موضوع الهاشتاق
استحوذت جريمة قتل العروس الشابة روان الغامدي على يد زوجها في مدينة الطائف، على اهتمامات السعوديين الذين فجعوا بهذا الحادث الغريب على المجتمع السعودي ومنظومة القيم الدينية والأسرية المُنظمة للعلاقات داخله، لا سيما وأن الزواج رباط مقدس يجمع بين الرجل والمرأة على المودة والرحمة، بغية تأسيس الأسرة التي تعد اللبنة الأساسية في بناء المجتمع.
وقد شهد موقع التدوينات القصيرة “تويتر” خلال الساعات الماضية تفاعلًا كبيرًا من جانب المستخدمين السعوديين مع تلك الجريمة النكراء التي أثارت قدرًا هائلًا من الاستنكار والاستهجان والمطالبات بالقصاص من الجاني، حيث قام المستخدمون بتدشين هاشتاق يحمل اسم (#القصاصمن قاتل_روان).
النشاط على الهاشتاق
صعد الهاشتاق لقائمة الـ”ترند” للأعلى تداولًا في المملكة، خاصة بعدما أعلنت شرطة منطقة مكة المكرمة عن تفاصيل الحادث البشع، وتمكنها من إلقاء القبض على الجاني الذي حاول الهرب، وإحالته إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
وخلال ساعة واحدة فقط، جاء نشاط الهاشتاق على النحو التالي:
• قام المستخدمون بالتغريد على الهاشتاق بـ (3117) تغريدة.
• بلغ عدد مرات الوصول إلى الهاشتاق (5.260.776) مرة.
• بلغ عدد مرات الظهور (7.209.363) مرة.
تحليل التفاعلات
ومن أجل التعرف على طبيعة واتجاهات المستخدمين السعوديين نحو جريمة قتل العروس الشابة روان الغامدي على يد زوجها، قام مركز القرار للدراسات الإعلامية برصد وتحليل عينة عشوائية قوامها (100) تغريدة متفاعلة على الهاشتاق، حيث أظهرت النتائج ما يلي:
– الاتجاه:
بنسبة مطلقة بلغت 100%، استنكر السعوديون الحادثة بأشد العبارات، مؤكدين أنها لا تُمثل المجتمع السعودي بأي حال من الأحوال، ومطالبين بالقصاص من الجاني. وقد استند المغردون إلى بعض الحجج الداعمة لتنديدهم بالجريمة، كان أبرزها:
– غرابة هذا السلوك الدخيل على عادات المجتمع السعودي وأعرافه وآدابه.
– التأكيد على بشاعة الجريمة وأنها لا تصدر عن إنسان متزن يحمل قيم الرحمة ومعاني الإنسانية.
– رفض وتهوين كافة الأسباب التي دعت الزوج إلى ارتكاب هذه الجريمة بحق زوجته، واعتبارها لا تماثل عظم جريمة القتل مهما كانت الدوافع والمبررات.
1) طبيعة التناول:
• احتل “وصف الحادثة” المرتبة الأولى في تغريدات المتفاعلين على الهاشتاق بنسبة 49% من إجمالي العينة، وفيها ظهر حرص المغردين على متابعة تطورات الحادثة ورصدهم الدوري لكافة المستجدات التي تُعلن عنها وزارة الداخلية بشأنها.
• وفي المرتبة الثانية ركزت تفاعلات المستخدمين على إبداء الاقتراحات، وذلك بنسبة 35%، وقد تمحورت مقترحاتهم حول:
– الدعوة إلى إدراج فحوصات المخدرات والأمراض النفسية ضمن الفحوصات الخاصة بالمقبلين على الزواج.
– التأكيد على أن المريض نفسيًا يحتاج للعلاج والتأهيل وليس للزواج.
• فيما حرصت 16% من التفاعلات على تجاوز مجرد الوصف الظاهري للحادثة إلى تناول أسبابها، ومن أمثلة ذلك:
– اعتبار بعض المغردين أن السبب الرئيسي وراء الجريمة هو الإدمان وتعاطي المخدرات.
– أرجع البعض الآخر سبب وقوع الجريمة إلى موروثات ثقافية خاطئة لدى البعض تتعلق بالزواج مثل مقولة “زوجوه يعقل”.
– ذهبت فئة من المغردين إلى أن ضعف الوازع الديني للزوج هو سبب تلك الجريمة النكراء.
2) الاستمالات الإقناعية:
انعكست مشاعر المغردين السعوديين على طبيعة الاستمالات التي ظهرت في تغريداتهم، وذلك على النحو التالي:
تصدرت الاستمالات العاطفية المرتبة الأولى بواقع 64% من إجمالي العينة، وقد ارتبطت بمشاعر التضامن والحب، كما يلي:
• إظهار الحزن على الزوجة المغدورة، والدعاء لها بالرحمة والمغفرة، وأن يُكتب لها أجر الشهداء.
• التضامن مع أفراد أسرة الزوجة المغدورة، والدعاء لهم بالصبر والتماسك أمام تلك الفاجعة.
• المطالبة بالعدالة الناجزة بتطبيق أقصى عقوبة ممكنة على الجاني ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه الإقدام على ارتكاب مثل هذه الجريمة النكراء.
• الدعاء على القاتل باستحقاق العذاب واللعنة.
• الشعور بالارتياح إزاء إعلان وزارة الداخلية القبض على الجاني بعد محاولته الفرار.
وحلَّت الاستمالات العقلية في المرتبة الثانية بنسبة 21%، وقد اقترنت بعدد من الاقتراحات كان أبرزها ضرورة اعتبار فحوصات الصحة النفسية والإدمان، شروطًا أساسية للزواج؛ وتنبيه الفتيات إلى أهمية رصد سلوكيات الرجل في فترة الخطبة والتأكد من اتزانه النفسي.
أما الاستمالات التخويفية، فاحتلت المرتبة الثالثة بـ 14%، وارتبطت بخطاب تحذيري للأسر حول ما يلي:
• التريث وعدم التعجل في الموافقة على المتقدم لخطبة ابنتهم، والتحري الكامل عنه وعن سلوكياته واتزانه النفسي، وعدم الخوف من تأخر زواج الفتيات بدعوى العنوسة.
• دعوة الأهالي إلى عدم تزويج أبنائهم إلا بعد التأكد من قدرتهم على تحمل مسؤوليات الزواج.
أما الاستمالات المختلطة فلم تظهر سوى في 1% فقط من إجمالي عينة الدراسة.
3) الأطر المرجعية:
تنوعت الأطر المرجعية التي اعتمد عليها المستخدمون في تغريداتهم المتفاعلة على هاشتاق #القصاصمنقاتل_روان، حيث جاءت نسبة ظهورها كما يلي:
أ- تصدر الإطار الديني قائمة الأطر المرجعية بواقع 30% من إجمالي العينة، وارتبط هذا الإطار بعدد من الاستشهادات بالنصوص الدينية، التي تحمل القيم والمعاني الإسلامية السامية في الزواج، ومنها:
• النصوص القرآنية التي تبين الغرض الأصلي من الزواج وأنه يقوم على المودة والرحمة.
• النصوص القرآنية التي تظهر تغليظ عقوبات القتل وتجريم كل من يقدم عليه.
• الأحاديث النبوية التي تشرح وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء ومعاملتهن بالحسنى.
ب- تساوى في المرتبة الثانية الإطاران الاجتماعي والقضائي بنسبة 23% لكل منهما، وقد ارتبط كل إطار بعدد من الاستشهادات، فعلى صعيد الإطار الاجتماعي ناشد المغردون الأهالي بالتأني بخصوص زواج الأبناء، وضرورة تأهيلهم أولًا قبل الإقدام على تلك الخطوة، وعدم إكراه الفتيات على الزواج بدعوى الخوف من العنوسة.
أما على صعيد الإطار القضائي، فقد طالبت هذه الفئة بتطبيق العدالة الناجزة بالقصاص من القاتل.
ت- حلّ الإطار السلوكي في المرتبة الثالثة بـ13%، وتضمن التأكيد على خطورة الأمراض والانحرافات النفسية على التماسك الأسري، وضرورة تقديم ما يثبت السلامة النفسية للفرد لإتمام الإجراءات الرسمية للزواج.
ث- أما الإطار التشريعي فجاء في المرتبة الرابعة، بواقع 11%، حيث ارتبط بدعوات المغردين بأهمية وضرورة سن قوانين جديدة وإدراجها كمتطلبات للزواج، فضلًا عن تفعيل دور مراكز العنف الأسري وتطوير قدراتها لتستجيب بشكل سريع لبلاغات العنف الأسري أو محاضر تضرر الزوجات.
ختامًا.. لقد أظهر تحليل خطاب تفاعلات المستخدمين السعوديين على هاشتاق (#القصاصمن قاتل_روان) استنكارًا عامًا واسعًا بين المغردين السعوديين لتلك الجريمة المروعة بحق الزوجة الشابة المغدورة، ومطالبات مكثفة بالقصاص من القاتل ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاعتداء على زوجته، وهو ما انعكس في صورة خطاب مطلبي يرتكز إلى سرعة إنزال عقوبة الإعدام بحق القاتل.
وسيطر الإطار الديني على خطاب تغريدات المتفاعلين على الهاشتاق، حيث استشهد المغردون بوصية الرسول (صلى الله عليه وسلم) بشأن النساء في خطبة الوداع بقوله: “استوصوا بالنساء خيرًا”. وظهر أيضًا بقوة خطاب طرح الحلول في التغريدات، حيث أطلق المستخدمون دعوات إلى إدراج الفحص الخاص بالكشف عن المخدرات والأمراض النفسية ضمن الفحوصات التي يجريها المقبلون على الزواج.
وتعكس سحابة الهاشتاقات المرتبطة بهاشتاق (#القصاصمنقاتلروان)، طبيعة الخطاب المرتبط بتلك الجريمة الشنيعة، إذ ظهرت هاشتاقات متزامنة مثل (#دمروانالغامدي)، و(#فحصالادمانوالنفسيهمطلب) و(#فحصالمخدراتمطلب_لزواج).
وإجمالًا، أظهرت التفاعلات على هاشتاق #القصاصمنقاتل_روان أن السعوديين تناولوا الحادثة بشكل متعمق عبر استعراض العوامل الاجتماعية والدينية والسلوكية والتشريعية التي أدت إلى ارتكاب مثل هذا الجُرم الشاذ عن طبائع المملكة وشعبها، فتناولت الكثير من تغريداتهم الحادثة عبر تقديم الحلول والضمانات التي من شأنها مواجهة هذا النموذج السيئ والغريب عن المجتمع.