يعد الإعلام الرياضي من أكثر التخصصات الإعلامية جماهيرية، نظرا لطبيعة هذا المجال الذي يتابعه قطاع كبير من الجمهور، كما أنه يهتم بنقل أخبار الأنشطة الرياضية وما يتعلق بها من حوارات وبرامج متخصصة بالإضافة إلى ما ينشر من مقالات تخص هذه الأنشطة، وقد أشار كثير من الدراسات إلى جوانب سلبية لعب الإعلام الرياضي دورا في تشكيلها، مثل نشر الاتجاهات الرياضية العدائية أو تغذية الأفكار المتحيزة لدى اللاعبين أو الجماهير.
وللإعلام الرياضي عدة أنواع من التأثيرات على الجمهور من ضمنها تغيير الاتجاه أو الموقف الرياضي للفرد إيجابا أو سلبا بناء على المعلومات التي يتلقاها من الإعلام، وكذلك التنشئة الاجتماعية في الشأن الرياضي، حيث يساهم الإعلام الرياضي بجانب مؤسسات مجتمعية أخرى في تعليم وتثقيف الجماهير وتزويدهم بالمعرفة والقيم النبيلة التي تسهم في تشكيل هويتهم الرياضية، بالإضافة إلى الاستثارة العاطفية للجماهير نتيجة ما يملكه هذا الإعلام من مقومات وإمكانيات تخاطب العاطفة والفكر.
وفي هذا الإطار، نشرت المجلة العربية لبحوث الإعلام والاتصال في عددها الصادر في يوليو/ سبتمبر 2023، دراسة بعنوان “رؤية الجمهور السعودي لدور البرامج التلفزيونية الرياضية في تعزيز ظاهرة التعصب.. دراسة مسحية”، من إعداد الدكتور فيصل بن محمد العقيل، أستاذ العلاقات العامة والصحافة المساعد بجامعة الملك سعود، والتي نستعرضها على النحو التالي:
- عينة الدراسة
اعتمدت الدراسة على عينة بلغت 402 مفردة شكّلت نسبة الذكور فيها 81.3% مقابل 18.7% من الإناث، وتصدرت الفئة العمرية (من 31- 40 سنة) العينة بنسبة 31.8%، تلتها الفئة (من 41-50 سنة) بنسبة 31.6%، ثم الفئة (من 30 سنة فأقل) بنسبة 18.7%، وأخيرًا الفئة أكثر من 50 سنة بنسبة 17.9%.
أما من حيث المستوى التعليمي، فجاء بالمرتبة الأولى الحاصلون على بكالوريوس بنسبة 45.3%، ثم حملة الماجستير بنسبة 20.6%، وفي المرتبة الثالثة حملة درجة الدكتوراه بنسبة 12.9%، ثم الحاصلون على شهادة الثانوية فأقل بنسبة 12.2%، وأخيرًا الحاصلون على دبلوم بنسبة 9%.
وعلى صعيد الدخل الاقتصادي، تصدر العينة ذوو الدخول من 15 ألف ريال فأكثر بنسبة 37.8%، ثم في المرتبة الثانية ذوو الدخل من 10 آلاف إلى أقل من 15 ألف ريال، وذوو الدخل من 5 آلاف إلى أقل من 10 آلاف ريال بنسبة 23.6% لكل منهما على حدة، وأخيرًا من يبلغ دخلهم أقل من 5 آلاف ريال بنسبة 14.9%.
وفيما يتعلق بالعمل، فإن 51.2% من عينة الدراسة يعملون بالقطاع الحكومي، ثم 17.2% يعملون في القطاع الخاص، وفي المركز الثالث فئة المتقاعدين والمتقاعدات بنسبة 10.2، ثم فئة الطلبة 8.7%، يليهم العاملون في القطاع العسكري بنسبة 5.5%، ثم ربة منزل بنسبة 4.5% ، وأخيرًا دون عمل بنسبة 2.7%.
- نتائج الدراسة
أظهرت نتائج الدراسة أن البرنامج الرياضي الأكثر متابعة هو برنامج “أكشن يا دوري” بمتوسط حسابي 2.96، يليه برنامج “صدى الملاعب” بمتوسط (2.48)، ثم برنامج “كورة” بمتوسط (2.45)، وفي المركز الرابع برنامج “في المرمى” بمتوسط (2.19)، ثم برنامج “الملعب” بمتوسط (2.02)، وفي المرتبة السادسة برنامج “الحصاد الرياضي” بمتوسط 2.01، وفي المركز الأخير برنامج “شوت” بمتوسط (1.92).
أما عن دوافع متابعة عينة الدراسة للتغطية الإعلامية للأنشطة الرياضية من خلال البرامج التلفزيونية، فجاء في الصدارة “لأنها تبقيني على اطلاع على ما يدور في الأجواء الرياضية” بمتوسط حسابي (3.65)، ثم “لأجل المتعة والتسلية” بمتوسط (3.63)، وفي المرتبة الثالثة “لمتابعة نشاط فريقي الذي أشجعه” بمتوسط (3.62)، يليه “لأنها تزودني بمعلومات وأرقام وإحصائيات عن الفرق الرياضية التي أتابعها” بمتوسط (3.45)، ثم في المرتبة الخامسة “لأنها تعتمد على الإثارة عند مناقشة القضايا الرياضية” (3.40)، يليها “لأنها تزيد من ثقافتي الرياضية” بمتوسط (3.36)، فيما جاء في المرتبة الأخيرة “لحيادية الطرح الإعلامي للأنشطة الرياضية” بمتوسط (3.15).
وتوصلـت نتائج الدراسـة بشـكل عام إلى أن غالبيـة عينـة الدراسـة (78.6%) تـرى أن البرامـج الرياضيـة التلفزيونيـة تسـاهم بدرجـة كبيـرة ودرجـة كبيـرة جـدًا فـي نشـر التعصـب الرياضـي وذلـك بنسـبة 35.6 % و43% على التوالي.
كما أن غالبيـة عينـة الدراسـة (86.8%) يـرون أن مسـتوى الطـرح فـي البرامـج الرياضيـة التلفزيونيـة مـا بيـن متوسـط إلـى ضعيـف، حيـث إن 51% مـن عينـة الدراسـة يـرون بـأن مسـتوى الطـرح فـي البرامـج الرياضيـة التلفزيونيـة متوسط و35.8% يـرون بأنـه ضعيـف.
وتشــير نتائــج الدراســة إلــى أن أول خمــس عبــارات تقيــس دور البرامــج الرياضيــة التلفزيونيــة فــي التعصـب جاءت فـي معظمهـا سـلبية مـا عـدا عبـارة واحـدة، حيـث يـرى أفـراد عينـة الدراسـة أن معـدي البرامج الرياضية التلفزيونية لا يسـتطيعون إخفاء ميولهم الرياضية، كما أن هذه البرامج تسـتغل هامش الحريـة لنشـر التعصـب، وتتحيـز البرامـج التحكيميـة فـي هـذه البرامـج ضـد فريـق رياضـي معيـن.
فـي حيـن جاءت العبـارات التـي تقيـس الأثـر الإيجابـي لـدور البرامـج الرياضيـة التلفزيونيـة فـي المراتـب الأخيـرة، حيـث إن أفـراد عينـة الدراسـة يـرون إسـهام هـذه البرامـج فـي نشـر الوعـي والـروح الرياضيـة بيـن الجماهيـر يأتـي فـي المرتبـة الأخيـرة، سـبقها التـوازن فـي طـرح الموضوعـات الرياضيـة، وتقـدم عليهـا عـدم اسـتخدام هـذه البرامـج مصطلحـات أو نشـر تصريحـات تثيـر التعصـب.
- توصيات الدراسة
قدمت الدراسة سلسلة من التوصيات تمثلت في ضرورة ابتعاد البرامــج الرياضيــة التلفزيونيــة عــن الإثــارة الإعلامية والتركيــز علــى تفاصيــل الأحـداث الرياضيـة، وذلـك مـن خـلال قيـام المؤسسـات الإعلاميـة بوضـع منهجيـة تتبنـى النقـد البنــاء وتتسـم بالموضوعيـة. كما أوصت بزيـادة اهتمـام البرامـج الرياضيـة التلفزيونيـة بتوعيـة الجمهـور، ونشـر روح اللعـب النظيـف والحـد مــن التعصــب الرياضــي. وكذلــك التركيــز علــى الســلوكيات المرغوبــة مــن خــلال الاســتفادة مـن القـدوات الحسـنة، بالإضافـة إلـى نشـر الأنظمـة الرياضيـة والعقوبـات المنصـوص عليهـا وكذلـك تعزيـز القيـم المرغوبـة فـي المجتمـع.
ودعت إلى زيادة اهتمام البرامج الرياضية التلفزيونية بالألعاب الرياضية المختلفة، بجانب إجــراء دراســات تســتهدف التغطيــة الإعلاميــة للرياضــة النســائية وأثرهــا على التعصب نظرًا لقلة تلك الدراسات، وإجراء المزيد من البحوث والدراسات التي تتناول التعصب في الإعلام الرياضي، وخصوصًا في شبكات التواصل الاجتماعي.
وتأسيسًا على ما سبق، يمكن القول بأن الإعلام الرياضي يلعب دورًا رئيسيًا في المشهد الرياضي عبر تثقيف الجماهير وتوجيه سلوكهم بشكل غير مباشر من خلال ما يبثه من محتوى، لذلك فهو سلاح ذو حدين يمكن أن يساعد بكفاءة وفاعلية في التغلب على ظاهرة التعصب، وفي المقابل قد يكون أداة تزيد حالة التعصب وتؤجج الفتن الرياضية.