موضوع الهاشتاق:
يُعد موقع تويتر إحدى المنصات الرئيسية التي يستخدمها الأشخاص من أجل التعبير عن آرائهم حول مختلف القضايا والموضوعات، لذلك فهي منصة تُشكل مصدرًا مهمًّا يمكن الاعتماد عليه لاستكشاف الرأي العام حول حدثٍ ما.
وبطبيعة الحال، تُعتبر إيران إحدى الدول التي تستهدف منطقتنا العربية عبر دعمها للميليشيات الإرهابية المسلحة، وسعيها المتواصل لتوتير الأوضاع وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة بهدف تنفيذ مخططها التوسعي القائم على أساس طائفي، خاصة في الدول العربية.
وخلال الأيام الماضية، زاد الحديث عن إيران وسياساتها ومستقبل التعامل الإقليمي والدولي معها، لا سيما مع قرب تنصيب الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة، وكذلك ذكرى مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني، وتعرُّض السفارة الأمريكية في بغداد لهجمات صاروخية صاحَبَها اتهام من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمسؤولية إيران عنها.
من هذا المنطلق، قام مركز القرار للدراسات الإعلامية برصد وتحليل عينة عشوائية من تفاعلات المستخدمين العرب على هاشتاق يحمل اسم (#طهران)، وذلك من أجل التعرف على نظرتهم حول سياسات الدولة الإيرانية ونظامها الحاكم.
علمًا بأن الدراسة اكتفت برصد وتحليل التغريدات الشخصية المتعلقة بموضوع الهاشتاق واستبعاد المؤسسية كحسابات وسائل الإعلام على تويتر.
نتائج التحليل:
أولاً الاتجاه:
احتل الاتجاه السلبي نحو إيران المرتبة الأولى للمستخدمين العرب بنسبة 71%، تلاه في المرتبة الثانية الاتجاه الإيجابي بنسبة 20%، بينما جاء الاتجاه المحايد فى المرتبة الثالثة بنسبة 9% من إجمالي العينة المرصودة.
الأدوار المنسوبة إلى إيران:
1- الأدوار السلبية:
شكّل هذا الاتجاه النسبة الغالبة على تفاعلات المستخدمين العرب نحو إيران، والتي عكست وعيهم ويقظتهم تجاه مخاطر سياسات نظام الملالي في طهران على الأمن القومي العربي، وتمحورت أهم الأدوار السلبية المنسوبة إلى طهران حول ما يلي:
على المستوى الدولي:
– انتهاز فرصة العقوبات القصوى المفروضة عليها من أجل أن تُزيد من تخصيب اليورانيوم.
– السعي إلى تهدئة الأجواء مع الولايات المتحدة وحلفائها، لأنها تخشى الرد على أي تصعيد ضدها.
– التهديدات الإيرانية بالرد على مقتل قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني مجرد شعارات للاستهلاك المحلي، فما زالت طهران وحزب الله يتوعدان بالرد منذ عامٍ مضى.
على مستوى الأمن القومي العربي:
– رعاية ودعم الإرهاب ونشر الشر والطائفية في المنطقة العربية.
– السعي إلى تغيير التركيبة الديموغرافية في مناطق اخْتَرَقَتْها ببعض الدول العربية.
– القيام بعمليات تطهير عرقي في سوريا والعراق واليمن ولبنان عبر ميليشياتها المسلحة.
– العمل على تعزيز المد البشري للاجئين الذين يحملون الحقد الفارسي والروح الانتقامية إلى الدول العربية.
– رفض الحوار أو المهادنة مع طهران، لأنها جارة لا تُؤتمن، ولن يتحقق الاستقرار للمنطقة دون إنهاء الإرهاب الإيراني.
– الميليشيات التابعة لإيران تقتل اليمنيين بدم بارد.
– إيران تستنزف ثروات العراق.
– العدو الفارسي خطر على الأمن القومي العربي، لأن نظامه إرهابي عنصري قائم على التوسع والهيمنة والاحتلال.
– الولي الفقيه في طهران هو راعي مخططات الإرهاب والطائفية في المنطقة.
– التذكير باقتحام مجموعات من الغوغاء لسفارة المملكة العربية السعودية في طهران وإحراقها بعد العبث بمحتوياتها.
على مستوى الداخل الإيراني:
– دولة نظام الملالي بدأت في الانهيار التدريجي.
– فساد نظام الملالي في إيران تسبَّب في معاناة الداخل الإيراني الذي يشهد العديد من الاحتجاجات الفئوية.
– إيران على وشك اندلاع ثورة جياع، بسبب سياسات نظام الملالي.
– نظام الملالي يقمع المعارضة الرافضة لسياساته.
2- الأدوار الإيجابية
تمثلت الأدوار الإيجابية المنسوبة إلى إيران ونظامها الحاكم في دورين أساسيين:
– وصف طهران بأنها “عاصمة المقاومة”.
– تمجيد قاسم سليماني.
وكان من اللافت ما يلي:
كلُّ مَن عبَّر عن توجُّهه الإيجابي كان من المنتمين إلى الميليشيات الإيرانية في الدول العربية، وهو ما ظهر من حساباتهم الشخصية، حيث وضعوا في صدر صفحاتهم صورًا لقادة هذه الميليشيات مثل سليماني والأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، مما يعني أن المواطن العربي بشكل عام رافض لسياسات إيران التخريبية في المنطقة.
ركّز الاتجاه الإيجابي على ذكرى مقتل سليماني، حيث تم وصفه بالـ “شهيد”، وتبرز هنا مجموعة من الاستراتيجيات التي يتبعها نظام الملالي في طهران وجماعات الإسلام السياسي بشكل عام، أهمها:
صناعة الرمز: حيث تسعى الجماعات التي تستخدم الدِّين من أجل تحقيق مكاسب سياسية إلى محاولة صناعة الرمز وخلق أسطورة يلتف حولها المناصرون.
التركيز على الخطاب العاطفي: والذي يستهدف دغدغة المشاعر، والإيحاء بأنهم دائمًا مضطهدون ومظلومون، وذلك لكسب المزيد من الأتباع وزيادة كتلة الحاضنة الشعبية لهم.
وفي هذا الصدد، قام المستخدمون العرب بشن هجومٍ ضارٍ على حركة حماس الإخوانية، مستنكرين وَصْفَها لسليماني بشهيد القدس، وتَبَاهِي قادتها بشخصيته الملطخة يداه بدماء عشرات الآلاف من السوريين والعراقيين واليمنيين، واتهموا الحركة بسعيها إلى تحويل قاسم سليماني إلى أيقونة للجهاد.
وفي المقابل أبرز المستخدمون العرب رفْض أهالي غزة دعم حماس لإيران، وقيامهم بوضع صور سليماني تحت أحذيتهم.
ثانيًا: استشهادات المستخدمين العرب
1- الداخل الإيراني: وخصّصه المستخدمون العرب لإظهار مدى المعاناة التي يعيشها المواطن الإيراني في ظل السياسات الحمقاء لنظام الملالي، والتي أدت إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بشكل عام، واندلاع العديد من الاحتجاجات الفئوية التي يُقابلها النظام بحملات اعتقال وقمع شديدة، وأصبحت السمة العامة هي عدم ثقة المواطنين في هذا النظام.
2- العراق: حيث استشهد المستخدمون بالعديد من الأحداث التي تُثبت قيام إيران باستنزاف ثروات العراق.
3- أمريكا: تناوَلَ المستخدمون الصراع الدائر بين الولايات المتحدة وإيران، وعبّروا عن قناعتهم بأن نظام الملالي جبان ومتخوِّف ويسعى إلى تهدئة الأوضاع نتيجة تخوُّفه من عواقب ردة الفعل الأمريكية على أي سلوك استفزازي من جانب طهران.
4- متعدد: قدَّم المستخدمون العرب العديد من الاستشهادات والحُجج الدالة على أن النظام الإيراني يقوم بتهديد الأمن القومي العربي، وزعزعة الاستقرار في الدول العربية، ويهدف إلى نشر الفوضى لإيجاد بيئة خصبة للتمدد والانتشار وتعزيز وجود ميليشياته الإرهابية التي تُنفذ مخططاته التوسعية الطائفية.
5- السعودية: استعرض المستخدمون في تفاعلاتهم على هاشتاق #طهران سياسات نظام الملالي التي تسعى طوال الوقت إلى استهداف المملكة العربية السعودية، خاصة عبر ميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن، فضلًا عن محاولاتها المستميتة لتدويل ملف الحج.
ختامًا.. يمكن القول بأن المستخدمين العرب الذين تفاعَلُوا على هاشتاق #طهران كان لديهم وعي كبير بسياسات إيران في المنطقة واستراتيجياتها الخبيثة، ويمكن إجمال أهم مؤشرات التفاعل فيما يلي:
إدراك طبيعة نظام الملالي في طهران، فهو نظام طائفي بامتياز يتَّبِع سياسات عدائية تخريبية ضد الدول العربية.
التأكيد على أن هذا النظام ضعيف وجبان ويعيش الآن حالة من الخوف والترقب، ولذلك يسعى إلى التهدئة خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
عدم تصديق النظام الإيراني في تهديداته واعتبارها مجرد خطابات ديماجوجية للاستهلاك المحلي ليس إلا.
النظام الطائفي في إيران هو جزء من منظومة الإسلام السياسي التي تعتمد على الخطاب العاطفي وتتبع سياسة المظلومية، وتعمل دائمًا على صناعة الأيقونة والرمز.