يبحث تنظيم داعش الإرهابي عن موطئ قدم، لإقامة خلافته المزعومة، بعد تهاوي دولته وانهيارها سريعاً في العراق وسوريا، وفقدان عناصر التنظيم المتشدّد لسيطرتهم على مساحاتٍ واسعة من أرض الشام وبلاد الرافدين.
وتصاعدت المخاوف من المخططات المستقبلية للتنظيم الإرهابي وفلوله المدحورة، والخراب والدمار الذي يجلبه داعش أينما حلّ، في ظل توقعات بتمدّد التنظيم المتشدّد في قارتي آسيا وأفريقيا، وتحديداً في منطقة جنوب شرقي آسيا، ومنطقة حوض بحيرة تشاد غرب قارة أفريقيا، مع اعتماد التنظيم على عمليات الذئاب المنفردة، التي يُحاول من خلالها تهديد أمن العالم أجمع.
تصاعدت المخاوف من المخططات المستقبلية لداعش وفلوله المدحورة، والخراب والدمار الذي يجلبه التنظيم أينما حل، في ظل توقعات بتمدّد التنظيم المتشدّد في قارتي آسيا وأفريقيا
وفي السطور القادمة نقدّم تصوراً للبلدان والمواقع الجغرافية، المتوقع انتشار وتمدّد التنظيم الإرهابي فيها مستقبلاً، كما يلي:
أولاً: قارة آسيا.
تُعدّ منطقة جنوب شرقي آسيا من أبرز المناطق التي يُتوقّع ظهور التنظيم الإرهابي فيها، نظراً لأنها تمتلك كافة المقومات التي قام عليها تنظيم داعش في العراق وسوريا، بدايةً من وجود سيطرة مكانية لتنظيمات إسلامية حركية في هذه المنطقة، هدفت إلى الانفصال بالمناطق الخاضعة لسيطرتها، إضافةً إلى وجود مظلومية تاريخية، يمكن استغلالُها من قبل أعضاء التنظيم في التعامل مع المواطنين وجذبهم لصفوفه، حيث شهدت الجاليات الإسلامية في الكثير من تلك الدول الآسيوية ظروفاً سيئة من وجهة نظر بعض المواطنين، وهو ما اعتبرته بعض الجماعات المتشدّدة سبباً في ظهورها، لتحقيق رغباتها الانفصالية، مثل الجماعة الإسلامية في إندونيسيا، وجماعة أبو سياف في الفلبين، وهو ما يمكّن التنظيم من الاعتماد على هذه التنظيمات المحليّة، وبناء دولته ومؤسساته في أماكن وجودها.
تعد منطقة جنوب شرقي آسيا من المناطق المرشحة ليظهر فيها تنظيم داعش، في ظل انتشار الجماعات المتشدّدة هناك، والمظلومية التاريخية لبعض الجاليات الإسلامية
ويحاول التنظيم التواصل مع جميع الفئات والجنسيات في دول آسيا وغيرها، مستخدماً لغةَ كلِّ منطقة في التواصل مع قاطنيها، فقد جاء إعلان التنظيم الإرهابي مسئوليته عن هجمات وتفجيرات سريلانكا التي وقعت في أبريل عام 2019، وأودت بحياة أكثر من 350 شخصاً، باللغتين العربية والإنجليزية، بالإضافة إلى عدد من اللغات الأخرى، من بينها اللغة التاميلية، التي يتحدث بها نحو 70 مليون نسمة، أغلبهم في ولاية “تاميل نادو” الهندية الجنوبية وفي شمال شرقي سريلانكا، فضلاً عن صدوره أيضاً بلغة “الماليالام” التي يتحدث بها 35 مليون نسمة، أغلبهم في ولاية “كيرالا” جنوبي الهند، وهو ما يؤكد أن التنظيم الإرهابي يضمّ عناصر تُتقن لغاتٍ إقليميةً يتحدث بها عددٌ قليل من الناس.
يمتلك داعش عناصر تتقن لغات إقليمية يتحدث بها عدد قليل من الناس، للتواصل مع مختلف الفئات والجنسيات في دول آسيا وتجنيد أبنائهم
1 – داعش و”ولاية الفلبين”
يتخذ تنظيم داعش من الفلبين معقلاً رئيسياً له في جنوب شرقي آسيا، وتتعاظم قوته هناك يوماً بعد يوم، ومن المعروف أن جماعة أبو سياف الإرهابية في الفلبين، بايع جزءٌ منها أبا بكر البغدادي، زعيمَ تنظيم “الدولة الإسلامية” داعش، في 2015، وهو ما أعلن عنه داعش في فيديو مصور لـ ” ولاية الفلبين”، نُصِّب خلاله أبو عبد الله الفلبيني أميراً للولاية.
تعد الفلبين معقل داعش بجنوب شرقي آسيا، وتضم ولايته هناك غابات وأدغالاً كثيفة
وتضم “ولاية الفلبين” مجموعة من الغابات والأدغال الكثيفة، بالإضافة إلى مجموعة من الجزر ذات الأغلبية المسلمة، والتي تقع في جنوب الفلبين، ولعل أبرزها جزر ميندانا وجولو وباسيلان، وهي مناطق نائية تَصعب السيطرة الحكومية والأمنية عليها، ما جعلها تجتذب أعداداً متزايدة من مسلحي تنظيم داعش، حيث بدأ التنظيم في تجنيد أفراد من الفلبين وخارجها جنوبي البلاد في 2016، داعياً مَن لم يتمكنوا من السفر إلى سوريا والعراق، إلى الالتحاق بصفوف مسلحيه في غابات جزر مينداناو، وقد تدفّق مئات المسلحين إلى هذه الغابات من أماكن بعيدة، مثل الشيشان والصومال واليمن، وهو ما دفع جماعة أبو سياف لرفع راية داعش عليها.
وينفذ تنظيم أبو سياف التابع لداعش عمليات نوعية متعددة في الفلبين، كان من بينها التفجيران الإرهابيان في قُدّاس الأحد في يناير 2019، وأوديا بحياة 23 شخصاً، وإصابة 100 آخرين، وفقاً للبيانات الحكومية، وتنفيذ تفجير إرهابي في إقليم باسيلان، يوليو 2018، أسفر عن مقتل 10 أشخاص.
2 – إندونيسيا وحلم باعشير القديم
ينتشر تنظيم داعش بصورة كبيرة في إندونيسيا، خاصة في أرخبيل الجزر الإندونيسية، وقد وَجد داعش ضالته في الجماعة الإسلامية في إندونيسيا، والتي أعلنت على لسان زعيمها أبوبكر باعشير مبايعته لتنظيم داعش في أغسطس 2014، من أجل تحقيق حلمه القديم بإقامة دولة إسلامية في إندونيسيا، بعد أن حاول تحقيق ذلك من قبل عبر التحالف مع أسامة بن لادن في عام 1988.
وصل عدد الجماعات المتشددة التي أعلنت مبايعة داعش في إندونيسيا إلى 22 جماعة، أهمها الجماعة الإسلامية وشبكة مجاهدي شرق إندونيسيا وجماعة أنصار الدولة
ولا يعتمد تنظيم داعش في هذه المنطقة على الجماعة الإسلامية فقط، ولكنه نجح في ضمّ جماعات مختلفة، مثل شبكة مجاهدي شرق إندونيسيا، والتي تسيطر على جبال جزيرة سولويزي، وجماعة أنصار الدولة، والتي تنتشر في جاوه، ووصل عدد الجماعات التي أعلنت مبايعة داعش بإندونيسيا إلى 22 جماعة.
واستطاعت تلك التنظيمات القيامَ بعمليات دعاية متنوعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” داعش، وذلك من خلال القيام بعمليات إرهابية متنوعة، مثل تنفيذ اعتداءات انتحارية في جاكرتا يناير 2016، كما تبنى التنظيم آخر مرة تفجيرات سورابايا في 2018 التي استهدفت ثلاث كنائس ومركزاً للشرطة وأدت إلى مقتل 13 شخصاً.
3 – داعش وإقليم الملايو
امتد تنظيم داعش إلى جنوب تايلاند، وتحديداً في أقاليم «يالا» و«باتاني» و«ناراتيوات»، حيث عمل على استغلال الصراع القائم بين الحكومة والجماعات الإسلامية المتشدّدة منذ 2004.
ويهدف داعش إلى استغلال المناطق الواقعة تحت سيطرة مسلمي الملايو، كما يعمل على استغلال الصراع الدموي الواقع ما بين المسلحين من الجماعات الدينية والقوات الحكومية، والذي بدأ بسلسلة اغتيالات لقيادات أمنية في عام 2004، وتبعته حملة حكومية ضد الإقليم ما زالت مستمرة حتى الآن، وكان أبرزها ما أعلنت عنه الشرطة التايلاندية، برصدها انضمام عدد من سكان أقاليم الجنوب لتنظيم داعش.
4 – داعش في إقليم كشمير
أعلنت منصات إعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي، محسوبةٌ على تنظيم داعش، في مايو 2019، أن التنظيم أعلن عن ولاية جديدة له في الجزء الهندي من إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان، وسط مخاوف إقليمية من أن تؤدي الولاية الجديدة للتنظيم إلى خلق متاعب إضافية للإقليم، الذي يُعدُّ بؤرةً خطيرة للتوتّر السياسي والعسكري بين الهند وباكستان منذ عقود.
وكانت قوات أمن هندية قد تعقبّت عناصر من داعش وُجِدُوا في الإقليم، فيما يُعتقد أيضاً أن بعض العناصر المشتبه بتنفيذها هجماتٍ داميةً في أبريل 2019، ضد كنائس في سيرلانكا، قد فرّت إلى كشمير.
ثانياً: قارة أفريقيا
تعتبر القارة السمراء من المناطق المحتملة لظهور تنظيم داعش الإرهابي مستقبلاً، حيث تتوافر في العديد من دولها المُقوِّماتُ التي يبحث عنها التنظيم لإعلان دولته المستقبلية، بعد هزيمته في سوريا والعراق، ويرجع ذلك إلى وجود جماعات إرهابية فعلية مثل حركة “بوكو حرام” في نيجيريا، وأنصار الدين في مالي، وشباب المجاهدين في الصومال، وتنظيم القاعدة في مالي والنيجر وموريتانيا، وأنصار الشريعة في ليبيا، وكلها جماعات تمتلك بقاعاً تسيطر عليها، ما يجعلها أكثر قابلية لإعلان الدولة.
تعد قارة أفريقيا الوجهة الأكثر احتمالاً لظهور التنظيم الإرهابي، حيث تعاني من الفقر والفساد، وضعف التنسيق الأمني والاستخباراتي
ويزيد من احتمالية انتقال داعش إلى أفريقيا، التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو لقناة «فوكس بيزنس» الأمريكية، فبراير 2019، واعتقد بومبيو خلالها أن مقاتلي داعش بعد هزيمتهم سوف يزحفون إلى الدول الأفريقية من سوريا، وقال «مقاتلو داعش يحاولون منذ فترة الهروب والتمركز في أفريقيا».
وهو ما أكده مُفوَّضُ الأمن والسِّلم بالاتحاد الأفريقي إسماعيل شرقي، في تصريحات لوكالة الأنباء الجزائرية نهاية عام 2017، حيث أكد وجود 6 آلاف مقاتل أفريقي في صفوف تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق، مُحذِّراً من إمكانية عودة هؤلاء مرة أخرى إلى القارة.
وتشير تلك التصريحات وغيرُها إلى وجود معلومات استخباراتية مؤكدة، تدلّ على أن قارة أفريقيا هي الوجهة الأكثر احتمالاً لظهور التنظيم الإرهابي، حيث تعاني من الفقر والفساد، وكذلك ضعف التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الأجهزة المعنية في الدول المختلفة، بل وداخل الدولة نفسها.
- حوض بحيرة تشاد
تعد منطقة بحيرة تشاد من أبرز مناطق حضور تنظيم داعش في أفريقيا، حيث تضم دول نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر وبنين وجمهورية أفريقيا الوسطى، وهي دول يُعرف عنها ضعف المنظومة الأمنية والاستخباراتية، وكذلك سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وهو ما ساهم وساعد في ظهور تنظيم “بوكو حرام” الإرهابي.
تعد منطقة بحيرة تشاد التي تضم نيجيريا والكاميرون وتشاد والنيجر وبنين وجمهورية أفريقيا الوسطى، من أبرز مناطق حضور تنظيم داعش في أفريقيا
وتعني كلمة “بوكو حرام” أن التعليم الغربي المنتشر في هذه الدول حرام، وأعلنت “بوكو حرام” مبايعتها لتنظيم “الدولة الإسلامية” داعش، في عام 2014، وأعيد تسميتها في مارس 2015 باسم الولاية الإسلامية في غرب أفريقيا، باعتبارها جزءاً من ولايات داعش في العالم.
وتسيطر “بوكو حرام” على مناطق واسعة في أغلب دُول البحيرة، مستغلة في ذلك الطبيعة الجغرافية الصعبة لها مثل انتشار المستنقعات والغابات كغابة سامبيسا، كما تسيطر على مناطق حدودية بين الدول مثل مدينة كانجاروا، الواقعة شمال شرقي نيجيريا، والواقعة على الحدود مع تشاد.
واستغل التنظيم سوء الأحوال المعيشية في دول بحيرة تشاد، حيث يكثر الفساد الإداري، للانتشار بين مواطني هذه المناطق، حيث قام في بداية ظهوره بحفر الآبار وتوفير المراعي الآمنة للماشية، وتوزيع الأسمدة على المزارعين مجاناً، وكلها أمور ساهمت في جذب الجمهور له، والسماح له بالسيطرة على تلك المناطق.
ونفذ التنظيم الإرهابي عدة عمليات مثل استهداف دورية مشتركة من الجنود التشاديين والنيجريين في مارس 2017، وأسفرت عن مقتل 11 جندياً، ووفقاً لبيانات تحديد أماكن الصراعات المسلحة ورصد الحوادث، فقد تم تسجيل 2445 حادثة مرتبطة بتنظيم “بوكو حرام”، أسفرت عن مقتل 28.168 شخصاً في نيجيريا بمفردها، وسيطر التنظيم على مساحة تعادل دولة بلجيكا.
يُحتمل أن يَعتمد تنظيم داعش على “بوكو حرام” في بناء دولته المستقبلية بعد سوريا والعراق، حيث يتمتع “بوكو حرام” بكافة العوامل التي يبحث عنها داعش، بالإضافة إلى الضعف الشديد في جيوش المنطقة، وهو ما يسمح لها بالانتشار بصورة أسرع.
- داعش ليبيا
استمد تنظيم الدولة في ليبيا “داعش” قوته من قوة التنظيم (الأم) في سوريا والعراق، واستغل حالة الفراغ الأمني الكبير والانقسام السياسي العميق بين الأطراف المتنازعة على السلطة، والتدهور الاقتصادي والمعيشي للسكان، وتفتّت السلطة وعدم وجود قوة عسكرية موحَّدة على الأرض، لتكون ليبيا إحدى محطاته الرئيسية.
ظهر التنظيم في عام 2014 متخذاً من مدينة درنة معقلاً له، غير أنه ما لبث أن طُرد منها، فتوجّه مقاتلوه للسيطرة على مدينة سرت، وإعلانها إمارة تابعة لتنظيم داعش، وبدأ في استقبال الوافدين من مختلف دول العالم إلى الإمارة الجديدة، التي مَكَّن موقعُها الاستراتيجي من استقبال المقاتلين من كل مكان.
وأشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن عدد مقاتلي التنظيم في ليبيا يتراوح بين ألفين إلى ثلاثة آلاف مقاتل، منهم 1500 كانوا في مدينة سرت.
ولم يتمكن تنظيم “داعش” من الصمود في سرت طويلاً، حيث شنت قوات “البنيان المرصوص” التابعة لحكومة الوفاق الوطني بطرابلس مدعومةً بطيران القوات الأمريكية، حملةً عسكرية تركزت على معقله الرئيسي في مدينة سرت وسط البلاد وفي مناطق أخرى، وطردت خلاياه ومقاتليه من درنة وبنغازي في الشرق، ومن طرابلس، ومن بلدة صبراته التي هي على مقربة من الحدود التونسية.
تشير تقارير المخابرات العسكرية الليبية إلى وجود نحو 700 من عناصر داعش يتمركزون في أودية ومناطق صحراوية جنوب مدينة بني وليد
وهرب من بقي من مقاتلي التنظيم نحو المناطق الرخوة أمنياً جنوب سرت، ولم يعد تنظيم الدولة قوةً مسيطرة فعلياً على الأرض. غير أن انهياره حمل في طياته عدداً من المخاطر.
فقد بدأ التنظيم ينشط ويستعدّ للظهور مجدداً في ليبيا، وتخلّى عن استراتيجية التوسّع الميداني لصالح أساليب حرب العصابات، وعمل على تنظيم صفوفه وتمركزاته في جنوب ليبيا، بدعم من تنظيم “القاعدة” وقيادة مختار بلمختار.
وتشير تقارير المخابرات العسكرية الليبية إلى وجود نحو700 من عناصر داعش يتمركزون في أودية ومناطق صحراوية جنوب مدينة بني وليد، ويحصلون على تمويل عبر عمليات الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وتهريب الذهب، مؤكدةً أن تعاون التنظيمين في ليبيا (القاعدة وداعش) يخالف العداء الواضح بينهما في العراق وسوريا.
حقيقة ولاية تركيا
أثار ظهور زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” داعش أبو بكر البغدادي في تسجيل مصور، أبريل 2019، العديدَ من التساؤلات حول مكانه ومصيره، إلا أن التساؤل الأبرز كان عن «ولاية تركيا»، والتي ظهر اسمُها على ملفّ كان يحمله البغدادي في يده خلال نهاية الفيديو، حيث اعتبرها البعضُ إشارة على إمكانية قيام دولة خلافة مستقبلية في إسطنبول.
ولكن هذا الأمر يبدو مستحيلاً بنسبة كبيرة، ويرجع ذلك لعدة أسباب، منها العلاقة الوثيقة ما بين نظام العدالة والتنمية في تركيا بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وما بين داعش، حيث وفّرت أنقرة العديدَ من التسهيلات الميدانية واللوجستية للتنظيم خلال فترات كبيرة.
ويظهر ذلك في فتح الحدود التركية – السورية لعبور المقاتلين الراغبين في الانضمام إلى التنظيم في سوريا والعراق، وكذلك تمرير شحنات النفط إلى الخارج، وهي من أبرز العوامل التي اعتمد عليها داعش في تمويل خططه ومشروعاته، بالإضافة إلى السماح للمصابين في صفوف التنظيم بالعلاج في مستشفيات خاصة داخل الحدود التركية، وغيرها من المساعدات المهمة التي قدمتها تركيا للتنظيم.
وبدون هذه المساعدات لم يكن للتنظيم أن يصمد أمام الجيوش المختلفة التي واجهته، وهذا الأمر منح تركيا بدورها منافع بارزة، من ضمنها معرفة تفصيلية بعدد وأماكن وجود أفراد التنظيم داخل سوريا والعراق، وكذلك القدرة على التأثير بقوة وعمق في مصير داعش، الذي أصبح يعتمد على النظام التركي بصورة كبيرة في تسهيل مهام دولته، ومن ثم يبدو أن ظهور ولاية جديدة للتنظيم في تركيا، أمر مستبعد إلى حد كبير.
الخلاصة:
تشير معظم التوقعات والتحليلات إلى أن تنظيم داعش سوف يعمل على استغلال مناطق جنوب شرقي آسيا ودول بحيرة تشاد وليبيا، في محاولة بناء دولته الوهمية، نظراً لامتلاكها عدة مقومات يبحث عنها التنظيم في دولته المستقبلية، بالإضافة إلى اعتماده على أسلوب “الذئاب المنفردة” في تنفيذ عمليات إرهابية في الدول التي لا يَقدر على تحقيق سيطرةٍ مكانية فيها.
ومن ثم لا يعني انهيارُ دولة التنظيم في سوريا والعراق، انتهاءَ أمره، والحَدِّ ما خطورته، فما زالت هناك جولات مستقبلية متوقعة لمواجهاتٍ ربما أكثر عنفاً ودموية مع التنظيم الإرهابي المتشدّد.