الصورة الذهنية في أبسط معانيها هي “حضور صورة الشيء في الذهن”، وبمعنى آخر هي “التخيّل الذي يتكوّن في أذهان ووعي الناس عن الأشخاص والمؤسسات والكيانات المختلفة، سواءً عبر التجربة المباشرة أو غير المباشرة”. وفي الوقت الذي تَرجم فيه قاموسُ المورد الصورةَ الذهنية بـ “الانطباع الذهني”، قال عنها معجم (ويبستر) إنها “تصوّر عقليّ شائع بين أفراد جماعة معيّنة نحو شخص أو شيء ما”.
وقد ترسم المؤسسة/ الفرد صورتَها الذهنية بنفسها وتتولّى إدارتها، أو يقوم بتشكيلها الخصوم، أو تتشكل بطريقة عشوائية غير منظمة.
لذا فإن الصورة الذهنية عن الأشياء أو الأشخاص تُمثّل اختزالاً لمعارفَ ودلالاتٍ وخبرات سابقة عن الشيء أو الشخص، وتتحكّم في طريقة التعاطي معه.
ظهر سموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، في قمة العشرين، قائداً عربياً شاباً واثقاً، يعرف جيداً قدرات دولته وإمكاناتها
في الاجتماع الرابع عشر لمجموعة العشرين، والذي استضافته مدينة أوساكا اليابانية يومي 28 و 29 يونيو 2019، ظهر سموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، مُمثِّلاً المملكة العربية السعودية المشاركة في القمة، بصورة قائدٍ عربي شاب واثق، يَعرف جيداً قدراتِ دولته وإمكاناتِها، حيث تُعدّ المملكة من الدول المؤسِّسة لمجموعة العشرين، وتملك تأثيراً كبيراً في المجموعة، وهو نابع من قدراتها الاقتصادية وثرواتها النفطية، التي مكّنتها من التأثير في العديد من اقتصادات العالم.
تلعب السعودية دوراً كبيراً ومحورياً في ضمان الحفاظ على كميات النفط المُنتَجة، بحيث تلبي احتياجات السوق العالمية، فضلاً عن دورها الأساسي في الحفاظ على استقرار أسعاره
مكانة المملكة وإمكانياتها
في يناير 2019 أعلنت السعودية التي تُعدّ أكبرَ مُصدِّر للنفط في العالم، عن زيادة احتياطاتها من النفط والغاز، حيث وصلت احتياطياتُ النفط داخل المملكة وفي الحقلين المُشتَرَكَيْن مع الكويت إلى 268.5 مليار برميل، فيما تُقدَّر احتياطات الغاز بنحو 325 تريليون قدم مكعب. ومن منطلق هذه المكانة، فإن السعودية تلعب دوراً كبيراً ومحورياً في ضمان الحفاظ على كميات النفط المُنتَجة، بحيث تلبي احتياجات السوق العالمية، فضلاً عن دورها الأساسي في الحفاظ على استقرار أسعاره.
وخير مثال على هذا الدور خلال الفترة القليلة الماضية، لجوء الرئيس الأمريكي رونالد ترامب إلى المملكة، لتعويض النقص المتوقّع في إنتاج النفط، بعد إعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية على إيران، ومنها منع استيراد النفط الإيراني بشكل نهائي بحيث يصل إلى صفر تصدير، فوافقت المملكة على هذا الطلب حتى لا تتضرّر حركة الصناعة والتجارة والنقل الدولية، وقد حظيت الخطوة السعودية بتقديرٍ دولي كبير.
وتحتلّ المملكة المرتبة الثالثة من بين دول مجموعة العشرين امتلاكاً للاحتياطات الأجنبية والبالغة (507.2) مليار دولار، كما تحتل المرتبة الأولى كأكبر دولةٍ مانحة على مستوى العالم، حيث قدّمت ما مقداره (14.4) مليار دولار، مساعداتٍ إنسانيةً وإنمائية لأكثر من 100 دولة في عام واحد فقط.
ووفقاً لتصنيف “US News & World Report” العالمي، جاءت المملكة من بين أقوى 10 دول على مستوى العالم، من حيث فئات هذا التصنيف، الذي يعتمد على التحالف العسكري الدولي، النفوذ السياسي، النفوذ الاقتصادي، والقيادة.
تسعى رؤية ولي العهد إلى توفير العديد من فرص العمل للشباب، واستغلال الإمكانيات التجارية الكبيرة للمملكة، والتي يوفرها موقعها الجغرافي المتميّز، وثروتها البشرية والثقافية والسياحية
أهداف رؤية ولي العهد
بالرغم من المكانة الاقتصادية التي تحظى بها المملكة على المستوى الدولي، إلا أن المملكة تسعى إلى تعدّدِ مصادر دَخْلِها، بحيث لا يُعتمد على الإنتاج النفطي فقط، وذلك وفق رؤية 2030 الطموحة التي يقودها سموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، بمباركة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والتي تعتمد على ثلاثة محاور رئيسية، وهي: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر، ووطن طموح. تلك الرؤية التي استبقها سموّ ولي العهد بالعديد من الإصلاحات الداخلية شملت مختلف المجالات، وأهمها تمكين المرأة السعودية للدخول بقوة في سوق العمل، إيماناً بدورها المحوري في تنمية المجتمع السعودي.
أطلقت المملكة مؤخراً برنامج (جودة الحياة) والذي يهدف إلى رفع مستوى معيشة المواطن السعودي في مختلف المجالات الصحية والتعليمية، وتوفير بيئة اجتماعية جاذبة
كما تسعى الرؤية إلى توفير العديد من فرص العمل أمام الشباب، والعمل على استغلال الإمكانيات التجارية الكبيرة للمملكة، والتي يوفرها موقعُها الجغرافي المتميّز وثروتُها البشرية والثقافية والسياحية، إضافةً إلى خلق مناخ استثماري جاذبٍ للاستثمارات الخارجية، والعمل على رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي، من 3.8% إلى المعدّل العالمي 5.7%، والانتقال من المركز الـ 25 في مؤشر التنافسية العالمي، إلى أحد المراكز العشر الأولى، ورفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من 600 مليار إلى ما يزيد على 7 تريليون ريال سعودي.
وتهدف الرؤية إلى رفع نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، فضلاً عن رفع ترتيب السعودية في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية، من المرتبة 49 إلى 25 عالمياً، والأولى إقليمياً.
ومن الأهداف الطموحة لرؤية 2030 أيضاً، زيادة حجم الاقتصاد السعودي، وانتقاله من المرتبة الـ 19 إلى المراتب الـ 15 الأولى على مستوى العالم.
أما على المستوى الاجتماعي فقد أطلقت المملكة مؤخراً برنامج (جودة الحياة) والذي يهدف إلى رفع مستوى معيشة المواطن السعودي في مختلف المجالات الصحية والتعليمية، وتوفير بيئة اجتماعية جاذبة، قائمة على المساواة بين كل فئات المجتمع السعودي، وربط مؤشرات هذا البرنامج بنظيرتها العالمية.
كما تسعى الرؤية إلى رفع مساهمة القطاع غير الربحي في إجمالي الناتج المحلي، من أقل من 1% إلى 5%، والانتقال من المركز الـ 80 عالمياً إلى المركز الـ 20 في مؤشر فاعلية الحكومة.
وهذه مجرد أمثلة بسيطة عما يستهدفه سموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من رؤيته للسعودية الجديدة، التي ستمثل تغييراً ليس داخل المملكة فحسب، وإنما في طريقة تفكير العالم أجمع، وخاصة دول الإقليم، حيث ستُصبح نموذجاً متكاملاً يُحتذى به.
استحوذت قناعة سموّ وليّ العهد بضرورة تحقيق رفاه ورخاء الإنسان بشكل عام، والمرأة والشباب بشكل خاص، على أهمية خاصة في كلمته
كلمة وليّ العهد
هذه الرؤية المنفتحة والطموحة والتي ساعدت في تكوين الصورة الذهنية لسموّ ولي العهد داخلياً وخارجياً، عكسها سموّه في كلمته التي ألقاها في قمة العشرين، والتي ركزت بشكل أساسي على فكرة الحوار والتعاون الدولي وَفق مبدأ المصالح المشتركة، حيث أكد سموّه على ضرورة المضيّ قُدماً لتعزيز التعاون والتنسيق الدوليين، وذلك من خلال تعزيز التوافق الدولي، عبر ترسيخ مبدأ الحوار الموسّع، والاستناد إلى النظام الدولي القائم على المبادئ والمصالح المشتركة، وضرورة معالجة القضايا الضريبية للاقتصاد الرقمي، عبر العمل سوياً للوصول إلى حلول توافقية بشأنها عام 2020، لتفادي التدابير الحمائية، وأهمية تعزيز الثقة في النظام التجاري متعدّد الأطراف، من خلال إصلاح منظمة التجارة العالمية.
واستحوذت قناعةُ سموّ ولي العهد بضرورة تحقيق رفاه ورخاء الإنسان بشكل عام، والمرأة والشباب بشكل خاص، على أهمية خاصة في كلمته، حيث قال “يجب علينا أن نسعى جاهدين للوصول إلى الشمولية والعدالة، لتحقيق أكبر قدر من الرخاء، ويظلّ تمكين المرأة والشباب محورين أساسيين لتحقيق النموّ المستدام، وكذلك تشجيع رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة”.
وأكد سموّ ولي العهد أن المملكة ستضع على أجندتها خلال استضافتها ورئاستها لقمة مجموعة العشرين العام القادم 2020، التحديات التي تواجه العالم، ومنها موضوع التغيّر المناخي، والسعي لإيجاد حلول عملية ومجدية لخفض الانبعاثات من جميع مصادرها والتكيّف مع آثارها، وضمان التوازن البيئي في العالم، فضلاً عن العمل على إيجاد سياسات توافقية ومُجدية لأمن واستدامة المياه، والتعاون مع البلدان منخفضةِ الدَّخْل في العديد من المجالات، مثل الأمن الغذائي والبنية التحتية، وصولاً إلى مصادر الطاقة والمياه، والاستثمار في رأس المال البشري، وغيرها من عوامل تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ستُشكّل استضافة المملكة لقمة العشرين 2020 فرصةً ممتازة لعرض الأفكار والرؤى السعودية الجريئة للتحوّل من الاعتماد على الإنتاج النفطي إلى تعدّد مصادر الدخل وتنوّعه
استضافة المملكة للقمة المقبلة
إن استضافة المملكة العربية السعودية لقمة العشرين عام 2020، تُعدّ شهادةً من المجتمع الدولي بأهمية وجدوى سياسات سموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان في الداخل السعودي، إضافةً إلى نجاح الجهود الجبارة التي قادها سموّه لإقناع دول المجموعة لتأييد ودعم طلب المملكة باستضافة القمة، فضلاً عن أن القبول باستضافة المملكة للقمة، هو بمثابة اعترافٍ دولي بدور السعودية المحوري في أنشطة مجموعة العشرين، وترجمةٍ لِثِقَلِها السياسي والاقتصادي عالمياً، ويعكس الثقةَ الدولية الكبيرة في قدرة المملكة على تنظيم هذا الحدث الضخم والهام.
في المقابل ستُشكّل استضافة المملكة لقمة العشرين فرصةً ممتازة لعرض الأفكار والرؤى السعودية الجريئة، للتحوّل من الاعتماد على الإنتاج النفطي إلى تعدّد مصادر الدخل وتنوّعه، وتوضيح الفرص الاستثمارية الهائلة التي ستوفّرها المملكة أمام الجميع، والكشف عن السعودية الجديدة كما لم يَرَها أحدٌ من قبل.
ذهب سمو ولي العهد إلى قمة العشرين برؤية جديدة وسياسات تنموية طموحة ومنفتحة على العالم
كما تُعدّ الاستضافة فرصةً ثمينة لمناقشة التحديات العالمية والبحث عن طرق معالجتها وحلّها، بمنظور يُراعي الرؤيةَ والمصالح السعودية والخليجية والعربية والإسلامية، إضافةً إلى مراعاة مصالح دول العالم الثالث بشكل عام، وبمعنى آخر وَضْع متطلبات وتحديات هذه الجهات على الأجندة الدولية بشكل واضح، والعمل على تلبية تطلّعات شعوب هذه الدول.
لقد ذهب سموّ وليّ العهد إلى قمة العشرين برؤية جديدة وسياسات تنموية طموحة ومنفتحة على العالم، تهدف إلى أن تصبح المملكة في مكانها الطبيعي، في مصافّ الدول الكبرى في المجالات كافة، وأن تكون دائماً في المقدمة.
هذه الرؤية الشاملة ومكانة سمو ولي العهد إضافةً إلى قيمة المملكة، جعلت حضورَ سموّه للقمة طاغياً، فأصبح محورَ اهتمام الصحافة العالمية، حيث تناقلت نشاطاتِهِ ولقاءاتِهِ التي عقدها مع زعماء العالم على هامش انعقاد القمة.
وليّ العهد وزعماء العالم
وكان الحدث الأبرز والأكثر تداولاً في وسائل الإعلام الدولية، هو اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وأشاد الرئيسُ ترامب خلاله بسموّ وليّ العهد، قائلاً “شرف لي أن أكون مع وليّ عهد السعودية، هو صديق لي”، واصفاً سموَّه بـ “الرجل الذي فعل الكثيرَ خلال الخمس سنوات الماضية في الانفتاح، وخصوصاً ما فعله للمرأة، إنها ثورة إيجابية جداً”، معرباً عن شكره وتهنئته بهذا العمل المذهل، واختتم الرئيس ترامب حديثه بالقول “نحن سعداء جداً كوننا معك، وهذا شرف كبير”.
مشاهد لقاء سموّ وليّ العهد مع كلٍّ من الرئيسين ترامب وبوتين تحديداً، حملت دلالة هامة تتعلق بقدرة سموّه على نسج علاقات رسمية قوية ومتميزة مع الجانبين الأمريكي والروسي
كما أثنى ترامب على دور المملكة في محاربة الإرهاب، قائلاً “يأتي في مقدمة العمل السعودي حربها على الإرهاب، وأنا أقدّر هذا كثيراً والعالم يقدّره حقاً، فهناك جُهد هائل يُبذل منكم في هذا الشأن”.
الودّ الذي اتسم به اللقاءُ بدايةً من اختيار الرئيس دونالد ترامب أن يكون الاجتماع على مائدة إفطار، أعطى انطباعاً بمدى الصداقة والقرب بين الزعيمين، وقد عزّز هذا التصوُّرَ مقطعُ الفيديو الذي أظهر مداعبةَ الرئيس دونالد ترامب لسموّ ولي العهد، فمثل هذه المشاهد تتمّ ترجمتُها سياسياً بمنظور أشمل يُوضّح التقارب والتفاهم بين الجانبين.
كما كانت كلماتُ الإشادة الكبيرة من دونالد ترامب بسموّ ولي العهد مُوحِيةً بصورةِ سموّه ومكانةِ المملكة عند رئيس الولايات المتحدة، حيث عبّر ترامب عن إعجابه الشديد بالإجراءات الإصلاحية التي يتبناها الأمير محمد، وخاصة فيما يتعلق بالمرأة السعودية.
ولم يقتصر الأمرُ على الرئيس دونالد ترامب، ولكن كان هناك مشهدٌ آخر تداولته وسائلُ الإعلام العالمية، أظهر حفاوةَ اللقاء والمصافحةَ بين سموّ ولي العهد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
مشاهد لقاءِ سموّ ولي العهد محمد بن سلمان مع كلٍّ من الرئيسين ترامب وبوتين تحديداً، تحمل دلالة هامة تتعلق بقدرة سموّه على نسج علاقات رسمية قوية ومتميزة مع الجانبين الأمريكي والروسي في آنٍ واحد، غلّفها الودُّ والاحترام، وهي معادلة صعبة خاصة مع القوتين المتنافستين على الصعيد الدولي.
مشاهد أخرى كانت لها دلالة على المكانة التي يتمتّع بها سموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على المستوى الدولي، فبالرغم من كون سموّه أصغرَ المشاركين – سِنّاً – في القمة، إلا أن سموّ الأمير كان كبيراً قيمةً وقامة، وقد أظهر ذلك عددٌ من المشاهد التي التقطتها كاميرات المصوّرين، ففي الصورة الجماعية التي جمعت قادة دول مجموعة العشرين، وقف سموّ ولي العهد في الصف الأول، يتوسط رئيسي الولايات المتحدة واليابان، واللذين اهتما بتبادل الأحاديث الجانية مع سموّه، وهو ما لاقى تفاعلاً كبيراً من قِبل رُوّاد مواقع التواصل الاجتماعي خاصةً تويتر، الذين عبّروا عن اعتزازهم وفخرهم بممثّلهم سموِّ ولي العهد ودولتهم.
كما أظهرت صورة أخرى الرئيس الأمريكي متجاهلاً التلويحَ بيديه لكاميرات المصوّرين كباقي القادة، واهتم بمصافحة سموّ ولي العهد، وهو ما يدلّ على قوة ومتانة العلاقة بينهما.
وفي لقطةٍ أخرى ظهر سموّ الأمير محمد بن سلمان يسير في المقدمة، يعقبه الرئيس الأمريكي، وفي الخلف كان يسير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فقام المغرِّدُون السعوديون بتبادل الصورة على مواقع التواصل الاجتماعي، مُعلّقين عليها بـ “محمد بن سلمان أولاً” و”السعودية أولاً”.
هكذا ينظر المواطن السعودي إلى سموّ ولي العهد، بأنه فرض نفسه على الساحة الدولية قائداً شاباً، اكتسب مكانةً كبيرة جعلته يتقدّم الصفوف، كما عكست الصورةُ نظرةَ المواطن السعودي إلى بلده المملكة، بكونها تأتي في مصاف الدول الكبرى، ومن خلفها يأتي العالم.
كما التقطت عدساتُ المصوّرين لقطةً أخرى مُعبِّرة ودالّة على محورية وجود سموّ ولي العهد، حيث أظهرت اللقطةُ التفاتَ وانتباهَ كلٍّ من قادة الولايات المتحدة والأرجنتين واليابان، لولي العهد، الذي كان مبتسماً بعد تبادل أطراف الحديث بينهم.
هكذا ظهر سموّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قمة العشرين باليابان، وهكذا جاءت المشاهد التي التقطتها كاميرات المصوّرين لسموه، كاشفةً مكانته الدولية، والصورةَ الذهنية المُكوَّنةَ في عقليةِ ووجدان كبار قادةِ العالم عن سمو ولي العهد.
فخر وطني
أما على المستوى الداخلي، فقد استبق المغرِّدُون السعوديون زيارةَ سموّ ولي العهد إلى اليابان، للمشاركة في أعمال القمة، بتدشين عددٍ من الهاشتاجات مثل (#محمد_بن_سلمان_قمة_العشرين) و(#محمد_بن_سلمان_في_اليابان) و (#قمة_مجموعة_العشرين)، أظهرت أن سموّ ولي العهد يمتلك رصيداً ضخماً عند المواطن السعودي، انعكس على صورةِ سموه الإيجابية أمام العالم في قمة أوساكا، وتمثّلت أهم ملامحها فيما يلي:
- أوضحت العديد من التغريدات أن المواطن السعودي يرى سموَّ ولي العهد قائداً ذا هيبةٍ كبيرة، وقائداً قوياً وحازماً في مواجهة خصومه.
- كما عكست تغريداتٌ أخرى فخرَ المواطن السعودي بالأمير محمد بن سلمان، والتي لم تأتِ بطبيعة الحال من تلقاء نفسها، وإنما من العزة والكرامة والثقة التي كانت واضحةً على سموه، كممثلٍ لكلِّ سعودي وسط كبار قادة العالم.
إنّ من أهم عوامل قوةِ أيّ قائد، حجم التأييد الشعبي له، فضلاً عن مناخ الاستقرار والتوحّد الداخلي، والتي تنعكس بطبيعة الحال على قوته ومكانته على المستوى الدولي، وقد أظهرت ردودُ فعل المواطنين أن سمو ولي العهد لم يذهب وحيداً إلى قمة العشرين، بل مصحوباً بتأييدٍ شعبي جارف، سواءً لشخصه، أو لسياساته، وهو ما انعكس على صورته أمام العالم.
قوة ومكانة سموّ ولي العهد على المستوى الدولي، عكست جبهة داخلية موحدة ومتماسكة ومستقرة، تقف خلف قيادتها
لم تكن الصورةُ الذهنية الإيجابية لسموّ ولي العهد عند المواطن السعودي وليدةَ اللحظة، أو عشوائية، أو قام سموّه برسمها، بل تكوّنت نتيجةَ تراكم العديد من المواقف والإجراءات التي اتخذها سموّه خلال فترة قصيرة جداً، ولكنها كانت كفيلةً بإظهار شخصية سمو الأمير وعقليّته وسياساته وطموحاته.
فقد قام سموُّ ولي العهد بالتعرّض لمجموعةٍ من القضايا التي كانت تُمثِّل مُسَلَّماتٍ عند المواطن السعودي، مثل حقوق المرأة والانفتاح على العالم الخارجي والتشدّد الديني، وغيرها من قضايا شائكة وشديدة الحساسية عند السعوديين، والتي لم يكن ليتطرّق إليها إذا كان يستهدف تكوين صورة إيجابية لنفسه عند المواطن السعودي، وإنما كان كلّ ما يُنشده سموّ ولي العهد، هو الصالح العام، وتحسين وضع البلاد، والعمل على تقدّم المملكة وتطوّرها في شتى المجالات، خاصة وأن مجرّدَ إثارة مثلِ هذه القضايا كان غير مضمونِ النتائج نهائياً.
فجاء تصدّيه للفسادِ ومحاسبة كلِّ مَن يثبت تَورُّطُه أياً كانت مكانتُه، ومنح المرأة السعودية الكثير من حقوقها التي كانت محرومةً منها سابقاً، والعمل باستمرارٍ على تمكينها، وكذلك العمل على إعادة المملكة العربية السعودية إلى ما كانت عليه سابقاً، من اتباع الوسطية والاعتدال الديني والتسامح، وفي الوقت نفسِه محاربة التطرّف الفكري والغلوّ والتشدّد، مما أظهر مدى قوته وصلابته وحزمه وعزمه.
كما فتحت رؤى سموِّ ولي العهد الاقتصادية المجالَ أمام المملكة، من أجل العمل على تعدّد مصادر دخلها، وعدم الاعتماد على الثروة النفطية فقط، وجاءت رؤية 2030 على رأس هذا التوجّه الجديد.
وبقدر الصورة الإيجابية التي يتمتع بها سموُّ ولي العهد وسياساتُه بين الشعب السعودي، بقدر ما فرضت تحدياً كبيراً على سموه، بعدما رفع سقف طموح المواطنين وخاصة الشباب بشكل كبير، ووجدوا فيه الأمل في تحقيق أمانيهم والتحليق بعيداً إلى رِحابٍ واسعةٍ لا حدودَ لها.
إفشال المخططات العدائية
ختاماً.. إن الصورة التي ظهر بها سموُّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في قمة العشرين باليابان – كمثال -، كانت نتاجاً للعديد من العوامل، منها الشخصية والتي تمثّلت في العلاقات الودية التي استطاع سموّ ولي العهد مَزْجَها بالعلاقات الرسمية مع القادة والزعماء، الأمر الذي يُوفّر نوعاً من التفاهم والأريحية، ويُساعد في تنسيق وتعزيز المواقف المشتركة.
الظهور اللافت لسمو ولي العهد أفشل كلّ المخططات التي كانت تُحاك ضدّ سموّه، وجاء الواقع بعكس ما كانوا يهدفون إليه
بالإضافة إلى العامل الشخصي، فإن قوةَ ومكانةَ سموّ ولي العهد على المستوى الدولي، عكستْ جبهةً داخلية موحَّدة ومتماسكة ومستقرة، تقف خلف قيادتها، وتمتلك قناعةً راسخةً بأن هدفه الأول والأخير رفعة المملكة وتحقيق التنمية والتقدم والرقيّ، من خلال سياساتٍ طموحةٍ التفَّ الشعبُ حولها، فضلاً عن إصراره على مواجهة المظاهر السلبية التي قد تُعرقل هذه المسيرة.
وبالرغم من المحاولات التي قامت بها جهاتٌ متعدّدة مثل تركيا وقطر وأبواقهما الإعلامية لتشويه صورة سمو ولي العهد قبل وأثناء انعقاد القمة، من خلال سعيها الدؤوب لاستهداف صورة سموه أمام العالم، وتأطير تغطيتها لنشاطات سموّ الأمير في القمة، بإثارة الادعاءات والمزاعم السلبية من أجل زعزعة صورته، إلا أن الظهور اللافت لسموّ ولي العهد أفشل كلَّ المخططات التي كانت تُحاك ضدّه، وجاء الواقع بعكس ما كانوا يهدفون إليه.