ترجمات

كيف يمكن أن تمول إعلاناتك نشر المعلومات المضللة؟

ما مقدار الأموال التي تنفقها الميزانية الإعلانية لشركتك على نشر المعلومات المضللة؟ قد تعتقد أن الإجابة “لا شيء”، لكن لسوء الحظ، إذا كنت لا تقوم بشكل روتيني بتدقيق عمليات شراء الإعلانات الآلية أو الشراكة مباشرة مع مواقع الإنترنت التي ترغب في عرض الإعلانات عليها، فمن المحتمل جدًا أن تساهم علامتك التجارية بشكل مباشر في “اقتصاد المعلومات المضللة”.

وبينما تقدر قيمة صناعة الإعلان الرقمي العالمية بنحو 600 مليار دولار، ويحظى فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى بشعبية كبيرة في مجال الإعلانات، فإن الكثير من إنفاق الحملات الإعلانية المخصص للإنترنت يتم توزيعه عبر “الإنترنت المفتوح” – الملايين من مواقع الإنترنت والتطبيقات المتاحة لنا من خلال بحث سريع على جوجل-، ومع قلة الإشراف من جانب شركات التكنولوجيا العاملة في مجال الإعلانات، فإن هذا المشهد يكون أكثر قتامة بالنسبة للمعلنين، وفقًا لمجلة “هارفارد بيزنس ريفيو” الأمريكية.

ففي ظل اعتماد المعلنين على سلسلة معقدة من الوسطاء لنشر الإعلانات الرقمية، أصبح هؤلاء الوسطاء حراس بوابة معلومات عملائهم وغالبًا ما يرفضون وصولهم إلى البيانات الأساسية التي يحتاجونها لمراجعة حملاتهم. ويمثل هذا خطرًا حادًا على السمعة في وقت يتخذ فيه المستهلكون بشكل متزايد قرارات الشراء بناءً على القيم الشخصية والارتباطات بالعلامة التجارية، لذلك يحتاج المعلنون إلى استعادة السيطرة على إعلاناتهم، ومراجعة حملاتهم الإعلانية.

  • أدوات يوفرها الإعلان للتلاعب بالرأي العام

وقد أدى النقص في الرقابة والمساءلة إلى ترك المعلنين في حالة من عدم اليقين بشأن حملاتهم الإعلانية. كما فتح المجال أمام صناعة مزدهرة لنشطاء التضليل والمحتالين، إذ يقول الاتحاد العالمي للمعلنين إنه يتوقع أن تصبح الإعلانات الرقمية في المرتبة الثانية بعد تجارة المخدرات كمصدر دخل للجريمة المنظمة بحلول عام 2025.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الإعلان الرقمي لا يسمح للجهات الفاعلة السيئة بتحقيق الأرباح فحسب، بل يزودها أيضًا بمجموعة لا تقدر بثمن من الأدوات للتلاعب بالرأي العام، حيث تساعد عائدات الإعلانات القائمين على الدعاية على مضاعفة جهودهم من خلال شبكات المحتوى على الإنترنت.

وتمكن البيانات، القائمين على نشر التضليل من تطوير ملفات تعريف تفصيلية للمستخدمين تساعدهم على استهداف الأشخاص المعرضين للأكاذيب، فضلا عن أن الإعلانات نفسها – خاصة تلك التي يصدرها المعلنون المتميزون – تعطي إشارات الشرعية لزوار مواقع المعلومات المضللة.

  • الفوضى في صناعة الإعلانات الرقمية

يتم وضع معظم الإعلانات على الإنترنت من خلال الإعلانات الآلية، أي توضع خوارزميًا، مع القليل من الإشراف البشري أو عدم وجوده على الإطلاق. وتعد هذه العملية من الناحية النظرية، فائقة الكفاءة وتسمح للمعلنين بتخصيص ميزانياتهم ومراقبة نتائج الحملات في الوقت الفعلي.

لكن في الواقع، هناك العديد من الأطراف التي تدخل في سلسلة التوريد، مما يجعل مراقبة الحملات الإعلانية الرقمية أكثر صعوبة مما يتوقعه أي شخص خارج صناعة الإعلان الرقمي.

وعلى هذا النحو يتضمن وضع الإعلان بشكل نموذجي على الإنترنت ما يلي:

  • منصة للطلب (DSP) التي تجلب المعلنين إلى السوق.
  • منصات للعرض (SSPs)، وهي نوع من الوسطاء تستقطب الناشرين إلى السوق.
  • شبكات الإعلانات، التي تضم الوسطاء في منتصف سلسلة التوريد.
  • منصات إدارة البيانات (DMPs)، وهي الأنظمة الأساسية المستخدمة لجمع وإدارة البيانات حول جمهور المعلن.

ومن غير المستغرب أن يؤدي واقع الكثير من العلاقات التجارية الغامضة في تلك السلسلة إلى جلب منافذ المعلومات المضللة إلى هذا النظام الإعلاني، فعمليات تقديم الخدمة الذاتية، إلى جانب ميل الشركات الوسيطة إلى غض الطرف، جعلت من السهل جدًا على مالكي مواقع الإنترنت الاتصال بنظام الإعلان دون أي مراجعة بشرية أو حتى تدقيق للحقائق المنشورة على مواقعهم.

 

  • كيف يمكن للمعلنين السيطرة على بياناتهم؟

مع توسع ميزانيات الإعلان الرقمي بشكل كبير مرة أخرى استعدادا لموسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، أصبحت المخاطر عالية، لذا يجب أن يكون المعلنون قادرين على التحقق من مكان ظهور إعلاناتهم. وللقيام بذلك، يتعين عليهم السعي بشكل حثيث للتحكم في بيانات موضع الإعلان، وفيما يلى بعض الخطوات البسيطة والمؤثرة التي يمكن للشركات اتخاذها:

  • التحقق من الحملات الإعلانية ومواقع نشرها: لا تلتفت إلى تقارير الأداء عالية المستوى من شركات تكنولوجيا الإعلان، وبدلاً من ذلك، اطلب منهم بيانات محددة حول مواقع الإنترنت التي ظهر عليها إعلانك، ومن ثم يمكن لشركات أبحاث مساعدتك في تدقيق أماكن ظهور محتوى حملاتك.
  • تجنب استخدام تكنولوجيا سلامة العلامة التجارية: تقدم الشركات الرائدة في مجال التحقق من الإعلانات تقارير عالية المستوى تبقيك على علم بمواقع الإنترنت التي يوضع أو يحظر وضع إعلاناتك عليها، وهذا لا يكفي لضمان أن إعلانات شركتك لا تدعم الجهات الفاعلة السيئة. فإذا كنت تستخدم تقنية سلامة العلامة التجارية (نمط من الممارسة لحماية سمعة العلامة التجارية والحفاظ عليها من الظهور في بيئات غير آمنة) فتأكد من أن هذه البيانات أيضًا تخضع للمراجعة المنتظمة، لأنه غالبًا ما تكون تقنية سلامة العلامة التجارية غير فعّالة.
  • طلب استرداد الأموال عند اكتشاف مخالفات: غالبًا ما يكون هناك تناقض بين بيانات مستوى السجل الخاص بك ومعايير الحملة التي وعدت بها، عندما يحدث هذا، اطلب استرداد أموالك نقدًا.

وختامًا، يمكن القول بأن التسويق لا يقتصر فقط على معدل وصول الإعلان وعدد النقرات، ولكنه يتعلق بالجهات التي يرتبط بها الإعلان من خلال عملية نشره وكيفية ظهوره أمام العالم، لذلك فإن التحكم في الحملات الإعلانية بشكل أفضل، لن يؤدي إلى تحسين العلامة التجارية فحسب، بل قد ينقذ الديمقراطية أيضًا.

زر الذهاب إلى الأعلى