أدى التطور التكنولوجي خلال العقد الأخير إلى تحوُّلات في مجال ممارسة العلاقات العامة التي باتت تواجه تحديات كبيرة منذ ظهور تطبيقات وأدوات وسائل الاتصال التفاعلية واتساع استخدامها، وفي مقدمتها المواقع الإلكترونية التي تمكِّن مستخدميها من تبادُل المعلومات وإقامة علاقات اجتماعية بأدنى تكلفة وبسرعة فائقة، وأصبحت الحاجة إلى استخدام المنصات الرقمية المنتشرة على شبكة الإنترنت من الضروريات المُلحَّة في مجال العلاقات العامة، لمساهمتها الفعَّالة في الوصول للهدف الذي تسعى إليه المنظمات أو الشركات أو المؤسسات التجارية.
وقد شهد العالم العربي في السنوات الأخيرة انتشارًا كبيرًا لاستخدام المواقع الاجتماعية بشكل عام ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص، فهذه المواقع تقدم الأخبار والتسلية وتسمح بتبادل الآراء وتزيد من الشفافية وتساعد على حرية التعبير.
وغيَّرت مواقع التواصل الاجتماعي وطوَّرت من ممارسة العلاقات العامة، حيث أثبتت هذه المواقع قدرتها على تحقيق الوعي بالمنظمة أو المؤسسة أو الشركة التي تنتمي إليها إدارة العلاقات العامة، وتطوير العلاقة بينها وبين جماهيرها المختلفة وتحقيق زيادة الولاء لها، حيث يستخدم ممارسو العلاقات العامة هذه المواقع للتواصل مع مجموعات محددة ومستهدفة من المستخدمين ولإنشاء بيانات خاصة بالمؤسسة وصفحات للمعجبين وتقديم أحداث المرحلة التي تمر بها ومتابعة المستهلكين المحتملين.
ممارسة العلاقات العامة عبر مواقع التواصل الاجتماعى في 10 دول عربية
وتحت عنوان “استخدامات مواقع التواصل الاجتماعي في العلاقات العامة” قدَّم الدكتور عبد الباسط أحمد، المدرس بقسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة سوهاج، دراسة من منظور ممارسي العلاقات العامة في العالم العربي، حيث اعتمدت الدراسة في جمع البيانات على استمارة الاستقصاء الإلكتروني واشتملت على الاستخدامات المهنية للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من قِبل ممارسي العلاقات العامة، والاتجاهات نحو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في مجال العلاقات العامة، وإدراك ممارسي العلاقات العامة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في مجال العلاقات العامة، فضلًا عن الخصائص الديموغرافية لممارسة العلاقات العامة، والتي اشتملت على النوع والسن والمستوى التعليمي والجنسية وسنوات الخبرة ونوع المؤسسة التي يعمل بها.
وشملت عينة الدراسة 120 شخصًا بواقع 86 ذكرًا بنسبة 71.7% ، و34 أنثى بنسبة 28.3% من إجمالي ممارسي العلاقات العامة، كما تنوعت الجنسيات العربية لعينة الدراسة لتشمل 10 دول عربية، وذلك على النحو التالي: مصر بعدد 73 حالة بنسبة 60.8%، الأردن بعدد 25 بنسبة 20.8%، و5 يمنيين بنسبة 4.2%، و3 جزائريين، و3 سعوديين، و3 بحرينيين بنسبة 2.5% لكل جنسية، وفلسطينيين، وإماراتيين، وعراقيين، وليبيين بنسبة 1.7% لكل جنسية.
وتراوحت أعمار نسبة كبيرة من ممارسي العلاقات العامة عينة الدراسة من 20 إلى أقل من 30 سنة، إذ بلغ عددهم 48 مفردة بنسبة 40%، يليهم مَن تتراوح أعمارهم من 30 إلى أقل من 40 سنة، وبلغ عددهم 40 مفردة بنسبة 33.3%، وانخفض بشكل ملحوظ عدد الشرائح العمرية الأكبر، حيث بلغ عدد مَن تتراوح أعمارهم (من 40 إلى أقل من 50) إلى 23 بنسبة 19.2%، بينما بلغ عدد مَن تتخطى أعمارهم 50 فأكثر، 9 مفردات بنسبة 7.5% مِن إجمالي عينة الدراسة.
واشتملت عينة الدراسة على 3 مستويات وظيفية، وهى إخصائي علاقات عامة، ومساعد مدير العلاقات العامة، ومدير إدارة العلاقات العامة. وأوضحت نتائج الدراسة أن أغلب المبحوثين ينتمون إلى فئة إخصائي العلاقات العامة، وبلغ عددهم 77 مفردة بنسبة 64.2%، وبلغ عدد مديري إدارة العلاقات العامة 27 مفردة بنسبة 22.5%، في حين بلغ عدد مساعدي مديري العلاقات العامة 16 مفردة بنسبة 13.3% فقط من عينة الدراسة.
وأوضحت نتائج التحليل الإحصائي ارتفاع عدد الحاصلين على تعليم جامعي، إذ بلغ 93 مفردة بنسبة 77.5%، وبلغ عدد الحاصلين على درجة الماجستير 15 مفردة بنسبة 12.5%، وانخفض بشكل ملحوظ عدد الحاصلين على تعليم “متوسط” 9 مفردات بنسبة 507%، بينما بلغ عدد الحاصلين على درجة الدكتوراه 3 مفردات بنسبة 2.5% فقط من إجمالي عدد ممارسي العلاقات العامة عينة الدراسة.
وفيما يتعلق بالمعوقات التي تَحُولُ دون استخدام ممارسي العلاقات العامة العرب لمواقع التواصل الاجتماعي في ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة، رأى 22.2% ممَّن لا يستخدمون هذه المواقع في كونها غير مفيدة وتضيع الوقت وتعمل على تعطيل العمل من وجهة نظرهم، واعتبر 11.1% من عينة الدراسة أن تلك المواقع غير ملائمة للتواصل مع جماهير المجتمعات العربية، وأشار 11.1% إلى أنه لا يُسمح باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في ممارسة العلاقات العامة داخل المؤسسة.
فيسبوك وتويتر الأكثر استخدامًا في ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة
خلصت الدراسة إلى أن الغالبية العظمى من ممارسي العلاقات العامة عينة الدراسة تستخدم موقع التواصل الاجتماعي في ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة، وتأتي مواقع “فيسبوك- Facebook” و”تويتر- Twitter” في مقدمة مواقع التواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا في مجال ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة من قِبَل عينة الدراسة، وانخفض استخدام مواقع أخرى مثل مواقع “فريندستر- Friendster“، و”تاجد- Tagged” ، و”ماي سبايس- MySpace“، و”سموول وارلد- Asmallworld“، و”ماي لايف- Mylife“، و”ماي يير بوك- My Year book“.
أمَّا فيما يتعلق بالاتجاه نحو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة، فتتميز اتجاهات معظم ممارسي العلاقات العامة عينة الدراسة، باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة بشكل إيجابي، كما عبَّرت الغالبية العظمى عن رغبتها في استخدام هذه المواقع في ممارستهم للأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة، نظرًا لسهولة استخدامها ومساعدتها في تسهيل ممارسة العلاقات العامة.
وعبَّرت نسبة كبيرة من عينة الدراسة عن رضاها عن الخدمات التي تقدمها مواقع التواصل الاجتماعي في مجال ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة، وفي قدرتها على التواصل مع جماهير المنظمة المختلفة، كما أعربت نسبة كبيرة منهم عن تقديرهم لهذا النوع من المواقع على أنه من أفضل مواقع الإنترنت على الإطلاق.
كما أن معظم ممارسي العلاقات العامة عينة الدراسة يدركون أهمية المنافع التي تقدمها هذه المواقع في مجال ممارسة العلاقات العامة وأن مصداقية المواقع الاجتماعية، وفي مقدمتها مواقع التواصل الاجتماعي أكبر من مصداقية غيرها من مصادر المعلومات الأخرى من قِبل ممارسي العلاقات العامة.
وتدرك الغالبية العظمى من عينة الدراسة سهولة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كأكبر منفعة من هذا الاستخدام، يليها إدراك أهميتها كمصدر للمعلومات، ثم إدراك قيمتها في التواصل والتفاعل الاجتماعي مع جماهيرها المختلفة.
الجنسية والمستوى التعليمي والوظيفي.. محددات مؤثرة في استخدام مواقع التواصل لأغراض العلاقات العامة
وأظهرت الدراسة أن استخدام ممارسي العلاقات العامة العرب لمواقع التواصل تتأثر بالجنسية فقط دون غيرها من المتغيرات الديموغرافية الأخرى مثل النوع والسن والمستوى التعليمي وسنوات الخبرة ونوع المؤسسة التي يعمل بها.
كما يتأثر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة بالمستويين التعليمي والوظيفي لممارسي العلاقات العامة.
ووجدت الدراسة أنه لا يوجد تأثير للعوامل الديموغرافية السالفة الذكر لممارسي العلاقات العامة العرب على إدراكهم للمنافع التي تقدمها مواقع التواصل الاجتماعي في ممارسة الأنشطة الاتصالية للعلاقات العامة باستثناء متغيِّري الجنسية والمستوى الوظيفي، حيث يتأثر الاتجاه نحو هذا الاستخدام بجنسية ممارسي العلاقات العامة ومستوياتهم الوظيفية فقط دون غيرهما من المتغيرات الديموغرافية الأخرى.
وخلصت الدراسة إلى وجود علاقة ارتباطية دالة إحصائيًّا بين اتجاهات الممارسين عينة الدراسة نحو استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في مجال العلاقات العامة واستخداماتهم الفعلية لها، فضلًا عن وجود علاقة ارتباطية بين إدراك الممارسين عينة الدراسة للمنافع التي تقدمها مواقع التواصل الاجتماعي في مجال العلاقات العامة واستخداماتهم الفعلية لها.