهداف واضحة قبل بدء الحملة لمعرفة بالضبط ما تحتاج إلى قياسه لتحديد النجاح. وتتمثل بعض الأهداف الشائعة فيما يلي: زيادة الوعي بالعلامة التجارية، المزيد من التحويلات، وكذلك المزيد من المحتوى الجذاب، فصلًا عن زيادة حركة المرور على شبكة الإنترنت.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن اختيار العلامة التجارية بين استراتيجية التسويق المؤثر أو التسويق بالعمولة أو المزج بينهما يعتمد على أهدافها ونطاق انتشارها.
فكلا النمطين التسويقيين يعمل على تحسين عائد الاستثمار، وزيادة المبيعات والتحويلات بشرط التنفيذ بشكل صحيح، كما يمكن أن يضرا بالعلامة التجارية عند إدارتهما بشكل سيئ. ولذلك يبقى القول إن اختيار المؤثرين والمسوقين بالعمولة المناسبين، فضلًا عن امتلاك الأدوات المناسبة لإدارة تلك البرامج بفاعلية، هما الطريق الوحيد للنجاح.