تقارير

صندوق الاستثمارات العامة.. ذراع تنويع الاقتصاد السعودي

يلعب صندوق الاستثمارات العامة دورًا محوريًا في تنفيذ مستهدفات رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وذلك من خلال الاستثمار في مختلف القطاعات، وتعزيز النمو المستدام، وتوفير فرص عمل، والتطوير المستمر.

وتماشيًا مع رؤية المملكة واستراتيجية صندوق الاستثمارات العامة للفترة بين 2021 و2025، يلعب الصندوق دورا محفزا اقتصاديا أساسيا، حيث يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي في القطاعات غير النفطية، كما يستثمر في مجموعة متنوعة من القطاعات على المستويين المحلي والدولي. وتشمل هذه الاستثمارات المشاريع ذات التأثير الكبير والأهمية الاستراتيجية للمملكة.

وبحسب بيانات معهد صناديق الثروة السيادية ” Sovereign Wealth Fund Institute”، يحتل صندوق الاستثمارات العامة السعودي المركز الثالث على مستوى العالم وهو الأول عربيًا وفي منطقة الشرق الأوسط بحجم أصول يبلغ 1.15 تريليون دولار، بينما يحتل صندوق التقاعد النرويجي الصدارة عالميًا بأصول بقيمة1.738  تريليون دولار، يليه مؤسسة الاستثمار الصينية بأصول تبلغ 1.332 تريليون دولار.

  • أحدث بيانات الصندوق

وفي إطار التزامه بمتطلبات الإفصاح المستمر لإصدارات أدوات الدين، نشر صندوق الاستثمارات العامة قوائمه المالية الموحدة السنوية للعام المنتهي في 2024 عبر بورصة لندن للأوراق المالية.

وسجّل الصندوق ارتفاعًا في إجمالي الموجودات (الأصول) بنسبة 18% ليصل إلى 4.321 تريليون ريال سعودي (1.15 تريليون دولار) بنهاية 2024، مقارنة بـ  3.664تريليون ريال في العام السابق.

كما قفزت الإيرادات بنسبة 25% إلى 413 مليار ريال، بدعم من أداء شركات المحفظة مثل شركة سافي للألعاب الإلكترونية، وشركة التعدين العربية السعودية “معادن”، وشركة الاتصالات السعودية “إس تي سي”، والبنك الأهلي السعودي، وشركة تأجير الطائرات “أفيليس”، وبنك الخليج الدولي، إلى جانب توزيعات أرباح شركة أرامكو، بالإضافة إلى مساهمة بعض المشاريع الكبرى، حيث بدأت بتحقيق إيرادات متزايدة مقارنة بالعام السابق، وفقا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس”.

وبلغ صافي أرباح الصندوق 26 مليار ريال، رغم التحديات العالمية مثل ارتفاع الفائدة والتضخم، وخسائر الهبوط المرتبطة ببعض المشاريع، نتيجة التغيرات في الخطط التشغيلية وازدياد التكاليف التقديرية، وتشكل أقل من (2%) من إجمالي الموجودات.

كما حافظ الصندوق على مركز سيولة قوي مع استقرار النقد عند 316 مليار ريال. وحقق تقدمًا ملموسًا في جهود التوسّع ضمن قطاع الترفيه والسياحة، وتعزيز القدرات الصناعية للمملكة لعام 2024، حيث عززت شركة البحر الأحمر الدولية محفظتها من خلال افتتاح المزيد من الفنادق الجديدة، بما في ذلك منتجعات سانت ريجيس البحر الأحمر، ومنتجع نجوما، وريتز – کارلتون ريزيرف، بجانب إطلاق شركة إدارة الفنادق “أديرا” لإدارة وتشغيل جيل جديد من العلامات الفندقية السعودية، بالإضافة إلى مشاريع جديدة لمناطق ثقافية وتراثية في الدرعية، وكذلك إطلاق عدة مشاريع سكنية.

  • التصنيف الائتماني للصندوق

وانعكس أداء صندوق الاستثمارات العامة على تصنيفه الائتماني، حيث رفعت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني في نوفمبر الماضي التصنيف الائتماني للصندوق من A1 إلى Aa3، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وفي الشهر ذاته ثبتت وكالة “فيتش” التصنيف عند +A مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وبحسب وكالة “فيتش”، فإن هذا التصنيف استند إلى عدد من المعايير في مقدمتها عملية اتخاذ القرارات والرقابة، حيث تضمن الرقابة الشديدة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بقاء الأهداف الاستراتيجية والعمليات الخاصة بصندوق الاستثمار الوطني متواكبة مع الأولويات الوطنية. بالإضافة إلى أن سوابق الدعم “قوية جدًا”، فقد حظي صندوق الاستثمارات العامة بالدعم الحكومي عبر التاريخ، وذلك على شكل مساهمات نقدية وغير نقدية، مثل حقوق الملكية وعمليات نقل الأراضي. كما شملت المساهمات الكبرى في السنوات الأخيرة تحويلات نقدية كبيرة.

كما أشارت “فيتش” إلى الأداء التشغيلي حيث تتنوع استثمارات صندوق الاستثمارات العامة عبر عدة قطاعات استراتيجية، بما في ذلك الطيران والدفاع، والسيارات والعقارات، والترفيه والاستجمام، والرياضة، والمعادن والتعدين، والمنافع العامة والطاقة المتجددة.

  • الذكاء الاصطناعي محور جديد للاستثمار

يشكل الذكاء الاصطناعي أحدث المجالات التي تتجه إليها استثمارات الصندوق من خلال تأسيس شركة “هيومين” للذكاء الاصطناعي، حيث تعد نموذجا لاستخدام التكنولوجيا لتسريع تنويع الاقتصاد والتحول من تصدير النفط إلى تصدير البيانات.

وتسعى “هيومين” إلى جذب استثمارات من كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية كما ستطلق الشركة صندوق رأس مال بقيمة 10 مليارات دولار في إطار قيادتها لجهود المملكة لتصبح مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي، وفقا لصحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية.

كما تتطلع الشركة إلى لعب دور مركزي في كل جانب تقريبًا من جوانب صناعة الذكاء الاصطناعي الناشئة من الاستثمار والبنية التحتية وتصميم الرقائق، وقد أبرمت شركة الذكاء الاصطناعي منذ انطلاقها بالفعل صفقات بقيمة 23 مليار دولار مع شركات تقنية أمريكية، منها إنفيديا، وإيه إم دي، وأمازون ويب سيرفيسز (ذراع الحوسبة السحابية لشركة أمازون)، وكوالكوم.

وتهدف شركة هيومين إلى إنشاء مركز بيانات بسعة 1.9 جيجاوات بحلول عام 2030، على أن ترتفع إلى 6.6 جيجاوات بعد أربع سنوات، ما يُعد من أكبر مشاريع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي عالميًا.

وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن صندوق الاستثمارات العامة يمثل ذراعا أساسية لتنويع اقتصاد المملكة، حيث نجح في ضخ استثمارات في مجالات جديدة وقطاعات رائدة تمثل ركنًا أساسيًا لاقتصادات المستقبل، وتمكن من بناء شراكات استراتيجية قوية مع كبرى الشركات العالمية، وتؤكد المؤشرات الراهنة أن الصندوق يمضي بخطى واثقة نحو هدفه بأن يصبح أكبر صندوق ثروة سيادية وأكثرها تأثيرًا في العالم بحلول عام 2030، بأصول تبلغ قيمتها تريليوني دولار.

زر الذهاب إلى الأعلى